| |
أسئلة مؤرقة أثارها مقال: «الشبكة
الأمازيغية من أجل المواطنة- الأمازيغ ليسوا حطب جهنم!1»
بقلـم: أبـو نـومـيـديـا
أستهل هذه الورقة المتواضعة بطرح الأسئلة التالية:
هـل ترغب الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة فعلا في مراجعة ثوابتها – العلمانية
والاستقلالية- في المؤتمر المقبل؟
هل يمكن الحديث عن ديمقراطية حقة في ظل غياب أرضية صلبة كفيلة بتطويرها تتمثل في
إبعاد الدين عن الشأن العام؟
هل تحديد المرجعية الإيدلولوجية ضرورية بالنسبة لإطار جمعوي؟ أية استقلالية تريد
AZZETTA لنفسها؟
الأسس الفكرية والثقافية التي يقوم عليها إطار ما، لا تخضع للظروف المحيطة، سياسية
كانت أم اقتصادية، اجتماعية أم ثقافية، ما دامت بمثابة مراجع يستند عليها في تحديد
الأرضية الثقافية أو الرؤية الإستراتيجية التي تتحدد على ضوئها التصورات المستقبلية
وميكانيزمات الاشتغال، فلن يتم التنازل عن هذه الثوابث لغرض السيــر مع التيار
العام أو انتظار توفر النصاب الذي يستوجب تجسيدها على أرض الواقع، هذا المنطق
الانتقائي الذي لا يجني من ورائه أصحابه إلا الويلات. فـــالأرضية الصلبة ل MCA
عمـــوما و AZETTA خصوصا لا يجب أن تخرج عن مبادئ الحداثة الكونية التي تعتبر أرقى
ما وصلت إليه البشرية في طريقها نحو التحرر.
فمسألة تأجيل مبدأ العلمنة إلى حين توفر قطب علماني قادر على بلورته، يعتبر من
العبث. ف AZZETA، كباقي مكونات MCA، أخذت على عاتقها محاولة الخروج من التقليدانية
السلبية وتبني العمل المعقلن لأجل تحقيق مجموعة الحقوق: المواطنة بمفهومها العالمي،
تستلهم أسسها من المبادئ الكونية لحقوق الإنسان دونما النظر إلى معتقد المواطن أو
جنسه، مما يستلزم المساواة بين الناس جميعا دون إعطاء أي اعتبار للفروق والتمييزيات
السالفة الذكر.
ـ استقلالية الطرح الأمازيغي وخروجه من تحت الوصاية المخزنية مما يساعد على إزالة
العوائق التي تقف كحاجز أمام تطور ونماء الأمازيغية، وأن تساهم في بناء الدولة
الديمقراطية الحديثة التي تحفظ كرامة المواطن.
ـ وطنية الطرح الأمازيغي كونه نابعا من أعماق تاريخ الشعب المغربي ويستجيب لمطالبه
في التحرر والعيش الكريم، بعيدا عن أية نزعة كولونيالية كما يشاع.
ـ تحديث البنيات الثقافية عكس ما يقع حاليا حيث يلاحظ هناك توجه نحو بناء «حداثة»
سياسية واقتصادية هشة، وبالمقابل تكريس تكلس ونكوص على المستويين الاجتماعي
والثقافي.
هنا نعود إلى السؤال: هل تريد AZETTA مراجعة بعض ثوابتها في المؤتمر المقبل؟
إذا كان الرد بالإيجاب، فهل يدخل هذا في باب جلب المصالح ودرء المفاسد، بمعنى أنه
تكتيك غير معلن تنتهجه الجمعية، تقدم تنازلا من أجل اكتساب الشرعية القانونية؟ أم
كما جاء في المقال هو لأجل اكتساب الشرعية الجماهيرية والسير مع التيار أكثر من أي
شيء آخر؟
سؤال لن يجيبنا عنه إلا المؤتمر المقبل.
سؤال المرجعية:
أعتقد أن طرح السؤال هل AZETTA تنظيم ماركسي اشتراكي أو ديمقراطي اجتماعي؟ أمر عبثي
يفتقد للرؤية وبعد النظر التي يجب أن يتحلى بها كل من يتناول لهذه المحددات الشائكة.
فعندما نتحدث عن تبني إطار لثوابت كونية كالديمقراطية والعلمانية والحداثة وكل ما
يتفرع عنها من مبادئ، ولمنظومة المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، لا أظن أنه من
الأجدى أن نتحدث عن مرجعية ماركسية أو اشتراكية اجتماعية مادام AZETTA إطارا جمعويا
يحمل هم الدفاع عن إقرار الهوية الأمازيغية بمفهومها الكوني وليس حزبا سياسيا يسعى
إلى التداول على الحكم.
فأن تشتغل تيارات فكرية متعددة داخل هذا الإطار أمر مشروع بحيث يجد كل نفسه فيه،
نتقاسم هما واحدا هو الدفاع عن الهوية الأمازيغية، طرح الأسئلة المقلقة للمغرب
العميق بشكل جدي خصوصا فيما يتعلق بالتنمية والإنسان والأرض، والمساهمة في رفع
الحيف والحكرة عن المناطق المغيبة من البرامج التنموية للدولة، وكذا فتح أوراش
تنموية هادفة بها، المساهمة في بناء دولة ديمقراطية حديثة تتبوأ الأمازيغية في
دستورها المكانة الطبيعية لها، التفكير الجدي والعميق في كيفية معالجة وتدبير ملفات
كبرى كالتربية، التعليم، الصحة، المرأة، الشباب و الأرض ...
استقلالية الجمعية:
دعم الاستقلالية النسبية طبعا للجمعية مسألة لا يختلف حولها إثنان، نظرا للدور
الفعال الذي تقوم به في حفظ التوازن والوقوف في وجه احتواء الملف الأمازيغي
بالمغرب، هذا الاحتواء الذي يحاول أن يعطيه طابعا أكاديميا، مما يفرغه من كل معانيه
التي تتجاوز الطرح الثقافوي الصرف. هذه الاستقلالية التي فتحت تعاونا مع جمعيات
المجتمع المدني الدولي يعطي للأمازيغية إشعاعا كونيا مهما. لهذا فإن أي تقارب مع
المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية غير محسوب الخطى قد يؤدي إلى نتائج سلبية أكثر
مما سيخدم أهداف الجمعية على أرض الواقع.
1 ـ أسبوعية البيضاوي : العدد 148 الأربعاء 27 أبريل 2005
|