|
|
أيها الأمازيغ استسلموا بقلم: مصطفى تاهيلي
بعد كل ما عاناه ويعانيه الأمازيغ من تمييز في
عقر دارهم من طرف الأعراب وما جاورهم في كل نواحي تامازغا الكبرى حيث تعريب بلادهم
وشخصياتهم بالقهر والعقوبات عند الرفض وعدم الرضوخ أو الثوران، وبعد تعريب حكوماتهم
بلغت إلى حد مائة في المائة بعد «الاحتقلال» في جميع بلدان تامازغا ولا زالت كذالك
في بلدان كموريطانيا وليبيا وتونس ومالي وتشاد والنيجير رغم إدماج بعض الأمازيغ
الذين تم تعريبهم في حكومات الأعراب بالمغرب والجزائر، أما الآخرين المتشبثين
بأمازيغيتهم فقد تمت إبادتهم إبان «الاحتقلال» وخلال الأيام الأولى من إعلانه، كما
أنهم لا زالوا إلى حد الآن مرفوضين إذا لم نقل مكروهين وتتم في حقهم متابعات تعسفية
تتمنى وتبرمج الزج بهم في السجون إذا لم نقل إبادتهم.
وبعد متابعة تعريب الأمازيغ بإزالة لغتهم من
الساحة ومتابعة إزالة أسمائهم وتبديلها بأسماء يدﱠعونها عربية رغم أنها ليست من
العربية في شيء، الشيء الذي أتى بمكانة نقطة الماء التي أفاضت القدح وأفاقت
الأمازيغ من غيبوبتهم ليشعروا وينتبهوا لما أراده ويريده الأعراب.
أين الرومان ليحموا مدنهم التي تذوبها مياه
الشتاء وتجليها رياح العواصف؟ أين البيزنطيون ليردوا عبرة مدنهم التي تركها الأعراب
عرضة للإتلاف تحت عوامل الطبيعة والخراب الإنساني المتعمد؟
لا، سأقول لكم الحقيقة. إلى متى سيتعامى
الأمازيغ عن تاريخهم الأمجد؟ إلى متى سيتبرمون عن أجدادهم وأسلافهم وهم الذين زرعوا
مفهوم السلم في المجتمعات، وهم الذين اخترعوا الألعاب الأولمبية السلمية بين الشعوب؟
إلى أي حد سيتركون لغتهم عرضة للجلاء والنسيان؟ إلى أي حد سيتركونها خاضعة للإبادة؟
إن باب مدينة «أليلي» الذي أصمده الله تعالى
إلى حد الآن ليبقى عبرة لنا، والذي اقتبس منه الفرنسيون بابهم الشهير بباريز ألا
وهو باب «النصر»، ليزال حاملا لحقيقة أهلها حيث لا يزال يحمل ما كتب عليه
باللاتينية (لغة التواصل بين شعوب حوض الأبيض المتوسط آنذاك وليست لغة المستعمر كما
يدعون) وكما ترجمه المترجمون باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية :»نحن سكان
مدينة «أليلي» بنينا هذا الباب تشريفا لملك الرومان راغبين منه إعطاءنا الجنسية
الرومانية».
إن هذه الجملة لتعبر بوضوح على أن كاتبيها
ليسوا رومانيين، أي أن سكان مدينة أليلي آنذاك لم يكونوا رومانيين. بل هم أمازيغ.
وهذا يعبر على أن الأمازيغ هم أول من اخترع ورقة التواصل بين الشعوب أو ما يسمى
الآن بجواز السفر. فما مفهوم طلب الجنسية الرومانية آنذاك حيث لم يبلغ تطور
الإنسانية ما بلغ إليه الآن إلا بمثابة جواز السفر الحالي. وطلب الجنسية هذا أتى
كرد فعل للتعامل التعسفي ضدهم من طرف الآخرين الذين ما إذا أتوا إلى بلاد تامازغا
اللامحدودة والحرة الولوج يستقبلون بسلم ويعيشون في سلم ودون فرق بينهم وبين
الأمازيغ، بعكس ما يلقاه الأمازيغ في بلدان أوروبا التي كانت خاضعة لسيطرة
الرومانيين حيث يرفض لهم الدخول إلى مدنهم إذا لم يكونوا حاملي لإذن بذالك.
وبعد أن رفض الأعراب الاستجابة للأمازيغ لرد
الاعتبار للغتهم ولأسمائهم وتاريخهم ول...بل وبعد زجهم في السجون والرمي بسياستهم
السلمية في الغيبوبة قصد إجلائها وتنسيتها، لم يبق لنا إلا أن نقول: «أيها الأمازيغ
استسلموا». استسلموا لإرادة الأعراب. استسلموا لأطماعهم الدنيوية الامتدادية
والانتشارية. استسلموا لأطماعهم السياسية والاقتصادية والثقافية. استسلموا
لطموحاتهم التافهة وأبغاضهم وكراهيتهم لكم كأمازيغ.
