|
ملاحظات حول اللغة الأمازيغية
بودي قبل البدء في عرض هذه الملاحظات أن أشير إلى أنه لدراسة اللغة الأمازيغية لابد من لإلمام بكل فروعها {لهجاتها} وخصائصها المميزة. الخوض في المجال يتطلب شرطين أساسيين أولهما المعرفة الجيدة للأمازيغية وثانيهما لإطلاع على الدراسات اللغوية بصفة عامة واللسانية بصفة خاصة. أخي القارئ أتمنى أن تتمعن في هذه الملاحظات البسيطة وتعمل على إثرائها وأخص بذكر المعربين، ولاسيما اللغويين والمختصين منهم لعلهم يتخلصون من عقدة اللهجة التي يعرفها لسان العرب بأنها نغم الكلام {جرس الكلام} وينهجون النهج العلمي الصحيح ليساهموا في البحث والتنقيب إذا أرادوا أن يثبتوا قوة اللغة العربية وقدرتها على مواكبة العصر لإبطال إدعاءات أعدائها، وذلك بالتخلي عن فكرة التبني والتخلص من عقدة النظر بعين واحدة. ومع كل الأسف فإن أغلب الدراسات اللسانية الحديثة، وخاصة ما يتصل منها بالأمازيغية كتب باللغات الأجنبية. وإليكم خمس ملاحظات أو بالأحرى اجتهادات حول اللغة الأمازيغية.
دوام اللغة الامازيغية وإستمرارها واللغة الأمازيغية قاومت كل اللغات الوافدة إليها على كثرتها و لقد اعتمدت على معطياتها الذاتية ولم تعتمد على كتاب منزل ولا إيديولوجية معينة وبالرغم من قلة تدوينيها ومحاربتها من كل الوافدين إليها إلا أنها استمرت آلاف السنين جنبا إلى جنب مع كثير من اللغات القومية فسايرت مدة طويلة الفنيقية وبقيت حية ولم تستطع الفنيقية أن تزحزحها أو تهيمن على شعبها بل ظهرت لغة جديدة وهي عبارة عن مزيج أمازيغي فنيقي سميت باللغة اليونية، كما سايرت اللغة اللاتينية التي كانت تعتبر آنذاك لغة عالمية وبقيت حية إلى جانبها بالرغم موت كل اللغات المعاصرة لها مثل المصرية والإغريقية القديمة واللاتينية ...إلخ. إذن فبقاء اللغة الأمازيغية حية لآلاف السنين يعتبر معجزة كبرى وهو أهم شرط من شروط اللغة ألا وهو الحياة والاستمرار. وبالرغم من محاربتها من كل الوافدين إليها والعمل على استئصالها لكنهم فشلوا في القضاء عليها وحتى في وقتنا هذا أستغل الدين الإسلامي الحنيف باستعماله قصد القضاء عليها بواسطة أبنائها المتشبعين باالبعثية والقومية العنصرية ولم يزدها ذلك إلا إصرارا على المقاومة. وليس ذلك غريبا لأنها عظيمة عظمة قومها. وإذا قمنا بسرد سريع للتاريخ فإننا نكتشف سر ذلك ألا وهو أنه من الصعوبة بمكان أن يندمجوا في أي شعب آخر، بل بالعكس فإنهم يذيبون تلك الفئات الوافدة إليهم ويصبغونهم بطابعهم الثقافي، وأنه لمن الخطأ الكبير أن نفرق بين الناطقين بالأمازيغية والناطقين بالعربية لأنهم شعب واحد لهم ثقافة واحدة. فإذا قمنا مثلا بدراسة اجتماعية فإننا نجدهم يحملون نفس القيم ونفس العادات والتقاليد ونفس السلوكات. فرأس السنة الأمازيغية (12جانفي) يحتفل به مثلا في كامل بلاد الأمازيغ وفي كل مناطقه. وإذا تفحصنا كتاب ”الحمار الذهبي“ للكاتب الجزائري أبولو التي مرت عليه مآت القرون لوجدناه لازال يصور ويعبر تعبيرا صادقا على كثير