|
|
الهوية في الدستور المغربي:
الإسلام العربي أو الإسلام
الأمازيغي أو الإسلام العالمي؟
بقلم: عبد السلام خلفي
ينص دستور 2011 على أن «المملكة المغربية دولة إسلامية» وعلى أن «الهوية المغربية تتميز بتبوئ الدين الإسلامي مكانة الصدارة فيها»؛ كما ينص أيضاً على «الانتماء إلى الأمة العربية والإسلامية». وللحقيقة فإن الدستور بترسيمه للغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية، وتجنبه لاستعمال عبارة «المغرب العربي» وتعويضها بعبارة «المغرب الكبير»، يكون قد قطع شوطاً مهماً في مسار الاعتراف بالانتماء الهوياتي المتعدد للمملكة المغربية؛ إلا أن التنصيص على إسلامية الدولة، وتبوأ الدين الإسلامي لمكانة الصدارة في هوية المغاربة، ثم التأكيد على مبدأ «تعميق أواصر الانتماء إلى الأمة العربية والإسلامية»، والربط بين الإسلام والعربية، كما لو أنهما مسميان لشيء واحد، يجعلنا أمام التباسات عدة فيما يتعلق بإشكالية تعريف هذه الهوية؛ ويمكن لنا، عموماً، إبراز أهم معالم هذه الالتباسات فيما يلي: أولاً، على مستوى علاقة الدين بالهوية: إذ انطلاقاً من المرجعية الدينية نفسها لا يمكن لنا – نحن المسلمين- اعتبار الدين شكلاً من أشكال الهوية؛ فالإسلام، كما هو وارد في القرآن نفسه، لا يرتبط بهوية بعينها، إذ ما دام أنه جاء للعالمين وليس لجماعة أو لجنس دون آخر، فإنه يتعالى عن كل الهويات كيفما كان نوعها، وكيفما علا شأنها: (وما أَرْسَلْناكَ إلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمين (الأنبياء:107) (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (سبأ، 28) (؛ («قُلْ يَا أَيّهَا النَّاس إِنِّي رَسُول اللَّه إِلَيْكُمْ جَمِيعًا « )الأعراف : 158 ) ، (تَباَركَ الّذي نَزلَ الفُرْقانَ عَلَى عبْدهِ لِيَكونَ لِلْعالَمينَ نَذيراً) الفرقان : 1 ). وأما الإقرار بكونه يشكل الهوية الأساسية للمغاربة أو لأي شعب من الشعوب، فإن ذلك، في نظرنا، يتعارض، من جهة، بشكل واضح مع ما هو وارد في القرآن، كما أنه، من جهة ثانية، يستبعدُ ميزة العالمية التي وُصِفَ بها؛ وإذا أخذنا بعين الاعتبار البعد الدنيوي والإنساني للهوية، وذلك بوصف هذه الأخيرة، نتاجاً تاريخياً لجماعة بشرية محددة؛ وأخذنا البعد الرباني للدين، بوصفه وحياً منزلاً من عند إله متعال، فإن هذا سيجعلنا نقع، مرة أخرى، في حالة تبنينا للدين بوصفه الهوية، في خلط كبير بين ما يشكل إنتاجاً بشرياً (أي ما هو أرضي) وما يشكل وحياً منزلاً من عند الإله (أي ما هو سماوي). والأخطر في كل هذا أن الدين بهذه الصفة، إذ يتحول إلى منتوج حضاري بشري، فإنه على مستوى التمييز بين الهويات في العالم الإسلامي لا يقدم لنا أي ميسم أو معيار لكي يجعلنا، مثلاً، نتلمس الخصائص المميزة للهوية المغربية (بوصفها إسلامية) عن الهويات الماليزية والسعودية والتركية والإيرانية والباكستانية والبوسنية إلخ بوصفها إسلامية أيضاً. إذ من المعلوم أن المغربي يشترك مع الماليزي والسعودي والتركي في كونهم مسلمين جميعاً، لكن على مستوى الهوية لا أحد يشكك في كونهم جميعاً يختلفون في انتماءاتهم الهوياتية؛ ولذلك فإن الماليزي، مثلاً، لا يمكن له أن يدعي أنه مغربي من حيث الانتماء إلى الهوية المغربية، لكن من حقه أن يدعي أنه يعتنق نفس الدين الذي يعتنقه المغربي، رغم اختلافهم في الانتماء على مستوى الهوية؛ بهذا الفهم، فقط، سيكون الإسلام عالمياً، يتعالى عن اللغات والثقافات والانتماءات المحلية للشعوب الإسلامية ذات الهويات المختلفة؛ وبهذا الفهم أيضاً يمكن للهويات أن تشكل ميسماً أو معياراً للتمييز بين مختلف الانتماءات الهوياتية المحلية التي يتشكل منها ما يمكن تسميته بالعالم الإسلامي؛ هذا العالم الذي يُمكن فيه للأفراد أن يعتنقوا الإسلام بوصفه واقعة فردية (الإيمان الفردي بالعقيدة الإسلامية، والإيمان الفردي بالوحي السماوي إلخ.)