|
|
إميضر: رسالة شموخ من قلب جبل ألبَان بقلم: مروان مصطفى
سكان إميضر ما زالوا معتصمين منذ ما يقرب سبعة أشهر بجبل ألبان، بعد معاناة كثيرة من البطالة ومن استغلال ثروات أراضيهم من طرف شركة معادن إميضر (S.M.I)، منجم إميضر يتواجد بالسفح الشمالي لجبل صاغرو بإقليم تنغير، منجم للفضة تلعق فيه O.N.A ما لذ وطاب من الخيرات، وتُعدَم فيه آمال الساكنة في توفير لقمة عيش كريمة لفلذة أكبادها، بل وتجر عليهم الويلات والمآسي من خلال نهب ما تحت الأرض وما فوقها، منجم يصدر إلى أوروبا 246 طن من الفضة الخالصة سنويا حسب إحصائيات 2010، ويحصد منه شباب المنطقة البطالة والآفاق المسدودة، لنلق نظرة عن حيثيات نشوء هذه الشركة، المستفيدين منها، وحجم المآسي التي يعاني منها السكان. شركة معادن إميضرS.M.I يرجع استغلال المنجم إلى أمد ليس بالقريب (القرن السابع الهجري)، لكن ضعف الإمكانيات في ذلك العصر بعد أن غمرت المياه أبار المنجم، أدت إلى نسيانه بالكامل، لكن بداية من ستينات القرن الماضي، تم اكتشافه من جديد بعد إجراء المسح الطبوغرافي، تلته مجموعة من الأبحاث قام بها مكتب الأبحاث والمساهمات المعدنية﴿B.R.P.M﴾، فتم إنشاء شركة معادن إميضر لتتكلف باستغلال المنجم سنة 1969 ، وكانت مملوكة في ذلك الوقت لمكتب الأبحاث والمساهمات المعدنية بنسبة 69% وشركة أمنيوم شمال إفريقيا (O.N.A) بنسبة 31%، لتأتي سنة 1996 ليتم تفويت المنجم مع ثلاثة مناجم أخرى للهولدينك المنجمي “قطب مناجم “التابع لONA بتكلفة إجمالية لم تتعد 644 مليون درهم (جريدة الاتحاد الإشتراكي 24/09/1996)٬ بعد إجراء خبرة تقنية تقييمية لم يفصح عن نتائجها، لتجسد بذلك مرحلة التحام عالم المال بالسلطة بامتياز. معاناة ساكنة إميضر على درب 96 إن وجود شركة مستبدة، لا تراعي وتستهين بحقوق ساكنة إميضر، أفرز معاناة يومية مريرة، انطلقت شرارتها الأولى سنة 1996، من خلال اعتصام مفتوح قوبل بهجوم شرس من قبل الآلة القمعية ما خلف موت الشاب» أصبضان « بعد سلسلة من الممارسات التعذيبية، كما خلف الهجوم الغاشم عددا من الجرحى واعتقالات بالجملة في صفوف شباب المنطقة، بعد برهة من الزمن عادت حليمة إلى عادتها القديمة، فتم اعتقال المناضل »أشطوبان «، وهو الآن وراء القضبان لا لشيء سوى أنه عشق أرضه، واختار أن يعيش فوقها بكل شموخ هو وكل أبناء المنطقة، رافعين شعارات الكرامة، والتوزيع العادل للثروات، لتكريس العدالة الاجتماعية التي من حقهم أن يعيشوا تحت كنفها. معاناة تتجدد كل لحظة أمام تعنت الشركة في الاستجابة لمطالب الساكنة، فأخذت أبعادا متعددة ومتنوعة تسير كلها في طريق تكريس وجعل حياة الإنسان الإميضري غير ممكنة، الذي يعتمد أساسا على أنشطة معيشية من فلاحة وتربية ماشية، لكن الاستغلال المفرط للفرشة المائية من قبل الشركة جراء تكثيف نقط التنقيب أدى إلى تراجع حاد في مستوى منسوب المياه، ما أثر سلبا في المجال الأخضر وبالتالي فتح أبواب الجحيم على مصراعيه أمام كل طموحات الساكنة لتغيير أوضاعهم، بل إن ذلك أزم وضعيتهم المادية، فأصبحت الساكنة مهددة بالفقر المدقع، إضافة إلى معاناتها من تلوث المياه الجوفية نتيجة تسرب مواد ملوثة إليها من قبيل غاز السيانور المستعمل لمعالجة الفضة، والمعروف بأنه لا يتحلل إلا بعد مرور قرون من الزمن، مما يشكل خطرا ليس فقط على المناطق المحاذية للمنجم إنما واحة تودغى بأكملها مهددة، كما أن ذلك سيؤثر على التنوع البيولوجي من خلال التسبب في انقراض بعض أنواع النباتات والحيوانات بالمنطقة. إن الشعارات الرنانة التي ترفعها الدولة كلما سنحت لها الفرصة لذلك، من قبيل: التنمية المستدامة، جبر الضرر، تنمية العالم القروي... الخ، لا تعدو أن تكون مجرد شعارات للاستهلاك الخارجي، وما يقع الآن في جبل ألبان خير دليل، فلا أحد من “مسؤولي البلاد السعيدة” كلف نفسه العناء وسأل عن وضع الساكنة، وما وصلت إليه أحوالهم من تردٍّ، بل إن القوى القمعية حاولت مرارا وتكرارا فض الاعتصام، لكن بسالة وشجاعة السكان وإيمانهم العميق بأنهم أصحاب حق، أفشل كل المخططات المخزنية، ليستمر النضال رغم كل شيء ورغما عن كل شيء. إن ممارسات الشركة وبعض المرتزقة المنتفعين وراءها، تشكل خرقا سافرا لمنظومة حقوق الإنسان، من خلال ضرب الحقوق: المدنية، الاجتماعية، الاقتصادية والثقافية عرض الحائط، كما تجدر الإشارة وبحزم إلى أن أنشطة الشركة في تشكيلتها الحالية، تمس بحق الحياة والعيش بكرامة الذي تضمنه كل الأديان السماوية وكل المواثيق الدولية. وهذا الأمر لم يعد مقبولا. دمتم للنضال صامدين بتاريخ: 26 ـ 02 ـ 2012
|
|