|
رد على مقال: "الانسلاخ الهوياتي للأطلس المتوسط" بقلم: واحد من أبناء الأطلس أشكر القارئ الكريم على غيرته على الأطلس لأن لا أحد ينكر لغته وأرضه وأجداده إلا من كان "حراميا" في أمه فتكون لديه عقدة الانتساب إلى الأجداد، بالإضافة إلى أولئك الذين يعانون من ضعف الشخصية ويشعرون بالضعف أمام الجميع. هذا عن الظروف الذاتية التي يعرفها بعض "البربر". وعلى النقيض من ذلك هناك الأمازيغ الأحرار الذين يعتزون ويفتخرون بأجدادهم ومستعدون للتضحية بكل غال ونفيس في سبيل أرضهم وأجدادهم وهويتهم كما فعل أسلافهم. إن ظاهرة التعريب لا تقتصر على الأطلس وحده، بل توجد أيضا بالريف وسوس مع اختلاف من منطقة إلى أخرى، حسب الطرق التي ينهجها المخزن. فالريف مثلا استفاد من الوحدة والتأطير في ظل جمهورية عبد الكريم الخطابي، كما دخلت هذه المنطقة في اصطدام قوي مع المخزن سنة 58/59 من القرن الماضي. ولم يقتصر المخزن على التدخل العنيف، بل نهج أساليب أخرى: التهميش الكلي للمنطقة وفتح باب الهجرة إلى الخارج لإفراغ المنطقة من ساكنتها، نشر زراعة الحشيش وتربية الخنازير من أجل تفكيك القبائل. أما سوس فقد احتفظ بقوته لأنه لم يتعرض لأية ضربة، سواء من طرف الاستعمار الفرنسي أو المخزن، وبنى قوته الاقتصادية واستغلها ثقافيا (إنتاج الأفلام الأمازيغية مثلا...). أما الأطلس فتعرض لضربات موجعة. فحينما نرجع إلى الوراء، منذ 1912 نسجل ملاحظة مهمة: إنه لمن المعجزات أن يستمر الريف والأطلس على قيد الحياة نظرا للتضحيات المتوالية التي قدماها. فملحمة الريف بقيادة عبد الكريم الخطابي، شارك فيها أبناء الأطلس، ودخول الفرنسيين عبر السواحل الأطلسية والشرقية قاومها أبناء الأطلس. أما الشهداء فيقدرون بمئات الآلاف لتعرض المقاومة لإبادة حقيقية من طرف الآلة الاستعمارية. ولا توجد قبيلة في الأطلس إلا وقدمت نسبة من سكانها فداء للأرض والإنسان الأمازيغي، عكس القبائل العربية الطائعة التي عرفت كيف تستفيد من الأراضي الأمازيغية السهلية نظير تعاونها مع المستعمر. فالمخزن واع بأصوله العروبية لهذا يعتبر كل أمازيغي عدوا له. فهو ينهج ضده الحرب الباردة من أجل تصفيته رمزيا وثقافيا وتدريجيا، وخاصة أولئك الذين يتوفرون على مشروع ثقافي واجتماعي وسياسي لإنقاذ الأطلس والمغرب بضفة عامة من التخلف والانحراف. فكم من أبناء الأطلس تم اختطافهم وتصفيتهم من طرف المخزن: أعضاء جيش التحرير، أحداث ولماس، الراشيدية، مولاي بوعزة، آيت عطّا، عدي اوبيهي، الطلبة اليساريون الأمازيغيون... لأن كل أمازيغي يولد اشتراكيا كما يقول الرايس في كتابه "من الصخيرات إلى تازمامارت"، لفقره وتضامنه وتعاونه الجماعي ونكرن الذات. فكم عدد الضباط الأمازيغ الذين أعدموا من طرف المخزن؟ وكم عدد الأمازيغ الذين ماتوا في رمال الصحراء دفاعا عن حرمة الوطن وأغلبهم من الأطلس؟ ألم يخلف هذا العدوان جروحا من الصعب التئامها؟ دون أن ننسى مخططات التهميش الكلي للأطلس ليسهل على المخزن التحكم في هذه المناطق الأمازيغية. فبالرغم أنه من أغنى المناطق: سدود، غابات، مناجم، انهار، فلاحة، حيوانات... إلا أن هذه الثروات يستنزفها المخزن بينما تعيش الساكنة في فقر مدقع وأمية مرتفعة محرومين من أبسط الأمور، كالطرق والماء الصالح للشرب. فهناك تظاهرات قامت بها قبائل مطالبة فقط بأبسط الضروريات، إلا أنه عوض الحوار واجهها المخزن بالعنف (آيت بلال، آيت عبدي، آيت وايّوا، آيت بوكمّاز، الرشيدية...). في ظل واقع الاحتياج والمفقر يشهد الأطلس المتوسط نزيفا ديموغرافيا نتيجة هجرة شبابه إلى المدن أو عن طريق قوارب الموت، الشيء الذي سهل على المخزن إضعاف مناعة القبائل الأمازيغية باستمالة الانتهازيين الذين يوظفهم لاختراق الأطلس الذي هو القلب النابض للمغرب الأمازيغي. كما حاول ضرب سمعة هذا الأطلس الأمازيغي بجلب الداعرات من المدن العروبية لتعريب شباب المنطقة والإساءة إلى سمعتها. إن خدام المخزن الأمازيغيين كثيرون: فأحرضان من الأطلس وسعد الدين العثماني من سوس وعبد الكريم الخطيب من الريف* إن الأطلس لم ينهزم ولم يستكن. إن أبناءه لم ينسوا الحقد والكراهية التي عومل بها. فمنهم من تحدى وصمد وحافظ على أرضه وهويته، ومنهم من هاجر وحمل معه صدمته إلى الخارج، ومنهم ضعاف النفوس الذين جرفهم تيار التعريب والمخزنة. (بقلم: ميس ن الأطلس chagia.massiva@caramil.com) *ملاحظة: عبد الكريم الخطيب ليس ريفيا ولا أمازيغيا، بل ينحدر من منطقة الجديدة البعيدة بحولي 800 كيلومتر عن الريف. علاقته الوحيدة بالريف هو أن المخزن سبق أن وظفه بعد الاستقلال لاختراق هذه الجهة الأمازيغية ومراقبة تحركات ساكنتها، خصوصا منطقة أكنول التي كانت قلعة لجيش التحرير. (تاويزا)
|
|