، وليس بوصفه واقعة جماعية تحيل على ممارسات تاريخية متجذرة في تراث حضاري أرضي.ثانياً، على مستوى علاقة الدين بالقومية: إن الأطروحة التي تعتبر الدين الإسلامي المرتكَز الأساسي للهوية، وتقدمه بكونه يحتل موقع الصدارة فيها، ستتمخض عنها أطروحة ثانية أخطر من الأولى؛ وتتجلى معالم هذه الأطروحة في أنها ستُقدم الإسلام باعتباره يشكل جزءاً من قومية أو هوية؛ أي بوصفه جزءاً من منتوج حضاري قومي لهوية دنيوية لها مواصفات خاصة؛ إذ ما دام الإسلام قد نزل في أرض عربية، فإنه لا يمكن له إلا أن يكون عربياً؛ هذا ما حاول أن ينظر له القوميون العرب منذ القرن التاسع عشر؛ فقد ذهب أمثال القومي – المسيحي ميشيل عفلق، إلى أن الوحي لا يمكن إلا أن يكون عربياً؛ واعتبر، بالتالي، كل الطقوس الإسلامية من صلاة وصيام واحتفال بعيد المولد النبوي طقوساً عربية. وهذا ما سيكشف عنه القومي العربي محمد أحمد خلف الله عندما نظَّر للإسلام بوصفه «الجانب الإلهي من العروبة»، والقرآن بوصفه «الجانب الإلهي من الثقافة العربية القومية»؛ بل، وهو ما سوف يحاول محمد عابد الجابري أن ينظِّرَ له، بشكل ملتو، في عقوله العربية.وتكشف هذه الأطروحة، بطبيعة الحال، عن نزوع فكري واضح نحو تعريب الإسلام؛ واعتبار الدخول في هذا الدين دخولاً في العروبة التي هي الهوية الأصلية المنتجة لكل المآثر الإسلامية؛ فكون الإسلام نتاجاً لثقافة عربية، أو هو الجانب الإلهي من هذه الثقافة، سيجعل القرآن، أي الوحي المنزل، كتاباً عربياً أنتجه «مثقف عربي عظيم» اسمه محمد ابن عبد الله، والذي لم يكن بدوره سوى نتاج للشروط التاريخية والحضارية التي شكلت الهوية العربية. هكذا، إذن، سيتبدى لنا العمق العربي للإسلام، كما يدافع عنه القوميون وبعض الإسلاميين، وكما تسرب إلى الوثيقة الدستورية، بوصفه العمق الهوياتي للمغاربة؛ وهو ما يجعلنا أمام وضعية ملتبسة عن الهوية وعن الإسلام. إذ ليس صدفة أن يربط الدستور المغربي بين المكون العربي – الإسلامي، (مع منح لأولوية لـ «العربية» على «الإسلامية») ويفصل المكونات الأخرى عنه كما لو أنها مكونات أجنبية عن الإسلام. لنتأمل فقط الصياغة الدستورية التالية لنتمثل المغزى: «المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم مقومات هويتها الوطنية، الموحدة بانصهار كل مكوناتها، العربية - الإسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية»؛ ثالثا: على مستوى علاقة الدين بالمذهب المالكي وبالعرف الأمازيغي: إن الاعتراف باللغة الأمازيغية، بوصفها لغة رسمية «أيضاً»، لا يحل - للأسف - إشكالية الهوية المغربية؛ وهذا ليس فقط لأن اللغة الأمازيغية لا تُشكل إلا جزءاً من ضمن العناصر المكونة للهوية المغربية بمكوناتها المختلفة كما نص عليها نفس الدستور؛ ولكن أيضاً لأن التنصيص على صدارة الإسلام داخل هذه الهوية، يجعلنا، مرة أخرى، نعيش التِباسَيْن من جنس آخر؛ التباساً، أولاً، يتجلى في نوع علاقة الإسلام «الْمُدَسْتَر» بمرجعياتنا الدينية المحلية (الأعراف، المذهب المالكي إلخ) التي تم إنتاجها على مر العصور؛ والتباساً، ثانياً، يتجلى في نوع علاقة هذا الإسلام الدستوري بالمرجعيات الحقوقية العالمية؛ وإذا كان الكثير من المداد قد