|
|
السنة الأمازيغية حدث ودلالات بقلم: لحسن أمقران (أنمراي) تنجداد
لا شك في أن تبادل التهاني مع مطلع كل سنة جديدة، ميلادية كانت أم هجرية، أصبح تقليدا دأبت عليه فئات عريضة من المجتمع المغربي. وكيفما كانت المواقف من ذلك بتقاطعاتها وتنوعها فإن الظاهرة تستحق أكثر من مجرد المرور عليها مرور الكرام من خلال التذكير إن لم نقل التنبيه الى حدث لا يقل أهمية من حلول السنتين الجديدتين المعترف بهما رسميا، إنه حدث رأس السنة الامازيغية التي يحتفل بها العديد منا دون إدراك لدلالاتها الرمزية والتاريخية، وضع ارتأينا معه محاولة مساعدة القارئ على فهم هذا الحدث الذي يعد مفخرة سكان تامازغا (شمال افريقيا). في الثالث عشر من يناير إذن من كل سنة ميلادية، تحتفل العديد من الأسر في ربوع شمال إفريقيا بحلول السنة الأمازيغية الجديدة كل حسب طقوسه التي ورثها عن أسلافه وإن كان كثير من الناس يجهلون تاريخ هذا الحدث ودلالاته الرمزية والانتربولوجية. قد تكون التسمية محط اختلاف. فهناك من يسميه ليلة «الناير» أو يناير في حين نجد من يعتبره رأس السنة الفلاحية الى جانب آخرين يطلقون عليه «إض- سكاس» أو رأس السنة دون أية إشارة إلى السنة المقصودة ونجد البعض الآخر يسميه «حكوزة»، هذا الاختلاف في التسمية يقابله شبه اتفاق على طبيعة الاحتفال وتشابه بين في الطقوس والوصفات المعدة لهذا الحدث. يعود تاريخ هذا الحدث العظيم إلى سنة 950 قبل الميلاد حينما استطاع الأمازيغ دخول مصر الفرعونية بعد الانتصار عليها في حروب عمرت طويلا وتمكنوا من تأسيس الأسرة الثانية والعشرين بقيادة الزعيم الامازيغي»شاشنق» أو «شيشونغ» واعتبر هذا الانتصار تدشينا لتأريخ أمازيغي قائم تناقلته الأجيال. وللإشارة فالسنة الفلاحية التي دأب الناس على سماعها وترديدها لا تعدو أن تكون نتيجة طبيعية لتدليس وتكالب من أطراف تعمدت تفادي الإشارة إلى كون هذا التأريخ أمازيغيا بشكل صريح وإن كانت لا تتعارض مع فلسفة الاحتفال الذي دشنه الأمازيغ بعد دخولهم مصر (أو مصْرَا كما يطلق عليها القدماء وهي مشتقة من كلمة مّ-إزرا)حيث عبروا ويعبرون من خلال تقليدهم السنوي هذا على تمسكهم بالأرض المعطاء والاعتراف بفضلها وخيراتها. في مختلف ربوع الجنوب الشرقي يتم إعداد طبق خاص للمناسبة عبارة عن كسكس بعديد الخضر والقطاني مما يفسر التسمية التي نسمعها «سبع خضار» في إشارة إلى تنوع الخضر في طبق هذه المناسبة, وتوضع نواة التمرة «إغس» في الطعام أو حبة لوز كما يفضل البعض مؤخرا. ومن يجد هذه النواة أو حبة اللوز تسند إليه مفاتيح «المخزن» ويعتبر شخصا «مباركا» طيلة تلك السنة. الاحتفال في شمال إفريقيا يتم بطرق متنوعة من حيث الطبق المعد حيث نجد «إرْكْمْنْ» أو «أرْكيمْنْ» أي أطباق القمح مع الفول الجاف المطبوخين على شكل حساء، وهناك من يحضر طبقا من «المحمصة» مع السمن مع الإشارة الى تبني البعض تقديم أطباق الحلوى والدجاج وغيرهما مؤخرا. وهكذا نجد أن السنة الأمازيغية تجمع بين الطابع السياسي للحدث متمثلا في الانتصار والطابع الاحتفالي بالأرض كعروس ورمز للهوية وللعطاء والخصوبة. ومن ثم ومن جديد، فالدعوة موجهة وبإلحاح إلى المسؤولين في المغرب وخارجه إلى اعتماد رأس السنة الامازيغية عيدا وطنيا كما تطالب بذلك كل الفعاليات الامازيغية اعترافا منا بجميل الأجداد وبمجدهم وحفظا للذاكرة الجماعية من الاندثار والطمس الذي طالها لمدة غير يسيرة عوض التبجيل والاحتفال بأعياد متجاوزة أكل عليها الدهر وشرب ولم يعد هناك من داع لوجودها خاصة أنها ذات حمولة ايديولوجية ضيقة، بئيسة وغير بريئة. نتمنى لكم سنة أمازيغية سعيدة مباركة مليئة بكل المسرات والأفراح. وبالامازيغية نقول لكم: « asggwas amaynu amghudu « 2962
|
|