| |
Ifri n
Σuna
أو وجه الحياة الآمنة
بقلم: محمد زاهد
أصدر الروائي والكاتب الأمازيغي محمد بوزكو
مجموعة قصصية موسومة بعنوان: «Ifri n Σuna» في طبعة أنيقة أثث غلافها بلوحة جميلة
الفنان عبد العالي بوستاتي.
ويعتبر هذا العمل بمثابة الخروج الثالث للكاتب محمد بوزكو إلى وطن الأسئلة
واللامعقول وطريق البحث عن الحياة الآمنة والمجردة من كل أصناف القيود التي فرضها
الواقع والظواهر الاجتماعية المعاشة عبر العالم المحلي.
ويذكر أن محمد بوزكو سبق وأن أصدر روايتين، الأولى تحت عنوان: «Ticri x tama n
tsarrawt» ورواية «Jar u Jar» الحائزة على جائزة قاضي قدور الدولية.
وفي هذه البكورة الأدبية الجديدة، نجد الروائي محمد بوزكو يقوم بالصياغة الأدبية
للمتداوليات الموجودة في هذه المجموعة القصصية، وذلك من خلال اللغة الموظفة
والأسلوب الأدبي الرفيع وتقنيات الكتابة المعتمدة ومختلف أشكال المونولوك... التي
وظفها في هذا العمل الأدبي الذي ينضاف إلى قائمة الأعمال الأدبية الأخرى المكتوبة
باللغة الأمازيغية مثل ما نجده عند ميمون الوليد ومحمد شاشا... وأسماء أخرى على
مستوى الإنتاج الشعري والروائي.
وإن كان الشعر الأمازيغي قد عرف إنتاجا متقدما بالمقارنة مع الأجناس الأدبية الأخرى
مثل القصة والسرد والرواية، فإن مثل هذه الأعمال من شأنها إغناء الإنتاج والتراكم
في مجال الأدب الأمازيغي الذي لا يمكن أن يتطور ويحقق العالمية إلا إذا ما تم ذلك
بموازاة مع تطور النقد الأدبي.
Abrid
أول قصة استهل بها محمد بوزكو مجموعته القصصية، و«Abrid» هنا هو حالة الطريق الذي
قد يكون قاد الكاتب إلى معانقة الحياة وما يرافق رحلة البحث عن وجه هذه الحياة من
أسئلة، بعد أن كان قد سلك طريقا أوليا وهو الذي يوصل منزله/ مهده بالطريق الكبير.
يقول الكاتب في إحدى المقاطع:
« Ar mani itawi ubrid a ? d unnid aseqsi kidi isiγ uca d fareγt » p :4، ويضيف،
« Mani itmatta ubrid a ? Ad yiri itmetta mani i tqatta tudart » p :4. ، وإذا
كانت حالة الطريق في هذه القصة رمز السبيل الذي يعبره الإنسان في رحلته لمعانقة
أسئلة اكتشاف الحياة وكل ما يوحي به هذا الرمز من آفاق وإقبال على المجهول، في
مقابل قوة التحدي وإرادة الاكتشاف التي تحدو الكاتب.
« I manis id issenta ubrid izi d usiγ nec... Nec d abrid azirar i ked γa
mquttuseγ ».
ومن أجل إعطاء صبغة أدبية وجمالية فنية للفكرة المركزية التي تقوم عليها هذه القصة،
نجد الكاتب محمد بوزكو يعمل على توظيف مجريات البيئة المحيطة به وتعدد نماذج الواقع
المعاش من خلال حالات رحلة إتباع الطريق- السبيل الذي يقود إلى الحياة. لذلك نجده
يستحضر صورة الحمار، الجدة ومجموعة من الناس إلى جانب الكاتب نفسه بكل ما توحي إليه
هذه العناصر من إيحاءات وما تحمله من رموز ومصير، ذلك أن كل طرف كيف يسير وكل
وطريقه واتجاهه إلى الحياة التي قد يصل إليها وقد ينتهي به المطاف إلى دائرة مغلقة،
مع ما يستتبع ذلك ويرافقه من تساؤلات تهم المسار والمسير، يقول الكاتب في هذا
المقطع.
« mri mara min tuyur d abrid jar tara d taddart tuyur it aked ubrida , iri twed
γar mani itawi uca iri tΣawed ayit »
أو حينما يقول:
D wa d aseqsi i kidi isiγ uca dewreγ.
Rami id as innufser ixef nnes.
يعتمد الكاتب محمد بوزكو في هذه القصة روح جمالية النص وتقنيات الأدب المكتوب
بالمواصفات العالية، كما أنها تحفل بالصورة التي وظفها الكاتب:
« ... yufa abrid imrec aked tebrit jjind attas ibreden, abarru n tebridin, tina
jjint id imesraq d txuxxutin, gin rwacun i yeqqimen itmarnay aked usan» p: 12.