من سلوك وقيم هذا المجتمع الذي نعيش فيه اليوم. وعلى هذا نجد أن لهذه اللغة قدرة على الاحتواء والاستيعاب ووضع كلمات أجنبية وإخضاعها لقوالبها وعلى سبيل المثال المدينة تصبح (ثامدينت) والجماعة تصبح (ثاجماعت) و البلدة تصبح (ثابليت) وشنط (التركية) ثاشناط (الأحبولة) و LA SEMAINE (ثسمانت) إلى غير ذلك من الكلمات المتعددة. فبالرغم من دخول ألفاظ أجنبية إلى اللغة الأمازيغية إلا أنها من أغنى اللغات وانتقال الألفاظ من لغة لأخرى يعتبر شيئا طبيعيا يحدث لكل اللغات لأنها تؤثر وتتأثر. فالعبرة ليست في المفردات التي تمر من لغة إلى أخرى بل في مدى استقلال هياكل أية لغة عن الأخرى. لهذا فعيب اللغة الأمازيغية أنها تعانى من نقص في التدوين لأنها لو دونت وجمعت في قواميس لوجدنا مقابلا لكل الكلمات الوافدة إليها مستعملة في جهات دون الأخرى و يعتبر ذلك أحد الأسباب التي تعطى انطباعا بأن هناك اختلافات بين لغة وأخرى داخل اللغة الأمازيغية الأم. فالمفردات العربية مثلا والتي دخلت اللغة الأمازيغية وحلت محل المفردات الأصلية يختلف تأثيرها من منطقة إلى أخرى. فمثلا نجد مناطق محافظة على اسم التفاح وهو ”أظفو“ وكذا الحال بالنسبة ”لغرس“ و“رشق“ و“طلب“، نجد هذه المفردات تنطق أغرس، أرشق، ئطلب في بعض المناطق بينما في مناطق كثيرة ما تزال متواجدة ومستعملة وهي أزو ، ئثر (راء رقيقة). إلا أننا لو جمعنا هذه المفردات (زاي مفخمة) ئرزا اللغة لوجدناها متكاملة والكلمات الحديثة يمكن أن ننحتها عن طريق التركيب من الكلمات القديمة و هذه أمثلة شخصية الغرض منها التوضيح فقط لأن خلق الألفاظ الجديدة يجب أن تخضع إلى الدراسات العلمية و من لدن المختصين. فمثلا يمكن أن نسمي الألة الكاتبة ب(ثاروماست) و هي كلمة من "آرو"= أكتب ، آماس= الأداة وكذالك يمكن أن نسمي القمر الصناعي مثلا (أزنيور) وهو إسم مركب من "آزن"= أرسل و يور= القمر. ولهذا يجب أن ننظر إلى هذه اللغة نظرة عملية لأنها جزء منا ونحن جزء منها وبدونها تبقى شخصيتنا مهزوزة واستقلالنا منقوصا وهي ملك لكل الجزائريين ولكل أبناء الشمال الإفريقي وكما يقول الدكتور محمد شفيق عضو أكاديمية الملكية المغربية في إحدى محاضراته {" فإما نحن مرتبطون بالأرض ومن عليها بصرف النظر عن السلالة و عن العرق، إذن ندرس هذه بالعرق أو بالسلالة فكل الأرض ومن كان عليها منذ القديم وإما نحن مرتبطون ولكل واحد منا الحق في البحث عن عرقه وسلالته وهذا السؤال مطروح فيما يهم التاريخ"}. اللغة الأمازيغية لغة اشتقاق هي عبارة عن لغة يسهل اشتقاقها مثلها اللغات السامية، لها القدرة على اشتقاق ألفاظ متعددة من جذر واحد ولها دلالات مختلفة ومتنوعة وإليكم الأمثلة على ذلك:
ئرغا= إشتعل، ءاوراغ = اللون الأصفر الشبيه بلون اللهب، ء ورغ = الذهب، ء يوريغ =
الماء الأصفر الذي يرده المريض من فمه وخاصة المصاب بمرض المرارة، ساوراغ = مرض
الصفاير بالإضافة إلى الاشتقاق فإن لها خصائص صرفية و نحوية و غيرها فلنأخذ مثلا
جذر
قن=أربط ، أغلق
