|
|
اللغة العـربية رابعة عالميا؟! بقلم: مبارك بلقاسم
يكرر أنصار اللغة العربية في المروك من الصحفيين وبعض المثقفين بكثرة مقولة أن «العربية هي اللغة الرابعة عالميا». ولكنهم لا يشرحون لنا ماذا يقصدونه بالضبط بهذا الادعاء المبني غالبا على التمني وأحلام اليقظة. هل العربية رابعة عالميا على مستوى عدد الناطقين بها؟ أم على مستوى المساهمة العلمية وإنتاج الكتب وفي الإنترنت؟ أم على مستوى الأهمية الاقتصادية؟ وما هي هذه اللغات الثلاث التي سبقت العربية في سلم الشرف العالمي؟! الفصل بين الحقائق والتمنيات أولا يجب أن أكرر أمام إخواننا الأمازيغ المروكيين المعربين (لغويا وثقافيا) أننا لا نعادي العربية كلغة وثقافة ولا نريد رميها في البحر أو منعها من التعليم. وإنما نريد قطع الطريق على هؤلاء المروكيين المقومجين عربيا حينما يستخدمون «قدسية» العربية حينا و»تقدمها» عالميا أحيانا أخرى كمسوغات ومبررات واهية لتعريب الشعب الأمازيغي وإقناعه بأن اللغة العربية هي طريق الخلاص لأنها لغة الدنيا والآخرة.. أي أنها لغة عالمية ولغة أهل الجنة! أما إذا اطلعنا على الحقائق الديموغرافية والاقتصادية والعلمية والثقافية العالمية فسنكتشف بأن اللغة العربية لا تحتل الرتبة الرابعة عالميا ولا يحزنون. لنقرأ الحقائق: على المستوى الديموغرافي: نعلم جميعا أن اللغة العربية المكتوبة لغة غير متداولة شفويا وشعبيا وإنما ينحصر مجالها في الأدب المكتوب وفي الإعلام الإخباري فقط. فالأميون العرب في السعودية أو الأردن أو اليمن أو سوريا مثلا لا يعرفون حتى كيف يكتبون أسماءهم بالحروف العربية رغم أنهم يتكلمون لهجات عربية في حياتهم اليومية. ومع ذلك يصر أنصار العربية أن هؤلاء يدخلون أيضا في إحصائيات وأرقام الناطقين بالعربية المعيارية «الفصحى» التي هي لغة مكتوبة فقط. وحتى إذا وافقنا على جمع الحابل بالنابل وجمعنا كل العاميات العربية مع الفصحى، ووضعنا الأميين العرب في سلة واحدة مع الأدباء العرب والأطباء العرب...إلخ، فإن مجموع الملمين باللغة العربية الفصحى والناطقين بلهجاتها الشعبية كلغة أم (لغة أولى) في غرب آسيا وشمال أفريقيا يشكل ما مجموعه حوالي 240 مليون حسب تقديرات منظمة Ethnolgue الأمريكية المتخصصة في اللغات وحسب الأرقام الديموغرافية الأخرى. وهذا يعطي العربية (الفصحى مع اللهجات العربية) الرتبة السادسة عالميا (كلغة أم) وراء اللغات الخمس التالية:الماندارين الصينية (885 مليونا)، الهندية (450 مليونا)، الإنجليزية (346 مليونا)، الإسبانية (332 مليونا)، البنغالية (250 مليونا). علما أن هذه اللغات الخمس موحدة وممعيرة يتطابق لديها المكتوب والمنطوق بشكل كبير وليس لديها “فصحى” و”عامية” مختلفتان كثيرا مثلما هو الحال لدى العربية حيث لا يمكن للعراقي أن يفهم دارجة الدزايري أو المروكي. أما إذا أخذنا اللغة الطبيعية (العامية) فقط بعين الاعتبار واستبعدنا اللغة المكتوبة من الإحصائيات فإن كل اللهجات العامية العربية ستختفي من الرتب الثلاثين الأولى عالميا وستتحول إلى لغات قزمية مفسحة المجال للغات الوطنية الأكبر حجما مثل الألمانية والروسية واليابانية والكورية والبرتغالية والإندونيسية والماليزية والأردو والفارسية والتركية والوو Wu (في الصين) والكانتونية (في الصين كذلك) وغيرها من اللغات الطبيعية العامية في العالم. وكمقارنة بسيطة، فالناطقون بأمازيغية سوس مثلا يزيدون عن سكان لبنان والأردن مجتمعتين. ويزيد الناطقون بأمازيغية الريف بمفردها عن السكان الناطقين باللهجات العربية في الإمارات وعمان وقطر والبحرين والكويت مجتمعة.
كما أنه ليس من المعقول أن نعتبر المصرية والعراقية والدزايرية
واليمنية لغات طبيعية متطابقة فيما بينها! على المستوى العلمي والثقافي: حسب أرقام اليونسكو حول الإنتاج السنوي للكتب، تحتل بريطانيا المرتبة الأولى عالميا بـ 206.000 عنوان، متبوعة بأمريكا بـ 172.000 عنوان، والصين بـ 136.000 عنوان، وألمانيا بـ 96.000 عنوان سنويا. وتحتل دول صغيرة الحجم وقليلة السكان مراتب جد متقدمة مثل هولندا (المرتبة 11)، وسويسرا (المرتبة 15)، وبلجيكا (المرتبة 17)، والسويد (المرتبة 18)، وإسرائيل (المرتبة 27) عالميا. أما أول دولة ناطقة بالعربية في الترتيب فهي لبنان التي تحتل المرتبة 34 عالميا خلف جنوب أفريقيا. أما بلدان تامازغا الثلاث المروك وتونس والدزاير فهي تقبع على التوالي في الرتب 42 و43 و44 متفوقة بالكاد على دول مثل الأردن وفيجي وإثيوبيا وزيمبابوي.
أما على مستوى لغات الإنترنت الأكثر استخداما فإن العربية (بكل
لهجاتها وتنوعاتها) تقع في الرتبة 12 أو 13 عالميا خلف الهولندية. أما صدارة
الترتيب فهي من نصيب الإنجليزية متبوعة بالصينية، فالإسبانية، واليابانية،
والألمانية، والفرنسية، ثم الكورية في الرتبة السابعة، حسب إحصائيات كل من Global
Reach و NationMaster. إلا أنه قد فاتهم أن يستوعبوا شيئا آخر وهو أننا لن نفرط في لغتنا الأمازيغية حتى ولو كانت العربية تحتل فعلا الرتبة الرابعة عالميا أو حتى الرتبة الأولى!
|
|