قيمة المغاربة لدى العرب
بقلم: مبارك بلقاسم
بعد مضي أكثر من 130 يوما على اختفاء المغربيين عبد الكريم
المحافظي وعبد الرحيم بوعلام في العراق، تتجلى لنا بمنتهى الوضوح عدة حقائق حول
قيمة المغاربة لدى "الإخوة" العرب، وحتى لدى بعض المسلمين من غير العرب. فقد تجاهلت
القنوات العربية البترودولارية القضية تجاهلا تاما ولم تكلف نفسها على الأقل عناء
تذكير مشاهديها بالمسألة في جملة ونصف على افتراض انعدام معلومات جديدة. ثم إذا
قارننا حالة المغربيين الإثنين بعشرات الحالات من الصحفيين الغربيين الذين اختطفوا
سابقا بالعراق فسنستنتج بسهولة أن حياة مغربي لا تساوي شيئا لدى العرب ولا حتى لدى
الغرب الرسمي.
طبعا لا يجب إغفال معطى مهم جدا وهو أن إضفاء العرب من سياسيين وإعلاميين تلك
الهالة على كل ما هو أوروبي أو أمريكي شيء جار به العمل لدى العرب في الحرب والسلام.
وهذا ينبع طبعا من عقدة النقص الحضاري التي يشعر بها العرب وغيرهم من شعوب العالم
الثالث إزاء الأوروبيين، بالإضافة إلى الرغبة في تقديم "أداء" جيد وإخبار الغرب
المتحضر بأن العرب متحضرون أيضا وأنهم تهمهم قيم السلام وحقوق الإنسان. ولم تكن
حالات المختطَفين الأوروبيين والأمريكيين استثناء. فقد رأينا تحركات غير عادية
لمنظمات مسلمي وعرب فرنسا مثلا ومؤتمرات لمجلس المسلمين الأمريكيين وتحركات للسنة
العراقيين من أصحاب العمائم ذوي الروابط مع المنظمات المختطِفة من أجل إطلاق سراح
الفرنسيين والأمريكيين والبريطانيين المختطَفين وإخراج كل ذلك في قالب درامي بطولي
جاهز للتسويق الإعلامي. وكل ذلك تؤطره بالطبع تغطية إعلامية كثيفة من القنوات
العربية البترولية التي وجدت حينها مثلا المجاعات في النيجر والصومال التي تهدد
الملايين قضايا ثانوية لا تستحق الذكر!! أما فيما يخص المغربيين المحافظي وبوعلام
فلم نسمع مسجد باريس ولا مسلمي أميريكا يقولون شيئا عنهما. فمسلمو فرنسا وأمريكا
وضعوا نشاطهم عند حد الدفاع عن مواطني الدولة المضيفة لا غير. أما المغرب فلا يملك
لا بترودولارات ولا جهازا ديبلوماسيا قويا ومحترما ولا حتى شعبية لدى العرب رغم
الخدمات المجانية التي لا تعد والتي يقدمها المغرب الرسمي والشعبي والجمعوي لقضايا
المشرق. أما دول المشرق العربية فلم يبق لها إلا الاعتراف بجمهورية البوليساريو
التي هي جد عربية بالمناسبة خلافا للمغرب الذي بدأ يعود تدريجيا وبهدوء وبطء
لأمازيغيته. وإن هذا لحري أن يوقظ حسني النية، من المستعربين المغاربة، من سباتهم
العميق ويبين لهم قيمتهم الحقيقية عند العرب الأقحاح.
ثم إنه يمكن أن يكون سكوت المختطِفين أنفسهم عن إصدار "بيانات" حول قضية المحافظي
وبوعلام راجعا إلى اكتشافهم المتأخر أن صنارتهم الإرهابية قد ظفرت بـ"صيد" لم يكن
من القيمة التي تستدعي الضجيج الإعلامي والفديات المالية الضخمة التي كانوا يبحثون
عنها. فلم يكلفوا أنفسهم عناء التعقيب على القضية وانصرفوا ربما إلى "جهاد" جديد
وطرائد جديدة.
|