سال لتحليل الالتباس الثاني، على اعتبار أن العلمانيين والحداثيين رأوا في هذه الصدارة حرماناً للمغرب من الدخول إلى عالم حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالمياً، فإنه –للأسف- لم تتم مناقشة الالتباس الأول ولا الانتباه إليه إلا همساً من طرف بعض الأطياف داخل الحركة الثقافية الأمازيغية؛ وقد كان في الإمكان لو تم الانتباه إليه، ووُضِعَ، قبلاً، على محكّ التشريح، أن يقدم لنا حلولاً فلسفية لإشكالية الدين في علاقته بالقيم الإنسانية العالمية وبالاتجاه التحديثي الذي سار فيه المغرب؛ إذ من المعلوم أن المغاربة، تاريخياً، تبنوا الدين الإسلامي بوصفه العقيدة أولاً وليس بوصفه رزمانة من التحريمات والنواهي التي راكمتها قرون من القراءات المتشددة؛ فكانت قراءتهم / قراءاتهم لنصوص القرآن التـأسيسية، إلى جانب ما تمت روايته من أحاديث عن الرسول، تتصف بكونها ميَّزت، من جهة، بين الإيمان كواقعة فردية تخص الأفراد في علاقتهم بربهم (الله أكبر وار ت ثكسي غار ثمزيذا نس / ميمونة ثسن أربي، أربي إسن ميمونة) وبين التشريع، من جهة ثانية، بوصفه واقعة جماعية يتجاوز الأفراد وانتماءاتهم الدينية الشخصية (التشريع للجماعة وليس للمسلمين)، بالرغم من أنه يستمد مشروعيته من التبرير الديني للإسلام نفسه؛ والواقع أن هذا التمييز بين المستويين قد جعل المنظومة القيمية والفكرية والتشريعية المغربية تعكس، في العمق، فلسفة الأعراف الأمازيغية التي تمنح إمغارن وإنفلاس سعة لاستنزال الأحكام متجاوزة ومتخطية بذلك النصوص التي قُدمت من طرف الفقهاء على أنها نهائية وغير قابلة للتأويل؛ إن هذه القراءة / القراءات (التي أتجرأ على تسميتها أمازيغية، لكونها تفسر الإسلام استناداً إلى حمولة ثقافية أمازيغية) سوف لن تدعي أنها الإسلام العالمي أو الإسلام الحقيقي الصالح لكل مكان وزمان، ولكنها ستدعي فقط أنها إحدى القراءات الممكنة من ضمن قراءات أخرى كثيرة أنتجتها الخلفيات الهوياتية لشعوب إسلامية مختلفة في تفاعلها مع النص القرآني؛ ويمكن لنا أن نجلي بعض ملامح هذه القراءة الأمازيغية فيما يلي: 1ـ إن المغاربة - الأمازيغ قرأوا الإسلام استناداً إلى خلفية عاداتهم وأعرافهم التي كانت تُشكل دائماً المرتكز الأساسي لهويتهم الثقافية والحضارية؛ 2ـ لم يتبن المغاربة عموماً من الإسلام غير المذاهب الإسلامية، أي القراءات الدينية التي تتوافق مع أعرافهم المحلية؛ ولذلك تبنوا المذهب الخارجي الذي مأسس للمساواة بين الأجناس والأعراق، وتخلوا عنه لما رأوا فيه مغالاة وتشدداً ونزوعاً إلى استعمال العنف؛ وتبنوا المذهب المالكي الذي مأسس للأعراف، وجعل منها مصدراً أساسياً للتشريع؛ 3ـ إن المغاربة عموماً والأمازيغ على الخصوص عطلوا العديد من الأحكام الدينية الواردة في النصوص القرآنية لصالح أحكام العرف الموروثة عن أجدادهم، والتي رأوا أنها تتلاءم أكثر مع أوضاعهم الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية. هكذا، إذن، يكون المغاربة قد تفاعلوا مع الدين الإسلامي (أي مع الوحي) تفاعلاً إيجابياً، فقرأوه استناداً إلى خلفيتهم الثقافية الضاربة جذورها في عمق الحضارة الأمازيغية، ولم يقرأوه أبداً انطلاقاً من خلفية ثقافية سعودية أو ماليزية أو أفغانية أو غيرها؛ وعليه فإن المغرب الرسمي أو مغرب السلاطين سيتبنى، كما أشرنا، المذهب المالكي السني الذي يجعل من العرف مصدراً من مصادر التشريع، وهذا بالرغم من أن بعضاً من هؤلاء السلاطين كانوا يعتنقون المذاهب الشيعية؛ وأما بالنسبة للمغرب الشعبي فقد ظل مرتبطاً