|
كونفدراالية تامونت ن يفوس (كونفدرالية الجمعيات الامازيغية بالجنوب) ندوة "الامازيغية والجهة: زنموذج سوس" نظمت كونفدراالية تامونت ن يفوس ندوة وطنية حول موضوع " الامازيغية والجهة: نموذج سوس" يوم 19/20 يونيو 2004 باكادير، قاعة البلدية . وقد تضمنت أشغال الندوة أربعة محاور منها: 1 ـ المحور النظري تناول فيه المحاضرون: محمد حنداين (متخصص في تاريخ سوس) جهة سوس في سياقها التاريخي مبرزا مكانة سوس في التاريخ المغربي باعتباره منطلق معظم الثورات التي أسست الدول المغربية بدء بالمرابطين مرورا بالموحين وانتهاء بالسعديين. وقد أبرز المحاضر الأدوار التاريخية التي لعبتها جهة سوس منذ تلك الفترة وكذلك إبان القرن العشرين ضد الاستعمار كحركة أحمد الهيبة وملحمة ايت باعمران ثم أخيرا كون هذه الجهة ساهمت في حركة جيش التحرير المغربي. كما اعتبرت الجهة منشأ الحركات المعارضة في الستينات من القرن الماضي. كما تساءل في الأخير المحاضر عن الأسباب العميقة لتهميش المنطقة هل هي راجعة إلى أسباب ثقافية أو إلى طبيعة النخبة الحاكمة للدولة المغربية. وفي نفس المحور أشار الأستاذ أحمد عصيد الباحث في الفكر الأمازيغي إلى تراجع جهة سوس في القرن العشرين بسبب الضعف السياسي للنخبة السوسية متخذا نموذج المختار السوسي الذي كان دائما يقوم بأدوار مهمة، لكنه وراء الكواليس والظل. وكيف أن سوس كان مكبلا بذهنية الزوايا و التصوف. فكان سوس يبني الدول ويهدمها. وكيف أنه كان رائدا في الحركة الثقافية الأمازيغية لكون أبنائه كانوا أول من انتبهوا إلى ضرورة رد الاعتبار إلى الأمازيغية في إصدار أول ميثاق حول الثقافة الأمازيغية سنة 1991. وأظهر الأستاذ حسن ايدبلقاسم المحامي بالرباط ورئس جمعية تامينوت أن الديموقراطية الحقيقية تفترض في بلد مثل المغرب المتسم بوجود جهات تاريخية أن تطور الدولة المغربية نظامها السياسي في أفق بناء النظام الفيدرالي مستدلا بالنموذج الاسباني والألماني مؤكدا على أن المغرب كان به مثل هذا النظام في إطار نظام انفلاس أو الجماعات الأصلية. ومن ثم فإن مبدأ اقتسام الثروة أصبح اليوم على الصعيد الدولي يشكل احد الأساليب لمعالجة المشاكل الجهوية في مختلف مناطق العالم. إن هذا النظام يضيف المحاضر يشكل إطارا لإزالة كل أساليب التهميش وسيطرة المركز على الجهة. وختم عرضه بضرورة إقرار جهوية سياسية وليس فقط جهوية إدارية. 2 ـ وفي المحور الاقتصادي شارك رشيد بوتي المتخصص في الإحصائيات وخبير الاتحاد الأوربي إلى البنية الاقتصادية لسوس متخذا نماذج من المؤسسات الإنتاجية ومساهمتها في الاقتصاد الوطني، مبرزا أهمية جهة سوس في الاقتصاد الوطني لكنه لا يستفيد من نفس النسبة في الاستثمار مما يجعل المنطقة تشكل ما يسمى في الاقتصاد بمنطقة التناقض، إذ في الوقت الذي تشكل هذه الجهة قطبا اقتصاديا ثانيا في البلاد تأتي في الدرجات الدنيا من ناحية البنيات التحتية و الخدمات الاجتماعية و التعليمة و غيرها. كما ختم عرضه بضرورة تبني كتابة بتيفناغ في كل ما يتعلق بالجهة شأن الدول الديموقراطية مثل إسبانيا. وإتماما لما سبق أشار الأستاذ المحاضر تاكولا عبد المجيد المهندس الإعلامي على ضرورة تغيير الأساليب العتيقة للنخب السوسية التي لا تحتل المكان الطبيعي لها الذي يوفرها لها دورها الاقتصادي بسبب انعدام التغطية السياسية والانخراط العقلاني في العمل السياسي، مما يهدد مستقبل هذه النخبة. وقد أبرز المحاضر مخاطر العولمة على النخبة السوسية اذا تطورت النخب الأخرى باستعدادها للعولمة بالتكوين المستمر و الارتباط الدائم بما يجري في العالم والتحالف الدائم بين المثقفين و رجال الأعمال بينما نجد النخبة السوسية تتحفظ باستمرار من رجال الثقافة و الفكر . وقد انتهى المحاضر بضرورة خلق التوافق بين النخب السوسية وتجاوز الاختلافات السياسية. وقد أتم الباحث محمد المستاوي ما أشير إليه انطلاقا من تجربته في الجماعة و مجلس الجهة حيث أكد على أن الحس الجهوي لسوس منعدم لدى المنتخبين ويتحفظون بشكل مبالغ فيه في القرارات المتعلقة بالجهة ويبالغون في الرقابة الذاتية حتى المسائل العادية بينما يجهر المنتخبون في الجهات الأخرى بالدفاع عن جهتهم. وختم المستاوي عرضه بضرورة القيام بوقفات احتجاجية لهذا الوضع الخطير. 