). كما يمكن أيضا أن يأخذ جذر هذه الكلمة صيغة التركيب مع جذر كلمة أخرى وخلق لفظ جديد له معنى جديد ، مغاير ، يشترك في دلالته جذرا الكلمتين اللتين تكون منها اللفظ الجديد وسنوضح ذلك فيما بعد، وإليك الأمثلة :
غنس أربط بإحكام
(
الرابط مع الشد ) اصلها قن = اربط ن آس، و المصدر أغناس
. اللغة الأمازيغية لغة نحت و تركيب
تمتاز اللغة الأمازيغية بأنها لغة نحت و تركيب ولها قدرة كبيرة على خلق الألفاظ
الجديدة من الألفاظ القديمة مما يسهل عملية إنمائها و تطويرها بسرعة. والنحت يبرز
فيها بالأشكال الآتية
2 ـ إيصال الاسم بالفعل أو بالعكس:
يتم تركيب اللفظ بالنحت عن طريق إيصال الاسم بالفعل أو الفعل بالاسم وتكوين لفظ
جديد له دلالة معينة
. ملوافر = طائر بجانبه بياض وهو اسم مركب من الفعل " ءيمل "= إبيض لأن في الأمازيغية يمكن أن يستخرج الفعل من الصفة و يقوم مقامها والصفة هي" أملال = الأبيض و " ءيمل " = فعل ، افر = الجناح ( الطرف ) جناح الطائر . 3 ـ من فعل وفعل يمكن أن ينحت لفظ جديد ب إيصال فعل بأخر مثل أغدو = ساق الطلع ( الجزء الطري من الساق الذي ينمو في فصل معين )، وهو إسم مركب من " أغ " = خذ ، أثبت ( يستعمل للنمو ) و " آغ " بألف ممدودة عبارة عن لاسم " أدو "= سر فيقي = صمغ الشجرة ، أسم مركب من فعلين " أفي = صب ، أقي = اقطر أي بمعنى الصب الذي يتكون عن طريق القطرة " أزرقن = الرؤية الغير واضحة و يمكن أن تؤدي معنى " عشا" في العربية. زر = ر ، " من الرؤية " ، قن = أغلق ، بمعنى الرؤية الغير واضحة. 4 ـ من أدوات لغوية مختلفة ثليورا = الحاجب ( حشرة ) هذه الحشرة نرها في الليل مشعة ثم تخمد ثم تشع مرة أخرى و هكذا و هو اسم مركب من فعل + ظرف مكان.
ءلي = أمشي ، ثورا = الآن
4 ـ فراندا = إسم مدينة في الغرب الجزائري وهو اسم مكون من فعل + إسم إشارة . 5 ـ فرن = إختبأوا ،-6 ذا = هنا
6 ـ
ئسما = كثير من الناس يعتقدون أنها كلمة عربية بمعنى يسمى وهذا غير صحيح أصلها
ملاحظة 1:
ئس = صادرة تتصدر الإسم و تدل غالبا على إسم الأداة في بعض المناطق يقال " ئسقلمي
" و هنا وقع الإبدال بين النون و اللام
ملاحظة 2:
لقد لاحظنا أن هناك ألفاظا تم نحتها بالتركيب في مناطق ولم يتم ذلك في مناطق أخرى و
أسوق لكم مثالا على ذلك. ففي منطقة وادي عبيد يطلق إسم " ء مي ن ديست" "فم البطن
"على العشاء الذي يغلف المعدة من الداخل بينما عند أيثداود تم نحتها و تلفظ منديس
. علاقة اللغة الأمازيغية باللغة العربية 1 ـ علاقتها بالدارجة : لقد سبق وأن قلنا إن اللغة الأمازيغية اعتمدت على معطياتها الذاتية ولم تعتمد على إيديولوجية أو كتاب منزل كما أنها غير مدونة واستمرت آلف السنين جنبا إلى جنب مع كثير من اللغات وسايرت العربية مدة طويلة ثم تمازجنا فتكونت منهما اللغة الدارجة وهي عبارة عن مفردات عربية في معظمها في قوالب وتركيبات أمازيغية، وبعبارة أخرى تكونت بالاقتباس من العربية والأمازيغية، وإذا القينا نظرة عابرة على تركيبات اللغة