أشد الارتباط بأعرافه التي وافقه عليها الفقهاء والأمراء وأصدر السلاطين الظهائر تلو الظهائر من أجل شرعنتها ومنحها المشروعية الدينية اللازمة لاستنزالها محلياً والتي كان آخرها ظهير سنة 1930. ولقد تمخض عن هذا الفهم الأمازيغي (المغربي) للإسلام جملة من المبادئ والقواعد يمكن اختصار بعضها في ثلاث: ـ القاعدة الأولى: وتتمثل في عدم استناد الأحكام على النص بالإطلاق؛ ـ القاعدة الثانية: وتتمثل في استناد الأحكام على ما وافق العقل وبررته العلة وانسجم مع العرف؛ ـ القاعدة الثالثة: وتتمثل في ترجيح الأحكام الرحيمة ضداً على الأحكام المتشددة. وهكذا، بل واستناداً إلى القرآن نفسه سيشرعن الفقهاءُ الأمازيغ لأعرافهم بوصفها الإطار المرجعي الذي يحتل الصدارة، سواء في مجال القضاء أو في مجال العلاقات الاجتماعية والاقتصادية أو في مجالات التسيير وتدبير شؤون الناس؛ فلقد جاء في سورة الأعراف، الآية 199، قوله تعالى: « خذ العفو وأْمر بالعُرْف وأعرض عن الجاهلين»؛ وبهذا سيكون الأمازيغ قد وجدوا مبرراً قرآنياً شرعياً للاستمرار على سُنة الالتزام بأعرافهم والإعراض عن الجاهلين؛ كما أنهم انطلقوا، في مستوى آخر، من عدد مهم من الأحاديث، لتبرير هذا الالتزام، كحديث ابن عباس الذي أكد فيه على أن العصر هو ما يفسر القرآن وليس القرآن هو ما يفسر العصر؛ واستندوا، إلى جانب هذا، على العديد من الوقائع التي جعلت الصحابة يوقفون الحكم بالنص ويجتهدون، انطلاقاً من أعرافهم، لتجاوز المستجدات التي فرضتها التحولات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية بعد أن توسعت الفتوحات ودخلت الكثير من الشعوب غير العربية في دين الإسلام. فأحالوا لذلك على الكثير من الوقائع التي بررت صدورهم عن هذه الأعراف في تنظيم حياتهم؛ من ذلك، مثلاً، أن عمر ابن الخطاب لم يقطع يد السارق في ظروف محددة رغم ورود نص واضح في ذلك؛ وأنه أوقف حكم المؤلفة قلوبهم رغم تنصيص القرآن على هذا التأليف؛ وأنه أيضاً عطل نصاً قرآنياً وحكم بمنع توزيع الأراضي والغنائم على المقاتلين أثناء فتح العراق؛ كما أنه، على مستوى السنن، عطل سُنَّةً بنزعه أراضي كان قد أعطاها الرسول لبلال المزني، مبرراً حكمه ذاك بكون بلال هذا لم يعد في حاجة إلى هذه الأراضي في سياق يتميز بفقر المسلمين وشظف عيشهم. ولأن الأمازيغ، كما أشرنا، ظلوا يشرعون أساساً للجماعة وليس للمسلمين، فإنهم تبنوا أعراف اليهود استناداً إلى الرخصة التي منحها لهم المذهب المالكي الذي جعل من «شرع مَن قبلنا» مصدراً للقانون الإسلامي. ولذلك فهم لم يحكموا استناداً إلى خلفية الاختلاف في العقيدة، لأن العدالة – في نظرهم- كانت تتجاوز الانتماءات الدينية للمتخاصمين؛ وهكذا سنجدهم يحكمون على اليهودي والمسلم –دون تمييز- بنفس الحكم؛ فـ «من ظلم الآخر بخمسة أواق»، كما جاء في بعض هذه الأعراف. والحقيقة أن كل هذه التبريرات التي أتى بها فقهاء العرف الأمازيغي (إمغارن وإنفلاس) تصب جميعها في قراءة محلية للإسلام، وتستند على ممارسات وعادات وسلوكات ثقافية مترسخة في التربة الحضارية الأمازيغية، أي في الهوية الأمازيغية بالتدقيق؛ ولهذا فإن الأمازيغ لم ينظروا إلى الإسلام بوصفه نصاً مجرداً خارج التدافع الإنساني، ولم ينظروا إليه كما لو أنه يستدعي، فقط، قراءة واحدة (القراءة الحقيقية) دون اعتبار للسياق الحضاري الذي ينتمون إليه، بل إنهم نظروا إليه بوصفه انعكاساً لهويتهم الخاصة ولفهم خاص بهم، حيث تشكل فيه ثقافتهم، وأنماط عيشهم، وأشكال تنظيم حياتهم، الخلفية الفكرية والفلسفية لذاك الفهم. وبصيغة أخرى فإن هويتهم الحضارية هي ما كان يتبوأ مكانة الصدارة في استنزال الأحكام وفي تنظيم آليات اشتغال مؤسساتهم؛ ويكفينا في، هذا الصدد، أن نقدم بعض الأمثلة، لتوضيح الكيفية التي تعاملوا بها مع إشكاليات استنزال الأحكام. 