uïïun  98, 

sdyur  2005

(Juin  2005)

Amezwaru

 (Page d'accueil) 

Tamazight

nudf vr lirkam i tmazivt, nffv d zzigs i tmazivt

Akud n izeggilen

Imazighen n umarir amazigh

Amsifadv amma hllu

Aseggûs amaynu

Français

Imazighen et le makhzen

Notre identité est amazighe

Une légende nommée Izenzaren

Tamazight, institutrice de la toponymie

Coup de coeur pou Térence

S'agit-il d'une naissance de la chanson engagée?

Festival amazigh détourné en festival arabe!!

Un legs de l'Ahidous au Sud-est

Izref est toujours d'immunisation

Communiqué du CMA

Je suis le fils de Tamazgha

Tamazight à la radio danoise

La famille Mallal expose

العربية

دخلنا من أجل الأمازيغية وانسحبنا من أجل الأمازيغية

مهرجان عمي سايس لن يذيب جليد الهوان والحكرة

الإهانة الكبرى

لعنة التاريخ وعودة المسكوت عنه

البيئة والمقدس في المنظومة الثقافية الأمازيغية

الأمازيغية والمقاربات الممكنة

وأخيرا نطق العروي

كتاب الأمازيغية للسنة الثانية: من السير نحو التوحيد إلى التراجع نحو التلهيج

تدريس الأمازيغية: سنتان من الإفشال

الاشتقاق في اللغة الأمازيغية

تدريس الأمازيغية بين القبول والرفض

الهرمينوطيقيا والخطاب الأمازيغي

تكزانت في المعتقد الشعبي الأمازيغي بالريف

تناقض الطرح العروبي بشأن عروبة الأمازيغ

الممالك الأمازيغية والحكم الروماني

المدونة: النصوص والواقع والحقوق اللغوية والثقافية

علاقة المسرح باللغة الأمازيغية

حوار مع الفنان بوستاتي عبد العالي

ملتقى تيفسا للمرأة الأمازيغية

إيناون ن تمازيغت

تانوكرا تحتضن

بيان المؤتمر الليبي للأمازيغية

إعلان نتيجة مسابقة أس نغ

بلاغ بخصوص السيد سامي فرحات

بلاغ تامونت ن يفوس

جمعية سلوان الثقافية

بيان الحركة التلاميذية بدادس

اعتقال المناضل المعتصم الغلبزوري

بيان فاتح ماي

بيان بمناسبة فاتح ماي

 

