|
التوجس والانكماش بقلم: لقمان (ليبيا) إلى كل من ينظر إلى الأمازيغية بتوجس وانكماش، وأيضا إلى كل من يتعاطى مع الامازيغية بحماس وعاطفة، إلى كل هؤلاء، بعد تقديري واحترامي لآرائهم وأفكارهم التي تتفق أحيانا وتتباين أحايين أخرى، إلا أن المنهجية الديمقراطية تفرض على كل من يؤمن بها بقبول الرأي المخالف مهما كان شططه... إلى هؤلاء أقول: 1 ـ إن من ينظر للأمازيغية من زاوية العرق النقي فهو يخطيء كثيرا، ذلك أن النقاء العرقي لا يوجد في أي مجتمع من مجتمعات العالم وذلك أن الاختلاط البشري وتداخله من خلال الهجرات ـ من وإلى ـ لم يتوقف وهذا من المعارف البديهية. 2 ـ أن من يتحدث عن العرق النقي والدم الواحد إنما يتحدث بشكل عنصري (والنظرة العنصرية دائما مآبها الفشل، ذلك أنها ترفض البعد الإنساني والذي هو أساس نمو وتطور الأفكار التي تساهم مساهمة فعالة في بناء حضارة الإنسان وفي تقدمه وسموه). 3 ـ إن الذين يعرضون الأمازيغية على أنها نقيض القومية العربية أو أنها فكرة زرعت للقضاء على الفكر القومي العربي في ليبيا أو الشمال الأفريقي هم أيضا يخطئون خطأً كبيرا في حق أنفسهم وحق شعوبهم وأمتهم وفي حق التاريخ أيضا، ذلك أن الأمازيغية لا يمكن مقارنتها بالدعوة "للقومية العربية" لا من حيث الفكرة ولا المضمون، ولا يوجد مجال للمقارنة. وباختصار شديد أقول: إن الدعوة للعروبة خارج الجزيرة العربية هي بالتأكيد دعوة عنصرية شوفينية عرقية وهي بالتالي دعوة نتنة.... أما الأمازيغية في ليبيا وفي شمال أفريقيا فهي دعوة حقوقية بكل ما تعني الكلمة من معان ولا يمكن أن تخرج من هذا الإطار، ذلك أن الحديث عن الأمازيغية إنما هو حديث عما يحويه حوض شمال أفريقيا من غرب وادي النيل إلى المحيط الأطلسي ومن البحر المتوسط إلى نهر النيجر. هذا الحوض وما يحويه من تراث وجذور وعادات وتقاليد وموروث وآثار وثقافة وسلوك ونمط تفكير كل ذلك لا يعكس في الحقيقة إلاّ الشخصية الأمازيغية ومن يرى غير هذا فعليه بالدليل.... فالكسكسو والحولي والبرنوس والبازين وغيرها لم نعرف لهم تاريخ صنع محدد كما نعرف جيدا وجميعا أنها من منتميات وموروثات هذا الحوض. أما الحديث عن الإنسان في هذا الحوض، وتحديدا في هذا الجزء من الحوض _ ليبيا الحالية ـ أنه من عرق فلان أو علان فهذا حديث سفه، لأن هذا الحوض تلاقت فيه، إلى جانب الإنسان الأصيل، أجناس من هنا وهناك مثله في ذلك مثل بقية أحواض الأمم الأخرى، ليس فقط الوافد من الجزيرة العربية. فالوافد من أفريقيا أكثر بكثير والوافد من أوروبا كذلك، إنما الانصهار في موروث هذا الحوض مع السكان الأصليين هي الصفة البارزة والسمة الغالبة. فالحديث عن الأمازيغية إنما في إطار التصحيح وإبراز الأشياء على حقيقتها وتقديمها كما هي، وأي محاولة تزويق أو تلميع أو تلوين مهما كان براقا لا يعدو إلا تكرارا لمحاولات سابقة أثبتت فشلها والمثل الليبي يقول (ما يقعد في الوادي كان حجره).
|
|