وإذا كانت القصة الأولى تعبر عن معانقة الحياة، فإن هذه القصة هي رمز التحول في
الحياة وما يرافق ذلك من تعقيدات، وهي أيضا رمز الانسلاخ عن مرحلة وخوض غمار مرحلة
أخرى بما تنطوي عليه من مسؤوليات. إنها نقطة نهاية حياة وبداية حياة جديدة. إنها
لحظة توديع حياة الأمس والماضي نحو حياة اليوم والغد. أي من التطلع إلى معانقة
التطلع، ويعبر عن ذلك كله الكاتب بوزكو حين يكتب:
« Rxezrat n babas, d uridad id yiwyen tandfurt, imextan i id as ggin, d manaya
it ijjin isyam araji deg uswingem ar armi id as innufser ixf nnes.
Idennad, azγat... ussan nni iddar, nnufsran as, aqqayen zzates Σad tmenγan,
temzizwarend γares, γar uxarres nnes, γar uswingem nnes » p : 14.
ومن الرموز الذي يحفل بها هذا النص القصصي بشكل جميل، رمز «azawwaj» بما يوحي إليه
في الثقافة الأمازيغية ووظيفته داخل المجتمع وكل ما تنم عليه هذه الوظيفة، إذ أنه
أيضا رمز نهاية حياة وبداية حياة أخرى على أمل الارتماء في أحضان الأسئلة التي لا
تنتهي والتفكير الطويل. يعبر عن ذلك الكاتب بقوله:
« yisid reqendir usennaj, iccur it s rgaz n uzewwaj. Itfafa, yarezzu x idennad,
x azγat... x ussan tuγa iddar, inni tuγa zzates rami iqqunjer. tarγa tfawt x
arragub ismurdsen araji. Γar ussijji, s usutar, ixtutter jar tixuxxitin tuγa
yarzem x tewecca» p: 15-16.
Ahwic yuyren
إن الكاتب محمد محمد بوزكو يوظف في هذه القصة الموسومة بالعنوان أعلاه، أحداث
الواقع ومحيطه المعاش ورمزياته مثل (Ahwic, tigdfat, Wartu, Ajdid...) وذلك قصد
إيصال رسالته. إنه دائما ينطلق من حياة الواقع من أجل تحقيق واقع الحياة المأمولة.
يطل على الماضي. وقبله على المستقبل، ثم ما يلبث حتى يعود إلى استكمال طريق الحياة.
وبقدر ما توجد الحلاوة والمرارة في مكان/ حياة، توجد الحياة في كل مكان حلو ومر،
رغم أن المكان الذي يفقد أحياءه قد يبدو بدون حياة، أو على الأقل توجد هناك رموز
ورمزية هذه الحياة فقط، حياة الماضي التي يمكن أن يكون سلاح المستقبل. سلاح بقية
العمر.
« ssiwren... nnan... qqaren... maca min ssiwren d min nnan d min qqaren ur din
oği di rewsifet nni ! ... mani ğan iwdan??! Mani ğant tkedfin??! Mani ğan ijdad??!
ur din mγar aseγdi ijna x tazyudi. Ahwic ixra...
zureγ as zeğif i henna, ur xafs arriγ. sewdeγ s uγezdis deg uhwic warγen di
rewsift yuyren γar rhid, gewdeγ uma amezyan dewreγ nyiγ di ttumubil» p: 25.
Ifri n Σuna
إنها القصة التي تجسد وتعكس الفكرة الأساسية والخيط الرابط بين كل قصة في هذه
المجموعة، الفكرة التي تصب في اتجاه إعطاء معنى للحياة والبحث عن المكان الآمن
للعيش في زمن اللامعنى، وما تبقى من الأطلال والذكريات وما تعلق بالذهن من تأويلات
وتفسيرات لظاهر الحياة. إنها قصة تؤسس لعلاقة الذاكرة بالحياة. أي ما كان وما لم
يكن من وجوه الحياة.
وبقدر ما توجد وجوه آمنة للعيش، توجد كذلك وجوه غير آمنة للحياة، وهي الوجوه التي
تبدو موحشة خربها ودمرها الأشرار الذين أفقدوا كل معنى طيب وجميل للحياة. تلك
الحياة التي تعجز الأسئلة على تفسيرها. في مقابل ذلك هناك وجوه تبدو غير ملائمة
للحياة، لكن تلك هي الحياة الآمنة كما هو الشأن لـ «Ifri n Σuna»، الذي يلتهم كل ما
يقال عنه من طرف الناس، قبل أن تبزغ نظرة أخرى، نظرة تتفرس وتكتشف الحياة في هذا
الغار، النظرة/ اللحظة التي أحس فيها الكاتب بالوجود/ الحياة، أو لحظة الموعد مع
العشق والحياة معا.
