|
تمخض الجمل وولد فأرا بقلم: موحى حدا عقد حزب الطليعة "الديمقراطي" مؤخرا مؤتمره السادس تحت شعار: مواصلة النضال من أجل ديمقراطية حقيقية ومجتمع عادل ومتحرر. ويأتي هذا المؤتمر في إطار التحضير للانتخابات التي ستجرى بالمغرب في شهر شتنمبر القادم. وقد أصدر المؤتمر بيانا ختاميا ضمن مواقف هذا الحزب في مجموعة من القضايا الوطنية والإقليمية والدولية. ما أثار انتباهي خلال اطلاعي على ما تضمنه البيان هو الموقف الجديد والمفاجئ لهذا الحزب العروبي بكل المقاييس من قضية عادلة ومشروعة، ألا وهي القضية الأمازيغية. أقول الموقف الجديد والمفاجئ لأن هذا الحزب كان معروفا في الوسط السياسي المغربي بعدائه الشديد للمطالب الأمازيغية المشروعة، شأنه في دلك شأن جل التنظيمات السياسية والحزبية المغربية. وهل يمكن أن ننسى موقف أحد قياديه من إدراج المطالب الأمازيغية في البيان الختامي لمؤتمر إحدى التنظيمات الحقوقية الدولية الذي عقد آنداك في الدار البيضاء، حيث كان الوحيد الذي رفض ذلك بين كل المؤتمرين مما أثار استغراب هؤلاء من موقفه الغريب والغير المبرر. وما جعلني أيضا أصف موقف هذا الحزب من الأمازيغية بالجديد والمفاجئ في نفس الوقت، هو أنه إلى الأمس القريب كان هذا الحزب يتهم المناضلين الغيورين على القضية الأمازيغية بالعمالة للغرب، كما يعتبر هذه القضية الوطنية قضية رجعية ومؤامرة، وفق التفكير العروبي لهذا الحزب، امبريالية وصهيونية لضرب "الوحدة العربية" وتمزيق "الوطن العربي" (القارة السادسة الموجدة في مخيلة العروبيين)، هذا "الوطن" الذي يهابه الغرب نظرا لتقدمه العلمي والحضاري وتطوره العسكري، فبدأ هذا الغرب المسكين والمغلوب على حاله يسخر القضايا العادلة والمشروعة كالقضية الأمازيغية والقضية القبطية وكذلك القضية الكردية...، لتمزيق وتشتيت هدا "الوطن" العتيد: أساطير وتخاريف. إن الموقف الجديد لحزب الطليعة "الديمقراطي" لا يرقى إلى مستوى مشروعية القضية الأمازيغية ولا إلى مستوى تطورات الملف ألمطلبي الأمازيغي، لا على المستوى الوطني ولا الإقليمي ولا الدولي. إذ يعتبر هذا الموقف موقفا رجعيا لحزب يعتبر نفسه دائما تنظيما تقدميا، فأين هذا التنظيم من مبادئ التقدمية والديمقراطية مادام لا زال يعيش في ظلمات أفكاره القومية المقيتة التي تمنعه من إعطاء موقف تقدمي وعقلاني من قضية هي السبيل لخروج وطننا العزيز من أزماته المتكررة. فموقف هذا الحزب الجديد المتمثل في المطالبة بدسترة الأمازيغية كلغة وطنية في الدستور على أساس أنها لغة وطنية فقط هو تحصيل حاصل وليس موقفا، إذ أن اللغة الأمازيغية لغة وطنية بحكم التاريخ والجغرافية وبحكم التخاطب اليومي بها من طرف أغلب المغاربة، ويعني المطالبة بدسترتها كلغة وطنية فقط أن الذين يتكلمون بهذه اللغة وهم السواد الأعظم من الشعب المغربي، رغم أنف الحليمي ومندوبيته، ليسوا وطنيين ويحتاجون إلى الدستور كي يقر وطنيتهم في وطنية لغتهم. إضافة إلى كل هذا فإن الموقف الذي جاء به المؤتمر السادس لحزب الطليعة يأتي في إطار التحضير للمشاركة في الانتخابات القادمة، خاصة إذا عرفنا أن الحزب قرر أخيرا خوض غمار الانتخابات. إذن فإن موقفه هذا جاء فقط للاستهلاك الانتخابي الذي تتسم به جل الأحزاب المغربية، وسميته موقفا استهلاكيا انتخابيا لأنه يرمي فقط إلى كسب أصوات الناخبين ودغدغة عواطف الأمازيغي للفوز ببعض المقاعد البرلمانية، والتي نعي جيدا ماذا يعني الفوز بها في هذا الوطن المغلوب على أمره. وهذا الموقف ليس بموقف مبدئي ولا هم يحزنون، إذ سيتغير رغم رجعيته بانتهاء الفوضى الانتخابية. ففي قراءة الجملة المدرجة فيها الأمازيغية سيتبين انه موقف لدغدغة العواطف وليس موقفا يأتي عن قناعة ساسة هذا الحزب بمشروعية وعدالة القضية الأمازيغية، ولك أيها القارئ واسع النظر في هذه الجملة: "... ودسترة كل الحقوق الثقافية واللغوية، خاصة الأمازيغية باعتبارها لغة وطنية" وقد صدق من قال "تمخض الجمل وولد فأرا". (تنغير في 10/04/2007)
|
|