|
|
أساطير النزعة العروبية أو هذيان العربومانيا بقلم: أنازور سعداني (خنيفرة) لا يزال القوميون العرب متشبثين بأساطيرهم على الرغم من أنف الواقع وحقائق العقل الحديث الذي ينفي مصداقيتها. فقد صدر في مارس 2001 كتيب بعنوان "عروبة الأمازيغ بين الوهم والحقيقة" لمؤلفه محمد البومسهولي الذي حاول، من خلال كتابه، الدفاع عن أطروحة تناولتها أقلام كثيرة حد الابتذال: يتعلق الأمر بعروبة الأمازيغ، أي أن أصل الأمازيغ عربي وأن الأمازيغية فرع من "دوحة شامخة" هي العربية. ويؤكد جمال السامرائي في تقديم الكتاب على أن "اللهجة الأمازيغية ما هي إلا لغة عربية سليمة". ولتوضيح ذلك عمد الكاتب إلى شرح بعض المفردات الأمازيغية وحاول أن يجد لها أصلا في اللغة العربية. ونعلم جيدا أن البحث والتقصي في مجال اللغة وعلم الاشتقاق ليس من اختصاص الفقهاء ولا المشعوذين ولا الدجالين، وإنما من اختصاص اللسانيين والأنتروبولوجيين الذين يتوفرون على مؤهلات نظرية لتأسيس أطروحاتهم على معايير علمية وعقلية بدلا من التفسيرات الخرافية واللاهوتية التي لا طائل من ورائها. وأتساءل كيف تجرأ البومسهولي على خوض غمار البحث في اللغة الأمازيغية دون التمكن منها. ويتضح عدم إلمامه بالأمازيغية في أكثر من موضع. ولأوضح ذلك أقدم للقارئ بعض الأمثلة التي أوردها في كتابه: ـ أسردون: "سمي الحصان بهذه التسمية لأنه يتابع سيره بسرعة" (!!؟؟)، بينما في الحقيقة "أسردون" تعني "البغل". ـ مكرضول: "المكر + الذل". فما العلاقة بين "مكرضول" والمكر + الذل؟. فـ"مكرضول" الأمازيغية مركبة من الفعل "كرض" التي تعني Gratter و "أول" تعني القلب. والكلمة مجتمعة (مركبة) تعني "الرزايا" و"المصائب". ـ إمطاون: "وهي الدموع، وهي في معاجم اللغة العربية: المطيطة، جمع مطائط، وهو الماء الكادر الخاثر يبقى في الحوض". هناك شبه تقارب على المستوى الفونيتيكي، ولكن ما العلاقة بين المفردتين على مستوى الدلالة؟ ـ أوطوف: "النملة، وأعطيت لها هذه التسمية لأنها تطوف ذهابا وإيابا" (!!؟؟). لماذا لم يعط الأمازيغ هذه التسمية للحجاج الذين يطوفون الكعبة؟! ـ إسلمان: "سمكة السلمون". فكيف يكون الأصل "العربي" للكلمة الأمازيغية "إسلمان" هو "السلمون" التي ليست بكلمة عربية؟ وهناك أمثلة كثيرة مضحكة جدا لا يسمح المجال بذكرها. صحيح أن اللغة الأمازيغية، بحكم انفتاحها على آفاق وثقافات متعددة، قد عملت على دمج بعض المصطلحات الأجنبية، شأنها في ذلك شأن جميع لغات العالم. ولكن أن نلحقها بالعربية من خلال "بحث" وجيز لا يتوفر على أدنى شرط علمي، فذلك عمل لا يقوم به إلا من تغذيه إيديولوجية حجبت عنه كل شيء سوى هدفه المتمثل في التمويه على الأمازيغ والزج بهم في بيداء التيه، وبالتالي تسهيل عملية إلحاقهم بالمشرق على الطريقة الجابرية والقذافية. ويتأكد ذلك بمجرد اطلاعنا على نوع المراجع المعتمدة في هذا "البحث": "المغرب المعاصر، الخصوصية والهوية، الحداثة والتنمية" لمحمد عابد الجابري ـ "الأمازيغ عرب عاربة" لعثمان السعدي ـ "برامج الجزيرة في الاتجاه المعاكس"... من خلال هذه البيبلوغرافيا يتضح جليا أن البوسمهولي لم يعمل إلا على اجترار خطابات مؤدلجة أكل عليها الدهر وشرب لأنها لن تفيد الإنسانية في شيء، اللهم في تخريبها. ولذلك وجب تحليل هذه الخطابات التي أعلنت حربا شرسة ضد ثقافة البلدان التي استولى عليها العرب منذ ظهور الإسلام. ما الغرض من إلحاق الأمازيغ بالعرب؟ أحيانا يعيد التاريخ نفسه ويمنحنا الفرصة لاستخلاص العبر. لقد كان من بين الخطط التي نهجتها فرنسا لتسهيل غزو البلدان الأجنبية نشر دعايات حول الأصول الأوروبية لهذه البلدان.
|
|