|
عيد الشغل بالمغرب، عيد للعرب والعروبة بامتياز بقلم: زهرة أكازو تحتفل الطبقة الشغيلة بيوم عيد الشغل الذي يزامن فاتح ماي من كل سنة حيث تخرج هذه الطبقة في مسيرات نضالية تطالب من خلالها بحقوقها وتندد بالسياسية الاجتماعية للدولة. يوم فاتح ماي، يوم ليس ككل الأيام. ففيه تدلل الدولة شعبها وتترك له المجال ليحتج ويشكي همه وحقوقه المهضومة، يطرح فيه مكبوتات السنة. وبانتهاء ذلك اليوم ترجع ريمة لعادتها القديمة، فالدولة تعاود سياسة القمع والتهميش، والشعب يعاود الصمت من جديد منتظرا فاتح ماي للسنة الموالية لإعادة نفس الأحداث وتكرار نفس السيناريو. دعوني إذن أسرد عليكم مشاهد من مسيرة الدار البيضاء التي حضرتها، علكم تشاركونني تلك اللحظات الهزلية التي استثارتني وأنا أتابعها. إلا أنها تركت في نفسي حزنا عميقا على مصير هذه الأرض التي تتكلم جذورها لغتها الأم الأمازيغية. هنا بمدينة الدار البيضاء كان موعد طبقتنا الشغيلة بمسيرة عروبية قومجية مائة بالمائة، مسيرة تدين العدو الصهيوني وتعلي راية فلسطين والعراق حتى لتتخيل نفسك في مسيرة ببغداد أو رام الله أو غزة، فبوصولي للموقع المخصص للمسيرة دخلت ذلك الحشد باحثة عن أصدقائي بالحركة الأمازيغية، فجأة انبعثت أصوات موسيقى مارسيل خليفة وهو يغني " منتصب القامة أمشي، مرفوع الهامة أمشي" ممتزجا بصوت فيروز تنادي في الناس "لأجلك يا مدينة الصلاة أصلي". وها هي ذي أعلام فلسطين تتبعها أعلام العراق ترفرف عاليا في سماء غير سمائها. اختلط عندي الحابل بالنابل، وفي لحظة وقفت مشدوهة وخالجني إحساس بالغربة وسط ذلك الكم الهائل ممن يدعون العروبة ويحصون أمجاد العرب بمقال في غير مقامه. دخلت تلك المسيرة في محاولة للتفاعل مع الموقف، وبصعوبة عثرت على أصدقائي في تجمعهم الخاص يستعدون لرفع شعاراتهم. وهنا الطامة الكبرى. فمع دخولهم المسيرة وظهور العلم الأمازيغي واللافتات الأمازيغية وحروف تيفناغ انهالت علينا اللجنة المنظمة للمسيرة بالسب والشتم تأمرنا بنزع الأعلام بدعوى أننا دعاة تفريق وأن حرف تيفيناغ الذي يتوسط العلم هو رمز للصليب، بل وأن لا حق لنا برفع شعارات ولا لافتات، وبعد أخذ ورد دام أكثر من ساعة، أثار انتباهي نزاع آخر، هذه المرة ليس بين صفوف ايمازيغن، ظننت في البداية أنها اللجنة المنظمة تطرد غيرنا من المسيرة، حاولت في عبث الاقتراب فإذا بذلك النزاع يتحول إلى تهافت وخصام لا لشيء إلا لحيازة بعض الأعلام الفلسطينية والعراقية، وقفت مندهشة أمام ذلك الموقف الغريب، هو إذن ليس نزاعا بل تهافتا على أعلام فلسطين والعراق رغبة في ضمها وتنديدا بهضم حقوقها والبكاء على مصائرها. تخيلوا معي العلم الأمازيغي يؤمر بنزعه وتنحيته والأعلام الفلسطينية والعراقية ترفرف عاليا، بل ويتنازع من أجل حيازتها. هول الصدمة أثار في نفسي الرغبة في الضحك، رغم أن الضحك في حد ذاته لم يكن إلا تخفيفا لهول المصيبة وشدة الحزن على ضحايا التعريب وشبح القومجية، لكنني أخفيته في محاولة ثانية للتفاعل مع تلك المواقف. رجعت في سرعة إلى أصدقائي وعانقت بدوري علمي الأمازيغي مستعدة من أجله كل الاستعداد أجتر شعارات لطالما رددناها إلا أن الحال يبقى على ما هو عليه في هذه الدولة "دولة الحق والقانون". مشهد آخر أريدكم أن تستسيغوه معي، ففي زحمة ذلك المكان، اقترب أحد أولئك المنظمين إلى مكونات الحركة الأمازيغية طالبا منها الكف عن الشعارات معربا أن السيد الأموي رئيس الكونفدرالية الديموقراطية للشغل سيلقي كلمته حول المسيرة، سكتت وكلي شوق لسماع ما سيلقيه الأموي، وبينما هو يسرد علينا مسيرته النضالية ويتحسر على مصير العرب وشهديهم المعدوم ويحثهم على الصمود والمواجهة، عاود المنظم الظهور وسط الحشد الأمازيغي الذي كان يزداد بشكل هائل، ولسان حاله يسب ويشتم آمرا إيانا بنزع لافتة كنبت عليها لا للتعريب لا للإرهاب مهددا إيانا باستعمال الهراوة إن لم نذعن لأوامره. الحقيقة أن اللافتة لم تنزع ولم ينزع معها أي علم أمازيغي، بل سرنا مرفوعي الرأس في المسيرة منددين بسياسة العنصرية والقمع التي ينهجها مرضى انفصام الشخصية، مرضى القومجية والعروبية، رددنا شعاراتنا وانضمت إلينا حشود من الأمازيغ، نساء وأطفالا رددوها معنا، وفي صمت داخلي وأنا أرى ذلك الحب الذي يكنه ايمازيغن لأرضهم بفطرتهم قبل وعيهم، تبتت خطاي إلى جانب زملائي وفي قرارة نفسي تذكرت شعارا لطالما رددته في لحظات مؤثرة كتلك: AFUS GH UFUS TANKRA ATTERZ ULA TKKWNA
|
|