|
|
أنفكو بصيغة آيت عبدي. . بقلم: محمد مغوتي (قاسيطة)
لا أعرف لم امتنعت الكلمات عن مطاوعتي وأنا أتهيأ لكتابة هذا المقال؟ ربما لأن المأساة تستعصي على التوصيف اللغوي. وربما_ على الأرجح _لأن الصمت أبلغ من الكلام في مثل هذه النازلة. [ الصمت ]: هذا الذي تعلمنا على مقاعد»مدرستي الحلوة»أنه في قاموس العرب حكمة، أصبح في مأساة نساء قبائل»آيت عبدي» نقمة، وكأني به يتواطأ مع الموت لتأثيث المشهد المغربي بمزيد من المرارة والألم. وليؤكد لمن يحتاج إلى تأكيد أن(المغرب غير النافع) لم يكن مخططا استعماريا مرتبطا بأجندة مرحلية فحسب. بل إنه بات أمرا واقعا بعد أكثر من نصف قرن من الاستقلال. الصمت علامة فارقة في مأساة آيت عبدي. حكومة تقرأ اللطيف أملا في انقشاع الغيوم وذوبان الثلوج عن الجبال المعزولة. وفعاليات حقوقية دأبت في كل مرة على ربح رقم المليون كلما تعلق الأمر بالتظاهر من أجل فلسطين والعراق، لكنها لا تكلف نفسها الآن هذا العناء. فالأمر لا يستحق. مادامت المظاهرات المليونية تخص قضايا العرب الوطنية فقط. وفي مثل قضايا التهميش التي يعاني منها المغاربة في الجبال والمناطق النائية، يكون الصمت هو السلاح، إذ ليس باليد حيلة، فالمنكر يمكن تغييره بالقلب وذلك من قوة الإيمان!في السنة الماضية تم تداول اسم»أنفكو»كثيرا، ليس بسبب مشروع سياحي ينعش المنطقة أو طريق تفك العزلة عن أبنائها، بل كان الموت مرة أخرى البوصلة التي عرفت الكثيرين من أصحاب القرار بوجود قرية اسمها»أنفكو.». وكان على نسائها أن يقدمن أكثر من ثلاثين طفلا قربانا لهذا الشرف. (شرف أن يسمع المغاربة اسم قريتهن). وهكذا يتدخل القدر ليلفت الانتباه إلى واقع معيشي يفتقر إلى أبسط مقومات الحياة. ورغم ذلك لا يجد أبناء المنطقة أية حلول لمشاكلهم إلا بعد دفع ثمن غال. ولا يجد بعض الأشخاص غضاضة في الوصول إلى القرية، وغيرها من قرى المغرب غير النافع، مرة كل خمس أو ست سنوات من أجل تفقد أحوالها والانتفاع بأصوات أبنائها الانتخابية. إن وفاة سبع عشرة امرأة حامل في مقتبل العمر بسبب غياب مرفق صحي للولادة في مغرب 2009، يمثل وصمة عار حقيقية، في الوقت الذي يتم فيه إهدار أموال طائلة في مشاريع تعتبر غير ذات أهمية في مقارنتها بالبرامج الاستعجالية التي ينبغي إعدادها لتطوير البنيات التحتية الضرورية. وتلك هي المهمة الأساسية التي ينبغي أن تنهض بها كل حكومة تحترم منتخبيها. ولكن الحكومات المتعاقبة على المغرب ظلت دائما وفية لشعار (زوق تبيع)، عملا بثقافة (الفيترينا). وهكذا رأينا كيف تسابق المغرب من أجل تنظيم كأس العالم في كرة القدم أربع مرات دون أن ينال هذا الشرف. وتابعنا في السنة الماضية هيستيريا المعرض الدولي الذي عاد على طنجة بخفي حنين والآن نتحدث عن (التي جي في). . . كيف يمكن أن نقبل بمثل هذا الوضع في ظل مدونة للأسرة تمنح للمرأة مكانة متميزة إلى جانب الرجل؟ ثم ما موقف الجمعيات النسائية من الموت الجماعي الذي أودى بحياة نساء آيت عبدي؟. طبعا لا أحتاج إلى جواب، فأغلب تلك المنظمات موجهة لنساء الدرجة الأولى من طبقة المجتمع المخملي. أما موت هذا العدد من النسوة، فهو قضاء وقدر جاء نتيجة إكراهات خارجية يتحمل فيها الثلج كامل المسؤولية! ولا راد لقضاء الله. أما مسؤولية وزارات مثل الصحة والتجهيز فهي غير واردة في هذا المقام. وحتى أكون منصفا في قراءة حجم الصمت الذي رافق مأساة نساء آيت عبدي وقبلهن أطفال أنفكو، لا بد من تحميل الجمعيات الأمازيغية نصيبها من المسؤولية. فالمغرب غير النافع، كما لا يخفى على أحد هو مغرب الأمازيغيين البسطاء الذين لا يمتلكون بديلا، أو الذين أخذتهم العزة بالنفس فرابطوا في الجبال تمسكا بأرضهم وإيمانا بهويتهم. والجمعيات الأمازيغية هي المعنية قبل غيرها بالموضوع والوقوف عل الواقع ميدانيا والمطالبة بفك العزلة عن تلك المناطق.وفي انتظار أن تجف دموع اليتامى والأرامل والأمهات، نسجل للتاريخ وحتى لا ننسى: بالأمس»أنفكو»، واليوم»آيت عبدي»، وغدا يوم آخر... (محمد مغوتي، قاسيطة في 07/03/2009.
|
|