|
|
هل «النســب الشريــف» نسب عربي وعلوي أم نسب نبوي وفاطمي؟! بقلم: براهِم أسافو / ؤُتْمازغا “اعلم أن الشرف بالعلم والتقوى، أو بالانتساب للأنبياء أو لأهل العلم والتقوى، أو بالانتساب لمن كان له شرف في الجاهلية مع التفقه في دين الله تعالى، لا يختص بالعرب؛ بل الأنواع الثلاثة ثابتة لغيرهم من أهل الكتاب... وأفضلية العرب على ]غير العرب[ إنما هي في الجملة وظاهر الحال، وأما في الحقيقة وباطن الأمر وما عند الله تعالى فالأفضلية إنما هي بالتقوى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)" ([1] ). كثيرون، قديما وحديثا، هم الذين يدعون ويزعمون أنهم ذوو "نسب (شريف)" فقط لأنهم يرون أنهم "ينحدرون" من ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وزوج بنته السيدة فاطمة الزهراء، الصحابي الجليل الإمام المفكر الأستاذ السيد: على بن أبي طالب بن عبد المطلب. فهل كان الإمام السيد على بن أبي طالب ذا نسب شريف كزوجه السيدة فاطمة الزهراء (رضي الله عنهما) بنت رسول الله محمد بن عبد الله بن عبد المطلب (عليه الصلاة والسلام)؟! وهل يستمد شرفه من والده أبو طالب بن عبد المطلب، أو من زوجته / بنت ابن عمه النبي (ص)!؟ ! إن الدم النبوي المحمدي (أي النسب الشريف) لا يستمد - كما نعلم - إلا من النبي (ص) وأبنائه وأحفاده، فقط. أما والدا الرسول(ص) وزوجاته وأعمامه وأبناء أعمامه والهاشميون وغيرهم، من العرب كلهم، فهم ليسوا شرفاء ولا نسب شريف لهم (أي لا علاقة ولا صلة لهم بالدم المحمدي النبوي). وبما أن أبناء النبي(ص) الذكور قد ماتوا صغارا، ولم يعقب من بناته إلا واحدة هي السيدة فاطمة الزهراء زوج الإمام علي (رضي الله عنهما)، فإن النسب الشريف أصبح لا يستمد - بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام - إلا من بنته فاطمة الزهراء وحدها - لا من زوجها - فكان هناك شرفاء هم أبناؤها: الحسن والحسين اللذان كانا، بعد وفاة والدتهما، مصدري النسب الشريف (الذي استمداه من والدتهما وليس من والدهما) ثم أبناؤهما وأحفادهما من بعدهما... وهكذا. أما علي والد الحسن والحسين، فهو لا يحمل الدم النبوي (غير شريف)، لأنه ابن عم النبي - فقط - وليس من دمه ونسبه المحمدي النبوي، مثله مثل غيره من العرب المسلمين، قرشيين كانوا أم غير قرشيين، هاشميين كانوا أم أمويين (فلو أسلم أبو لهب أو أبو طالب، اللذان هما من أعمام النبي(ص)، لكانا مثلهما مثل الإمام علي الذي هو ابن عم النبي عليه الصلاة والسلام. لا فرق).(2). لأن النسب الشريف، كما سبقت الإشارة، لا يستمد من الدم والعرق العربي ولا من الانتماء إلى العروبة والعرب أرضا وهوية وتاريخا وثقافة.لا. النسب الشريف يستمد من الدم المحمدي النبوي وليس من الدم العربي. بمعنى أنه لو لم يكن للنبي(ص) أحفاد من بنته السيدة فاطمة الزهراء لما كان هناك "نسب شريف" ألبتة. الدم العربي، إذن، هاشميا كان أم أمويا، قرشيا أم غير قرشي، هو دم كغيره من الدماء الغير العربية، لا فضل ولا فرق. الفرق يوجد، فقط، بين الدم النبوي (وليس الدم العربي) وغيره من الدماء عربية كانت أم غير عربية. والدم/النسب النبوي الشريف هو من النبي(ص) إلى أحفاده (أبناء بنته فاطمة الزهراء) ثم منهم إلى أبنائهم وأحفادهم من بعدهم. والدم والنسب النبويان- المحمديان- كانا شريفين، ليس لأن النبي(ص) عربي كما يدعي العرب، أو لأنه هاشمي لا أموي كما يزعم الشيعة.