|
|
جميعا من أجل إلغاء الاحتفال بما يسمى «ذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال» بقلم: مصطفى ملّو
في 11 يناير من كل سنة تحل ذكرى ما يسمى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، هذه المناسبة التي أراد لها مهندسو التاريخ المغربي المعاصر المفترى عليه، أن تصبح حدثا هاما يحتفل به كل سنة، ويتخذ عيدا وطنيا ويوم عطلة. وبهذه المناسبة التي أريد للمغاربة أن يصدقوا فحواها وحيثياتها، ويظنوا أن المغرب نال «استقلاله»، بتلك الورقة المسماة «وثيقة المطالبة بالاستقلال»، لا بد لنا أن نتساءل، كما ينبغي للمغاربة أن يتساءلوا، هل تلك الورقة -فعلا-والتي بذلت الجهود وكرست النضالات-نضالات المسفيدين منها-، لنجمنتها وجعلها ملحمة تاريخية وحدثا تاريخيا عظيما، هل هي فعلا التي أتت بالاستقلال؟ وهل حصل يوما أن تحرر شعب في مشارق الأرض أو في مغاربها من نير الاحتلال بورقة أو وثيقة تسمى وثيقة المطالبة بالاستقلال؟وهل الاستقلال يطلب من المحتل أم ينتزع منه؟ أعتقد جازما بأن أي مغربي عاصر الاحتلال الفرنسي أو لم يعاصره، سيكون جوابه كما يلي: قسما لولا المقاو مة المسلحة ولولا أرواح الأطفال والنساء والشيوخ ودماؤهم الزاكية الطاهرة التي سقطت وسالت في الجبال، ولولا المقاومين الحقيقيين الذين سطروا تاريخا عظيما بدمائهم الزكية ولقنوا المستعمر أسمى دروس المقاومة والاستبسال، لما تحقق ما نسميه اليوم ب»الاستقلال»، أما الطرف الثاني المستفيد من تلك الوثيقة، وما سبقها وما تلاها من مفاوضات ومعاهدات واتفاقيات مع المستعمر، تحت أو أعلى الطاولة، فأكيد أن جوابهم سيكون باعتبار تلك الوثيقة هي الكتاب المقدس والعصا السحرية التي عجلت برحيل فرنسا، وكأن ما كانت تخشاه فرنسا هي تلك الزمرة المحمية التي أسرعت لعقد الاتفاقيات والصفقات معها، حفاظا على مصالحهما، أو كما جاء في الوثيقة المقدسة» المصالح المشروعة لفرنسا».دون الدخول في مضامين هذه الوثيقة التي تبرز وتبين منطق الخضوع والخنوع والاستسلام وتغليب المصلحة الخاصة على حساب المصلحة العامة وروح الأنانية التي كان يتصف بها مهندسوها باعتبارهم محميين من قبل فرنسا، وباعتبارهم ورثة أهم المناصب والخيرات بعد «انسحابها»، ودون الدخول في التفاصيل السابقة واللاحقة لهذه «المعاهدة»، التي كانت ترمي إلى خدمة المصالح المشتركة للطرفين(فرنسا والموقعون عليها)، قلت دون الدخول في كل هذه التفاصيل، يتضح ل»لأحمق» قبل «العاقل» -على حد تعبير المغاربة-، بأن هذه الورقة ليست هي من أتت بالاستقلال ولا حتى ساهمت فيه، بل على العكس من ذلك تماما، إذا كان الغرض الأول والأخير منها هو نسب «الاستقلال»، لأشخاص أتوا في آخر لحظة واستغلوا علاقتهم مع فرنسا ودراستهم بها، كما استغلوا «أمية» المقاومين الحقيقيين ووطنيتهم التي لا يزعزعها مزعزع لينصبوا ويحتالوا عليهم وعلى كل الشعب المغربي بهذه الوثيقة، والمؤسف أن الحيلة ما تزال سارية المفعول، حيث ما يزال الاحتفال والتزمير والتطبيل لهذه الأسطورة التي تعتبر ثاني أكبر أكذوبة في التاريخ المغربي المعاصر بعد أكذوبة الظهير البربري التي ابتدعها نفس مبتدعي «وثيقة المطالبة بالاستقلال». من هذا تأتي أهمية إعادة كتابة التاريخ الوطني بأقلام وطنية حرة ونزيهة، وهو المبدأ الذي ناضلت وما تزال تناضل من أجله الحركة الأمازيغية، التي تلقى مطالبها ونداءاتها الآذان الصماء، لأن الذين يستمدون شرعيتهم من تلك الأساطير لا يمكنهم أن يقبلوا بمن يشكك أو يطعن فيها، فما بالك بمن يفضحها، لأن فسخ سحرهم وأساطيرهم وطلاسمهم هذه، تعني لا محالة نهايتهم. وفي مقابل الاحتفال بهذه المناسبات المبتدعة واعتبارها أعيادا وطنية وتخصيص أيام عطل لها، ما زالت مناسبات ذات دلالات وعمق تاريخيين تقابل بالإقصاء والتهميش كذكرى معركة أنوال ولهري وبوكافر... وهي المعارك الحقيقية التي أتت ب»الاستقلال»، بعيدا عن البلاطات والتآمر وخدمة المصالح الخاصة لأطراف بعينها والتي للأسف لا تعرف عنها الأجيال الحالية الكثير، لأن صناع وثيقة المطالبة بالاستقلال صمموا لهم تاريخا آخر. من أهم هذه المناسبات كذلك السنة الأمازيغية، التي تحتفل بها جميع شمال إفريقيا في حين يهملها ويهمشها مهندسو التاريخ المحرف الذي يريدونه تاريخا لنا. وبهذه المناسبة أقول سنة أمازيغية سعيدة لكل شمال، إفريقيا وتحية المجد والخلود لصناع التحرر الحقيقيين، كما أطلق دعوة للغيورين على تاريخ المغرب ورموزه للوقوف في وجه الأساطير التي تمرر باسم التاريخ، وإلغاء الاحتفال بها.
|
|