|
عودة النسر الجريح إلى مسقط ينبوعه بقلم: رشيد الحاحي،إكران (تارودانت) بدوار "إكران"، توينخة، على بعد عشر كيلومترات من قيادة تفنكولت بإقليم تارودانت، حيث ازداد منذ 62 سنة، ووري جثمان فقيد الصوت الديمقراطي و الحقوقي الأستاذ علي صدقي أزايكو. وعلى تلك البقعة الأرضية التي أوصى بها واختارها الفقيد بنفسه، حيث حمل جثمانه من الرباط التي وافته بها المنية يوم الخميس 9 شتنبر 2004، ليوارى إلى مثواه الأخير يوم الجمعة 10 شتنبر 2004 في طقس شعبي ومحلي بمكان ازدياده. يعتبر علي صدقي أزيكو عميد مناضلي ومثقفي الحركة الامازيغية، حيث عمل الفقيد منذ حوالي أربعين سنة على إثارة مختلف مظاهر الإقصاء و التحريف في التاريخ الرسمي المغربي، وواجه بحجاجه المعرفي و العلمي، واستماتته النضالية، المغالطات السياسية والإيديولوجية والثقافية التي نسجت حول الكيان المغربي، والتي صادرت المكون الأمازيغي. فقد بادر منذ منتصف الستينيات من القرن الماضي، بحس طلائعي ووعي مؤسس، إلى إثارة أسئلة التاريخ والثقافة الشعبية والوطنية، وكتابة ونشر مقالات توضيحية وتصحيحية حول تحريف الحقائق وإقصاء الإنسان الأمازيغي والدوس على كرامته، حتى تمت محاكمته سنة 1981، وقضي سنة سجن نافذة بتهمة المس بأمن الدولة، إثر مقاله الشهير "في سبيل مفهوم حقيقي لثقافتنا الوطنية" المنشور بمجلة أمازيغ. وقد كان الفضل لهذه الكتابات في التأسيس البدئي وبلورة خطاب احتجاجي وتصحيحي، ذي منطلقات وأدلة علمية وتاريخية وإنسية عميقة وكاشفة، مما أفضى إلى إرساء صوت ومكانة ومطالب" الأمازيغية" في فضاء الصراع الاجتماعي والثقافي والسياسي بالمغرب، وإبداء الرغبة في المراجعة والتصحيح والإنصاف. إضافة إلى بحوثه ونضاله، يعتبر الأستاذ على صدقي أزيكو(الذي كان أستاذا للتاريخ بكلية الآداب بالرباط) أيضا قيدوم الشعراء الأمازيغيين المحدثين، حيث يعود له الفضل في تطوير القصيدة الامازيغية انطلاقا من كتابتها، وما أبانت عنه أشعاره من لغة وأسلوبية وبناء (ديوان ءزمولن)، وتوظيف حديث وخلاق لعناصر الشعر الشفاهي في إبداع حديث. لقد ووري جثمان استأذنا الكبير تلك الأرض التي انجبته، فظل الفقيد متشبثا بمبادئه وفكره وقضيته التي نذرها كل حياته، و كما تلا الأستاذ عبد الغني أبو العزم، صديق الفقيد، في الكلمة التأبينية التي ألقاها في هذه المناسبة الأليمة وبهذه البقعة التي لا تبعد 700 كلم عن الرباط: "نم يا علي لترتاح، فقد صمدت كثيرا أمام كل المشاكل و الكوارث... وليعد جسدك إلى هذه الأرض التي انجبته، وليذوب وينصهر فيها مرتاحا“. تعازينا الحارة إلى نجلي الفقيد "تليلا" " و" وزيري"، والى زوجته وأسرته، وإلى كل بلاده التي فقدته. ومتمنياتنا إنشاء بناية تضم خزانة بجوار قبر الفقيد لتخلد اسمه، عرفانا لشخص فقيدنا الكبير وللأمازيغية التي كان قضيته.
|
|