|
جمعية تاماينوت، فرع ماسّت: رسالة إلى المجلس الجماعي لماسّت حول ضرورة الحفاظ على الهوية الأمازيغية للمنطقة إلى الإخوة أعضاء المجلس الجماعي لماسّت تحية نضالية ونعد، إنا، نحن أعضاء فرع جمعية تاماينوت بماسّت(*، نتتبع بإمعان كل الخطوات التي يخطوها مجلسكم في كل درب من دروب الشأن المحلي الماستي الشائكة طرقه والوعرة مسالكه. وإنا لا نشك أن معظمكم رجال واعون بجسامة المسؤولية الملقاة على عاتقهم وذوو ضمائر حية. ذلكم ما أكده ما بلغنا من أصداء وقوف بعضكم ضد محاولة اختلاس المال الجماعي من طرف البعض وضد استغلال المهام الموكولة للبعض الآخر لأهداف أنانية. وإنا نسجل ذلك بارتياح كبير. بلغنا كذلك أنكم قادمون على وضع أسماء للشوارع وللأزقة، وعليه فاٍنا نعبر عن قلقنا الكبير وانشغالنا الشديد بهده المبادرة لما تنطوي عليه من مخاطر وما تحتمله من انزلا قات اديولوجية لصالح التبعية والوفاء الأعمى والساذج للخط السلوكي الذي رسمته الأحزاب التي زكت معظمكم. ذلكم أن الاديولوجية التي تدين بها وتخضع لها هده الأحزاب بنيت على أسس عرقية اٍقصائية و شوفينية غريبة عن وطننا. إنها تستمد ظلامها وظلمها من الإديولوجية البعثية التي باسمها قهرت الشعوب وأزهقت أرواح الآلاف. وإذ نعي جيدا أن بعضكم غير وفي لها، فاٍنا نحثكم على تجاوز الخلافات الشخصية والحساسيات الحزبية والتقسيمات الإدارية والتعاون بينكم ومع إخوانكم في الجماعات المجاورة خدمة للصالح العام وتنمية للمنطقة. إنا ندعوكم أن تنصفوا الوطن والأعلام الوطنية، أن تحاربوا تزوير وطمس تاريخ "تامازغا"(1)، أن تؤكدوا وتحافظوا على الهوية الأمازيغية لماسّت وأن تذكروا بامتداد الرقعة الجغرافية لـ"تامازغا". كما عليكم أن تنفتحوا على الأمم والشعوب غير الأمازيغية والتي أنجبت أعلاما ظلت أسماؤهم رموزا لنضال الشعوب من أجل الحرية وللفكر المتنور المناهض للرجعية والانتهازية والاستغلال. اعلموا أن الأعلام الوطنية ليسوا من برعوا في ترديد اللطيف وتزوير التاريخ. إن رموز الوطن هم الذين ذاع صيتهم ولمع نجمهم في ميادين حمل السلاح لتحرير الأرض و الذمم، أو حمل "الرباب" لاستنهاض الهمم، أو الذين حفظوا القرآن واستوعبوا علوم الدين الإسلامي الحنيف فباركوا "أزرف"(2) ولم يبغضوا على الناس وئامهم وتلاحم صفوفهم في فضاء "أسايس"(3) بفضل فنونه العريقة. أولئك منهم من أسسوا مدارس وزوايا وقت الناس انزلاقات النقل والتبعية وظلت قلعا للتسامح والتعايش تندحر على أبوابها أوهام الاستبداد ومطامح الاستغلال. إنكم تعلمون لا محال أن تاريخ تامازغا قد بدأ آلاف السنين قبل الوصول المزعوم لإدريس الأول من الشرق إلى فاس وأنه تاريخ حافل بالأمجاد غزير المحطات ومتنوع الأحداث. لا تغفلوا أن تامازغا فيها من المواقع الأثرية التاريخية والجغرافية ومن المجموعات البشرية ومن العادات والتقاليد ما يشهد على عراقة الحضارة