|
|
مذكرة مطلبية من أجل ترسيم الأمازيغية في الدستور
الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه. حضرة صاحب الجلالة الملك محمد السادس السلام على مقامكم العالي بالله ورحمة الله تعالى وبركاته. وبعد، تتشرف الجمعيات العاملة في مجال الأمازيغية، الموقعة أسفله، أن ترفع إلى سدتكم العالية بالله هذه المذكرة المطلبية في شأن ترسيم الأمازيغية في التعديل الدستوري المرتقب. السياق في خضم التحولات التي تشهدها بلادنا على مختلف الأصعدة للدفع بعجلة الانتقال الديمقراطي والحداثي، وفي سياق الانخراط الوطني في بلورة هذا الوعي المشترك، إلى جانب سياق دولي متسم بسرعة التحولات والعولمة التي تهدد هوية الشعوب، وإلى جانب المبادرات الملكية حول مأسسة الأمازيغية؛ بات من الضروري استحضار الأمازيغية لغة وثقافة وهوية في الإصلاحات الدستورية المرتقبة، باعتبارها من القضايا الجوهرية التي لا يستقيم البناء الديمقراطي المنشود بدون معالجتها دستوريا. في هذا الإطار تأتي هذه المذكرة باقتراحات عملية ترمي إلى تحقيق أهداف حقوقية وتنموية تأسيسا على مجموعة من المرجعيات التاريخية والمؤسساتية والحقوقية. المنطلقات أولا ـ المرجعية التاريخية كل الأدلة العلمية تؤكد أن الأمازيغ ظهروا على مسرح التاريخ آلاف السنين قبل الميلاد. وأن لهم تاريخا عميقا وحضارة بمختلف أبعادها اللغوية والاجتماعية والثقافية وغيرها من مقومات الحضارة، فقد تعاملوا مع أمم مختلفة، وساهموا في الحضارة المتوسطية مساهمة فعالة، وقاوموا من أجل المحافظة على كيانهم وسيادة أوطانهم. وفي هذا الإطار ظل المغرب، عبر تاريخه، محافظا على سيادته، كما ظلت الأمازيغية مرتبطة بجذورها العميقة في التاريخ والمتمثلة أساسا في التشبث بروح الإخاء والتسامح والالتصاق بمقوماتها الحضارية دون انغلاق على الذات. فظل المغاربة عبر مر العصور إلى اليوم، تواقين إلى الحرية مع الاعتزاز بذواتهم وهويتهم بمكوناتها المتعددة، مما يفسر حرصهم على اعتبار الاعتراف بالأمازيغية من ركائز بناء المجتمع الحداثي الديمقراطي بمؤسساته الاجتماعية والدستورية، التي يتعين ترسيخها وتقويتها بالمشاركة الفعلية في ضرورة تطورها وتفاعلها. ثانيا ـ المرجعية المؤسساتية تتجلى هذه المرجعية في قرارات المؤسسة الملكية، بدءا بخطاب 20 غشت 1994 حيث دعا من خلاله والدكم المغفور له الملك الحسن الثاني، بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب إلى تدريس الأمازيغية. وبعد ذلك، قررت جلالتكم، في أكثر من مناسبة، وخاصة في 30 يوليوز 2001 بمناسبة خطاب العرش، وبتاريخ 17 أكتوبر 2001 بأجدير، بمناسبة وضع الطابع الشريف على الظهير المحدث والمنظم للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، قررت جلالتكم وضع اللبنات العملية الأولى للنهوض بالأمازيغية، بالدعوة إلى ضرورة الارتقاء بها وتعزيز مكانتها باعتبارها لغة كل المغاربة، وكونها تشكل صرحا من صروح هويتهم، وأن «النهوض بها مسؤولية وطنية، لأنه لا يمكن لأي ثقافة وطنية التنكر لجذورها التاريخية...». ثالثا ـ المرجعية الحقوقية اعتبارا لما جاء في ديباجة دستور المملكة المغربية من تعهد بلادنا بالالتزام بما تقتضيه المواثيق الدولية من مبادئ وحقوق وواجبات، والتأكيد على تشبث المغرب بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا؛ واعتبارا لكون المواثيق والمعاهدات الدولية تتضمن التأكيد على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واللغوية؛ واعتبارا لكون الأمازيغية لغة وثقافة وهوية، من المقومات الأساسية لحقوق الإنسان التي لا تقبل التجزيء؛ واعتبارا لكون المغرب قد أسس عبر تاريخه نظامه السياسي الخاص به، المعتمد على خصوصياته وعقيدته وموقعه الجغرافي وذهنية شعبه المتسم بالتسامح والمرونة. فإن التنصيص على ترسيم الأمازيغية في الدستور هوية ولغة وحضارة، يجعل المغرب منسجما مع تاريخه والتزاماته الوطنية والدولية. الأهداف الأهداف المتوخاة من مطلب ترسيم الأمازيغية لغة وثقافة وهوية تتمثل فيما يلي: ـ تدعيم وتحصين المكتسبات التي تحققت حتى الآن؛ ـ تقوية الشعور الوطني والاعتزاز بالانتماء للهوية المغربية؛ ـ تلبية مطلب حقوقي من مطالب الشعب المغربي؛ ـ ضمان تكافؤ الفرص لجميع المغاربة في مجال السياسة اللغوية؛ ـ المساهمة في التدبير المعقلن لأي تنظيم جهوي، يرمي إلى تنمية أقاليمنا اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، في إطار الوحدة في التنوع. الاقتراحات بناء على المنطلقات السابقة، وسعيا وراء تحقيق الأهداف المسطرة أعلاه، فإن الجمعيات الأمازيغية المتشبثة بوحدة المغرب في تعدده والحريصة على وحدة اللغة الأمازيغية بمختلف فروعها، تعرض على أنظار جلالتكم مقترح تعديلات تخص ديباجة الدستور والباب المحتمل إضافته في شأن التنظيم الجهوي الجديد للمملكة، بالتنصيص في التصدير على البعد الأمازيغي كبعد أساسي لهويتنا الوطنية وكذا إقرار اللغة الأمازيغية كلغة رسمية للمملكة إلى جانب اللغة العربية. وفي باب الجهوية نقترح استحضار البعد الأمازيغي بمراعاة الخصوصيات والأعراف المحلية والتجارب التاريخية للمغرب مع الحرص على ضمان مشاركة الجميع في تدبير الشأن المحلي والجهوي وترسيخ وحدة الشعب المغربي، ووحدة اللغة الأمازيغية باعتبارها لغة كافة المغاربة. والسلام على مقامكم العالي بالله وحرر بالرباط في 22 رمضان 1430 الموافق ل12 شتنبر 2009 المنظمات والجمعيات الموقعة ـ الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي ـ منظمة تاماينوت ـ كنفيدرالية الجمعيات الأمازيغية بشمال المغرب ـ كنفيدرالية الجمعيات الأمازيغية بجنوب المغرب: تامونت ن ئفوس ـ تنسيقية تونفيت مستقل الأرز والأروي ـ منظمة الأطلس لحقوق الإنسان.
|
|