1ـ على مستوى استنزال الأحكام القضائية الجنائية: من الخصائص الجوهرية للعُرف الأمازيغي أنه لا يغالي في استنزال الأحكام، بحيث إنه لا يحول النصوص الدينية، على مستويي التشريع وتنفيذ الحكم، إلى وسيلة للانتقام بدلاً من إحقاق العدالة؛ وعلى هذا الأساس فإن وجهاء العرف: ـ لم يحكموا بالإعدام، ولم يحكموا بالسجن: إذ استناداً إلى العرف الموروث الذي لا يبرر القتل أو الحرمان من الحرية بأي شكل من الأشكال؛ واستناداً أيضاً إلى القرآن الذي يمنح القاضي (أمغار) سعة في الأحكام، فإنهم اقتصروا على الحكم بالدية والنفي؛ ولأن القراءة الأمازيغية للنصوص التأسيسية الإسلامية تتميز بنزوع واضح نحو ترجيح الأحكام الرحيمة (غير المتشددة)، فإنهم استلهموا، مثلاً، من الآية التالية: «إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يُصلبوا أو تُقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو يُنْفوا من الأرض» (سورة المائدة، الآية 33)، (استلهموا) حُكْمَ النفي من الأرض الذي يتوافق مع ما اعتادوا عليه من أعراف تتلاءم مع طبيعتهم، ولم يأخذوا، أبداً، بحكم القتل والصلب وقطع الأيدي والأرجل. وأما في حالة الحرب فإن الأمازيغ، عادة، ما كانوا لا يقتلون الأسرى، كما لم يكونوا يسجنونهم؛ وتقدم لنا تجربة محمد بن عبد الكريم الخطابي الحديثة نموذجاً حياً عن هذا التعامل الإنساني مع الأسرى؛ فهو لم يكن يقتلهم، ولم يكن يسجنهم؛ بل كان يتركهم يعيشون بين الأهالي بعد أن ينزع منهم الأسلحة، ويفرض على الريفيين أن لا يمسوهم بسوء وأن يحسنوا إليهم في الأسواق والمداشر ويفتحوا لهم أبواب المساجد والزوايا والأضرحة إلى أن يقضي الله لهم أمراً إما بافتدائهم أو بإرسالهم إلى أهاليهم بإسبانيا. ـ لم يحكموا بقطع الأيدي أو بالرجم أو بغيرها من الأحكام المشوهة للأبدان: وهكذا فهم لم يقطعوا، مثلاً، يد السارق أو يرجموا الزاني المحصن أو يفقأوا أعين المعتدين وينزعوا أضراسهم إلخ. مستندين في ذلك، أولاً، إلى أعرافهم التي تقتصر على تعويض الضحية وتعويض الجماعة؛ ومستندين، ثانياً، إلى ما وصلهم من التراث الإسلامي الذي عُطلت فيه بعض الأحكام الواردة في النص القرآني كما أشرنا إلى ذلك سابقاً. وقد ذكر محمد شفيق، في هذا الإطار، أن أحد وجهاء العرف الأمازيغي برر هذا الاختيار أثناء مناقشته لفقيه أجنبي استغرب أحكام الأمازيغ، فقال له: إنما نحن الأمازيغ نطبق الشريعة بالعقل، وأما أنتم فتطبقونها بدون استعمال هذه الهبة التي منحكم الله. والعلة في ذلك، يقول الوجيه الأمازيغي، أن قطع الأيدي وفقأ الأعين ونزع الأضراس إلخ عادة ما يؤدي إلى أن الضحية الذي حُكمَ له لا يستفيد شيئاً من حكم القاضي؛ إذ ما الذي سيستفيده إذا ما قُطعت أيدي المعتدي أو دُقّت عنقه أو رُجِم حتى الموت؛ وأما، من جهة أخرى، فإن المجتمع الذي سيتواجد فيه هذا المحكوم عليه سيتضرر من الحكم، من حيث أنه سيصبح مجتمعاً يضم أفراداً يشكلون عالة عليه إما بحكم عدم قدرتهم على العمل (في حالة قطع الأيدي وفقأ الأعين مثلاً)، أو بحكم تركهم عائلات بلا معيل (في حالة القتل). 