|
|
الملتقى الجهوي حول الحقوق الثقافية واللغوية بقلم: رشيد نجيب
تندرج الحقوق الثقافية واللغوية ضمن الجيل الثالث لحقوق الإنسان، وهي حقوق تعتبر حقا لكل شخص، ليس بوصفه كائنا طبيعيا أو سياسيا لكن بوصفه عضوا في المجتمع. أي أنها حقوق أساسية مثل باقي حقوق الإنسان الأخرى، وبالتالي فهي ضرورية للكرامة البشرية وأحد مستلزماتها. في هذا الإطار، استضاف فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمدينة بويزكارن يومي 23 و24 ماي 2009 الملتقى الجهوي حول الحقوق الثقافية واللغوية. ملتقى حضرته مجموعة من فروع الجمعية بمنطقة الجنوب إضافة إلى نخبة من الفعاليات الجمعوية المحلية. ابتدأ هذا الملتقى الجهوي الذي قام الأستاذ الحسين عاوطوف بتسييره بإلقاء الكلمات التقديمية لكل من اللجنة المركزية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، المكتب الجهوي، الفرع المحلي. وخلاله تم إلقاء ثلاثة عروض نظرية ومناقشتها إضافة إلى ورشة عملية بعنوان: إعداد خطة عمل جهوية للنهوض بالحقوق الثقافية واللغوية. تمحور العرض الأول حول: "الحقوق الثقافية في ضوء الآليات الدولية"، وهو من إعداد الأستاذ رضوان التجاني حيث رصد فيه حضور الحقوق الثقافية في إطار المرجعية الدولية لحقوق الإنسان بما تشمله من إعلانات وعهود ومواثيق واتفاقيات، معرفا في ذات الوقت بنماذج من الحقوق الثقافية من قبيل: الحق في التربية والتعليم- الحق في الثقافة والتمتع بفوائد التقدم العلمي- الحق في الهوية الثقافية- الحق في المشاركة الثقافية- حرية النشاط الإبداعي والفكري- الحق في حماية المصالح الأدبية والمادية التي تكون ثمرة ابتكار الفرد أو الجماعة... كما تناول العرض إشكالية التمييز بين مختلف الآليات الحقوقية الدولية من حيث الإلزامية القانونية والمصادقة والتحفظات الواردة بشأن الحقوق الثقافية مذكرا بمجموعة من المطالب الأساسية للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بخصوص هذه النوعية من الحقوق، متناولا لتعريف مفهوم الثقافة تبعا لما ورد بخصوصه في إعلان مكسيكو بشأن الثقافة وإعلان فريبور. أما مسؤولية الدولة في الإقرار بالحقوق الثقافية فتتلخص في احترام هذه الحقوق وحمايتها والنهوض بها وتنميتها. أما العرض النظري الثاني، فقد تناول فيه الأستاذ أحمد الهايج موضوع "الخصوصيات الثقافية بين التعدد والكونية"، وفيه تطرق الباحث إلى مفهوم حقوق الإنسان والمسار التاريخي لتطور فكرة حقوق الإنسان وتأصيلها من الناحيتين الفلسفية والحقوقية، متوقفا عند مجمل الإشكاليات الفكرية التي يثيرها مفهوم الثقافة من حيث ارتباط هذه الأخيرة بالإنسان وطابعها التعددي واعتبارها إنتاجا جماعيا للإنسانية كافة. وأبرز الباحث بواسطة مجموعة من الأمثلة التوضيحية كون صفتي التعدد والخصوصية لا تتنافيان مع مبدأ الكونية كمبدأ من المبادئ العالمية لحقوق الإنسان. وفي إطار العرض الثالث الذي تناول كمحور: الحق في التربية باللغة الأم، قدم الأستاذ رشيد نجيب مجموعة من البراهين الحقوقية المعززة للغة الأم داخل الفضاء التربوي فضلا عن البراهين التربوية والنفسية المستمدة من استنتاجات علوم التربية والتجارب التربوية الناجحة، متسائلا في هذا الصدد: لماذا سندرس باللغة الأم؟ لماذا يجب إعادة الاعتبار للغة الأم في المنظومة التربوية؟ ما أهمية اللغة الأم تربويا وحقوقيا؟... وتم التوقف عند مختلف العوائق التي تقف حجر عثرة أمام إنجاح تجربة تدريس اللغة الأمازيغية بالمدرسة الأساسية المغربية، كما تم استخلاص كون مشروعية التدريس والتربية باللغة الأم معترفا به من قبل الأدبيات التربوية والحقوقية وأن إقصاءها يعتبر إجراء تمييزيا لا يمكن تبريره إلا لاعتبارات إيديولوجية وسياسية. وخلال الورشة التكوينية التي نشطها الأستاذ عبد الله بادو، تم العمل على إعداد نموذج للخطة الجهوية للنهوض بالحقوق الثقافية، إذ قام المشاركون بتشخيص الوضعية بالمنطقة حول واقع حال الحقوق الثقافية واللغوية من حيث: ضعف البنيات التحتية الثقافية، صعوبة ولوج واستغلال البنيات القائمة، ضعف الميزانيات المخصصة للعمل الثقافي، طمس الموروث الثقافي، إقصاء الثقافة الأمازيغية في الإعلام الجهوي الرسمي (قناة العيون نموذجا). وتم الخروج بمجموعة من اقتراحات لأشكال التدخل ومنهجيات الاشتغال مع تحديد الشركاء والأطراف المستهدفة للعمل من أجل إقرار الحقوق الثقافية بالجهة. |
|