الدارجة فلا نحتاج إلى مجهود كبير لنكتشف علاقتها بالأمازيغية سواء من حيث البنية والتركيب أو من حيث المفردات. فمن حيث البنية والتركيب نسوق أمثلة لتوضيح ذالك:" روح تلعب على روحك " ، " يضرب لي التيليفون " ، " عندك لا تجي " ، " دار الضيقة " ، " يضرب هذي بهذي " ، " أوقف على روحك " ، " أجري على روحك " ، " كاين البرد " ، " الماء كاينين " إلى غير ذلك من التركيبات العديدة. فلو قمنا بتحويل هذه الجمل لوجدناها ذات بنية وتركيب أمازيغي. فالجملة الأولى ترجمة حرفية للجملة الأمازيغية " ؤقير (أدو ) " " آتيرارذ فيمنانك " وفي الجملة الثانية يقال بالعربية " يهتف لي " وليس " يضرب لي " و في الجملة الثالثة لا يقال " عندك " بل يقال " إياك أن تأتي " وبالأمازيغية ( غرك = عندك )، ترجمة حرفية تستعمل للتحذير، وفي الجملة الرابعة يقال بالعربية "أقام الوليمة" وفي الخامسة "يضرب هدي بهذي" تدل على الحكمة وحسن التصرف وهي ترجمة حرفية للجملة الآمازيغية " يتشاث ثاي ستاي " ، وكذا الحال مع " أوقف على روحك " فإنها تدل على الاستعداد للعمل و التغلب على المشاكل و مواجهة الأخطار وهي ترجمة حرفية ( بد فيمانك ) و " اجري على روحك " لها دلالة ألاهتمام بالذات وتجنب ما لا تحمد عقباه والتخطيط للمستقبل وهي أيضا ترجمة حرفية ( ازل فيمانك ) و في نفس السياق – كاين البرد ففي اللغة العربية يقال الجو بارد و في الأمازيغية " أيلا ؤ صميض " فهي طبق الأصل للدارجة أما بالنسبة للجملة الأخيرة " الماء باردين " فالماء في العربية مفرد يقال الماء موجود أما في الأمازيغية الماء جمع و لا مفرد له و يقال " أمان اللان .
وإذا تعمقنا أكثر فإننا نجد علاقة كبيرة جدا بين اللغتين ، فعلى سبيل المثال و ليس
الحصر نورد مايلي: وجود حروف في الدارجة غير موجودة في العربية مثل " دج " ( دجميلة
) و " دز" ( دزاير ) ، ومعروف أن في العربية
"
الزاي" لايلي " الدال " و إذا ورد دلك في كلمة فهي دخيلة مثل لفظ " دز
"
كما لا يوجد مثنى في الدارجة مثل الأمازيغية تماما مثل
"
أشربو = سوث " لإثنين أو أكثر بينما في الفصحى يفرق بين المثنى والجمع " أشربا
للإثنين و أشربو ا لأكثر. كما يمكننا أن نشير إلى أن كثيرا من دلالات الدارجة
مقتبسة من الأمازيغية مثل " غيل " ( الذراع ) الذي يدل في كل من الأمازيغية
والدارجة على القوة " نقول بالدارجة " دار عليك الذراع " = "ييقا فلاك غيل" أي
إستعمل القوة
. التأثير التبادل بين الأمازيغية والعربية
لقد قلنا إن العربية والأمازيغية تمازجتا وتكونت منهما اللغة الدارجة إلا أنه يجب
أن ننبه إلى أن هناك كثيرا من المفردات العربية دخلت إلى الأمازيغية وهدا شيء جميل
يؤدي إلى إثراء اللغة العربية التي تعتبر الأمازيغية أحد روافدها إلى جانب أخواتها
الحاميات المصرية والكوشية وغيرهما. إلا أن الغريب في ألأمر هو غياب الأمانة
العلمية، بحيث نجد علماء اللغة العربية وواضعي القواميس لا يشيرون إطلاقا إلى ذلك
إلا في الحالات النادرة جدا بل يضفون الطابع العربي المحض على ذلك بالرغم من أن