البيئة والمقدس في المنظومة الثقافية الأمازيغية
بقلم: الحسين بوالزيت أوماست

هل يمكن الحديث عن فكر إيكولوجي (أو منظومة بيئية) أمازيغي(ة) داخل طيات الثقافة الأمازيغية؟ بأي معنى يمكن أن نفهم أن الثقافة الأمازيغية تتوفر على منظومة إيكولوجية تؤطر المجتمع والإنسان والمجال في مقابل الخطاب الايكولوجي المعاصر؟ ما هي أوجه الاختلاف والائتلاف بين المنظومة الإيكولوجية الأمازيغية على مستوى الجهاز المفاهيمي المستعمل والخطاب الإيكولوجي العالمي المعاصر؟ وما هي الوضعية التي يوجد فيها الإنسان الأمازيغي في علاقته مع البيئة؟ هل هي علاقة تناقض أو انسجام مع الطبيعة؟ وهل توجد فعلا منظومة إيكولوجية أمازيغية بالمعنى الحقيقي للكلمة؟ وإن وجدت، هل السلوك الإيكولوجي نشأ لدى الإنسان الأمازيغي من منطلق الوعي بضرورة حماية البيئة؟ وهل يؤطر بثقافة بيئية داخل مجاله العمومي؟
عرف العالم في السنوات الأخيرة تصاعد وثيرة نضالات بعض الإطارات والمنظمات والجمعيات المهتمة بالبيئة نظرا لما وصلت إليه البيئة اليوم من تدهور وتخريب بفعل تنامي التصنيع واستنزاف الموارد الطبيعية والقضاء عليها.
ولكن هذا لا ينفي بطبيعة الحال أن الخطاب الإيكولوجي المصاحب للسياسة البيئية العالمية، التي تنهض بها منظمات دولية ودول بكاملها، لا ينفي هذا أن لها العديد من المساوئ، ويمكن أن نسجل عليها مجموعة من الملاحظات التي تفضح حقيقة السياسة البيئية العالمية. ولكن لن نتطرق إليها في هذا المقال وسنخصص لها مجالا خاصا لدراستها ومناقشتها.
قلت بأنه تصاعدت في السنوات الأخيرة وثيرة نضالات البيئيين أو الخضر في العالم من أجل تكثيف الجهود وتجميع كل الإمكانيات لمواجهة الأخطار التي تهدد الكرة الأرضية. إذ أن مخاطر تدهور البيئة والمحيط الحيوي للإنسان أسقطت كل حدود السياسة والجغرافية بين الدول، وأصبحت أضرارها معممة على كل بقاع العالم. فالتصنيع المكثف في أوروبا وأمريكا الشمالية واليابان ودول جنوب شرق آسيا ينعكس سلبيا على الدول الفقيرة المعتمدة في الغالب على الفلاحة والنشاط الزراعي عموما، بحيث نلاحظ تكاثر الفيضانات في دول الشمال والجفاف في دول الجنوب، كما أن ارتفاع درجة حرارة الأرض من جراء اتساع ثقب الأوزون بفعل انبعاث غازات مصانع الدول الصناعية انعكس سلبيا على الدول الفقيرة التي تعرف انتشار ظاهرة الجفاف والمجاعة والفقر.
إذن مشاكل البيئة أزاحت كل الحدود وجعلت بالتالي مشكل البيئة والتلوث مشاكل إنسانية عالمية مع الاختلاف طبعا في درجة المسؤولية: درجة مسؤولية الولايات المتحدة الأمريكية ليست هي درجة الصومال أو أي بلد عالم ثالثي آخر بالرغم من أن هذه الدول هي التي تشكل ضحايا التلوث الصناعي الذي يدمر الثروات البيئية مما يساهم بالتالي في تعقد المشاكل بهذه الدول التي تعرف العديد من التطورات من جراء تزايد حدة الهجرة نحو المدن للبحث عن فرص للعمل، إضافة إلى اندلاع أزمات وتطورات داخلية خطيرة في دول الجنوب، كالنزاعات حول نقط المياه والأراضي الصالحة للزراعة...
أما الدوافع التي جعلتنا نهتم بهذا الموضوع، فبالإضافة إلى الأفكار والأسئلة التي طرحت في اليوم الدراسي الذي نظمه فرع تاماينوت ماست سابقا حول المنتزه الوطني لسوس ماست (لنا عودة إليها لأهميتها)، فهي ترجع إلى سبب رئيسي بسيط وهو أن مشكل البيئة اليوم لم يعد كما كان في السابق، بحيث أن هذه القضية تطورت وتعقدت كثيرا إلى درجة أصبحت فيه من بين القضايا الكبرى في العالم، والتي لها ارتباط بالسياسة الجيوستراتيجية العالمية.