3 ـ أما في المحور الثالث الذي يهم الجانب الاجتماعي فقد شاركت فيه زينب ايت بولحسن المهندسة الإعلامية في وزارة التخطيط بعرض أدهش الحاضرين لما يتضمنه من احتقار لجهة سوس مؤكدة ذلك بالإحصائيات الدقيقة. والعرض يتضمن تهميش سوس على مستوى التعليم العالي. وقد أشارت الباحثة إلى سياسة ممنهجة لبقاء أبناء سوس في الدرجات الدنيا على مستوى التعليم العالي حتى لا يتجاوزون التعليم المهني وبالتالي سيصبح أبناء الجنوب عمالا وعطالة في المستقبل وسخرة لأسيادهم. وقد بينت ذلك في توزيع الميزانية و المعاهد العليا والجامعات. فبينما تشكل جهة الجنوب 56./. من مساحة البلاد و 13./. من السكان، فإن نصيبها من البنيات الأساسية لا يتجاوز 7./. من المعاهد العليا وعلى مستوى الميزانية فإذا كانت جهة الرباط تأخذ 128 درهم لكل نسمة في ميزانية التعليم لا تتلقى جهة سوس إلا 4 دراهم لكل نسمة بمعنى أن كل رباطي يساوي اثنين وأربعين سوسيا. وإذا كانت جهة سوس تقدم للوطن نسبة كبيرة من الثروة في المعادن والثروة السمكية والفلاحية فهي تأتي في الدرجة الأخيرة على الصعيد الوطني من حيث التغطية التعليمية، مما يشكل حكرة واضحة تسدعي القيام بتغيير المنكر بطرق أخرى ورفع القضية إلى المسويات العليا حتى يتم رفع الظلم وإحقاق الإنصاف والمساواة. واختتمت الباحثة عرضها بضرورة التحرك السريع لمعالجة هذا الوضع المتسم بالعنصرية وانعدام المسؤولية في تسيير البلاد إذ أن الوضع يهدد الاستقرار العام للدولة المغربية. أما الأستاذ محمد سكنفل المتخصص في التواصل فقد أكد على انعدام تكافؤ الفرص في التعليم بين الناطقين بالأمازيغية والناطقين بالعربية مما يستدعي وباستعجال ضرورة تعميم اللغة الأمازيغية في التعليم المغربي حتى يتحقق هذا المبدأ الأساسي في التعليم. وقد أعطى الأستاذ أمثلة حية مبنية على استمارات و أبحاث ميدانية عن هذا الإشكال في التعليم والتواصل. وأكد الأستاذ كذلك بان أبناء المنطقة رغم تفوقهم في التعليم فان اللغة تشكل عائقا أمامهم في التواصل مما يقلص فرصهم في العمل و الترقي. أما الأستاذ اوبلا ابراهيم الباحث في الأمازيغية فقد أشار إلى مشكلة الأرض التي تم نزعها من أصحابها الأصليين من طرف الاستعمار ولم ترجع لأصحابها بعد الاستقلال إذ تم تفويتها بمقتضى قوانين استعمارية لغير أصحابها وأعطى أمثلة لنموذج الجماعات الأصلية لجهة طاطا وكيف تتعامل السلطة مع هذه الجماعات إذ أشار إلى التعامل مع السكان على أساس عرقي لاستغلالها في تفكيك هذه الجماعات. وختم الباحث عرضه بضرورة التوافق بين كل عناصر المجتمع المغربي على أساس الاعتراف المتبادل والاحترام المتبادل إذ لا يمكن تصور انتصار عنصر على آخر. 4 ـ أما المحور الرابع فقد شارك فيه الأستاذ الفيزازي عبد السلام المبدع و الروائي المعروف حول تهميش الريف ونقل رسالة من الريف إلى سوس مشفوعة بتقاسم أعباء التهميش وأخطار الزلازل مبرزا أوجه التشابه بين الريف وسوس في مجالات متعددة وحتى في نقمة الطبيعة. وأشار إلى أن محاربة التهميش لابد أن يواجه بثكاثف الجهود وتظافرها بين كل الجهات المغربية لإيقاف ثلة حاكمة فاسدة تسيطر على كل دواليب الدولة ضدا على رغبة السلطة العليا للبلاد. أما الأستاذ الدغيرني احمد المحامي بالرباط والباحث المعروف فقد أشار إلى أسباب تهميش السوسيين منذ اقتسام كعكعة الاستقلال. فقد أزيحت جهة سوس إذ أصبح المختار السوسي وزيرا شكليا في الوقت