2ـ على مستوى استنزال الأحكام ذات العلاقة بمساواة المرأة مع الرجل: إذ ارتكز الأمازيغ في استنزال أحكامهم في حالة الطلاق أو في حالة وفاة الزوج، مثلاً، على عدم اعتبار حكم النفقة، فقط، أو حكم الإرث كما هو منصوص عليهما لدى الفقهاء؛ بل اعتبروا عُرف الكد والسعاية أصلاً من أصول الحكم؛ وعينوا للمطلقة محامياً ينتمي إلى القبيلة يسمى «أمازال» يعضدها ويقف إلى جانبها»؛ فبالنسبة إليهم أن المرأة المطلقة أو التي مات عنها زوجها تكون قد راكمت أموالاً أثناء مقامها مع زوجها المطلِّق أو المتوفّى إما بعملها في البيت أو بعملها في الحقول والصنائع أو في غيرها من الأعمال؛ ولذلك سنجد فقيهاً عظيماً كابن عرضون ينادي بمناصفة النساء، والأخذ بعين الاعتبار السنوات الطوال التي قضتها هذه الزوجة إلى جانب الزوج، كي لا تُظلم فيؤخذ منها حقها الذي عرقت من أجله، باسم نفقة فقهية قد لا تغني ولا تُسمن من جوع؛ غير أنه لما أنكر فقهاء فاس وعلماؤه على ابن عرضون هذا الاجتهاد العرفي، دعاهم إلى وزان وغمارة كي يروا بأم أعينهم كيف تشتغل النساء، وكيف يساهمن إلى جانب الرجل في مراكمة الأموال، معلناً أن حكم الجزيرة العربية حيث شروط خروج المرأة إلى العمل مستعصياً لا يتفق مع حكم وزان وغمارة حيث جرى العرف أن تشتغل المرأة وتشارك في الحياة الاجتماعية والاقتصادية. وعلى مستوى آخر سيُعطل العُرْف الأحكام التي تمنح الرجل إمكانية ضرب المرأة أو التشهير بها؛ ففي عُرف «أكادير إكنك» بـ»أشتوكن»، مثلاً، ينص العرف على أن «من رفع الفضاحة إلى المرأة الزنى، من البواب وغيره، ينصف بـ: خمسين ديناراً إن اشتكت به»؛ وفي «أفانور ن تودغا»، تم التنصيص على أنه «إن تخاصم رجل مع امرأة، فمن سبق منهما للضرب يعطي مثقال والآخر خمسة أواق»؛ كما أنه في حالة ضرب الزوجة وسط أكادير فإن الزوج «ينصف بعشرة درهماً». 3ـ على مستوى استنزال الأحكام ذات العلاقة بالتضامن الاجتماعي - الجماعي (تاويزا): فمن المعلوم أن الأمازيغ ورثوا عادة «تاويزا» التي يرجعها بعض الدارسين إلى القرن الرابع الميلادي؛ وقد استند فقهاء العرف من إمغارن وإنفلاسن على هذه العادة لكي يؤسسوا لضرائب أعفوا منها الشيوخ وكبار السن واليتامى والأرامل والمرضى؛ فهؤلاء، كما هو وارد في نص القانون العرفي، «لا تلزمهم الكلف المأخوذة»؛ كما أنهم بحكم هذا القانون فرضوا على الأصحاء وذوي اليسار أن يقوموا بجميع أعمالهم سواء تلك التي تتعلق بأعمال الفلاحة من حرث وزرع وحصاد أو تلك التي تتعلق بالرعي أو بغيرها من الأعمال؛ ومن لم يمتثل، كما هو الأمر بالنسبة «للوازم الزرب» (الشطب)، فإنه «ينصف بدرهمين ويفعل ذلك»؛ ولم تكن أحكام «تاويزا» مقصورة، فقط، على الأعمال الاقتصادية، بل إنها تجاوزتها أيضاً لتشمل الأعمال الحربية والاحتفالية إلخ... وهكذا فإن عبد الكريم الخطابي، مثلاً، (وقبله الشريف أمزيان) قام، استناداً إلى هذا العرف، بتوزيع الريفيين إلى فئتين: فئة تشتغل في المزارع لمدة محددة، وفئة تقاوم الاستعمار؛ ثم، في مرحلة موالية، تنخرط الفئة الأولى في القتال، وتتجه الفئة الثانية إلى المزارع؛ وهكذا دواليك). ونظراً للأهمية الكبيرة التي كانت تكتسيها عادات التضامن فقد استثنى الأمازيغ بسوس أي تدخل للشرع في قوانين أكادير؛ هكذا، إذن، سينص «لوح أكادير ن تمالوكت»، على أن إمغارن «عقدوا أن الشرع لا تتكلم في الحصن، ولا سبيل للقاضي أن يحكم في الحصن أبداً () لأن في الحصن مسائل تغرم باللوح». 