|
|
ظاهــــرة النّيني بقلم: عمر شكري (خنيفرة) تشهد الكرة الأرضية اليوم تقلبات مناخية غريبة وخطرة في الآن ذاته، يمكن أن نطلق عليها جنون المناخ. وتعتبر ظاهرتا النينيو ولنينيا إحدى تجليات جنون الطبيعة لأنها لا تستقر على حالة واحدة، وبذلك تقسو على بني البشر، لهذا استعصى على علماء الطبيعة التكهن أو التنبؤ بحالة المناخ؛ وهذا الجنون قد طال كذلك مجال الصحافة من خلال طفو ظاهرة في منتهى الخطورة، تأتي على الأخضر واليابس: إنها ظاهرة النّيني التي تثير زوابع فنجان عبر هرطقات "شوف تشوف". لست في حاجة إلى تسليط الضوء على ظاهرتي النينيو والنينيا لأنهما غنيتان عن كل تعريف وسأكتفي في هذه المقالة بالحديث عن ظاهرة مثيرة وخطرة لأنها تحدث في عمود كل "مساء" لتفسد علينا بوقاحتها المعهودة لذة النهار. قديما قيل: «اللسان ترجمان العقل». ولنقل القلم ترجمان الفكر ويقال كذلك الكأس تنضح بما فيها، وهذا ليس عيبا فمن خلال قراءتنا لبعض المقالات نستشف بجلاء بعض قناعات الكاتب الفكرية والفلسفية والإيديولوجية أو الدينية... فنخندق صاحبها في صف الماركسيين بكل تلاوينهم، أو في صف الليبراليين أو الظلاميين... المهم أنك تستطيع أن ترسم ملامح هويته وتحدد معالمها. بيد أن مقالات رئيس تحرير جريدة "المساء" تصر على خرق هذا القانون وعلى تكسير هذه القاعدة، فمن خلال متابعتي لبعض وقاحاته "الصحفية" بدا لي أن قلم صاحبنا مستعص عن التحديد والانجلاء، فهو على درجة عالية من الحربائية، لأنه يروم إشعال حرب الكل ضد الكل، فتراه ينط من موضوع إلى آخر دون مقاربة علمية أو تحر للموضوعية. لأن هدفه غير المعلن ليس تنوير الرأي العام لكن من أجل بث الفتن والشكوك، فأنت، ومهما شحذت آليات الرصد ستنتهي بك السبل إلى شرك المتاهة بعد أن تختلط عليك الأمور وتنقلب رأسا على عقب. وصعوبة الفهم هذه بطبيعة الحال لا تعزى إلى قوة صاحبنا الفكرية والفلسفية، والتي قد تستدعي ترسانة علمية ومستوى فكريا عاليا لفك شفراته وطلاسم خطابه، بل لأمر واحد وفي غاية البساطة سآتي على ذكره بعد حين. هناك أصناف ثلاثة من الصحفيين: الصنف الأول الصحفي الملتزم بقضايا وهموم الوطن والمواطن، والصنف الثاني صحفي ملتزم بقضايا الحزب، وهناك طينة الذين يلهثون وراء المال، ويحشرون أنوفهم في كل شيء. مجمل القول، صحيح أن كتابات السيد "الصحفي" نيني تستعصي على التصنيف لكن رشيد نيني الإنسان الصحفي سهل التصنيف. إن هذا النمر الورقي، بعد أن أشهر سيفه الخشبي يمينا ويسارا عبر لعبة الإظهار بالخفي والخفي بالإظهار، حطت به سفينة التفاهة في قلاع الأمازيغية وحاول أن يدلي بدلوه المثقوب في عدد 421 /26/27/1/2008 والمعنون بـ"حالة قرف"، حيث تقمص صاحبنا جبة المواطن "الصالح" ليستنهض همم القراء وليثير عنايتهم لما يحاك ضد الوطن، وهو من "حرك" إلى إسبانيا هربا من الوطن، وما يحاك ضد المواطن، وهو الذي أطلق عليهم تسميته المشهورة "بوزبّال". بعدها ارتدى "الصحفي" جبة "القس" ليعرج إلى عالم الشواذ ثم ليستدرك الأمر ويدعونا مرة أخرى إلى الترفع عن ذلك وهو من نال قصب السبق في إثارة الموضوع إلى حد النتانة. بعدها ارتدى جبة النظام وضمير الأمة ليحرض وزير الإعلام لإشهار سيف