وبالنسبة للأـهداف المتوخاة من كتابة هذا المقال فهي الكشف عن المنظومة الإيكولوجية الأ مازيغية الموجودة في الأعراف والموروث الشفوي، في ارتباطها مع المقدس وإبراز كيفية اشتغالها والقيم التي تركز عليها، ومن ثمة الإجابة على دعاة البيئة الذين يعتبرون الإنسان الأمازيغي قاصرا في مجال المحافظة على البيئة وصيانة المحيط.
لقد اكتشفنا أثناء البحث في هذا الموضوع العديد من العناصر الثقافية المرتبطة بمجال حماية البيئة التي تتلخص في مجموعة التجليات الاجتماعية التي تنبع من نمط العلاقة الموجودة بين الإنسان الأمازيغي مع محيطه الحيوي، والتي تتسم بالانسجام والتفاعلية المطلقة. بالإضافة إلى هذا يمكن أن نتفق على أن حماية البيئة ليس حدثا فجائيا في التاريخ بل له تمظهرات عديدة في تاريخ البشرية. ومن هذا المنطلق لا يمكن نشر ثقافة المحافظة على البيئة والمحيط في صفوف الناشئة إلا إذا قمنا باستلهام الثقافة البيئية الموجودة في الماضي من خلال الكشف عن التمظهرات الأولى للفكر الإيكولوجي في ثقافة القبيلة والمجتمع المعني بقضية البيئة. وهذا البناء الإيكولوجي لن يعطي ثماره إلا إذا تم الكشف عن الميكنزمات التي تتحكم في الوعي البيئي المضمر في ثنايا ثقافة المجتمع الذي نريد منه أن يحمي البيئة. بمعنى أن المكنزمات التي تتحكم في الوعي البيئي للإنسان الأمريكي ليست هي نفسها التي تتحكم في الوعي البيئي للإنسان الأمازيغي أو الأثيوبي. فالأول تعود على أن يقرأ كل شيء بعلمية مادية، بينما الثاني والثالث ما زالت العناصر الميثولوجية هي التي تشكل المدخل الأساسي في الاستيعاب والممارسة البيئية.
إذن لا يمكن استيعاب المفاهيم الإيكولوجية الجديدة والخطاب البيئي الجديد من دون الرجوع إلى ثقافة المجتمع التي تشكل القاعدة الأولى التي يجب استغلالها من اجل العمل على تطويع وتمرير وهضم المفاهيم والقيم الجديدة في المحافظة على البيئة.
من جهة أخرى، نلاحظ ارتباطا وثيقا بين المحافظة على البيئة والتنمية المستدامة من خلال ما تطبل له وسائل الإعلام وما يروج على شبكة الانترنت. فكل مشروع تنموي مستدام يغفل البعد الثقافي والإنساني ولا يأخذ بعين الاعتبار المنظومة الثقافية الكامنة في وعي وممارسة المجتمع المعني بالمشروع سيكون مصيره الفشل والانهيار، وسوف يساهم فقط في إعادة إنتاج الاستلاب والاغتراب وسيواجهه السكان المعنيون بمختلف أشكال المبالاة إن لم نقل العداء، وهذا ما حدث بالفعل في المنتزه الوطني لسوس ماست. وبالتالي أمكن القول إن التعالي والاحتقار اللذين يسمان الخطاب الإيكولوجي المعاصر لا يمكن أن يسمحا لأي مشروع تنموي بيئي أن يحقق أهدافه وأن يكون محترما من طرف السكان وأن يتجاوبوا معه بفعالية وايجابية. بمعنى أن المرجعية الثقافية شيء أساسي في إنجاح أية عملية تنموية داخل أي مجتمع.
إذن موضوع البيئة والثقافة البيئية ليست بشيء غريب على المنظومة الثقافية الأمازيغية، وهذا ما سنحاول الحديث عنه من خلال هذا المقال الذي يسعى إلى كشف النقاب وإماطة اللثام عن جانب مهم من الحضارة الأمازيغية، ذلك الجانب المتعلق بالوعي البيئي وممارسته على أرض الواقع على شكل مجموعة من السلوكات البيئية التي تؤطر الفضاء الثقافي الأمازيغي. وهذا ربما أحسن جواب على الإيديولوجية الإيكولوجية الجديدة التي تعتمد على التدويخ بغية التوسع وتحقيق أهداف انتهازية برغماتية لا أخلاقية وذات طبيعة قهرية سلطوية. بينما سلوك الإنسان الأمازيغي تجاه الطبيعة سلوك إيكولوجي في غاية العقلانية.
يكن الإنسان الأمازيغي احتراما وتقديرا متميزا للنبات والأشجار وتعطى لها مكانة خاصة في الذاكرة الجماعية للمجتمع الأمازيغي. ويزخر الموروث الديني الأمازيغي بالعديد من الطقوس والمعتقدات المرتبطة بالأشجار، هذه المعتقدات والطقوس يبدو أنها تنتمي إلى حقب زمنية موغلة في القدم وتشكل بالتالي القاعدة الجيولوجية الأولى في مجال الاعتقاد لدى الإنسان الأمازيغي. هذه القدسية التي أضفاها الإنسان الأمازيغي على الطبيعة من أشجار ونبات ساهمت إلى حدود كبيرة في الحفاظ على استمرار بعض الأنواع النباتية والشجرية.