لا، لا. بل لأن النبي (ص) هو رسول الله إلى الناس أجمعين عربا كانوا أم غير عرب، هاشميين كانوا أم أمويين، قرشيين كانوا أم غير قرشيين. أي أن النبي (ص) كان نسبه ودمه شريفين لأنه رسول الله تعالى، وليس لأنه عربي. وإلا لكان العرب كلهم ذوي "نسب(شريف)" و"دماء(شريفة)"! فالهاشميون والأمويون والقرشيون وغير القرشيين، هم كلهم عرب، لكنهم كلهم – مسلمين كانوا أم كفارا ومشركين ومنافقين- لا نسب شريف لهم، لأنهم عرب فقط. والشرف يكون بالرسالة السماوية الإلهية (الديانة الإسلامية الكونية/ الإنسانية)، لا بالعروبة والهوية العربية والعرق العربي والدم العربي والنسب العربي والانتماء العربي والأصل العربي.لا. لهذا فوالد النبي(ص) ووالدته وزوجاته (كالسيدة خديجة والدة زوجة الإمام علي بن أبي طالب) وأعمامه والهاشميون... كلهم لا نسب شريف لهم، بل هم مثل غيرهم من العرب وغيرهم من البشر أبناء الإنسان الأول والنبي الأول: آدم وزوجته حواء (عليهما السلام). (أقصد من حيث النسب والأصل، لا من حيث الإسلام والإيمان وعدمهما). وهـذا معنــاه أن:1- الدم أو النسب النبوي شيء، والدم والنسب العربي شيء آخر، فالنبي عربي، لكن العرب ليسوا أنبياء ورسل الله تعالى. ومكانة النبي(ص) هي لأنه رسول الله تعالى، وليس لأنه إنسان عربي، كما سبق القول. أي أنه لا فضل للعرب على غيرهم من أبناء النبي آدم (عليه السلام)، بل فقط هناك فضل للنبي محمد (ص)، رسول الله تعالى للناس كلهم، على غيره من العرب وغير العرب على حد سواء. فالعرب الأمويون الذين يزعمون أنهم "شعب الله المختار" و"أفضل الناس" هم كاذبون وظالمون، لأنهم ليسوا حتى هاشميين أو علويين، فضلا عن أن يكونوا من الدم النبوي(الذي هو هاشمي لا أموي، لأن النبي (ص) هاشمي، وليس أمويا، كما هو معلوم ومفهوم). 2- النسب الشريف هو من النبي(ص)، لا من القرشيين الهاشميين أو الأمويين أو المشارقة العرب عامة. علما أن عليا بن أبي طالب العربي القرشي الهاشمي، ليس هو وحده من تزوج ببنات النبي(ص)، بل هناك أناس آخرون قد تزوجوا ببناته صلى الله عليه وسلم: كأبناء أبي لهب وكعثمان بن عفان الأموي (رضي الله عنه). غير أنه لم يكن للنبي(ص) أحفاد من بناته اللواتي تزوجهن أبناء أبي لهب وعثمان بن عفان الأموي، ولو كان هناك أبناء لهولاء (عثمان بن عفان وأبناء أبي لهب)، لكانوا (أي الأبناء) ذوي نسب شريف، تماما كالحسن والحسين ابني فاطمة الزهراء(رضي الله عنهم) لأن بنات النبي(ص)، لا تتغير مكانتهن وصفتهن (كبنات رسول الله تعالى)، سواء تزوجن بعلي أم بعثمان أم بأبناء أبي لهب أم بغيرهم... وكل شيء كان سيتغير-تماما- لو أن عليا بن أبي طالب بن عبد المطلب لم يتزوج ببنت من بنات النبي محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صلى الله عليه وسلم. في حين أنه لن يتغير شيء- بالنسبة للسيدة فاطمة