|
|
الفنان الأمازيغي الحسين طالبي: من اللوحة الصامتة إلى اللوحة الهامسة بقلم: لحسن ملواني
التشكيليون فنانون يعتبرون اللوحة مساحة ضرورية لأنفاسهم ونبضهم، يسجلون بفنية آسرة ما يرون أنه قابل لأن يحتفظ بألقه مهما مر الزمن، وهكذا نجد اللوحة تاريخا فنيا يحمل دفء الأعماق وتأمل الماضي والآفاق، فما يعتلج في نفسية الفنان يطل علينا بعضه في اللوحة كي يشعرنا بخلجات المشاعر المشتركة والمختلفة في نفس الآن.. يغدو الفن متعة وهمّاً يفرض نفسه على صاحبه وعلى من يقاسمه النظرة المتميزة نحو العالم.. الفنان الأمازيغي الحسين طالبي يعانق اللون والشكل قبل أن يدعه أمانة تجسد مُرْتَآهُ على مساحة من الثوب أو الخشب.. يحترم محيطه الذي لا زال يحتفي بتراث أمازيغي يأبى النسيان، فيفرد كل لوحاته للإنسان الأمازيغي بعمامته وجلبابه وخنجره وكل ما يعزز الترميز لشهامته وشجاعته.. لوحات تحمل هوية خاصة، وثقافة خاصة تأبى الانمحاء والاندثار.. لوحات الفنان الحسين طالبي لوحات تتأرجح بين لوحات تحاكي جمال الطبيعة بجداولها وشلالاتها الغِرِّيدة، وبين لوحات هامسة تحمل أشخاصا لا زالوا على سجيتهم الصافية ولباسهم الموروث، تراهم في أوضاع تقابلية توحي بكلام حميمي يدور بينهم.. لوحات تجسد الاحترام للمحيط ومعطياته المختلفة ... وتشعر إزاء محتوياتها وألوانها الساخنة والباردة أن الفنان يخاف من أن يستيقظ يوما فيجد قصبة أو حديقة يحل محلها هيكل إسمنتي يخنق الأنفاس ويحتل مربع الورد والزهر ويهجر الطير نحو المجاهل. ونسجل على لوحات فناننا الصبور المتشبث بفنه تميزا وتطويرا لموضوعات وأسلوب لوحاته حين تجاوز بفرشاته وألوانه اللوحات الساكنة التي لا تحمل سوى القصبات وما يحيط بها من رياض وأشجار باسقة إلى اهتمامات أخرى لها علاقة ببعض المشاهد اليومية لحياة سكان قلعة مكونة... مشاهد تحمل دفء اللحظة وجمالية المكان: أشخاص يتحدثون، شخيخ يبدو محاورا لحمل، فارس بزي الشهامة والصرامة في المواقف والقرارات، امرأة تتأمل الأفق البعيد.. مواضيع تجعل اللوحات تضج بالحياة فتجعل الجمهور الأمازيغي يزدادون اعتزازا بمحيطهم وتراثهم الأصيل الذي يستحق التخليد والاحترام. وللإشارة فقراءتنا للوحات الفنان كانت بمناسبة معرضه الذي أتى في إطار الأيام الربيعية لجمعية أنازور المهتمة بالفن والإبداع (2009). وقد سبق أن قدمنا قراءة لبعض أعمال الفنان في عدد سابق من أعداد تاويزا.
|
|