|
القومية العربية وثقافة الخيانة والدسيسة بقلم: محمد بودهان أدلى السيد عبد الكريم الخطيب لقناة الجزيرة في برنامج "زيارة خاصة"، الذي يقدمه سامي كليب، في حلقة يوم 11 يونيو 2004 بحقائق هامة وخطيرة لأنها تكشف عن حقائق جديدة حول علاقة المعارضة بالسلطة الملكية في أوائل عهد الر احل الحسن الثاني. والغريب في الأمر أن الصحافة سكتت كلية عن تصريح الخطيب كأن الأمر لا يكتسي أية أهمية، مع أنها هي التي نشرت عدة ملفات عما سمته بسنوات القمع والرصاص. فهل سكوتها عما شهد به الخطيب وراءه تخوف من أن تتعرض لما تعرضت له من منع الصحفُ التي تناولت رسالة الفقيه البصري الشهيرة التي تتهم اليوسفي بالتواطؤ مع أفقير في محاولة الانقلاب 1972، خصوصا أن ما قاله الخطيب هو توريط آخر لليوسفي في محاولة انقلاب ضد الملك؟ فماذا قال عبد الكريم الخطيب؟ ننقل كلامه بأسلوبه العامي وكما هو مسجل على موقع قناة الجزيرة www.aljazeera.net : «سامي كليب: طيب دكتور أنا قرأت أيضا أعتقد إنه فيه كتاب أيضا مسار حياة أنك أنقذت في السابق حياة الملك الحسن الثاني حين أبلغته بناء على معلومات من شاب سوري كان ينتمي إلى حزب البعث السوري اسمه عاطف دانيال بأن هناك محاولة للانقلاب عليه واغتياله كان حصل ذلك عام 1963، ما هي صحة هذه المعلومة؟ عبد الكريم الخطيب: كلها صحيحة. هذا عاطف دانيال كان زارني في عيادتي في الدار البيضاء بعد الاستقلال رفقة ميشيل أفلاق كان بيني وبينه حديث الإسلام وعلى كان مش عارف يقول إنه رسول العرب الإنسان ما لم يؤمن به كرسول ولكن كزعيم عربي وزي ده كان بيقول حاجات من دي وقلت له البعث بعيد عن الإسلام وبعيد عن هذا فيوم من الأيام فوجئت وأنا في الوزارة بتليفون الهاتف يتكلم من يتكلم قال عاطف دانيال قال لي ضروري تيجي تزورني في سويسرا قلت له خليها دي قضية موت أو حياة فذهبت إلى الحسن الثاني وقلت له قال لي روح شوف فلما وصلت إلى جنيف التقيت بعاطف دانيال فأعطاني حجة قاطعة إنه يعرفون ما يجري في القصر وما يجري في بيت نوم الملك.. سامي كليب: إنه غَيَّر التجهيزات الأمنية؟ عبد الكريم الخطيب: قال لي قوله هذه وقول له يبعث لي مائتين وخمسين ألف فرنك سويسري إذا أراد البقية فأنا رجعت الرباط وأخبرت الملك بما سمعته فقال لي شو صحيح فأنا غيرت الأجهزة وغيرت الأجهزة الأمنية وغيرت كل هذا وهذا غريب أنه كيف.. قلت له هذا ما.. فبعث معي الفقيه والدليمي والكاتب الخاص بأموال مطلوبة من طرف سلمناها له في ظرف فبدأ يحكي بالتفاصيل على المؤامرة فقلت له كيف أشياء عاطف دانيال الآن قلت لي أنك مدبر المؤامرة والآن تفضحها قال لي فعلا لما طُردنا من البعث لا نريد أن يستغل الفارق الذي تغلب علينا بفائدة قد يعود عليه هذا وأريد أن أبيع القضية وطلب مني شيئا واحد قال لي أرجوك أن تطلب من الحسن الثاني أنه لا يمس اليوسفي.. سامي كليب: عبد الرحمن اليوسفي. عبد الكريم الخطيب: عبد الرحمن اليوسفي وهو في المؤامرة أنه من الناس اللي كانوا في داخل المؤامرة ولكنه طلب مني لأنه لصحته وفعلا لما رحت للحسن الثاني ولما ألقي عليه القبض وضعه في شقة بعيدة عن هذاك ولم يصبه شيء في اللي.. سامي كليب: مين كان ضالع في المؤامرة حسب معلومات عاطف دانيال؟ عبد الكريم الخطيب: البصري.. سامي كليب: البصري الفقيه البصري. عبد الكريم الخطيب: الفقيه البصري، بن سعيد هذا الأتدير، مكنسي وآخرون مجهولون ولكن أسماؤهم موجودة ولكن موجودين كثرة.. كثرة كانوا كلهم ينتمون للاتحاد القوات الشعبية». ليس المهم في ما كشف عنه الخطيب هو أن اليوسفي كان طرفا في محاولة اغتيال الحسن الثاني، ولا أن هذا الأخير أخلى سبيله بذكاء ودهاء كبيرين، بل المهم هو أن مؤامرة اغتيال الحسن الثاني كانت بتخطيط وتمويل من حزب البعث السوري الذي هو حزب القومية العربية. كما أن وراء فضح هذه المؤامرة عناصر من نفس الحزب القومي الذي أعد المؤامرة وخطط لها. ماذا يعني كل هذا؟ يعني أن حزب البعث، وكل التيارات القومية التي تشترك معه في التوجه والإيديولوجيا، تقوم على ثقافة الخيانة والدسيسة: فرغم أن حزب البعث هو الذي خطط لاغتيال الحسن الثاني، إلا أن ثقافة الخيانة والدسيسة الداخلية التي تنبني عليها إيديولوجيا هذا الحزب هي التي أفشلت المؤامرة وفضحت المتورطين فيها عندما كشف أحد العناصر الرئيسية في نفس الحزب، وهو عاطف دانيال، عن خيوط المؤامرة ومحاولة الاغتيال. والأكثر إثارة في هذه الخيانة أن البعثي عاطف دانيال لم يفش أسرار محاولة اغتيال الحسن الثاني للانقلاب على أشقائه في نفس الحزب فحسب، بل من أجل المال كذلك، والذي تسلمه من ملك المغرب حسب شروطه (عاطف دانيال) كما يشهد على ذلك عبد الكريم الخطيب. وهذه هي حقيقة الأحزاب البعثية والقومية العروبية: فثقافتها هي الخيانة، ومبادئها هي الدسيسة، ووسائل عملها هي بيع القضايا الوطنية والقومية من أجل المصلحة الشخصية. وهذا ما يفسر لماذا انتصر أقل من ثلاثة ملايين يهودي على أكثر من مائة مليون عربي، لأنه من السهل أن تغلب قياداتٍ لا مبادئ لها سوى الخيانة والدسيسة وخدمة الهوى والنزوات الشخصية. وهذه "الخصال" البعثية كانت هي السلاح الفتاك الذي انتصرت به إسرائيل ذلك الانتصار الساحق في حربها ضد للعرب في 1967. في المغرب، توجد شرذمة من "المغاربة العرب"، أي الذين يعتقدون أنهم عرب وأن المغاربة شعب عربي، يحملون الإيديولوجية البعثية القومية ويدافعون عنها بكل ما أوتوا من قوة وإمكانات ويبذلون قصارى جهدهم من أجل نشرها وغرسها بالمغرب ولدى المغاربة، أي نشر ثقافة الخيانة والدسيسة والهزيمة. لقد آن الأوان لفضح هؤلاء الوصوليين والمنافقين العروبيين الذين لا مبادئ لهم ولا وطنية فيهم. وإذا أصروا على الاستمرار في التمسك ببعثهم وقوميتهم و"عروبة مغربهم" ، فما عليهم إلا أن يغادروا هذا المغرب ويلتحقوا بالشام والعراق حيث تعيش أرواحهم ومشاعرهم ليمارسوا ثقافتهم المفضلة، أي ثقافة الخيانة والدسيسة والهزيمة.
|
|