الكثير من هذه الألفاظ، وخاصة المنحوت منه لا يستطيعون طمسه وإخفاء حقيقة أصله
الأمازيغي بينما نجد في بعض القواميس العربية يذكرون الأصل الفارسي واليوناني وحتى
السرياني إلى غير ذلك من اللغات بالرغم من التمازج الحضاري بين المشرق و المغرب
وأربعة عشر قرنا من الإسلام وفتوحات الأمازيغ للأندلس والخلافة الفاطمية وأحداث
كثيرة إلا أن التعصب وعقدة التفوق أضاع الأمانة العلمية بل نجد الكثير في عصرنا هذا
يستعملون كل الحجج والبراهين لإثبات أن الألفاظ الأمازيغية أصلها عربية ونسوا أن
واضع أقدم قاموس عربي ( لسان العرب ) هو " إبن منظور التونسي". ألم يتأثر هدا ببئته
وبالتالي بالأمازيغية؟.. اللغة الأمازيغية لغة غنية و متكاملة يبدو للوهلة الأولى أن اللغة الأمازيغية متشبعة وتتفرع إلى لغات عديدة بل يحلو لبعض أن يسميها لهجات وهذه اللهجات متباعدة، لكن إذا أخذنا الأمر بالدراسة والتحليل نجدها كلها تعود إلى لغة واحدة ذات جذور مشتركة، وإذا ما قمنا بالمقارنة فيما يسهل علينا إيجاد الجذور الأصلية المشتركة وعلى الأساس ليست لهجة بالمفهوم العربي كما أسلفنا القول يعرفها بأنها نغم الكلام ( جرس الكلام ) يقال فلان فصيح اللهجة كما أنها ليست Dialecte بالمفهوم الأوروبي و بما أنها لا تنحدر من أية لغة أخرى ولا تنتمي إليها إنما هي بذاتها لها قوانينها ولها أسسها اللغوية كجميع اللغات ( فجميع فروعها لغات محلية تفرعت عن اللغة الأم وهي اللغة الأمازيغية. اللغة الأمازيغية لغة غنية بمفرداتها لقد ذكرنا أنه لو دونا هذه اللغة لو و جدنها غنية جدا فلو قلنا مثلا: ( ؤقور – أدو = أمشي ، سر ) أو ( أذف – أكشم = أدخل ) أو ( رق- فغ – أقلا = أخرج ) أو أطلقنا أسماء متعددة على شيء واحد مثل ( أقرزيز – أوثول- أقنون = الأرنب ) أو ( ئيلف- أخنتوش – أجعجوع = الخنزير ) أو ( أغرزوت – أيذي – أبرهوش – أقجون – أمرزو ...إلخ = الكلب ) وتساءلنا أي الألفاظ صحيح لقلنا إنها عبارة عن مترادفات ولها دلالات معينة دقيقة لأن من مميزات الأمازيغية أنها لغة تعتمد على البيئة والحس بدليل وجود كلمات لا يمكن ترجمتها إلى أية لغة في العالم اللهم إذا استعملنا المعنى العام وبعبارة أخرى فإن هذه المترادفات إما أن تكون أوصافا للشيء المسمى أو تعبيراحسيا يرتبط بالحركة أو الزمن أو أي شيء آخر. فإذا قلنا بالعربية الأسد، الضرغام ، الغضنفر ، الهزبر ، الصيد ، السبع إلى غير ذلك من أسماء الأسد العديدة فهذه الأسماء عبارة عن أوصاف للأسد وعندما نقارن مثلا بين اسمي الأسد في منطقتي الشاوية و القبائل ( آر ، ئزم ) نجد أن ئزم مأخوذ من الصوت لأن الشاوية يقولون آر ئتزيم ( الأسد يزأر) و إليكم مثال آخر، فأسماء: أغرزول تعني الكلب القبيح المنظر و أيذي = الكلب العادي و أقجون = الكلب الجميل ، أبرهوش = الكلب الشاطر و أمرزو = الكلب الصيد و أقزين = الجرو ، وبالمقارنة والبحث عن الاستعمال الدقيق لأي لفظ نتبين دلالة الحقيقية فالفرق بين ( ءميرا