الأمازيغية ويستحق التكريم والتخليد. إنا واثقون من أنكم لن تخالفونا الرأي فيما يخص الإبقاء على أسماء بعض الأزقة والدروب والساحات لكونها مآثر تاريخية قائمة بذاتها وحفاظا على ذاكرة المنطقة للأجيال القادمة وصونا لهويتها. إنا نأسف لما تقوم به أقلية منكم جاعلة لها بعض المغرر بهم بيادق يحثون الناس على الانضمام إلى جمعيات "مستعملي مياه السقي"، هي للقوانين المخزنية خاضعة وبالآليات الحزبية مسيرة و للسلوكيات السياساوية متبعة وللمصالح الأنانية راعية. إنهم يسعون إلى إحلال هده الجمعيات مكان الجماعات العرفية العريقة، ولا نقول "الجماعات السلالية"، هذا المفهوم الذي أوردته القوانين الاستعمارية. كما أنهم ينشدون اجتثاث "أزرف ن-و- ءامان"(4) لتحل نزواتهم مكانه. إنهم يشيعون بين الناس أن العرف الذي تخضع له العملية السقوية ظالم ومجحف في حق بعض السكان. نقول لكل المغرر بهم وللذين يستخدمون بطونهم عوضا عن عقولهم: زوار: إن "ءازرف ن-و- ءامان" معلمة تاريخية، شرعه أجدادنا وتراضوا على قواعده وأحكامه، عبر مؤسساتهم السباقة إلى الديموقراطية الحقة مثل تاكات(5)، ءافوس(6)، ءينفلاس(7)، لجماعت(8)، تاريگت(9)، إمغارن(10)، أيت ربعين(11)، تاضا(12)، ... ومما لا شك فيه أنهم أخذوا بعين الاعتبار أتناء مفاوضاتهم لتقسيم مياه نهر ماسّت(13): ـ تجربة العقود السالفة؛ ـ المستوى الأدنى لصبيب المياه والجهد البشري والطاقة الحيوانية المتوافرة لبناء "ءوگّوگ"(14) وحفر "ءيسورا"(15) وصيانتهما؛ ـ المساحة الدنيا (عدد "ءيمتلان"(16)) الضروري سقيها لضمان تغطية الحاجيات الغذائية والاحتياطي الاستراتيجي؛ ـ عدد تاكاتين(5) و إفاسّن(6) ومنه عدد السكان لكل قبيلة أو دوار؛ ـ توازن القوى واستمرارية التحالفات وحسن الجوار، درء الضرر واستتباب الأمن كي يتم ضمان الاستقرار ودوام الطمأنينة داخل تاضا وكي تهابها الأحلاف المجاورة وحتى الجيوش المخزنية. سين: إن الإكراهات الطبيعية والسياسية والديموغرافية التي أملت "ءازرف" المنظم للسقي إكراهات موضوعية لم تسمح بسقي كل الأراضي المملوكة لكل مجموعة سكانية من المجموعات المتواجدة. إن نسبة كبيرة من الأراضي تبقى محرومة من السقي إلا نادرا. ذلك أنه حينما يرتفع صبيب المياه وينتهي من سقي الحقول التي أعطيت لها الأولوية في أحكام "ءازرف"، داخل المدة الزمنية المفروضة لها، فإن الأراضي المحرومة، عادة، تستفيد من الفائض حسب الأولويات المتعارف عليها أيضا. كراض: إن حصص مياه السقي والمدد الزمنية المرتبطة بها إرث تاريخي لنا وملك للجماعات العرفية العريقة بالمنطقة وحق للمجموعات البشرية الأصلية التي تشكلها ولا حق لـ"مستعملي مياه السقي" فيها. وهذا الحق غير قابل للبيع والشراء وللرهن والكراء ولا لأي عقد من العقود التي تمس الحقوق العينية. وخشية أن ينتزع هذا الحق قامت حروب وخربت مداشر ومنعت هذه القبائل حتى