استسلموا للكفران بالذات والهبوط إلى ما تحت
الإنسان. استسلموا لنكران الأجداد والأسلاف وإزالة الأحفاد. استسلموا لمحو الذرية
والسلالة الأمازيغية.
استسلموا لمن قتل أجدادهم ظلما وعدوانا عمر
وعثمان، وعلي والحسن والحسين، لما رفضوا إعطاءهم الرخصة للهجوم على الشعوب المجاورة
وغزوها باسم الإسلام الذي يقول قرآنه: «لا إكراه في الدين». استسلموا لمن أباد
أبناء الصحابة وأجلاهم لوقوفهم أمام طغيانهم وعدائهم للشعوب الأخرى.
استسلموا للأعراب ما داموا لا يطلبون منكم أن
تسلموا ولكن أن تستسلموا.
ولكن، بعد استسلامكم هذا ماذا سيقع؟
بعد ذالك ستزول شوكة من طريق الأعراب. ستزدهر
الأفكار القدافية القدفية وستزول الحدود بين البلدان الأمازيغية لتصير بلدا واحدا
تحت راية العروبة. سيزيغ الأعراب بدينهم وستسود أفكار السلفية الوهابية. وستقفل
جامعات ومدارس «الكفر» لتحل محلها معاهد تابعة الأزهر والمدارس الدينية والدمياطية.
ستزدهر أفكار الفتوحات السيفية الغدﱠارة لتعود إلى الساحة وتعود الهجمات الهمجية
على الأعداء الكفرة من مسيحيين وإسرائيليين.
ثم من بعد ذالك سترون أيها الأمازيغ الانهزام
والخذلان وتعودوا للركوع تحت أرجل الكفر والاستعمار، وتذوقوا الذل والهوان. حينها
ستندمون على خذلانكم للأمازيغية وما تمثله وتركها للنسيان. ستحزنون على استسلامكم
للجبروت وإرادة الأعراب وستذوقون (وأنتم تذوقونه الآن) وبال موقفكم السلبي وتنكركم
لأمازيغيتكم. ستتعذبون من جراء انتقام لغتكم منكم وستتألمون من غضب وثأر تاريخكم
منكم، وستدركون لعنة أسلافكم وأجدادكم لكم. وستبحثون آنذاك عن مذكر أو معين فلا
تجدونه. وينكركم الأعراب وما تمثلوه، كما أنكروكم عدة مرات من قبل. وما تاريخ
المرابطين والموحدين ببعيد.(وللتذكير هنا فإن المرابطين أتوا قبل الموحدين لأنك لن
يمكنك التوحيد بين الشعوب قبل الربط بينها. والشعوب المقصودة هنا هي تلك الممتدة من
المحيط الأطلسي إلى البحر الأحمر لتسهيل الحج على الحجاج وإزالة القهر من طريقهم.
وهذه الأسماء لحكم أمازيغي مقتبسة من مفهوم فلسفي عكس الحكم الأعرابي الذي يقتبس
أسماءه من القبائل وأسماء الناس).
سمو أبناءكم «حمو» فهو أول اسم أعطاه الإنسان
للإنسان بعد آدم. ويعني «تقني النار». لقد أعطي هذا الاسم للمسؤولين عن دوام النار
حامية في أزمنة ما قبل التاريخ بكثرة ما كانوا يأمرونه : «احمو»، أي : «اشعل النار»
كلما احتاج أحدهم إلى ذالك حتى صار اسما له : «حمو» (أنظر فيلم «حرب النار» أو
«Guerre du feu «).
سموا أبناءكم «موحى» و»موحند» و «أحمد» و»محمد»
المقتبس منهم اسم رسول الله «محمد» (إن من أعطى هذا الاسم لمحمد بينما لم يكن
تداوله بين الأعراب آنذاك ليكون قد زار بلا شك بلاد الأمازيغ، ومثل هذه الزيارات
كانت معتادة من لذن القريشيين صيفا وشتاء إلى جميع الاتجاهات وعند جميع الشعوب بدون
استثناء).
أيها الأمازيغ، كفوا من تسمية بناتكم بأسماء
بلدان أخرى ك»هند» و»نانصي»، وسموهن بأسماء الحرية وهي كثيرة ليس فيها لا عيشا ولا
سميرا، ولا خدوج ولا جديجا.
|
|