يقول الروائي والقاص بوزكو:
« Marrana, din i imnaγ aked ixef nnes. Isfarnen Igga taryast,... Iswizzed γar
iğis n Temrabet.
“ifri n Σuna day s tifras n tudart”. P: 30.
ورغم ذلك يستمر السؤال:
“Maca min iΣna ifri n Σuna...?”
وإذا كانت عقارب حياة الآخرين قد توقفت عند حد التاريخ الجامد والأقاويل والتفكير
المعلق على أبواب الخوف والوحشية والمجهول، فهناك حياة أخرى تتجاوز حد السائد وحياة
الظاهر. إنها الحياة التي يوقعها «Merrana» في قصة «Ifri n Σuna» الذي اختاره
واهتدى إلى العيش بين أحضانه ومكانا للحياة الآمنة:
« Ifri n Σuna iyman day s inni it ggin d abrid” p: 34.
Manku
إن شخصية «Manku» شخصية واقعية، لكن بجانب ذلك أرادها الكاتب أن تكون إحدى شخصيات
كتاباته الأدبية وعنوان إحدى قصصه التي تتخذ فيها الحياة بوضوح صورة ووجه الحرية.
إنه تعبير عن اختيار آخر في الحياة. إن الكاتب هنا ينقل لنا أوجه الحياة وحياة
الأوجه من خلال الواقع المحلي المعاش.
وإذا كانت هذه القصة يحكمها كل ما يحكم الأجناس الأدبية الأخرى من قواعد وضوابط
وتقنيات، فإن الكاتب بوزكو يجعل من ذلك منطلقا ويضيف إليه ما يملكه من حس أدبي وفني
وما يتوفر عليه من أدوات وتخيل وجمال ولغة، تعتبر كلها سمات وخصائص تجعل الأدب
الأمازيغي المكتوب في صف الأدب العالمي. إن قصة «Manku» هي رمز الحياة التي ترتبط
بعطاء السماء وتقترن على حد سواء بالمطر والشمس. وعوض أن نعلق مصيرنا إلى ما تجود
به السماء من عطاءات، فإنه ينبغي أن لا نظل دائما متعلقين بحياة الانتظار والنظر
إلى السماء:
« Mri id tefγent tutra inu iri mermi id arriγ afus i nu... Ammu i inna Manku Σad
i iswa tuddint taneggarut n reqhwa tabarcant id asiqqimen di tisi n irkas n
lahyati”
tanemract
تبدو هنا إحدى أوجه وصور الحياة مؤجلة. إنها صورة «tanemract». صورة الزواج بالحياة
المؤجل؛ إذ أن المرأة رمز الحياة والخصوبة والاستمرارية، وهي صورة موظفة أيضا في
قصة «Ifri n Σuna». يقول الكاتب في إحدى المقاطع:
« cek war tzrid mγar tanemract u umas n tnemract nnec. Ammu id xaf i tarra
utecma amen tesnuffar tittawin nnes jar ifassen nnes.
- tanemract n umas n tnemract inu!?
Imma inu IΣizzan attasa i γa trajid...” p: 50.
Tasγart
إن «Tasγart» رمز الحق في الحياة. وهي أيضا رمز العدل والمساواة. حياة بوجه آخر.
وجه آمن توفره قيمتي العدل والمساواة.
إن الكاتب دائما يستوحي أحداث ومجريات هذه المجموعة القصصية من الواقع والبيئة
والمحيط. ومن ذلك ينتقل عبر الصياغة الأدبية إلى تقديم ذلك الواقع الموظف كعقبة نحو
المراد من الرسالة التي يحملها النص الأدبي.
« Ammu i inna refqi uca yisi “rmeΣruf’ x tasγart id asen d ikkaren d ixf nnes d
imerday ami izzizew udem s arrihet n tasγart id asen....» p: 63.
وإذا كان من غير المناسب أن نكتب على عمل بغير اللغة التي كتب بها، فيمكن القول بأن
هذه المجموعة القصصية تجعلنا ندرك كيف نختار الطريق إلى الحياة الآمنة. تلك الحياة
التي يرمز إليها «ifri n Σuna» أو كما قال الكاتب محمد بوزكو نفسه بأن هذا “الإفري”
هو وجه الحياة الآمنة، رغم ما يوحي به من وحشية، إذ أن وحشية المخزن أكثر من الصورة
المخيفة التي يبدو عليها «ifri n Σuna».
|