المرور من أراضيها من غير مرافقة "ءيزطّاطن"(17) وأداء حق "تازطّاطّ"(18). كّوژ: إن الأراضي التي ظلت محرومة من السقي حتى بعد تشييد سد يوسف ءو تاشفين لا يمكن تحميل المسؤولية في ذالك ل"ءازرف" السقي. كما لا يمكن حل مشاكلها بتقليص الحصص التي يملكها أصحاب الأراضي الأخرى. ﺇنكم، بلا شك، لاحظتم أنه عندما تنخفض حقينة السد المذكور فان "تارگا"(19) كلها تحرم من مياهه وتتعرض جميع "ءيگران"(20) للجفاف. والخلل لا يكمن في ءازرف لأنه: ـ لا يمنع زيادة كميات المياه المخصصة لأرض أو مجموعة بشرية معينة؛ ـ لا يرفض تمديد المدة الزمنية التي تملكها جماعة عرفية معينة مع الإبقاء على المدد الحالية كحد أدنى؛ ـ لا يقبل أن تكون حقوق السقي بالمقابل ولا يسمح ﺇلا بأجور "ءينگّافن"(21). إن الخلل كامن ومنحصر في نوع السياسة الاقتصادية التي نهجها المخزن، بصفة عامة، والسياسة الفلاحية والمائية التي تتبعها السلطات الفلاحية، بصفة خاصة. إنها لازالت خاضعة لمقياس المغرب النافع والمغرب غير النافع وتتحكم فيها مصالح "اللوبيات" ذات قدرات تفاوضية هائلة بفضل الموارد المالية والاستثمارات الضخمة التي تتوافر لها. اٍنه لو وجدت سياسة فلاحية شعبية جادة تترجم شعارات التنمية المستدامة إلى واقع لتمكننا من سقي كل القطاعات التي ظلت محرومة مثل أبوار "تارگا"، "ءورتان"، "ءيمدران" و "تايّيتاشت" و لمدت قنوات السقي ﺇلى أراضي" زّور" لتصبح جنة خضراء دائمة الاستغلال تساهم في رفع مستوى الحياة بالمنطقة وفي استقرار السكان بها. إن أراضي" زّور"(*) هذه أصبحت اليوم موضوع مساومات بين عدة أطراف كلها غريبة على ماسّت أو لا صلة لها بالأرض. منها من ينتمي إلى الدوائر المخزنية أو إلى مافيا الاستيلاء على أرض الغير بالمجان بذريعة المصلحة العامة، ومنهم موظفون، أعوان سلطة، مهندسون، أطباء وغيرهم من ممارسي المهن الحرة، منهم المغفلون ومنهم من يعي جيدا فعلته. كلهم يحصلون على قوت يومهم ليس من أرض يتعبون في الكد بها ولكن من وظائفهم المخزنية أو من مهنهم الحرة المريحة والمربحة والتي تضمن لهم رغد العيش و تقيهم تعب الفلاحة و تجعلهم في غنى عن الأرض. إن هؤلاء جميعا لم يحسوا ولو ثانية في حياتهم بأهمية هده الأرض ولا بدورها في حياة أهلها. إنها أولا وقبل كل شيء مسألة كرامة الإنسان على أرضه وبفضل أرضه. ثم إنها مسألة الحرية و الاستقلال المعيشي. وإنها أخيرا الادخار والاحتياطي الأوحد والوحيد المتوافر والمعول عليه عبر الأجيال. من بين الحجج المعلنة للاستيلاء على أرض الناس نجد إنشاء منتزه لحماية الحيوان تنفيذا لمخطط وضع تصميمه الاستعمار الفرنسي. فالمنتزه لا يعني محمية لأن هده الأخيرة تستهدف حماية أصناف حيوانية ونباتية في إطار غابة أو جزيرة أو دلتا نهر أخذت الأنشطة الإنسانية تزحف عليها بشكل يهدد استمرار وجودها. أما الأول (parc d’attraction) فيستلزم إنشاء