|
|
«حطب ومعاناة» في اليوم العالمي للمرأة بقلم: حسن أبراهيم
لا شك أن العالم يتذكر الثامن من مارس من سنة 1908 ، عندما قامت الآلاف من عاملات النسيج للتظاهر في شوارع مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، واللواتي حملن معهن قطعا من الخبز اليابس وباقات من الورود في خطوة رمزية لها دلالتها واخترن لحركتهن الاحتجاجية تلك شعار «خبز وورود» التي رفعن فيها مطالب تهم بالأساس تحسين ظروف تشغيلهن وتخفيض ساعات العمل، مناسبة أعطت بداية لتشكل حركة نسائية بالولايات المتحدة. مسيرة جعلت الأوساط العالمية تجعل هذا اليوم بمثابة وقفة احترام، وقفة تذكر بمشوار المرأة ونضالاتها المستمرة، ووقفة اعتبار للمرأة الحالية. مناسبة تستحق فعلا الإشادة بالمرأة التي لعبت أدوارا هامة في الحياة اليومية، من تربية الأولاد، القيام بالأشغال المنزلية، والمشاركة الفعالة في منظمات المجتمع المدني والمشهد السياسي، وأخيرا وليس أخيرا قيادتها لمسيرات الاحتجاجات والتظاهرات التي تشهدها الساحة الوطنية والدولية عموما. يحل اليوم العالمي للمرأة هذه السنة، والمرأة الأمازيغية في مناطق المغرب العميق حاملة شعار «حطب ومعاناة» بدل الشعار الذي رفعته نساء نيويورك. نساء لا يحملن في صفات الأنوثة إلا هذا الاسم «نساء». نساء بصفات رجولية، يمزجن بين أعباء تربية الأولاد، القيام بأشغال البيت وبين الانشغال في الحقول ومساعدة الرجل في كل أشغال الفلاحة والرعي... لا تستغرب إن وجدتها ترعى في صحراء قاحلة أو في غابة وسط الأدغال، لا تستغرب إن وجدتها تقلب الأرض أو تسقي الحرث، ولا تندهش إن رأيتها تبني... ما دمت في المغرب فلا تستغرب. نساء، قذفت بهن الحياة في جحيم الويلات والمعاناة، معرضات في كل حين ووقت للطرد من بيت الزوجية، وهن يحاولن في كل مرة التنازل للم لحمة العائلة وعدم تعريض الأبناء للتشرد والضياع. الثامن مارس من كل سنة، لا تعرف فيه المرأة الأمازيغية إجازة ولا تكريما، لا تعرف أبدا أن هناك يوما يكرمها أو يرد لها الاعتبار. إن كان فعلا يوم واحد في السنة كفيل برد الاعتبار للمرأة عامة، فالسنة كاملة لا تكفي لرد الاعتبار للمرأة الأمازيغية التي تعيش حياة أشبه بعقوبة إلهية. امرأة لا تعرف من حقوقها غير حقها في المعاناة، وتحمّل الصعاب، امرأة لا تعرف من حقها في الكتابة والقراءة إلا الأمية، امرأة لا تعرف من المساواة إلا التي ساوتها الأقدار المقدرة، من تهميش وإقصاء ممنهج، مع «الحطب والمعاناة».ورغم كل هذه المعاناة التي اختزلتها الأسطر، لا يجب أن ننسى الدور الفعال الذي قامت به هذه المرأة (الأمازيغية). فقد كانت أيام المحنة قرينة بالرجال، تزودهم بالمؤونة من أكل وشراب، تشاركهم في المعارك ضد المستعمر، حملت السلاح ودافعت ببسالة من أجل تحرير هذا الوطن من قبضة المستعمر، وهنا نستحضر «عدجو موحا» التي استشهدت في إحدى المعارك ضد المستعمر بجبال صاغرو. ونحن إذ نخلد هذا اليوم العالمي للمرأة، أمّا وبنتا وزوجة وأختا... يجب أن نقف وقفة احترام لأمهاتنا اللائي أرضعننا قيم تيموزغا، قيم التسامح واحترام الغير، قيم الحوار والاعتراف بالاختلاف، قيم الإنسانية والمعاملة الحسنة... فلنحي فيهن الدور البارز لحفاظهن على ثقافة الأجداد وتمريرها للناشئة، فلنحي فيهن ضمير الصبر والتنازل عن أبسط حقوقهن من أجلنا... من هذا المنبر الحر لا يسعني إلا أن أناشد المنظمات الديمقراطية لرد بوصلة الحقوق وتوجيهها إلى مناطق لا توجد فيها تغطية كافية لحقوق المرأة.
|
|