ساكنة
الجنوب الشرقي، جنسية مغربية مع وقف التنفيذ
بقلم: مصطفى جليل/ قلعة مكونة
أتت دعوات مقاطعة الانتخابات التشريعية الماضية في الجنوب الشرقي منذ مدة طويلة،
قبل أن يأتي التنفيذ يوم الاقتراع 07 شتنبر 2007، فخرج السكان في كافة مناطق الجنوب
الشرقي، لينددوا بسياسة الإقصاء والتهميش التي يعانون منها منذ سنين، نتيجة تصنيفهم
ضمن "المغرب غير النافع"، الاسم الذي أطلقه الاستعمار على هذه المناطق، وكرسه
المخزن المغربي بحكوماته المتوالية، منذ الاستقلال أو "الاحتقلال" كما يحب البعض
تسميته، أتت المقاطعة إذن لإسماع صوت سكان الجنوب الشرقي وتقديم مطالبهم التي لا
تتعدى الشروط الأساسية للعيش. فأبرز مطالب ساكنة الجنوب الشرقي، "تلمي" ب "مسمرير"
نموذجا هي توفير الأطر الطبية اللازمة في المركز الصحي شبه المهجور، إيصال الطرق
ووسائل النقل، تجهيز المنطقة، إضافة إلى المطالب التي يطالب بها كل أمازيغي في
المغرب وهي إنشاء قناة أمازيغية مستقلة لتمكين الشعب الأمازيغي من فهم الخطاب
السياسي وفهم ما يجري في المغرب "الحبيب"، الاعتراف بالأمازيغية كلغة وطنية ورسمية
للبلاد، دسترة هذه اللغة وفق ضوابط تضمن للشعب الأمازيغي كامل حقوقه السياسية.
كل هذه الحقوق مشروعة وعادلة، غير أن المشاركة في الانتخابات أو مقاطعتها لن يغير
شيئا من المشهد السياسي المغربي -المحاك مسبقا- والذي لا يغير شيئا من واقع ساكنة
الجنوب الشرقي الذين لطالما عانوا من الإقصاء رغم تغير الحكومات وتغير القوانين،
فالمواطن هنا ما زال يقطع المسافات الطوال من أجل تلقي العلاج وأحيانا لا يتوفر
العلاج إلا في المدن الكبرى كالدار البيضاء والرباط، الأمر الذي يجعل بعض الساكنة
يتخلون في بعض الأحيان عن حقهم في العلاج نتيجة ضعف المدخول وفقرهم المدقع الذي لا
يسمح لهم بالتنقل إلى هذه المدن. إضافة إلى مشاكل الزواج والطلاق حيث يضطر السكان ب
''تلمي'' المذكورة سابقا إلى الذهاب إلى قلعة مكونة – وكأنها أحسن حالا- من أجل
عقود الزواج أو الطلاق قاطعين بذلك الطريق الطويلة الفاصلة بين تلمي وقلعة مكونة،
الطريق التي لطالما أتت وعود رجال الاقتراع من أجل تعبيدها وتطويرها من أجل إيصال
المؤن وربط القرية بمحيطها الخارجي، الوعود التي سرعان ما تتلاشى بمرور الحملة
الانتخابية، الأمر الذي يجعل هذه الوعود مؤقتة ولا تعبر عن إرادة حقيقية في تنمية
هذه القرية ومثيلاتها من قرى الجنوب الشرقي.
هذه الأحوال السيئة التي تعيشها هذه القرى ما كانت لتصل إليها لو تم تقسيم ثروات
البلاد بشكل عادل ومتكافئ. فالكل يعلم أن الجنوب الشرقي يتوفر على عدة مناجم غنية
بالمعادن كالفضة والنحاس....، كمنجم إيميضر، منجم إيميني، تاوزايت والقائمة طويلة،
وغالبا ما نرى الشاحنات تنقل هذه الثروات إلى الخارج ولا تعود لنا بالنفع إطلاقا،
ونتساءل هنا، ما فائدة هذه الثروات بالنسبة للجنوب الشرقي إن كان سكانها لا
يستفيدون منها؟؟؟ والأمر الذي يحيرنا أكثر هو حالة الرخاء والازدهار النسبي الذي
تعيشه الأقاليم الصحراوية ومدن السلطة حيث نجد كل شيء متوفرا ونجد المواد بأثمنة جد
منخفضة (بالنسبة لأقاليم الصحراء) كأننا في مغرب آخر غير الذي يعيش ضمنه سكان
الجنوب الشرقي. وإذا كانت هناك مساواة أو حتى أدنى مستوى لها لكان هناك شبه تكافؤ
للفرص ليتم بناء المستشفيات وتعبيد الطرق ومراعاة القدرة الشرائية لمواطن الجنوب
الشرقي، وذلك وفق الثروات التي تنتجها أرضه التي لطالما دافع عنها من أجل تحريرها،
ووفق الحالة الغير المتكافئة التي يعيشها المواطنون في هذه البقاع. تساءلت وما زلت
أتساءل هل نحن أيضا مغاربة بكل ما تحملها الجنسية من معنى أم أننا مغاربة مع وقف
التنفيذ؟؟
|