ديمقليس ضد الصوت الحر الذي يأبى إلا أن يكون ذاته. هكذا إذن هي الظاهرة النينّنية تتقمص لكي تخلع ثم تخلع لكي تتقمص، إننا أمام كرنفال للسخافة. إن من يقتل الفلسطينيين هم أشقاؤهم الذين حاصروهم من كل الجهات، إن من يتاجر بالدم الفلسطيني هم البعثييون - وليس الأمازيغ- من خلال مفاوضاتهم المشبوهة في أوسلو ومدريد وأخيرا وليس آخرا أنابوليس. وللذكرى فقط، من احتضن الفلسطينيين المشردين في مخيم الرشيد بالعراق، بعد أن سدت في وجوههم حدود "الأشقاء"، أليست دولة البرازيل والشيلي؟ إن الإسلام الذي دعا السيد أدغرني إلى رحيله عن بلاد الأمازيغ هو إسلام الكراهية والإرهاب، الإسلام الوهابي ومن لف ملفه، الإسلام البعثي الذي تحتل فيه العقيدة الرتبة الرابعة بعد "الفتح" السياسي و"الفتح" الاقتصادي والتطهير العرقي. إننا بالقدر الذي ندين فيه من يقتل باسم اليهودية والمسيحية، ندين كذلك من يقتل قتلا ماديا أو رمزيا باسم الإسلام، كدين التسامح والتعايش،كما نرفض تحويل الدين كعقيدة سامية إلى أداة طيعة لقضاء أغراض دنيوية دنيئة. إننا سنحارب إيديولوجية معاهد الأمازيغوفوبية التي يعتبر نيني واحدا من خريجيها. ولعل من بين ما ابتكرته هذه المعاهد في مختبراتها هو جهاز الابتزاز عن بعد أو أسطورة النسب الشريف الذي بمفعوله بيعت النساء الأمازيغيات وغيرهن في أسواق النخاسة بدمشق، وبمفعوله كذلك "خُمّس" "البربر" ونزعت أراضيهم وتعرضوا للإبادة الثقافية واللغوية... وبمفعوله كذلك رشت الآلة البعثية 10000 كردي بالغازات 1984 لا لشيء سوى لأنهم ليسوا عربا، وبمفعوله كذلك قاد صدّام، أب العنصرية، الحرب المأجورة ضد الفرس، والذي قال بالمناسبة: «ما كان على الله أن يخلق ثلاثا: اليهود والذباب و الفرس». إننا سنحارب إسلام بني أمية، إسلام البعثيين القتلة، إسلام معاوية واليزيد وقرة بن شريك الذين يدشّنون المساجد والجوامع بالخمرة واللهو، والذين يردون على الناس كلما احتجوا على ذلك بقولهم: «لنا الليل ولكم النهار»، أي المجون ليلا والصلاة لعامة الناس نهارا. لقد وجهت طعنات غادرة جهارا نهارا للشعب المغربي من خلال محاولة المس بقضيته الأمازيغية، وبطريقة تستبلد بها القراء متوسلا في ذلك أسلوب استدرار العواطف والعزف على الأوتار الحساسة، وتجمع بين لحظات تاريخية جد متباعدة لتوهم القارئ بأن ما قام به شيشونك في فلسطين إنما هو وليد البارحة، ولتوقع العداوة بين الأمازيغ أنفسهم وبينهم وبين العرب، الذين بالمناسبة نكن لهم الاحترام التام أولا والإعجاب الكبير لأنهم رغم سيول الحداثة الجارفة تمسكوا بتراثهم وحضارتهم، وهو ما نصبو ونسعى إليه نحن كذلك ليس بعثا للوثنية كما يزعم أمثالك من الأمازيغوفوبيين. إن الحب هو عقيدتنا الثابتة، نحن معشر بني مازغ. و ا أحد يردنا عن هذه العقيدة. عم مساء أيها الأمازيغوفوبي وتأمل هذه الأبيات لابن عربي" لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي **** إذا لم يكن ديني إلى دينه دانو قد صار قلبي قابلا كل صورة **** فمرعى لغزلان ودير رهبـــــــان وبيت لأوثان وكعبة طائــــــف **** وألواح توراة ومصحف قرآن أدين بدين الحب أنّى توجهــــت **** ركائبه، فالحب ديني و إيمانـــــي
|
|