هل هناك بالفعل تدريس
للأمازيغية بالمدرسة المغربية؟
بقلم: عبد الله أزواغ (أستاذ اللغة
الأمازيغية بالعروي)
لقد دخل مشروع تدريس الأمازيغية سنته الثالثة بتلك المجموعة
المحدودة من المؤسسات التعليمية التي تقرر بها تدريس الأمازيغية. إلا أن هذه
المؤسسات، التي عرفت تدريس الأمازيغية بمستوييها الأول والثاني كتجربة نموذجية من
نوعها ضمن المنظومة التربوية، أصبحت تتراجع بها هذه التجربة بسبب الارتجالية
والعشوائية وغياب الإرادة الصادقة لدى المسؤولين، وهو ما ميز عملية انطلاق المشروع
منذ البداية.
فأين وصلت، مثلا، عملية تدريس الأمازيغية؟ الجواب الصادم هو أن هذا التدريس لم
يتعدّ المستوى الأول، مع استعمال الأمازيغية "للاستئناس" فحسب، نتيجة انعدام شروط
استمراريتها المتمثلة (الشروط) في الدورات التكوينية للأساتذة الناطقين
بالأمازيغية، والذين يدرسون المستويات المستقبلة للأقسام الأولى التي عرفت تجربة
تعليمية أقل ما يقال عنها أنها فاشلة.
وهكذا أصبحت الأمازيغية بالمستوى الثاني ضيفا ثقيلا غير مرغوب فبه لغياب إرادة
صادقة لدى الجهات المعنية والمسؤولة عن الدورات التكوينية، التي أصبحت في خبر كان
رغم أن وزير التربية الوطنية صرح في بلاغ لجريدة "الصحراء المغربية" "أن السنة
ستعرف ثلاث دورات تكوينية أولها في شهر شتمبر...". وهذا ما لم نر أثرا له في نيابة
الناظور مثلا، التي اجتهدت تلقائيا وأصبحت توسع من عدد المدارس التي تدرس بها
الأمازيغية، ملزمة أساتذة غير ناطقين بالأمازيغية ولم يسبق أن تلقوا تكوينا فيها
بتدريسها، مثل بعض المدارس ببلدية العروي، وعلى رأسها مدرسة الشريف محمد أمزيان.
أما المستوى الثالث فهو غير موجود إطلاقا.
يضاف إلى هذا غياب المراجع الضرورية من كتب مدرسية ودليل الأستاذ والمذكرات
الوزارية، اللهم تلك التي تطالب بإحصاء الأساتذة الناطقين بالأمازيغية ـ وكأن الهدف
هو العدد في حد ذاته ـ مع انعدام المؤطرين التربويين للتكوين المستمر للأساتذة
والتتبع التربوي لعملهم. ولا ننسى أن تدريس اللهجات الثلاث هو المعتمد: تريفيت،
تشلحيت، تامازيغت. وهو ما يزكّي أن تدريس الأمازيغية هو فقط "للاستئناس".
ومن العوامل التي تعيق كذلك انطلاقا سليما لتدريس الأمازيغية هو عدم إسناد المادة
لأستاذ واحد متخصص. فقد سبق أن تذاكرنا مع السيد بوكوس، عميد المعهد الملكي للثقافة
الأمازيغية، في لقاء بمدينة الناظور على هامش الملتقى الشعري الأمازيغي في شهر
يونيو، حيث اقترحنا عليه فكرة أستاذ متخصص ومتفرغ لمادة اللغة الأمازيغية في
المؤسسة.
هكذا يكون التعامل مع إدراج الأمازيغية في المنظومة التربوية يطبعه العبث
والارتجال، بل والاستخفاف. ولتصحيح هذا الوضع ينبغي أن تكون هناك إرادة جدية لتدريس
جدي للأمازيغية، بجانب مراقبة تربوية صارمة، بما فيها ردع كل متهاون من أي مستوى
كان، أستاذا أو مديرا أو مفتشا أو مسؤولا بالنيابة أو الأكاديمية أو الوزارة، مع
تنظيم دروس نموذجية على صعيد النيابات التعليمية، وبشكل مستمر ومنتظم. فبدون توفر
الإرادة، وفي غياب المراقبة والمحاسبة حول موضوع تدريس الأمازيغية، فإن نتائج هذا
الأخير ستكون كأوراق الخريف التي تسقطها الرياح بسهولة.
وسؤالنا الأخير الموجه إلى المسؤولين: هل هناك بالفعل تدريس للأمازيغية بالمدرسة
المغربية؟
|