مرافق و إحداث بنايات و إعداد مصالح ليس فقط لاستقبال السياح والمتنزهين والسهر على أمنهم ورفاهيتهم، بل كذلك وأساسا لجدبهم وتنمية أعدادهم على اختلاف أعمارهم وأذواقهم و مصادرهم. و هذا ينطبق تماما على "زّور" لأن المتواجد الوحيد بهده الأراضي ناطق ويمارس الزراعة وتربية الماشية والصيد الساحلي منذ قرون خلت. وهو اليوم مهدد بالجلاء عنها لأن الحيوانات داخل فضاءت مسيجة ليست إلا فصلا متقدما من فصول مخطط طموح طويل الأمد ستلتحق بها بنايات حدائق الحيوانات المفترسة والمتوحشة الغريبة وتتبعها الحانات والعلب الليلية، لتلحق بها مطاعم "ماك دونالد" وملاعب "الـگولف". ثم تليها قرية سياحية و قصر الكويتي وڤيلا الألماني فمرسى يخت الإماراتي. وسيقترح على السياح ركوب الخيل والجمال وكذا السيارات و الدراجات الملائمة للرمال. و كل هذا سيحتاج إلى طرق ومحطات ولما لا إلى مطارات وهلم جرا. سنرى مآسي كثيرة وكبيرة. لن تترك السياجات لأصحاب الأرض إلا مسالك تؤدي بهم إلى الطريق الوطنية رقم 1 ليلتحقوا بمدن الهجرة. و من يصمد منهم سيستعطف أسياده الذين استحوذوا على أرضه كي يمنوا عليه بفرصة عمل. ولن يكون أحسن حالا من الذين استقدموا إلى ضيعات ب"ءاشتوكن"(22) ليعملوا ببيوتها البلاستيكية ويسكنوا في أكواخ يبنونها بما فضل من بلاستيك على مستخدميهم، ولا حتى من الذين نجوا من قوارب الموت فتقطعت بهم الحبال ب"اٍليخيدو" بالأندلس الاٍسباني. وتقبلوا تحياتنا النضالية. (عـن المكتب، الرئيس:الحسـَن بــلا) هوامش: (*) تحرف إلى ماسة. (1) المجال التاريخي للأمازيغية بشمال أفريقيا. (2) المقابل الأمازيغي لكلمة قانون وتطلق عموما على الأعراف الأمازيغية، جمعه ءيزرفان. (3) ساحة الحفلات والأنشطة الاجتماعية الجماعية. (4) عرف عريق ينظم العملية السقوية بماسّت. (5) جمعه تاكاتين ويطاق على وحدة أسرية تتكون من شخصين على الأقل ménage. (6) جمعه ءيفاسّن وهو مجموعة من تاكاتين بين جل أفراده قرابة بالذم أو بالمصاهرة. (7) مفرده ءانفلوس وهم هيئة تنفيذية. (8) مجلس موسّع لرجال القبيلة. (9) تعادل 15 تاكات. (10) مفرده ءامغار، يكون مكلفا بقطاع من الاقتصاد كالماء أو الغابة على غرار الوزراء حاليا. (11) هيئة تشريعية من أربعين رجلا. (12) حلف عسكري واقتصادي على شكل كونفدرالية مجموعة من القبائل. (13) حرفت عربيا إلى ماسة. (14) السـد. (15) مفردها ءاسارو وهو القنال. (16) مفردها ءامتّول ويساوي 30 "لمري" الذي يساوي بدوره 5,5 م2 أي أن ءامتّول=908 م2 . (17) مفرده ءازطّاطّ وهم حراس الحدود والقائمين على الجمارك. (18) حق المرور يؤدى على السلع وحسب عدد رؤوس الحيوان والأشخاص. (19) يطلق محليا على المنطقة المسقية. (20) ءيكَر=الحقل. (21) مفردها ءانكَّاف وهو تقني خبير باٍمور السقي (*) شريط بمحادات ساحل ماسّت يمارس فيه السكان زراعة بوريه. (22) حرفت الى شتوكة.
|
|