4ـ على مستوى انتخاب المسؤولين واتخاذ القرارات لم يكن في عرف المسؤولين المنتخبين من إمغارن وإنفلاس أن يستبدوا بالحكم أو أن يعرضوا أنفسهم على الناس، ويدّعوا أنهم وحدهم المستخلفين في الأرض؛ فقد كان العرف يلزمهم أن لا يقدموا أنفسهم؛ وفي حالة اختيارهم من طرف الأهالي، فما عليهم إلا أن يذعنوا لهم، وإلا فإن من رفض منهم يُرغم فـ «يقبل ذلك كرهاً»، بل ويؤدي، نتيجة لرفضه، نصافاً مقداره «مائة مثقال»؛ وقد تشدد الأمازيغ في هذا الأمر لكون تقلد المسؤولية، في العرف الأمازيغي، تكليفا وليس بتشريف؛ وقد كانت قرارات مجالس المنتخبين تتسم بالكثير من الديموقراطية، إذ نصّ العرف على أنه في حالة الاختلاف بينهم أن «يغلُب الكثيرُ على القليلَ»، أي أن يؤخذ برأي أغلبية الأعيان دون الأقلية، فـ «لا يتعرض الثلثُ للثلثين». وأما حين ينهي الإنفلاس أو الأمغار ولايته التي عادة لا تتجاوز السنة، فإن الجماعة تعين له عشرين محاسباً «حتى تُصفى ذمته». الخلاصة: لا أريد أن أطيل في سرد النماذج؛ فهناك العديد من الأمثلة من هذا النوع؛ لكن الذي أريد أن أُلفت إليه الانتباه، هنا، هو أنني لستُ بصدد المفاضلة بين العرف والشرع، فأرفع من قيمة الأول وأحط من الثاني؛ فالعرف، نظراً للسياق الثقافي والحضاري الذي أنتجه، يحتوي بدوره على الكثير من الأحكام التي لا تتوافق مع حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالمياً؛ ولذلك فإن الدعوة هنا ليست في تبني أحكامه، بل في النظر في المسوغات التي جعلت إمغارن وإنفلاسن يصدرون عن ذهنية متفتحة تأخذ بعين الاعتبار التحولات الاجتماعية والثقافية دون أن يقعوا في مطبات التطرف التي يقع فيها الكثير اليوم؛ وبصيغة أخرى ألا يحق لنا – ونحن في القرن الواحد والعشرين- أن نجعل من هويتنا الثقافية والحضارية مرتكزاً للانفتاح ولمواكبة العصر، فنستلهم من هذه الذهنية المتفتحة، دون أن نستورد القراءات الدوغمائية المتطرفة التي ستكون بالضرورة غريبة عن واقعنا ومشاكلنا وعن نموذج المجتمع الذي نتوخى بناءه؟؛ فإذا كان الأمازيغ الأوائل قد أنتجوا نموذجهم المجتمعي استناداً إلى هويتهم، واستلهاماً لأعرافهم، وتفاعلاً مع الدين الذي اعتنقوه، أليس في مقدورهم اليوم أن يفعلوا نفس الشيء؟ لماذا، إذن، نريد أن نحول الإسلام إلى هوية خاصة بالعرب وننزع عنه عبقريته العالمية التي جعلت منه إسلاماً يتجاوز الهويات، ويتفاعل معها ولا ينفيها؟؛ لماذا نريد، إما باسم الادعاء أن هذا الدين ينتمي إلى عرق وثقافة وهوية واحدة، أو بادعاء أنه لا يحتمل غير تأويل واحد أن نسجنه في قراءة واحدة؟ لقد أكد علي ابن أبي طالب على هذا المنحى العالمي للدين الإسلامي عندما أكد أن القرآن حمال للأوجه، وأنه لا يمكن أن يختزل في إحدى القراءات كيفما علا شأنها؛ فهل نختزل كل الثراء العالمي للإسلام الذي اكتسب معانيه من تعدد الهويات والثقافات واللغات التي ينتمي إليها لكي نجعل منه هوية عربية أو مغربية؟ إن القراءة الوحيدة لهذا الاختزال هو أن هؤلاء الذين يريدون قومنته وسجنه داخل هوية واحدة إنما يتوخون، في العمق، سفك دم الهويات غير العربية؛ مما يجعلهم في تعارض تام مع الإسلام نفسه الذي يدَّعون أنهم يعتنقونه؛ ففي الوقت الذي يؤكد القرآن على أن الألسن آية من آيات الله، وأن الله إنما خلق القبائل والشعوب للتعارف، نراهم، على العكس من ذلك، يشحذون سكاكينهم لقتل الهويات التي منحت الإسلام كل هذا التراث الثري شرحاً وتفسيراً وتأويلاً.