إن المتمعن في المعتقد والطقس الأمازيغي سوف يخلص إلى أن الإنسان الأمازيغي قام بعملية تكييف لمعتقداته السابقة مع الشعائر الإسلامية، أي أن «التدين السني لأهل ماست [مثلا] لا ينفي وجود بعض الطقوس الدينية الشعبية ونجد لدى هؤلاء السكان المختلطين والمتجددين باستمرار نوعا من الخليط غير الأصيل من الممارسات والمعتقدات الدينية والسحرية الشائعة وسط بربر الجنوب». الذين نجدهم شديدي التعلق بشجرة أركان، لذلك تمت المحافظة عليها وحرصوا على بقائها منذ حقب زمنية قديمة وتجاوز الأمر حدود المحافظة البيولوجية إلى المحافظة عليها بواسطة الأشعار والأغاني بحيث نجد الكثير منها نظمت لمدح هذه الشجرة المقدسة.
تتضح القدسية التي يخص بها الإنسان الأمازيغي في اتخاذها كفضاءات مقدسة لممارسة مجموعة من الطقوس والمعتقدات المرتبطة بالزواج، نظرا لرمزية الخضرة في المتخيل الجماعي الأمازيغي التي ترمز للحياة والبهجة والسرور؛ ونكاد لا نعتر على بيت أمازيغي لا توجد فيه شجرة أو نبات معين.
وتزداد قدسية الأشجار والنباتات أكثر تركيزا عندما تصبح محطة ممارسة طقوسية كما قلنا وهذا ما انتبه إليه الانتروبولوجي الفرنسي روبير مونطاني عند زيارته لقبيلة ماست، حين قال إنه «يمكن ملاحظة عدد كبير من الأماكن المقدسة على قمم الهضبة، هذه الأماكن بنيت كهدية لقوى النباتات الخفية أو لأسرار الكهوف مثل «سيدي تمنت»، وهو عبارة عن شجرة أركان مقدسة محاطة بجدران صغيرة على مقربة الزاوية، «تيمزكيدا ن ايكرامن»: اكوام من الحجارة وسط أشجار أركان في الجانب الأعلى من قرية ايداولون... وتوجد هنا وهناك أدغال مقدسة مثل شجيرات الباهرة aluj)) قرب قرية الزاويت والتي تستعمل أوراقها لصنع ميازيب المنزل ( tafrawt, tasaddamt) ويحرص السكان على رمي حفنة من الشعير أو على الأقل شيئا من المال وسط هذه الشجيرات ويمكن أن نقول إن الأشجار والشجيرات قليلة جدا على أرض القبيلة ولذلك فإنها اجتذبت إليها العبادات الشعبية... ويمكن أن نظن أن الطابع المقدس للأمكنة تحمى الأشجار من الدمار.»
يتضح أن القداسة التي يضفيها الإنسان الأمازيغي على الأشجار وبعض الأنواع النباتية الأخرى ساهم بشكل وافر في حمايتها والإبقاء على الغطاء النباتي والغابوي. ويحدث كل ذلك من منطلق فلسفي وفكري يمكن أن يكون أحيانا ميتافزيقيا يتجاوز السلطة القهرية للقانون البشري ذي الطبيعة الزجرية والإرغامية. وهذا الارتباط الفلسفي بالطبيعة وعناصرها يحيل إلى رغبة أكيدة تحذو الإنسان الأمازيغي في العودة إلى الأصل الطبيعي للإنسان والحياة. وقد أكد الفلاسفة الطبيعيون غير ما مرة أن ما هو طبيعي لا يمكن أن يعود إلا إلى بالطبيعة.
بمعنى أن الإنسان الأمازيغي تجاوز بالعناصر المقدسة كل ما هو مادي بشري في مجال التعامل مع الطبيعة، ويسجل بالتالي انسجاما وتناغما مع محيطه الحيوي الطبيعي انطلاقا من احتكاكه اليومي بها مما ساهم في نشأة سلوكات إيكولوجية أمازيغية عقلانية في التعامل مع الطبيعة، هذه السلوكات تطورت فيما بعد وتمت عملية ترجمتها في شكل أعراف تندرج في إطار منظومة ثقافية متكاملة تهدف إلى حماية البيئة والمحافظة عليها. هذه الآليات القانونية والعرفية تسمى izerfan باللغة الأمازيغية التي يسهر ineflas ، أي الأمناء، على حسن تطبيقها وضمان سيرها العادي. إن ذلك يتجسد في Azerf n Ayt Masst ( أعراف قبيلة ماست) الذي اقر مجموعة من القوانين التي