الزهراء- لو أنها تزوجت برجل آخر غير الإمام علي. أي أن النسب فاطمي لا علوي (ففاطمة هي بنت النبي (ص)، أما زوجها فهو ابن عم والدها، فقط). وهذا معناه: أن "النسب الشريف" يستمد - كما أشرت- من بنات النبي (ص) وليس من أزواجهن العرب، هاشميين كانوا كعلي وأبناء أبي لهب أم أمويين كعثمان بن عفان. (أشير كذلك، هنا، إلى زواج عمر بن الخطاب بأم كلثوم حفيدة النبي(ص)، وزواج عبد الله الجواد بن جعفر بأختها زينب). وإذا كان النسب الشريف يستمد –فقط- من بنات النبي (ص)، لا من غيرهن، فذلك لأنهن بنات رسول الله تعالى، وليس لأنهن عربيات.لا ! إذ النسب الشريف هو النسب النبوي المحمدي، وليس النسب العربي (أي نسب رسول الله، وليس نسب العرب). وإذا كان الرسول (ص) “عربيا”، فإن العرب ليسوا “رسلا”. كما هو معلوم. 3- إن النبي(ص) لم يتزوج بنساء عربيات فقط، بل تزوج كذلك بغير العربيات كالسيدة مارية القبطية: والدة السيد إبراهيم ابن النبي عليه الصلاة والسلام. ولو كان السيد إبراهيم حيا ولم يمت صغيرا، وتزوج وله أبناء، لكان هناك، كذلك، نسب شريف (بل نسب شريف أشد وأقوى)، رغم أن والدة إبراهيم ابن النبي محمد(ص) هي سيدة قبطية وليست عربية. وهذا يعني أن النسب الشريف ليس عربيا، بل فقط عرب: تم تعريبه والتعريب به، بعد وفاة أصحابه الحقيقيين بقرون وقرون، فأصبح كثير من البشر يدعون كاذبين أنهم عرب، لأنهم- حسب زعمهم- ذوو "نسب شريف" ودم "شريف" (كأن دمهم ليس أحمر ككل الدماء البشرية وغير البشرية!!). مع أن النسب الشريف- حتى لو صح- لا يعني أن صاحبه، بالضرورة، عربي، كما أن كون الإنسان عربيا لا يعني أنه ذو”نسب شريف”، فالهوية العربية والعروبة شيء، والنسب الشريف شيء آخر. ثم أن الانتساب –كذبا- إلى النبي(ص) هو أمر مرفوض، وهو كذب على الله ورسوله، تماما مثل كذب “الأحاديث” الموضوعية المنسوبة كذبا إلى الرسول (ص)، ومثل إدعاء النبوة: فلا نبي بعد رسول الله محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي(ص) المبعوث رحمة للعالمين، ولا دم نبويا ولا نسب شريفا حقيقيا بعد وفاة رسول الله عليه الصلاة والسلام ووفاة أبنائه وأحفاده رضي الله عنهم، لأن الأعراق قد اختلطت بالتزاوج والتعايش بين البشر، واندمجت الدماء في الدماء، فتزاوجت واختلطت عرقيا منذ أبينا آدم ابن الأرض/التراب إلى قيام الساعة. وهذا الاختلاط بين "الأنساب" وقع حتى لبنات النبي(ص) أنفسهن، لأنهن تزوجن- كما تقدم- برجال لا يمكن أن يكونوا من الدم والنسب النبوي /المحمدي الشريف، كعلي وعثمان وعمر وأبناء أبي لهب وعبد الله الجواد بن جعفر، مما يجعل أبناؤهن شرفاء و"لا شرفاء" في الوقت نفسه – إن صح الكلام- لأن دم ونسب آبائهم غير الشريف (أي غير المحمدي/النبوي) قد اختلط مع دم ونسب أمهاتهم (بنات النبي) الشريف: فكانوا (أي أحفاده عليه الصلاة والسلام) شرفاء لأن والدتهم شريفة، و"غير شرفاء" لأن والدهم"غير شريف"! ثم وقع اختلاط واختلاط كاختلاط الحابل بالنابل، فأصبح الذين يدعون “النسب الشريف” ليسوا شرفاء لا بعلي ولا بفاطمة! ما يعني أن الهوية الحقيقية هي الهوية المستمدة من الأرض والبلاد والتراب والموطن الجغرافي، أما هوية “النسب الشريف” فأوهام في أوهام على أوهام، لأن الأعراق قد اختلطت والدماء قد تغيرت والأنساب قد تبدلت والأحوال قد تطورت والشعوب قد تقدمت... فكونوا ترابيين لا عنصريين ولا دمويين ولا عرقيين، فكلكم لآدم، وآدم من التراب. والنسب الشريف الحقيقي هو الانتماء والانتساب إلى أرض الوطن وإلى نبي الله تعالى ابن التراب: السيد آدم وزوجته السيدة حواء عليهما الصلاة والسلام.