إن على هؤلاء أن يعلموا أن الإسلام لا يمكن له أن يحتل الصدارة في الهوية لأي شعب من الشعوب، وذلك ببساطة لأنه لا يحدد في شيء هوية الناس؛ فالفرنسي الذي قد يعتنق الديانة الإسلامية لا يمكن له أن يعتنقها إلا بوصفه فرنسياً، ذا هوية فرنسية، وليس أبداً بوصفه عربياً أو مغربياً؛ فإسلامه يمس المعتقد بالأساس ولا يمس أبداً انتماءه الهوياتي الذي يرهن كيفية فهمه واستنزاله له؛ وينتج عن هذا، في نهاية المطاف، أن عبقرية الإسلام تتجلى في كونه مفتوحا على العالم في تعدده، ويمكن لأي شخص في العالم، بغض النظر عن انتمائه، أن يتبناه ويعتنقه في اللحظة التي يريد؛ ويجرنا هذا، بطبيعة الحال، إلى القول إن العقيدة شأن فردي وخاص، ومن فرديتها تستمد عالميتها، في حين أن الهوية شأن جماعي وتاريخي ومحكومة بسياقات حضارية محلية؛ فالمغربي والتركي يمكن لهما أن يعتنقا نفس الديانة بوصفهما فردين، لكنهما لن يدعيا أبداً أنهما ذوي هوية واحدة رغم انتمائهما إلى نفس الدين. عود على بدء: في الوقت الذي ينص الدستور المغربي على أن «المملكة المغربية، الدولة الموحدة، ذات السيادة الكاملة، المنتمية إلى المغرب الكبير، تؤكد وتلتزم بالعمل على بناء الاتحاد المغاربي، كخيار استراتيجي»؛ وفي الوقت الذي يؤكد فيه عاهل البلاد في خطاب 09 مارس على « التكريس الدستوري للطابع التعددي للهوية المغربية الموحدة، الغنية بتنوع روافدها، وفي صلبها الأمازيغية، كرصيد لجميع المغاربة»؛ بل وفي الوقت الذي التزم فيه الملك شخصياً في خطابه، بمناسبة الذكرى الثانية عشرة لاعتلائه العرش، بالالتزام «بسمو الدستور روحا ومنطوقا، كنهج قويم ووحيد لتطبيقه»، واعتباره «أن أية ممارسة أو تأويل، مناف لجوهره الديمقراطي يعد خرقا مرفوضا ومخالفا لإرادتنا، ملكا وشعباً»؛ فإننا للأسف ما زلنا نجد، إلى حدود اليوم، من يضرب بعرض الحائط بكل هذه المستجدات، وهذا ليس فقط من حيث أن إعلامنا الوطني لم يتزحزح قيد أنملة، إن لم يكن تمادى، في استعمال عبارات «المغرب العربي» و»الوطن العربي»، في خرق سافر للدستور الذي صوّت عليه المغاربة، وجَرْح يومي لمشاعر المواطنين من الأمازيغ، بل إن أقلاماً عرقية حاولت وتحاول يائسة أن تعلن حرباً شعواء على وزير خارجيتنا السيد سعد الدين العثماني لمجرد كونه أراد أن يستنزل منصوص الدستور على أرض الواقع؛ صحيح أن وزراء خارجية تونس وليبيا والجزائر رفضوا ما تقدم به وزير خارجيتنا المغربي، لكون هؤلاء الوزراء ما زالوا إلى اليوم يرضعون من الأدلوجة القومية التي غرسها فيهم غير المأسوف عليه معمر القدافي الذي حول الدين الإسلامي إلى دين قومي عربي ورفض كل ما رواه علماء الحديث وأصول الدين والصحابة من غير العرب، لمجرد كونهم عجما، بل وعمل على تغيير وتشويه القرآن نفسه عندما تجرأ ونادى بحذف كل العبارات القرآنية التي تبدأ بكلمة «قل»؛ إن هذا العنصري، وليكن ذلك في علم سدنة القومية العرقية في المغرب، هو الذي فرض تسمية «المغرب العربي»، وقد تحفظ المرحوم الحسن الثاني على هذه التسمية، إلا أن عنجهية معمر دفعته إلى مغادرة الاتحاد إن لم يتم تبني التسمية، مما اضطر معه الملك وباقي الرؤساء إلى القَبول. وإذا كنا اليوم قد دخلنا مرحلة جديدة من تاريخنا المغربي والمغاربي من حيث الاعتراف بجميع مكوناتنا الثقافية واللسانية، فإن المفروض هو أن يحترم بعضنا البعض وأن لا تُستباح كرامتنا باستباحة هويتنا، وأن يعمل وزراؤنا على استنزال الدستور، على الأقل، فيما يتعلق ببعض التسميات الخالية من رائحة الإثنية المنتنة؛ إننا، كديمقراطيين، ندعو إلى اعتماد تسمية غير عنصرية، هي التسمية الدستورية المصوّت عليها، (المغرب الكبير)، ونعتبر كل مسؤول لم يلتزم بالدستور خارقاً له، وللقسم الذي أداه أمام الملك؛ كما أننا نعتبر ما أقدم عليه وزير الخارجية المغربي خطوة أساسية نحو التطبيع مع تعددنا وترجمة لروح الإسلام الذي لم يأت ليعرب شمال إفريقيا ويحوله إلى مغرب عربي ضداً على إرادة أبنائه.
|
|