لها علاقة مباشرة وغير مباشرة بالحماية الإيكولوجية للمحيط الطبيعي وعلى الخصوص الغابوي منه والنباتي ويتجاوز المقدس في مجال الفكر الايكولوجي الأمازيغي كل الحدود عندما أبدعت العقلية والمخيلة الأمازيغية طقوسا ومعتقدات في مجال محاربة بعض الآفات الطبيعية. نورد هنا مثلا ظاهرة تسمى «Tameghra n tuga «. تمارس طقوسها كل سنة بدقة متناهية وتستهدف طرد الحشرات، خاصة نوعا محددا من الدود يسمى بلسان ايت ماست «âli (n) uz’bayyud’»، وهي دودة تلتهم جميع المحاصيل الزراعية التي ينتجها سهل ماست وخصوصا النباتات التي تدخل في تغذية الماشية.
أمام هول هذه الكارثة، أطلق الإنسان الأمازيغي العنان لخياله الميتولوجي من أجل إبداع آليات «بيولوجية» لمحاربة هذه الحشرة، بعيدا عن كل الوسائل الكيماوية التي تخرب الطبيعة. لا بد أن نشير إلى أن ايت ماست يتوفرون على إمكانيات لاستعمال المبيدات الكيماوية الحديثة للقضاء على هذه الآفة، ولكن الإنسان الماسي رغم كل ذلك أصر على التشبث بعادات وطقوس أجداده في مجال الحماية الإيكولوجية للمحيط وكانت النتيجة هي القضاء على الحشرات بطريقة «بيولوجية» سحرية مع الحفاظ على الطبيعة وعدم تدميرها بالمواد السامة.
تبدأ مراسيم تلك الطقوس بقيام شخص من عائلة توجد بدوار تيكيوت بالبحث عن الدودة التي تسمى âli (n) uz’bayyud’ ، وهي عبارة عن دودة ذكرية لها قرن أمامي وجسده ملون بألوان زاهية وجميلة. عند عثوره عليها، يقوم بتسليمها لعائلة أخرى من نفس الفخذة ((ixess’ لتمكث عندهم لمدة ليلة واحدة ويشترط أن تكون عشية يوم الاثنين، وتقوم نساء العائلة بإعداد أطعمة خاصة بهذه الطقوس، مثلا خبز بدون ملح... كما أنهن يقمن بتزيين الدودتين الأنثى والذكر بكل مواد ومساحيق الزينة كما هو الشأن بالعروس. ليتم وضع كل دودة في قصب صغير أعد لتلك الغاية، من أجل نقلهما إلى كهف موجود في سافلة الوادي بدوار تاسيلا.
ويستمر هذا المسلسل الميتولوجي طيلة يوم الاثنين. وفي عشية الثلاثاء الموالي تخرج نساء وفتيات وأطفال دوار تيكيوت على ساحة الحفلات أسايس ثم يتجه الجميع في موكب «عرائسي» نحو المغارة المذكورة.
وتعرف هذه الظاهرة لدى ايت ماست ب Iwin tuga وبهذه الطريقة يعتقدون أنهم تآمروا على تلك الحشرة الفتاكة. وفي اليوم الموالي، يقتنع أهل القبيلة أن جميع أسراب الدود سوف تختفي في الحقول وهو ما يحدث بالفعل. فقد سمحت لي المعاينة المباشرة لهذه المراسيم من مشاهدة تلك الطقوس التي بإمكانها محاربة آفة طبيعية في غاية الخطورة. آفة استطاعت مخيلة الإنسان الأمازيغي أن تجد حلا لمحاربتها بدون ضجيج ولا ميزانية الحكومة ولا طائرات ترش المبيدات الكيماوية القاتلة كما حدث مؤخرا مع أسراب الجراد.
وباختصار شديد يمكن القول إن الذهنية والمخيلة الأمازيغية تنهل من معين المقدس والمعتقد من أجل الانسجام مع المحيط الحيوي والتفاعل معه، ومن ثمة الحفاظ عليه وعدم تدميره وتلويثه. هذا يعني أن المعتقدات والطقوس التي تزخر نها الثقافة الأمازيغية تلعب دورا مهما في مجال الحماية البيئية للمحيط من منطلق تشبع سلوك الإنسان الأمازيغي بالعديد من شحنات كبيرة ذات طبيعة قدسية ساهمت في الحفاظ على الكثير من الأصناف الحيوانية والنباتية والطيور والزواحف والثدييات التي تتواجد في نفس المجال الحيوي.
هذا الموضوع مكننا إذن من إعادة طرح جملة من الأسئلة وإيضاح أفكار تكتسي أهمية خاصة، في ظل تنامي الخطاب الايكولوجي «الإيديولوجي» ومختلف الرهانات والضغوط المرتبطة به، وهذا يستلزم منا العودة إلى هذا الموضوع لاحقا.
الحسين بوالزيت اوماست
inigi2598@yahoo.fr

 

Copyright 2002 Tawiza. All rights reserved.

Free Web Hosting