|
الفتنة بين النوم والإيقاظ بقلم: علي موريف دافعنا إلى تناول هذا الموضوع هو تنامي العديد من النداءات والكتابات والكاريكاتورات على أعمدة بعض المنابر الصحفية، متهمة النشطاء الأمازيغ بالوقوف وراء محاولات إيقاظ "الفتنة" بين المغاربة وخاصة الناشط وزعيم الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي أحمد الدغرني الذي تناولته جريدة "المساء" اليومية في أحد أعدادها بالصورة والتعليق... هذا بالإضافة إلى ما جاء في عمود "الحقيقة الضائعة" في أحد أعداد جريدة الأسبوع الصحفي لمصطفى العلوي... وهذا لا يعني أننا ضد حرية التعبير والرأي والصحافة، لكن إننا نحن الآخرين لنا رأينا في الفتنة المزعومة. إن تنامي هذا النداء/الخطاب في الآونة الأخيرة يبرره، في اعتقادي الشخصي،إحساس البعض بأن الأمازيغ بدأوا يسترجعون مكانتهم وحضورهم المتميز بين الأمم والحضارات كما كانوا من قبل وكما ألفهم الجيران قبل أن "يستعبدهم" الدخلاء المارقون المتجبرون فوق أرضهم، مستغلين بذلك ثرواتهم البحرية والغابوية والمعدنية... دون الاعتراف بهم كشعب أو على الأقل كإنسان يستحق العيش والكرامة والحرية كما تقر يذلك كل الشرائع والمواثيق والأعراف. إن مناقشة مختلف القضايا المصيرية للشعب الأمازيغي جعل المتشككين من أصل الشعب المغربي يهرولون ويقيمون الدنيا ولا يقعدونها متهمين النشطاء الأمازيغ بمختلف الاتهامات المجانية التي نعتقد أنها لن تنال من قناعاتهم ومبادئهم شيئا، متشككين من رموزهم وموروثهم الثقافي والحضاري (انظر ما كتبه مصطفى العلوي في ركن حقيقته الضائعة بجريدته الأسبوع الصحفي ليوم الجمعة 26 يناير 2007، عدد870/433 تحت عنوان"أيها الفينيقيون الجدد.. اتركوا الفتنة نائمة"). إذا كانت الفتنة تعني، بالنسبة لهؤلاء، ممارسة الحقوق الطبيعية المشروعة المتمثلة في الحق في تنظيم الشعب الأمازيغي وتوعيته وتشجيعه على ممارسة كافة حقوق المواطنة التي بدونها لا يساوي وجوده شيئا، استعدادا لخوض المعارك في المستقبل بكل الوسائل المشروعة حتى تحقيق المطالب التي يعتبر مطلب الوجود إطارها المرجعي، عبر الإطارات الجمعوية، السياسية، النقابية، الحقوقية... التي يرونها مناسبة لتحقيق كل ما يطمحون إليه. إذا كانت الفتنة كذلك، أي الدفاع عن القضايا المشروعة للشعب المغلوب عن أمره، فإنني أرحب بها وأعض عليها بالنواجذ كما لا يمكن، في اعتقادي الشخصي، أن يكون هذا الأمر مثار خلاف بين الإثنين رغم اختلافهما في الرأي والقناعات الإيديولوجية والسياسية، اللهم إلا إذا كان أحدهما يحمل فكرا استئصاليا وإقصائيا متحجرا لا يقبل الآخر. إن الحركة الأمازيغية اليوم أثبتت نفسها في الواقع اليومي للشعب المغربي بالشكل الذي لا يمكن للأعداء أن يشتتوها وأن يحولوا دون انخراط أفراد الشعب في تنظيماتها، نظرا لطبيعة فكرها الذي ينطلق من التربة المغربية مع احترام تام لواقعه والدفاع عن همومه وانشغالاته تماما عكس الذين يحملون مظلاتهم فور سقوط زخات مطرية في البلدان "الصدامية"، أقصد البلدان التي تسيطر عليها الإيديولوجية البعثية ذات الطبيعة الإقصائية. هذا بالإضافة إلى أننا كإمازيغن بدأنا في مناقشة ثروات قبائلنا التي تنهب يوما بعد يوم من طرف الشركات المتخصصة قي السرقة والنهب في منجم أفلا ن إغير بضواحي تيزنيت، في ميناء آيت باعمران بإفني، في منجم اميني، للمثال فقط لا الحصر، وأراضينا التي تعاني من مشكل الاستعمار الجديد الذي بدأ يترامى عليها في الآونة الأخيرة عبر العديد من الأساليب والحيل المتراوحة بين التهديدات بالسجن حينا والإحاطة بلغة الأرقام تفاديا للصدام المباشر مع أهالينا أحيانا أخرى مدعيا ـ أقصد المخزن ومافياته - امتلاكها مند زمان وأنها تندرج في إطار الأملاك التي يطلق عليها زورا وبهتانا "المخزنية"... كما لا يخفى على أحد ما صدر مؤخرا عن رئيس ليبيا الذي يهدد كل من يجهر بانتمائه الأمازيغي بتهمة الخيانة. أين المنظمات الحقوقية من كل ذلك؟ أين الغيورون على الإنسانية والديمقراطية؟ أين المناوئون للفتنة أين وأين...؟؟ فمعمر القدافي يحس اليوم أكثر من أي وقت مضى بأن دوره آت في القريب العاجل تماما كما سقطت أغلب الديكتاتوريات في العالم المعاصر. أنا صراحة أستغرب ما الذي ينتظره العالم من الذين ينصبون تماثيلهم في الساحات العمومية يهدف غرسها في العقول والقلوب بقوة مذكريننا بعصور ما قبل التاريخ. لكن إذا جاء أجلها لن تستقدم ساعة... ترى ما علاقة الفتنة بالسياسة وبالصراعات المتعلقة بالحكم وتدبير الشأن العام؟ ما علاقتها بالواقع اليومي للشعب المغربي أو على وجه التدقيق بالنخب المغربية، بالصحافة وعلى وجه التحديد التي تقول على نفسها إنها "مستقلة"؟؟؟.
|
|