و ثورا ) فكلا اللفظين يتواجدان في الشاوية ويؤديان معنى الآن لكن المعنى الدقيق يختلف فإميرا تدل على هذا الوقت ( ئمير = الوقت ، أيا = هذا ) أما ثورا فهي تدل على الآن ولكن بعد هنيهة وكذلك بالنسبة لألفاظ ئنسا و يخسي ( إنطفأ) نجد أن الكلمة ئنسا لها علاقة بالمبيت ( ئنسا = بات ) والاختفاء. أما يخسي فلها علاقة بالانتهاء بفقد الوعي، بالخفوت ونضرب مثالا آخر لإعطاء الدلالات المختلفة للفظ الرؤية والنظر ئزرا، ئقل ( ئموقل )، ئمناذ ، ئهنا ، ئخزر ، فلفظ ئزرا هو الشائع في اللغة الأمازيغية ويدل على الرؤية بصفة عامة وئقل يستعمل لنظر ( نظر ) و ئمناذ يستعمل للرؤية والنظر الحاد والدقيق ومنه أخذ اسم القائد الجزائري مناد ( شواف ). أما يخزر يدل على النظر الذي به حيرة أو ريبة. أما ئهنا، فهو يدل على الرؤية التي لا شك فيها أو الرؤية الواضحة وقد يستعمل مكان هذا اللفظ الكلمة ذات الأصل العربي ئبين، ( تبين الشيء أي تحقق منه ) ويقال أيضا ئهناث أي طمأنه هذا فيما يخص المترادفات ودلالة الألفاظ وهناك جانب آخر يبين مدى غناء اللغة الأمازيغية بحسب اختلاف أقاليمها الطبيعية والمناخية أي بمعنى كل منطقة تتوفر على ألفاظ وأسماء وقد لا تتوفر في منطقة أخرى تبعا لظروف البيئة فمثلا يشتهر ساحل المحيط الأطلسي وخاصة المنطقة الواقعة جنوب الصويرة بلغة البحر والصيد فهناك أربعون اسما لأنواع من الأسماك ولا يوجد لها مقابل في اللغة اللاتينية أو العربية وكذلك الحال بالنسبة لمناطق الأنهار في الصحراء، نجد أسماء للتماسيح، ( أغوشاف) والفيل ( ءيلو ، ءيلوان ) و الزرافة ( ءمذغ ، ءيمذغن) والرز ( ثافغث) كما نجد أسماء قائمة في منطقة ومختفية في منطقة أخرى مثل الجحش ( ءاسنوس ) والبصل ( ءازاليم ، زاي مفخمة) و نجد حتى الأسماء مثل الرحمة ( ثامالوث ) و الصلاة ( ءامود ) كما يطلق هذا اللفظ أيضا على البذور إلا أن اسم الصلاة في الشمال يسمى ( ثازاليت ، زاي مفخمة ) فالباحثون لم يجزموا بأنها من أصل عربي هي و( ثامتانت=الموت ) لأنهم و جدوا نقوشا قديمة جدا منقوشا عليها هذان اللفظان كما توجد كثير من الألفاظ حلت محلها ألفاظ عربية بالخصوص مثل ملح ( ئسيسن = ملح وعرف ) و (ئسوتر ، ئسقسا ) بمعنى سأل و ( أسيسم ) = حلي و ( ئسوتر ) و ( ئسوكف) = قلع و (ءلقاغ) = الأملس( ءوقمير ) = الضيق إلى غير ذلك من الأسماء والألفاظ وعموما فإن جمع هذه اللغة ودراستها يؤديان إلى ترقيتها و هم مكوناتها. وبفهمها نستطيع أن نفهم أنفسنا وتاريخنا ونعمل على تقوية شخصيتنا . البحث عن جذور الكلمات من الملاحظ أيضا أن هناك كلمات أميتت في منطقة و بقية حية في منطقة أخرى أو نجد الفعل المجرد في منطقة والمزيد في منطقة أخرى أو بالنسبة لفعل قرع ( ئجض ) الأقرع ( أمجوض ) في حين نجد هذا الفعل في الأوراس مزيدا ويلفظ ( أزجيض = آججيض = القرع ) ( ئزجض = قرع ) وتقتصر تسميته على الداء الذي يصيب الحيوانات في أجسامها ويزيل شعرها كما قد يعتقد سكان منطقة ما أن هناك ألفاظا معينة لا توجد عندهم ولا يعرفونها والسبب يعود إلى استعمالهم لهذه الألفاظ في حالات معينة والإنسان الغير مهتم لا يتفطن إلى ذلك والمثال على ذالك جذر ( فغ ) يقابلها في الأوراس ( رق) = أخرج ، لكن إذا دققنا النظر في الشاوية نجد هذا الجذر يقتصر استعماله في حالات خاصة مثلا:
