| |
مصريون:
نحن لسنا عربا، والعربية ليست لغتنا الأم
بقلم: سعيد بلغربي
بعد النكسات المتتالية التي عرفها المد العروبي القومي مرورا بما يعرف بهزيمة 67
الشهيرة ووصولا إلى نكسة العراق الدموية، أصبح الوعي الإنساني بالهوية والانتماء في
الدول الغير العربية يتجذر ويتجدد بقوة من خلال مجموعة من المبادرات الفردية
والجماعية الداعية إلى التخلي عن الإيديولوجية العروبية باعتبارها فكرا هداما
ودخيلا يمتهن ويؤمن بالوصاية والهيمنة والاستعمار ونحر لذيذ ومستمر للهويات
والقوميات الغير العربية، والتي لم تجن منه الشعوب التي مارسته سوى الويلات
والخراب، وتتجلى هذه المبادرات من خلال الدعوة إلى تأسيس إطارات ثقافية وسياسية
وحقوقية والانخراط الصريح الداعي بالعودة إلى الأصل والهويات الحقيقية لهذه الشعوب.
كان جمال عبد الناصر يقف كأحد أعمدة ورموز القومية العربية في مصر بلباسه العسكري
كزعيم ثوري لم يخلق مثله في البلاد، يركع تحت أقدام ديكتاتوريته شعب كامل، هذا
الأخير الذي حكمه بقبضة من فولاذ، وهو يروج مبشرا بالدين الجديد الذي هو القومية
العربية عبر مكبرات راديو صوت العرب موجها خطاباته إلى "الأمة العربية" من الماء
إلى الماء، مستهلكا لمعجم عبارات رنانة استطاع من خلالها أن يؤسس، إلى جانب قوة
الرصاص والمقصلات، فكرا قوميا على حساب الانتماء المصري للمصريين، إلى أن أمست هذه
المنطقة قلعة من القلاع الحصينة للقومية العربية وعلى أراضيها تقبع بناية الجامعة
العربية المشبوهة باعتبارها أخطر جامعة مبنية على أسس عرقية في العالم، والهادفة
إلى تأسيس كيان عربي موحد بأغلفة ديموقراطية هشة على حساب هويات الشعوب الأخرى. ومن
خلال أبوابها وأبواقها خرجت كل تلك السموم الداعية إلى السجود للعروبة باعتبارها
ركنا سادسا من أركان الإسلام، فتسلحت بالمقدس والمدنس لبناء إيديولوجياتها الهادفة
إلى تحنيط الجميع بالعروبة أرضا وماء وإنسانا...، الخطاب الديني من جهته يعلم
للأبناء أن النبي الكريم محمد (ص) عربي وكل من أهان العرب أهان الرسول العربي...
وأن كل من تكلم العربية فهو عربي وأن لسان أهل الجنة عربي وغيرها من الأفيونات التي
تزعمها وتزرعها هذه الفئة من العروبيين في كتب المدارس تغذي بها عقول الأبرياء من
أطفالنا بدون حسيب ولا رقيب، إلى جانب ما تروجه بشكل يومي ومستمر من أساطير عروبية
في وسائلها الإعلامية المحسوبة على إديولوجياتها، الممولة بشكل لاشرعي من جيوب
الشعب الذي يؤدي رغما عنه ضرائب إجبارية غير قانونية يساهم بها في وأد وقتل وتمزيق
شخصيته وهويته وتاريخه الحقيقي بطرق غير مباشرة.
ومنهم من تسلحوا بالمدنس، لفرض قوتهم فخلقت عسكرتهم مليشيات بعثية تتباهى بعدد
سجونها وسجانيها الأبرياء وتعمل على اغتصاب وقطع ألسنة ورقاب كل من تجرأ على أن
يكون مختلفا، أو يدعي الانتماء إلى جلباب غير العروبة التي بالأرواح والدماء
يفدونها ليلا ونهارا.
