|
|
حوار مع
الشاعر الأمازيغي "سعيد الفراد"
حاوره: سعيد بلغربي تمهيد: محاورنا في هذا العدد شاعر أمازيغي، شغفه الشعر منذ طفولته، فتسلل الإزري إلى اهتماماته ومواهبه الإبداعية المختلفة. ـ سعيد الفراد، من مواليد 15/12/1987 بقبيلة آيث أوليشك، وبالضبط بين أحضان جبال الريف "بسوق نـرحد" دوار إمحموذن، له اهتمامات متعددة تجمع بين الرسم، كتابة الشعر الأمازيغي والمسرح ومهتم بالقضايا الفكرية، وبالتراث والأنتروبولوجيا الأمازيغية... ـ شارك في العديد من اللقاءات الشعرية التي تنظمها الحركة الأمازيغية بالريف، كالملتقى الأول للشعر الأمازيغي المنظم من طرف لجنة قاضي قدور بالناظور سنة 2001 إضافة إلى عدة لقاءات أخرى نظمها إتحاد طلبة المغرب موقع وجدة. ـ في أوائل سنة 2003 أسس رفقة بعض المهتمين بالمسرح فرقة للمسرح تدعى "تسضما ن بويا ن أمزكون" والتي قدمت عدة عروض في آيت طيب بجمعية بويا. -ترجم إلى الأمازيغية ديوان: "مارية: مدارات النقطة الحمراء" للشاعر عبد القادر الطاهري. - نشرت له مجموعة من الإبداعات الأمازيغية في جرائد محلية، كما ساهم في تأطير ورشات تعليمية في اللغة الأمازيغية داخل مقر جمعية بويا طيلة سنتي 2005-2006 وأطر ورشة تكوينية في المسرح لفائدة مواهب محلية. - عضو بجمعية "بويا للثقافة والرياضة والتنمية" بآيث طيب. ـ صدر له مؤخرا ديوان شعري أمازيغي تحت عنوان: "تيكسث ن وور". سؤال: سعيد الفراد، اختار الشعر كرسالة إبداعية، لماذا الشعر الأمازيغي بالذات؟ جواب: في البداية اسمح لي أن أحييكم عن الجهود التي تبذلونها في سبيل التعريف بالمبدعين والمبدعات الأمازيغ، نعم قبل أن أجيب على سؤالك هذا، دعني أستحضر أولا وقبل كل شيء مقولة لسارتر: "الشعر غضروف عجيب لا وجود له إلا في الحركة"، من هنا سندرك حتما مغزى اختياري للشعر الأمازيغي بالضبط، دون غيره، بحيث إذا برهنت على أن الحياة تساوي الحركة، فأكيد أن واقع الأمر بالنسبة لربط إيحاءات هاته المقولة من باب دلالة الحركة على الحياة، سيجرفنا التفكير صوب الإقرار بأن الحياة التي تعكس هنا واقع كينونة الشعر والشاعر معا على حد سواء، هي روح يضفيها كنه الثقافة والموروث الحضاري، والتنشئة في ظل الأعراف والطقوس والتقاليد المختلفة، وأنا أعتقد بناء على الاحتكام إلى هذا بأنه لا وجود لشاعر خارج أسوار لغة ثقافته على خلاف الأجناس الأدبية الأخرى، إلا بالضرورة القصوى، بحيث لا أعتقد أن الشاعر الإغريقي "هوميروس" قد كتب شعره بغير اليونانية مثلما نجد أبونواس والمتنبي وإمرىء القيس... لم يكتبوا بغير لغتهم العربية، وكذلك الحال بالنسبة للحداثيين الذين يمثلون الاتجاهات الأدبية الأخرى، أمثال "محمود درويش" والفرنسي "فيكتور هيكو" على سبيل المثال... بالنسبة لشخصي أجد في مقدمة ما يدلل كتابتي الشعرية بشكل بهيج هو أن أتواجد في حقول ربوع نشأتي، سارحا النظر، ومتجولا في أنحاء التراث الأمازيغي، لدرجة يعسر فيها علي أن أتنفس عبق شعر بغير أمازيغيتي الأم، بالرغم من كوني أكتب حتى بالعربية في الأجناس الأدبية الأخرى كالرواية والقصة القصيرة... فأضع خلاصة لإجابتي على سؤالك، وأقول كما قال الرسول(ص) ومن الشعر لحكمة. س: الشعر الأمازيغي له مكانته العميقة في الثقافة الإبداعية بالريف، في نظرك هل استطاع الشاعر الأمازيغي أن يساهم في التغيير؟ ج: نعم من الطبيعي أن يكون الشاعر الأمازيغي قد ساهم في التغيير، أحب أن أسميه بـ "مازوز نـ يماس"، فمن الملاحظ، استنادا إلى مؤشرات طالعتنا به بعض القراءات الكرونولوجية لسيرورة نشأة الحركة الأمازيغية، اتضح على أن الشاعر حمل مشعل التعبير عن القضية الأمازيغية مبكرا، مع سقوط الشعر في شرك غرام الإبداع الموسيقي، بعدما تزاوجا لميلاد رسالة إبداعية بأنفاس نضالية ملتزمة، تحمل هم التعبير عن الكثير من المشاكل والمعاناة التي تؤرق الإنسان الأمازيغي داخل واقعه المعاش، في ظل شعوره بالاغتراب الزماني والمكاني، وغياب الحقوق الطبيعية والمدنية والثقافية، وفي هذا الاتجاه سار الشاعر الأمازيغي نحو معانقة المنصة في طليعة النضال من أجل تحقيق مشروع التغيير الذي تبنته الحركة الأمازيغية، فحاول إيصال خطابه للمتلقي من خلال القصيدة، قاصدا إثارة انتباهه إلى حقوقه، وتحسيسه بقيمته كإنسان له حقوق وواجبات تجاه وطنه ومن ثم هويته. س: ينتقل الشعر الأمازيغي بالريف من طبيعته الشفاهية إلى الكتابية، في رأيك هل القصيدة الأمازيغية مازالت مطلوبة شفويا أكثر مما هي كتابيا؟ ج: هذا السؤال مهم ووجيه للغاية في الوقت الراهن، لذلك سأكون متأنيا في الإجابة عنه حتى لا أكون فضفاضا في تقديري، فعلى ما يبدو أن ضجة الإعلام الرقمي والمنتوجات التيكنولوجية قد أشرفت بسلطتها القهرية على تحقيق اكتساح محقق على ما هو أصيل، على الأقل تعودت حواس المتلقي في مناحي رئيسية ما على استساغة كل ما هو جاهز لا يتطلب بذل الجهد والعناء، فوصل ذلك حد التأثير على بعض الجوانب الأخرى التي كانت آمنة، بالنسبة لمكانة القصيدة الأمازيغية أرى أنها رضخت بسرعة لمثل هاته الزوبعة اللعينة وعوامل أخرى محفزة تدفع بها لأن تكون مطلوبة ومقبولة شفويا أكثر منها مكتوبة... وأحب أن أنبه هنا إلى نقطة حساسة سبق لي أن أشرت إليها في عدة مناسبات وهي أنه إذا كنا نتصور بأن الشعر الأمازيغي ينتقل من طبيعته الشفهية إلى الكتابية فعلينا أن نتصور بأن تحولا مهما بدأ يعرفه شكل (ومضمون) القصيدة ليتكلل ذلك مثلا بتلافي التقرير وحده وبروز الإيحاء ثم الاستغناء عن القافية الموحدة وتبني التنوع والنثر والجرس أيضا، المطلوب بالنسبة لهذا التحول العام الذي يمكن اصطلاحه بالتطور، أن تخرج الدواوين التي لم يتم طبعها لأسباب مادية إلى حقل النشر حتى نحقق شروط خلق أفق إيجابي للأدب الأمازيغي قبل أن يتم محاصرتها في (تجاوزات) النمط الجديد من الكتابة المعتمد من طرف الشعراء الذين ربما سيتغاضون عن نشر دواوينهم السابقة. س: أصدرت مؤخرا ديوانا أمازيغيا تحت عنوان: "ثيكست ن وور"، هل بالإمكان أن تحدثنا عن ظروف ميلاد هذه المجموعة الشعرية؟ ج: لقد كانت رغبة خروجه إلى حقل النشر وليدة إصرار أحد أفراد عائلتي (مصطفى بنوه) وهو مهتم بالأمازيغية ومقيم بالخارج، إذ طالبني بالتكفل بنشره في هولاندا على نفقته الخاصة، فوافقت، ثم تراجعت بعد ذلك حينما واجهت بعض الصعوبات، ثم حثني مرة أخرى أصدقاء درب الكتابة والأخوة مشكورين جميعهم من بينهم العزيز عبد القادر الطاهري ورشيدة المراقي، كما يرجع الفضل كذلك أيضا للروائي الأمازيغي محمد بوزكو. س: ساهمت الجمعيات الأمازيغية بالريف في بروز عدد من الشعراء الشباب، ماذا قدمت هذه الجمعيات للشاعر سعيد الفراد؟ ج: بالنسبة لي أجد مسألة دخولي في متاهات الشعر رسميا لا يعدو أن يكون إلا من باب "جمعية بويا للثقافة والرياضة" منذ سنة 1999، التي كانت بريد خروجي إلى حيز الوجود، ففيها تتلخص كل تفاصيل ظرفية صقل موهبتي وصراعها مع الموت الذي كان سيداهمها، مثلما كان دوما يداهم كل مواهب "آيث ؤوريشك" تحت سقف غياب أبسط المرافق العمومية كدار للشباب إضافة إلى عوامل أخرى لا يتسنى المقام لذكرها جمعيا... س: أعتقد أنه لكل تجربة شعرية تأثيرات، بالنسبة لك كشاعر أمازيغي، ما هي الاتجاهات الشعرية التي تأثرت بها؟ ج: سؤالك هذا سيحيلني الى إجابة بسيطة، يمكنني أن أعطي فيها شيئا طريفا حسب ما يلي: Sebban, sebban a yemma Sizegh, sizegh ahenna Am ucegh duru duru Am arenyegh oacra duruTafunast texs atvaru Tyazvit texs atesvdvu فهاته المقاطع الشفهية التي هي من إبداع أطفال مدشري، هي التي رسمت لي الطريق نحو الشعر، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على أنني تأثرت بالاتجاه الكلاسيكي ـ للإزري - قبل كل شيء، قبل أن ينتهي بي المطاف إلى التأثر بالاتجاه الرومانسي: أبو القاسم الشابي، محمود درويش وفيكتور هيكو، مرورا قبل ذلك بالشعراء الأمازيغ المحليين الذين احتككت بهم عن قرب وأولهم الشاعر المتميز عبد الحميد اليندوزي، بنعيسى الرشدي، نجيب اليندوزي... الخ. س: في كلمة أخيرة، ما هي التحديات والواجبات الأساسية التي تراها ضرورية للدفع بعجلة الحركة الإبداعية الأمازيغية إلى الأمام؟ ج: على الجمعيات المهتمة بالشأن الأمازيغي أن تولي اهتمامها للشعر والأدب الأمازيغي عموما، لتعزيز مكانته والرقي به إلى مستويات أفضل، ثم إنه على المبدعين جميعا المساهمة في خلق إطار تنظيمي لتسوية الصفوف والنظر من خلاله إلى مستقبل الإبداع بالريف قصد توفير قوانين الدفاع عن حقوقهم. إننا لا زلنا نرى مظاهر الاستخفاف مجسدة أمامنا، مثلا كعدم منح فرص الدعم للمبدعين في نشر إنتاجياتهم من طرف وزارة الثقافة مثلما تتجاوب مع الإبداعات المكتوبة بالعربية، وهذا يجعلنا نحس بأن الإقصاء الذي كان فيما مضى قائما تجاه صوت الإبداع الأمازيغي لا يزال ساري المفعول وممنهجا حتى في الحاضر. وتانميرت. (حاوره: سعيد بلغربي 10ـ 01ـ2008، Amazigh31@hotmail.com )
|
|