|
|
اللغة الأمازيغية في المغرب
والتحدّيات المطروحة
بقلم: محمد كيلمي أزنزار (طالب جامعي بمراكش) تشكل اللغة بصفة عامة ذلك المدخل الرئيسي لفهم الإنسان، تفكيرا وتعبيرا وتدبيرا، فردا ومجتمعا وفي حركته وفي فعله، في الزمان والمكان، وكل مشاكل الإنسان تتجسد في اللغة، لذلك كان الحديث عن اللغة عند الإنسان هو الحديث عن المجتمع والحضارة والهوية في الوقت ذاته، وحديثا عن الثقافة والفكر والقيم، والحديث عن قوة اللغة وضعفها وتحدّياتها لا ينفصل عن الحديث عن قوة الأمة المستعملة لها وضعفها وتحدّاتها أيضا، والتفكير في تنمية اللغة لا ينفصل عن التفكير في تنمية الإنسان ذاته. وما يهمنا في هذا الصدد الإشارة إلى أن اللغة الأمازيغية في المغرب عرفت اهتماما وتطورا كبيرين خصوصا في العقدين الأخيرين، بسبب الوعي بأهمية هذه اللغة في تحقيق تواصل مع شريحة عظمى من المجتمع، وبالتالي تشكيل وحدة مشتركة ثقافيا قد تساهم في تطوير المجتمع المغربي، إلا أننا نصطدم بتحدّيات كثيرة حالت دون عبور اللغة الأمازيغية لطريقها نحو الهدف المنشود، ويمكن إيجاز هذه التحدّيات في ما يلي: تحدّ ذاتي: أي أننا – نحن الأمازيغ جميعنا – لا نعمل للرقي بلغتنا، وتطوير التعبير بها عن كل المفاهيم العلمية الجديدة والتقنيات والمخترعات الجديدة، التي تبتكر يوميا فينتقل إلينا منها ما ينقل بلغات متطورة {انجليزية، فرنسية، إسبانية.. }وبذلك تبقى لغتنا مهمشة في جميع هده المجالات. ويتمثل كذلك التحدّي الذاتي في كون الإنسان الأمازيغي الذي يتحدث بالأمازيغية مند نعومة أضافره، بل في أصله لا يرتاح ولا يرضى أن يتحدث الأمازيغية في مواجهة اللغة الأخرى {العربية} خصوصا إذا تعلق الأمر بمكان عمومي أو مدرسة أو مستشفى أو الجامعة،. والطفل في الشارع، تجده يحس بالنقص في ذاته أو” الحكرة “ من طرف الآخر بالرغم من أن الأمازيغية والعربية لغتان ضمن مجتمع واحد، ولكون الأولى لسان غالبية الشعب ولها أفضلية عن الثانية، وهذا في آخر المطاف يشكل تحدّيا ذاتيا خطيرا. تحدّ ديني: وتبقى اللغة العربية واللغة الأمازيغية هما طرفا الصراع هنا، حيث هناك من يستغل قضية الدين لإقصاء الأمازيغية وإبقاء العربية كلغة القرآن، فهي إذن لغة مقدسة لا يجب المساس بها وبالتالي كل من يتحدث بالأمازيغية هو خارج نطاق الإسلام فلا يحق تعلمها. لكن إذا فحصنا الواقع فأين هي تلك اللغة التي أنزل بها القرآن، هل في مجتمعنا من يتقن اللغة العربية الفصيحة بامتياز، فالقرآن الكريم يتبرأ من هؤلاء الدين يدعون أنهم يتكلمون العربية، بل يتكلمون اللغة المعربة {الدارجة} ولو كان ذلك حاصلا فإن الأمازيغ أكثر تشبثا وتطبيقا لمبادئ القرآن وما جاءت به الشريعة الإسلامية، ولم تكن العربية يوما عاملا من عوامل التشبث بالدين الإسلامي{ إيران أفغانستان اندونيسيا }نموذجا.إذن فالصراع يبقى دائرا بين الأمازيغية والعربية حول الاستمرارية نظرا لتحدّيات حضارية تواجههما. تحدّ حضاري: ويتمثل في الحرب الفرانكفونية والانجلوساكسونية وغيرها من الحروب التي تواجه الشارع المغربي والإدارة المغربية والمؤسسات التعليمية المغربية، أي سيطرة كل من اللغة الفرنسية والانجليزية وغيرها من اللغات على تلك المؤسسات المذكورة. فأين اللغة العربية كلغة رسمية في البلاد كما هو مقرر في الدستور من هذه المؤسسات فما أدراك باللغة الأمازيغية ومكانتها أيضا هناك؟ الغريب في الأمر هو أنه عندما تسأل مواطنا مغربيا عن إمكانية تعلم اللغة الأمازيغية يجيب قائلا “تعلمت لغات متطورة ولم تنفعني في شيء وما أدراني بالأمازيغية”. ونسي بأن تطور الأمم مرهون بإعادة الاعتبار إلى لغاتها وثقافاتها دون اللجوء إلى اللغات الأخرى، ونحن أيضا إذا أردنا أن نتطور لا بد من إعطاء قيمة للغاتنا وثقافاتنا، لا بد أن نعود إلى دواتنا. فلنجرب مرة أن نعطي لها قيمة.تحدّ سياسي: حيث تواجه اللغة الأمازيغية إقصاء وتهميشا في الميدان السياسي ومنع التكلم بها في المؤسسات السياسية كالبرلمان والمحاكم، وهذا ما يذكرني بنائب برلماني في العام الماضي حين بدا يتكلم باللغة الأمازيغية في البرلمان لأنه ينحدر من وسط كله أمازيغي، ومنع من التكلم بلغته وأنا هنا لا ألوم النائب البرلماني عن ذلك لأنه يريد أن يوصل رسالته ويتحدث عن هموم ومشاكل شعب لا يفقه من اللغة العربية شيئا وهذا يبقى سبب ترشيحهم له. لنصطدم بعد ذلك من طرف وزير الداخلية بحل الحزب الديمقراطي الأمازيغي بذريعة قيامه على أساس عرقي، وسعيه إلى التفرقة بين العرب والأمازيغ، لتبدأ اللغة الأمازيغية في مشاكل أخرى كثيرة. تلك إذن عوائق خطيرة تحول دون إعطاء قيمة للغة الأمازيغية كلغة يتكلمها غالبية الساكنة المغربية وتبقى هذه العوائق متمثلة في الذات الأمازيغية نفسها، وعائق اللغة المقدسة، واللغات الأجنبية ثم العائق السياسي، فإلى أي حد ستبقى هده التحدّيات قائمة ومطروحة؟ |
|