ئفغ ؤفان ( ءاطاجين) = خرج الطاجين أي كان كيه جيدا " شسفغ ثازيزاو" = أخرجت النحل
" ئسوفغ أول ئنو " = أخرج قلبي ...إلخ
. تصحيح النطق يمكن تعديل الانحرافات المسجلة في النطق وذلك بالاعتماد على الدراسات اللغوية واللسانية وتطبيق القواعد الخاصة باللغة الأمازيغية ومن ثم يمكن أن نكتشف مثلا بأن هذه الانحرافات تعود إلى خصائص فونولوجية كعملية الإبدال أو التقديم والتأخير أو غيرها من العوامل المختلفة التي قد تسبب الاختلافات المتنوعة كالعوامل الطبيعية أو الاجتماعية أو البيئة أو التأثير الديني أو الاحتكاك الثقافي إلى ذلك من الأسباب المتعددة . بالمقارنة بين المناطق اللغوية المختلفة يمكن أن نعطي صورة مبدئية وعامة على الاختلافات المتنوعة و تتمثل في الانحرافات التي قد تحدث في قصر استعمال بعض الألفاظ على حالات خاصة دون تعميمها وقد نجد ألفاظا دخيلة حلت محل الألفاظ الأصلية ومن أمثلة الكلمات المماتة في بعض المناطق و بقائها حية في مناطق أخرى ( ون = أصعد ) هذا الجذر ممات في الأوراس و بقي من مشتقاته اسم الموضع ( ساون ) بينما بقي الجذر حيا في المغرب الأقصى وكذلك الحال بالنسبة لجذر ( ئمر ) سخن أو حمي إن صح التعبير أميت هذا الجذر و لم يبق إلا عند بعض القبائل في الأوراس ولكن اسم المكان بقي حيا في كل المناطق وهو ( سامر )= المتشمس المكان المقابل للشمس أما بالنسبة للفعل المجرد و المزيد ففي منطقة مثلا يستعمل الفعل المجرد مثلما هو عليه الحال في المغرب نطق بعض الكلمات سواء بالاستغناء عن بعض الحروف أو في إبدال الحروف بعضها ببعض أو في تنوع النطق واختلاف النغامات أو في دلالات الكلمات كأن تكون أوصافا للشيء مثلا أو القصد منها التفاوت الزمني أو مراحل العمر أو هي كناية أو إستعارة ...إلخ. وفيما يلي بعض الأمثلة لتوضيح ذلك فالألفاظ مثل ( ءانخجوف ) في الأوراس و ( ءانجوف ) في المغرب يؤديان معنى الأبله لكن ما هي الدلالة الدقيقة لهذين اللفظين؟ فإذا علمنا أن هناك لفظا آخر و هو ( أخجف ) له ارتباط دلالي بالبلاهة وهو الكلام السفيه الغير المتزن حينئذ يمكن أن نقول " أنجف " هو الأبله و أنخجوف هو الأبله الذي يتفوه بكلام غير لائق و يمكن تعديل الانحراف المسجل في النطق مثل ( فوس ، أضار ، غيل ) ، ( اليد ، الرجل ، الذراع ) لتصبح ( ءافوس ، ءاضار ، ءاغيل ) وذلك تطبيقا للقاعدة العامة و هي أن كل اسم مذكر يبدأ بالألف، كما يمكن أن يظهر الانحراف في تضخيم الحروف مثل: ءاضرغال ( الأعمى ) أو ءادرغال بتطبيق قواعد الصرف يتضح أن الأصل هو ( أدرغال) و نفس الشيء ينطبق على ( أيذي ) الكلب . فعند جمعه يقال ( ءيضان ) و لكن كما يقال الخطأ الشائع والمألوف يصبح صحيحا .