من المصريين من بدأوا يستفيقون من سباتهم العميق وعرفوا أن السر في تخلف بلادهم
راجع بالأساس إلى انسياقها وراء الفكر القومي العروبي، ومن المؤكد أن حضارتهم
الفرعونية التي لم يجد الفناء إليها سبيلا لو كانت مبنية على فكر يشبه في الأساس
الخطاب العروبي البعثي لاندثرت في المهد كحبات الرمل في البيداء، لكن الفكر
الفرعوني الراقي كان واعيا بقضية الانتماء ورد الاعتبار للهوية واللغة الفرعونية
وذلك من خلال ما تبينه تلك الحضارة الصامدة في وجه التعب والفناء، إلى جانب ما
تؤكده الدراسات الغزيرة في هذا الشأن والمتعلقة أساسا بالهوية الفرعونية واللغة
الهيروغليفية المحفوظة بإتقان في البرديات وفي آثار النقوش الفرعونية الكثيرة.
مصر مصرية وليست عربية:
حول إشكالية استعمال اللغة العربية في مصر، يؤكد الكاتب المصري فتحي سيد فرج في
مقال له نشر بصحيفة "الحوار المتمدن" الرقمية عدد 2064، تحت عنوان "ازدواجية اللغة
وازدواجية الانتماء" أن المصريين يضطرون للحديث والكتابة بلغة غير لغتهم الأم، هذا
ما يجعلهم في مشقة دائمة بدءا من دخولهم المدرسة لتعليمهم لغة غير لغتهم القومية.
ويقول مواصلا كلامه: من الصعب إنكار أن غالبية المصريين لا يجيدون استخدام اللغة
العربية المسماة بالفصحى سواء في النطق أو الكتابة، فبعد سنوات طوال من التعليم
بمراحله المتتالية يعجز عدد كبير منهم عن نطق حروف (ث، ذ، ض) بإخراج اللسان، مثلما
ينطقها المتحدثون بها في الجزيرة العربية والعراق وبعض بلاد الشام. ويرى أن العربية
الفصحى فرضت على المصريين وهي بالتأكيد ليست لغتهم الأم نظرا لاختلاف قواعدها مع
اللغة المصرية المتداولة، في النحو، أي كيفية تركيب الجملة، وتصريف الكلمات، وطريقة
نطقها من خلال وحدات صوتية مغايرة، مستندا في ذلك إلى أراء علماء اللغة في هذا
الشأن.
وعن العروبة في مصر يقول الكاتب والسيناريست المصري المعروف أسامة أنوار عكاشة: "مصر
مصرية وليست عربية، وأن الأمة المصرية هي المجموعة البشرية التي وجدت في هذا المكان
من قبل العصور التاريخية". وحول نشأة أوهام الوحدة العربية يضيف عكاشة قائلا: "الوحدة
العربية بدعة أخترعها أثنان من جواسيس بريطانيا هما لورانس العرب وعبد الله فيلي
حيث قاما بإقناع الشريف الحسين عشية الحرب العالمية الأولى بأنه سيكون ملك العرب
إذا ساعد بريطانيا وأعوانها ضد الحكم العثماني. لكن بعد الحرب جاءت إتفاقية سايس
بيكون التي قسمت المنطقة. وبمرور الوقت تبلورت أفكار حزب البعث وحركة القوميين
العرب الداعية إلى القومية العربية والوحدة بين جميع الدول العربية لكن ظلت عاجزة
على الانتشار إلى أن جاء عبد الناصر الذي كان البطل الذي يسعى إلى هذه الوحدة لا
سيما بعد مأساة ومقلب الوحدة مع سوريا التي أستمر 3 سنوات وفشلت لأن مقومات الوحدة
غير موجودة".(مرجع: متابعة إسحق إبراهيم، مجلة الوطن الرقمية).
في نفس الصدد يقول سامي حرك وكيل مؤسسي حزب "مصر الأم" في مقالة له تحت عنوان (رداً
على النكساويين: نعم.. مصر ليست عربية) والمنشورة في مدونته الشخصية على الإنترنيت:
العرب إخواننا وأخواتنا، جيراننا وجاراتنا، أصدقاؤنا وصديقاتنا، هموم كثيرة وأحلام
عديدة ومصالح مختلفة بيننا مشتركة، لكننا مصريون، وهم عرب، لا نريدهم أن يقولوا عن
أنفسهم مصريون، ولا نقبل أن يقال عنا أننا عرب !!!
(سعيد بلغربي
Amazigh31@hotmail.com)
|