ازول فلاونت / فلاون. تانميرت اطاس / باهرا. الهامشان: [1] - شرح العلامة الشيخ محمد بن قاسم جسوس: "الفوائد الجليلة البهية على الشمائل المحمدية"، مطبعة محمد أفندي مصطفى بمصر، عام 1302 أو 1306 هــــ. ص: 323. (2 ) - يقول الأستاذ المناضل ماسّ محمد بودهان الأمازيغيّ في مقاله: "الشريف"مصطفى العلوي يخاف أن يكون أجنبيا ويطالَب بالرحيل عن المغرب": "... ثم لماذا يستمر المنحدرون من "الشريف" إدريس الأول أو الحسن الداخل، المنتسبين إلى الدوحة النبوية، في حمل النسب النبوي رغم أن الأرحام التي ولدتهم هي أرحام أمازيغية وليست عربية ولا من أرومة نبوية؟ يبدو أن العرب لم ينصفوا المرأة إلا مرة واحدة ووحيدة. وقد فعلوا ذلك، ليس رفعا لمكانة المرأة ولا تكريما لها، وإنما لتبرير نسبهم "الشريف" الذي يحكمون به الشعوب الأخرى. الحالة الوحيدة والفريدة التي رفعوا فيها من قدر المرأة وفضلوها على الرجل هي حالة فاطمة بنت الرسول. فرغم ثقافتهم الذكورية والمعادية للمرأة ، والتي تجعل عامل تحديد شجرة النسب هو الرجل دائما وليس المرأة، إلا أن فاطمة بنت الرسول، رغم أنها أنثى، أصبحت هي المحدد لنسب الذين انحدروا منها وليس آباؤهم وأجدادهم الذكور. وهكذا يكون "الشرفاء" العلويون، ليسوا الذين ينحدرون من علي، بل من فاطمة زوجة علي، وبالتالي فإن "شرفهم" يستمدونه من فاطمة الأنثى وليس من علي الذكر. إذن الانتساب إلى الدم النبوي يمر عبر فاطمة/المرأة كمحدد للنسب والانتماء الجينيالوجي. وهذا شيء مهم بالنسبة للمرأة. وحبذا لو طالبت الحركات النسائية باعتماد المرأة كمحدد للانتماء الجينيالوجي لوضع حد للهيمنة الذكورية في مجال النسب.إذن إدريس الأول ينتمي إلى الدوحة النبوية عبر فاطمة، وليس عبر آبائه وأجداده الذين قد لا تربطهم أية علاقة بيولوجية بالنسب النبوي. لنطبق الآن نفس القاعدة ـ اعتماد المرأة في تحديد النسب ـ على أبناء إدريس الأول وكل حفدتهم العلويين المنحدرين منهم بالمغرب. فماذا ستكون النتيجة؟ سيكون كل هؤلاء "الشرفاء" الذين يستمدون شرفهم من جدهم إدريس الأول، أمازيغيين لانحدارهم جميعا من امرأة أمازيغية هي كنزة زوجة إدريس الأول. فكما أن كل الذين ينحدرون من علي بن أبي طالب ينتسبون إلى الدم النبوي عبر فاطمة زوجة علي، فكذلك كل الذين ينحدرون من إدريس الأول ينتسبون إلى الدم الأمازيغي عبر زوجته كنزة الأمازيغية. ونفس الشيء يصدق على حفدة الحسن الداخل منذ أن تزوج أحد أجدادهم العلويين امرأة أمازيغية، كما كانت تجري العادة بذلك منذ إدريس الأول". (انتهى كلام الأستاذ المناضل ماسّ محمد بودهان الأمازيغي / "ثاويزا"، يناير 2954 / 2004. العدد 81. )
|
|