ويمكن أن يظهر الانحراف أيضا عن طريق الإبدال ومن خلال نطق أسماء الأسد والحلم يتضح
ذلك فعند التوارق يسمى الأسد
(
ءاهار ) وفي بني مزاب ( وار ) و في الأوراس ( ءار) الإبدال وقع بين حروف الهاء
والواو والألف. أما الحلم فيسمى عند التوارق ( ثاهرقيث) وفي السوس ( ثاورقيث
)
الإبدال وقع بين الهاء والواو وفي الأوراس ( ثارجيث ) وفي القبائل ( ثارقيث
)
الإبدال حدث بين الجيم والقاف، والملاحظ أن الجذر لكل تسميات الحلم هو ( أرجي
)
و ( أرقي) يورجي ( يورقي ) = حلم ونفس الشيء يحدث عند تطبيقنا لعملية الإبدال فكلمة
( سوذم ، سوذن ) قبل حدث الإبدال بين الميم والنون ومن الواضح أن الميم هي الأصلي
أن كلمة "سوذم " لها علاقة بلوجه ( أوذم ) الذي بدوره له علاقة بالتقبيل ويمكن أيضا
أن نضرب أمثلة عن اختلافات اللهجية أي التنغيم مثل: النخاع يسمى عند التوارق
والمزاب والشاوية ( أذوف ) وعند القبائل والسوس ( ءاليم ) وألأمثلة عديدة وكثيرة
ويمكن أن نطبق في هذه الحالة قاعدة العموم والسواد وهناك أشكال أخرى من التنغيم إن
صح التعبير مثل: ( أزداذ = ؤسديذ ) = الرقيق كما قد تصادفنا ألفاظ بها زيادة أو نقص
في الحروف مثل كلمة "صب " في المناطق الأربعة السابقة الذكر تلفظ ( ئفي ) وفي بني
مزاب تنطق (ئفسا ) وكذلك الحال بالنسبة لحيوان الجمل و يطلق عليه اسم ( ءالغم ) في
الشمال وتوجد مناطق أخرى وخاصة في الجنوب تسميه
(
ءالم) أما ما يخص الوصف فقد ذكرناه سابقا في أوصاف الكلب. أما بالنسبة لمراحل العمر
فالكبش أحسن مثال يسمى عند الطوارق ( ءاكرر ) وفي المزاب ( ءوفريش ، ءوفريك) وفي
الشاوية ( ءيكر ، ءيكري ) و في السوس ( ءاهروي ) وفي القبائل ( ءيكري ) هذه الأسماء
يمكن أن نصنف بعضا منها حسب العمر ، ءيزمر = الخروف ، ءفريك = بعد مرحلة الجز ،
ءيكر = بعد مرحلة البلوغ، هذه التصنيفات متعارف عليها في الأوراس كما لا يفوتنا أن
نذكر بأن جمع (ءيكر) هو ( أكرارن ) وهذا يدل على أن هذا الجمع له علاقة ب(ءاكرر ).
وقد نجد للفظ الواحد معنيين و كن لهما نفس الدلالة العامة مثل ( ءازنزون)
(
الزين المفخمة ) في المغرب الأقصى يطلق على الأبكم أما في الأوراس فيقصد به الثقيل
و ينطق ( ءازنزول ) بحيث وقع الإبدال بين النون واللام. ولهذين دلالة واحدة لأن
الأبكم ثقيل السمع، ولا ننسى أيضا ذكر بعض المرادفات مثل : ءاقليم =جلد الذبيحة أو
يسمى أيضا ( ءالم )، هل هاتان المترادفتان لهما دلالات دقيقة أم أن إحداهما حدث بها
انحراف؟ فعندما نلجأ إلى الكلمة المركبة ( ءالمسير ) والتي تسمى بالدارجة
"
الهيدورة " ونقوم بتفكيكها نجدها تتركب من ( ءالم ) = الجلد و ( ءاسير) = الرحى
بمعنى جلد الرحى ولا ننسى أيضا انحرافات أخرى في النطق يمكن تصحيحها عن طريق تطبيق
قواعد الصرف الصحيحة فكلمة ( ءامجو = الأذن ) تجمع ( ءيمجان ) وحسب القاعدة والقياس
فإن مفرد ( ءيمجان ) يكون ( ءيمجي) لأن ( ءامجو ) مثل ( ءيمتشي ) يجمع
(
ءيمتشان
) .
بمعرفتنا للغة الأمازيغية نستطيع التعرف على كثير من المظاهر الطبيعية و بعض
الظواهر الاجتماعية. وهذا يساعدنا على اكتشاف كثير من الحقائق التاريخية والجغرافية
وبالتالي التوصل إلى معرفة الكثير من ماضي هذا المجتمع وإبراز خصائصه وتكويناته
لفهم طبائعه وإليكم بعض الأمثلة القصيرة. فالأسماء التي سميت بها كثير من المناطق،
الكثير منا لا يعرف معناها ولكن بمعرفة الأمازيغية نستطيع التعرف عليها مثل : مازر
، تاغليسيا ، تيغزا ، ثيفصكوين ، أقور ، ساغس ...إلخ. (سبق أن نشر هذا البحث بمجلة aures el kahina 1995 )
|
|