|
|
«إمنزا ن تيليلي»: بحث من أجل إثبات الذات بقلم: زروال محمد (تغسالين)
أنجبت واحات غريس العديد من المواهب الفنية التي ما فتئت تغني بإبداعها الإرث الثقافي والحضاري المغربي وتساهم من موقعها في التعريف بمشاكل الإنسان المغربي، وعندما نتحدث عن غريس والجنوب الشرقي للمغرب عموما نستحضر طاقات فنية أفنت عمرها في خدمة الفن والثقافة الأمازيغية، ونذكر على سبيل المثال في فئة الرواد كلا من الشيخ الباز والشيخ ساكو ومن أبناء اليوم يحضر اسم عمر درويش ومبارك الطاوس ومجموعة إمنزا والشيخ أهاشم والفنان مبارك العربي الملقب ب «نبا «. ومن أبرز الظواهر التي ميزت منطقة الجنوب الشرقي فنيا نجد بروز العديد من المجموعات الغنائية وتشبه إلى حد ما تلك التي أنجبت ناس الغيوان والمشاهب في صيغتها الوطنية. ويقودها شبان صقلوا مواهبهم الفنية بالموازاة مع متابعة دراستهم الجامعية بل غالبا ما كانت الدراسة تخدم مسيرتهم الفنية. ومن أبرز هذه الفرق مجموعة «إمنزا ن تيليلي» التي بصمت بإبداعها سماء الإبداع الفني بالجنوب الشرقي في الآونة الأخيرة. أسس الفرقة شاب ينحدر من مدينة كلميمة رفقة أصدقاء له يقاسمونه هموم الجنوب الشرقي التي لا تختلف كثيرا عن هموم بقية الشعب المغربي في كل ربوع الوطن. إنه الفنان محمد أمامي الذي واصل دراسته الجامعية بالموازاة مع صقل موهبته الفنية فحصل على الإجازة في الأدب الانجليزي. يعزف على عدة آلات موسيقية منها القيثارة والناي، وقد كانت بدايته الفنية حسب قوله في حوار له بمثابة حلم أصبح حقيقة عندما تمكن من صنع الناي وشراء قيثارته الأولى بعد بيعه لطيور الحمام التي كان يربيها في سطح منزل والديه. بعد حيازته للآلة الموسيقية بدأ في تقليد الفنانين المحليين قبل أن ينفتح على الإبداعات العالمية من خلال الاستماع لأغاني الروك والريكي. سيكتشف الفنان محمد أمامي لونا غنائيا جديدا ويجد فيه ذاته التي طالما بحث عنها وأعني الأغنية القبايلية الأمازيغية، مثل أغاني الراحل معتوب الوناس والأسطورة «يدير». وسبب هذا الإغراء يتجلى في كون الفن الأمازيغي الجزائري يركز على كل ما يتعلق بالهوية والذات الأمازيغية. وسيجد ذاته أكثر في رحاب جامعة مولاي إسماعيل بمكناس وذلك عندما انخرط في صفوف الحركة الثقافية الأمازيغية التي استضافته في كل الأمسيات التي تنظمها وأعطت له الفرصة لصقل موهبته الفنية والالتقاء بالفنانين الآخرين مثل سعيد الزروالي وعلال الشلح... وفي نفس الوقت قدم دعمه للحركة بأدائه لأشهر الأغاني الأمازيغية الملتزمة أمام جماهير غفيرة من الطلبة. الحديث عن فرقة غنائية يعني الحديث عن أجزاء تشكل الكل المتناغم الذي يخدم في النهاية صياغة إيقاع واحد وأداء متكامل للكلمات، وهنا تجب الإشارة إلى أن مجوعة « إمنزا ن تليلي» تضم طاقات أخرى إلى جانب رئيس الفرقة، تقاسمه نفس التصورات ونفس الأحلام. وإن كانت الظروف في الكثير من الأحيان تؤدي إلى ذهاب بعضهم وقدوم البعض الأخر. لكنهم يلتقون عند نقطة مركزية وهي النضال من أجل الثقافة الأمازيغية، ومن أبرز الوجوه التي رافقت الفنان محمد أمامي نجد موحى رضواني، زكار إمامي، حميد أوراغ... تميزت المجموعة بمشاركاتها الكثيرة في العديد من الأمسيات التي نظمتها الحركة الثقافية الأمازيغية في مختلف المواقع الجامعية بالإضافة إلى الأنشطة التي تنظمها الجمعيات الأمازيغية وعلى رأسها جمعية تيليلي بكلميمة التي كان لها الفضل الكبير في ظهور هذه الفرقة من خلال تشجيعات ودعم أعضائها لهم ماديا ومعنويا. تعتمد المجموعة في كلمات أغانيها على إبداعات محلية ونخص بالذكر أشعار الأستاذ عمر درويش الذي يكتب عن الإنسان والهوية والتهميش والإقصاء والحب والحضارة الأمازيغية.ومن اشهر الأغاني التي أدتها الفرقة نجد : Nmyar aya / tayri n imal Amdaz d userim يرفض أعضاء الفرقة دخول غمار الأغنية التجارية التي تتناقض في بعض الأحيان مع مبادئهم مثل الأغاني التي تتحدث عن الصراع بين الرجل المرأة أو بين العربي والامازيغي بلغة مبتذلة لا تحمل أي عمق فني. تنتقي الفرقة الكلمات الشعرية التي تخدم قضيتها الأساسية المرتبطة أساسا بمعاناة الإنسان على جميع المستويات. رغم الإمكانيات القليلة والتهميش الذي طال أمثالهم من الفنانين الملتزمين سواء من طرف وسائل الإعلام أو منظمي المهرجانات الفنية فإن الفرقة عازمة على مواصلة درب النضال بالكلمة الهادفة والإيقاعات الموسيقية المنفتحة على كل ما هو جميل، وذلك سعيا إلى إعطاء الفن الأمازيغي المغربي المكانة التي يستحقها.
|
|