|
بيان للمنسحبين من مجلس إدارة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية لقد مرت سبعة أشهر على قرارنا الانسحاب من مجلس إدارة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية احتجاجا منا على غياب الإرادة السياسة لدى الحكومة لرد الاعتبار للأمازيغية وتنميتها. في البيان الذي أصدرناه آنذاك، قدمنا أمثلة تعطي الدليل على أن السلطات السياسية لم تغير من موقفها حول جوهر القضية الأمازيغية كلغة وثقافة وهوية وتاريخ. ولاقتناعنا أن هذه العناصر من الحضارة الأمازيغية لا ينبغي النظر إليها كمجرد إرث تاريخي قديم انتهت صلاحيته، أكدنا على ضرورة التعامل معها كوقائع حية وقائمة بذاتها تتطلب أجوبة عملية وملموسة.ولتغليط الرأي العام والحيلولة دون معرفته لحقيقة ما يجري، نظم سدنة المعبد العروبي حملة تضليلية أعدت بدقة ووزعت أدوارها بعناية. فالحكومة، بمساعدة "ليركام"، روّجت لخطاب مفاده أن الأمازيغية ينتظرها مستقبل زاهر وسعيد، في حين أن مجموعة من الصحف لم تأل جهدا في نشر التشهير والتشكيك، وزرع الريبة واللبس في الأذهان بخصوص انسحابنا من مجلس إدارة المعهد. لكن سبعة أشهر بعد ذلك، سقطت الأقنعة وبقيت الحقيقة ساطعة كالشمس في واضحة النهار. فالإخلال بتعهدات رسمية حول تنمية الأمازيغية أصبح أمرا واقعا ومعروفا، والاستخفاف الرسمي بالتزامات مؤكدة أصبح شيئا عاديا ومبتذلا، و"الإجماع الوطني" المزعوم حول الثقافة الأمازيغية، المقدم كواجهة استعراضية خادعة لربح الوقت، لم يعد بمقدوره إخفاء العداء الذي يؤثث التعامل الرسمي مع الأمازيغية. فوزارة التربية الوطنية لا تتوفر على إستراتيجية وطنية لإدماج الأمازيغية في النظام التربوي. فلا زال "ميثاق التربية والتكوين"، رغم أنه ليس قانونا، هو النص المرجعي الوحيد المعتمد بالنسبة لكل مستويات القرار، رغم صدور المذكرة الإطار رقم 90 بتاريخ 19 غشت 2005. أما فيما يخص تكوين المدرّسين، وتطبيق مبدأ إجبارية الأمازيغية بالمدرسة، وكل الأسئلة المتعلقة بـ"اللوجيستيك"، فكل ذلك متروك للسلطة التقديرية للأكاديميات الجهوية والنيابات الإقليمية التي ليست ملزمة إلا بمقتضيات ميثاق التربية والتكوين. ومن الأمثلة على ذلك أن السنة الثالثة من تدريس الأمازيغية لا وجود لها إطلاقا بالمدارس التي انطلق بها تدريس الأمازيغية منذ سنتين، رغم أن الوزارة سبق لها أن أعلنت عن ذلك والتزمت به. بل الأدهى من هذا كله أن تدريس الأمازيغية بالثانوي الإعدادي والتأهيلي، المقرر باتفاق في 2003 بين وزارة التربية و"ليركام"، للسنة الدراسية 2005 ـ 2006، أُجِّل إلى موعد غير مسمى. أما بالجامعة، فالأمازيغية لا تزال دائما غائبة. في مجال السمعي البصري، أقبرت وزارة الاتصال، وبكل بساطة، خطة العمل الانتقالية، التي أعدتها وتبنتها اللجنة المشتركة لوزارة الاتصال وليركام في 08 سبتمبر 2004، والتي صادق عليها كل من وزير الاتصال وعميد المعهد في 15 ديسمبر 2004. تتضمن هذه الخطة، من بين ما تتضمنه، برمجة نشرة إخبارية بالقناة الثانية، وانفتاح القناة الأولى على الإنتاج باللغة الأمازيغية، وتوحيد البرامج التي يبثها قسم الأمازيغية بالإذاعة الوطنية، مع تقوية أجهزة البث لتغطية مجموع التراب الوطني. موازاة مع هذا التراجع، سيسجل التاريخ أن هذه الوزارة نفسها تمكنت من إنشاء ثلاث قنوات تلفزية أخرى بالعربية، تنضاف إلى الإثنتين الموجودتين، لضمان إدماج الجمهور المغربي، وبشكل أنجع، في النموذج العربي. فيما يتعلق بالإدماج التدريجي للغة الأمازيغية، المنتظر منذ الإعلان عن تأسيس "ليركام"، في الإدارات العمومية ومراكز تكوين موظفي الدولة، فلا زال ذلك من المستحيلات التي لا مكان لها في تفكير المسؤولين. وحول الفضاء الاجتماعي، فإن معيقات انتشار كتابة "تيفيناغ" خارج "ليركام"، يضاعف من تهميش الإنتاجات الكتابية الأولى بالأمازيغية، الشيء الذي يقف حاجزا أمام البحث العلمي حول توحيد ومعيرة اللغة الأمازيغية،التي هي الشرط الأساسي لانتقال موفّق إلى مرحلة الكتابة. هذه الوضعية لا تترك للأمازيغية فرصة للبقاء سوى داخل الاستعمال الشفوي، الذي هو نفسه يعرف تقلصا مبرمجا بفعل سياسة التعريب المتبعة، بكل حزم وعزم، في كل المجالات التي يضطر الشعب إلى الانخراط فيها بكثافة، وكذلك بفعل التوسع العمراني الذي من نتائجه السلبية توحيد السلوكات الجماعية، وأيضا بفعل تزايد عدد القنوات الفضائية العربية من جميع الأنواع، والتي تصوغ مخيال ضحاياها بالشكل الذي يجعلهم يقتنعون بأن لا خلاص خارج عالم العروبة والإسلام. وهكذا نجح العداءُ الباطولوجي المهيمنُ للأمازيغية (الأمازيغوفوبيا) في الانتصار على الأمل الذي خلقه تجمع "أجدير" الذي دغدغ، لحظة، حلم الأمازيغيين والأمازيغيات في استرداد حقوقهم الهوياتية وكرامتهم، أخيرا، فوق أرضهم. في المقابل، نجد الحركة من أجل الاعتراف بالأمازيغية في المغرب، كواقع اجتماعي حي، تقوم بواجبها. والمطلوب من الديموقراطيين الصادقين دعم هذه الحركة ومساندتها، لكن دون لعب دور من يعطي الدروس لها. إن تشييد مجتمع ديمقراطيي حداثي ومتعدد، يقتضي التمثيلية الديمقراطية لكل مكوناته وشرائحه. وكل دستور يحترم المبادئ الديموقراطية يراعي هذا المطلبَ ويقرّه في مقتضياته. والدستور المغربي لا ينبغي أن يشكل استثناء، بل يجب، حين التعديلات الدستورية المقبلة، أن يصلح الأضرار التي لحقت الأمازيغية في عقر دارها منذ 1912، بالتنصيص الصريح على الطابع الرسمي للواقع الأمازيغي، كلغة، وثقافة، وهوية، وتاريخ. حرر بفاس في 16 أكتوبر 2005 الموقعون: الدكتور عبد المالك أوسادّن محمد بودهان حسن بنعقية محمد أجعجاع ميمون إغراز علي بوكرين علي خداوي |
|