|
|
مّ إيزولا- أو الاشتغال الأدبي الحديث على المتن الحكائي التراثي الأمازيغي بقلم: عزيزة نفيع - أكادير
بعد كتابها الأول الذي عنونته illis n waman والذي صدر سنة 2006 ويعد ترجمة لمجموعة من الحكايات العالمية إلى الأمازيغية استحقت بها جائزة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية لسنة 2007، تعود الكاتبة خديجة أبنروس المتمكنة من أدوات الكتابة واللغة الأمازيغية إلى ساحة الإصدار مهجوسة بهم إثراء الأدب الأمازيغي وتطوير أساليب اللغة وتثويرها لتعلن عن ميلاد عملها الثاني في مجال الحكاية، لكن هذه المرة ليس من مدخل الترجمة، بل من باب الاشتغال على الموروث وإعادة صياغته بلغة أدبية سلسة ومتينة وشيقة. لقد عنونت الكاتبة المؤلف باسم "مّ إيزولا" مستلهمة اسم إحدى البطلات المتميزة بالذكاء والحصافة ضمن حكايات المجموعة، وفي ذلك رغبة من الكاتبة على تأكيد دور المرأة الأمازيغية في المجتمع وفي الكتابة ذاتها. ولعل اختيار هذا العنوان وطبيعة الحكايات المستجمعة في الكتاب والملتقطة من أفواه الشيوخ في منطقة تازناخت التي تنحدر منها عائلة الكاتبة ينم عن رؤية مسكونة بانشغالات هوياتية وثقافية تروم صيانة الذاكرة الجماعية وإعادة الاعتبار للموروث بتدوينه وحفظه من الضياع، لكن ليس مجرد تدوين كرافي يسجل الخطاب الحكائي كما يتداوله الرواة في المجتمع التقليدي، بل يندرج في ما يمكن تسميته التدوين الأسلوبي لأنه يشتغل على اللغة ويبتدع الأساليب ويستكشف سبلا أخرى غير مطروقة في مجال الصياغة الأدبية بحيث يتحول النص إلى تحفة أدبية مكللة بجودة التراكيب وطلاوة الصياغات ورقي اللغة على مستوى الشكل والصياغة، وعلى مستوى المضامين يصبح النص محملا بقيم إنسانية حداثية فضلا عن القيم الأمازيغية الأصيلة التي تحبل بها عادة النصوص الشفوية التراثية، مما يجعل هذا الكتاب يوفر مادة قيمة للأدباء الشبان الراغبين في تطوير إمكاناتهم الأسلوبية واللغوية، ويتيح متنا مفيدا للباحثين الاثنوغرافيين أو دارسي الفولكلور أو الباحثين في مجال الميثولوجيا الأمازيغية، ذلك أن نصوص الكتاب متنوعة في بنياتها السردية، فبين طياتها نجد ما يندرج ضمن الميث النادر التداول الآن أو الأسطورة المفسرة فضلا عن الحكاية العجائبية أو الغرائبية المعروفة. صدرالكتاب في 115 صفحة عن مطبعة سيدي مومن بالدار البيضاء ويضم إضافة إلى الإهداء والتقديم ثلاثة نصوص طويلة النفس عنونتها كالتالي: ـ تاغزنت إيشّان تاروا نس ـ مّ إيزولا ـ توف أنزار وقد كتبت النصوص بالحرفين الأمازيغي تيفيناغ والحرف اللاتيني، وذيلت بهوامش تتضمن شروحات للكلمات التي ارتأت الكاتبة انها تحتاج إلى توضيحات للقراء. والعنوانان الأخيران ضمن هذا الثالوث يعززان ما ذهبنا إليه من كون الكاتبة حرصت في نصوصها على إثبات الحضور الإيجابي للمرأة في الساحة السوسيوثقافية للمجتمع التقليدي الأمازيغي، ويؤكدان كون الكاتبة تدمج نصوصها في أفق الوعي الحداثي لقضايا الثقافة والإنسان والمجتمع الأمازيغي، ولا غرو فهي قد ساهمت في النضال النسائي الأمازيغي ضمن لجنة المرأة بجمعية أزطّا الشبكة الأمازيغية للمواطنة، وساهمت مؤخرا في تأسيس رابطة "تيرا" للكتاب بالأمازيغية بأكادير حيث تتحمل المسؤؤلية ضمن مكتبها المسير حاليا.
|
|