الذي يتقاسم فيه الآخرون ثروات المغرب. وأشار إلى تهميشهم حاليا داخل الأحزاب السياسية. فبالرغم من نضال السوسيين في الاتحاد الوطني وبعده الاتحاد الاشتراكي فقد تم تهميشهم إلى الآن، بل قد تم تهميش احد المناضلين في حزب عتيد بمجرد المطالبة بحق سوس في المناصب الوزارية. وينطبق هذا على باقي الأحزاب الأخرى فلا وجود لوزير سوسي في هذا التغيير الحكومي بينما استقطبت جهة معينة بنسبة كبيرة في الحكومة الحالية والحكومات السابقة. أما الباحث بولكيد لحسن فقد أشار انطلاقا من تجربته البرلمانية إلى أن التهميش خطير جدا وأنه واكبه عن كثب وأن المسوؤلين لا يفكرون إلا في مناطقهم وأن السوسيين وحدهم هم الذين يتصفون بأغاراس أغارس والمواطنة المفرطة حتى أضاعوا كل شيء. وأشار إلى ما يهدد المنطقة من مزيد من التخريب في الفرشة المائية واستنزاف الثروات البحرية والمنجمية والأراضي... ودعا إلى تطوير أساليب الاحتجاج للوصول إلى رفع هذا التهميش حتى لا نصل إلى ما لا تحمد عقباه. فقد امتصوا العظم وصموا الدماء فلم يبق للناس لا دين و لا دنيا. واختتم عرضه بتوصية إلى المناضلين في الأحزاب بضرورة بناء التوافق بين مختلف نواب البرلمان مثلا لخلق لوبي قوي تستفيد منه الجهة و هؤلاء المناضلون في اقتسام ثروة الحزب ومكاسبه. وشارك الجمهور في النقاش مؤكدا على ضرورة رفع هذا الحيف وهذا التهميش وطالبوا باقتسام الثروة وإعطاء أولوية لأبناء المنطقة بشكل يتوافق مع القوة الاقتصادية. وعدم جعل سوس بقرة حلوبا لجهة وأبناء جهات أخرى مع التأكيد على أن المغرب واحد ولكن بالنسبة للجميع وليس على حساب الآخرين. واختتمت أشغال الندوة بقراءة التوصيات ووعد من الكونفدرالية بمتابعة هذا الموضوع وطبع أشغال هذه الندوة ليتمكن الجميع من الاطلاع على ما تضمنته الندوة من حقائق مثيرة. التوصيات إن المشاركين في ندوة ”الأمازيغية والجهة: نموذج سوس“ المنظمة من طرف كونفدرالية تامونت ن يفوس (كونفدرالية الجمعيات الامازيغية بالجنوب) ما بين 19/20 يونيو باكادير. . وبعد الوقوف على الدور التاريخي لجهة سوس، وبعد الاستماع إلى مختلف العروض والمناقشات والتي أبرزت بالإحصائيات والدلائل الملموسة مدى التهميش المهول والممنهج لجهة سوس أظهرت مدى التفاوت بين القوة الاقتصادية لسوس كقطب ثان في البلاد وبين التمثيل السياسي المنعدم لهذه الجهة على مستوى اتخاذ القرار السياسي و الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والإداري يوصون بما يلي: 1 ـ بضرورة ترسيم اللغة الأمازيغية في دستور ديمقراطي في إطار مجتمع ديموقراطي حداتي. 2 ـ تفعيل القرارات الرسمية العليا المتعلقة بالشأن الأمازيغي في مجال التعليم والإعلام والشأن العام. 3 ـ بضرورة مراعاة الدور التاريخي والثقافي لجهة سوس ولقوتها الاقتصادية كقطب اقتصادي ثان في التمثيل السياسي في إطار نظام فيدرالي ديموقراطي. 4 ـ بضرورة مراعاة خصوصية المنطقة الثقافية واللغوية وإعطاء الأولوية للكفاءات المحلية في المناصب المحلية الإدارية وغيرها، وكذلك في مجال التشغيل بالنسبة للمعطلين في الجهة كما هو شأن جهات أخرى. وكذلك في جميع التعيينات المتعلقة بالمناصب السامية للدولة المحلية والوطنية والدولية. وكذلك في استفادة المنطقة من ثرواتها في إطار توزيع عادل للثروة والعمل. 5 ـ ضرورة التحلي بالإنصاف و العدل في مجال التربية و التعليم وخاصة التعليم العالي وبناء جامعات كاملة وبعيدا عن اغتناء جهات على حساب جهات أخرى وحرمان أبناء الجهة من الاستفادة من إمكانيتها المحلية. 6 ـ ضرورة تحيين القوانين والتشريعات المتعلقة بالجماعات الأصلية وإرجاع الأراضي لأصحابها الأصليين. 7 ـ دعوة مناضلي الجهة في مختلف الأحزاب والنقابات إلى تحقيق توافق جهوي يخدم الجهة ويدافع عن أبنائها لما فيه مصلحة البلاد من خلال الجهة. (اكادير في 20/06/2004)
|
|