من الأشعار الدينية: رثاء المرأة
الميتة
الحسين دمامي (ورزازات)
يكتسي الموت أهمية
قصوى في حياة الإنسان، إذ لا تعتبر حدثا عارضا في حياة الجماعة، خصوصا
التقليدية ذات الهشاشة الديموغرافية، بل واقعة اجتماعية تحرك العلاقات
الاجتماعية بتجديد الاتصالات والتعبير عن المشاعر إلى درجة أن عدم
تقديم العزاء لأسرة الميت ينظر إليه كتحدِّ أو رغبة في موته يستدعي عدم
نسيان هذا التصرف إلى حين القيام بمثله عندما يفقد من لم يقم بالتعزية
قريبا له.
وإذا كان الاحتفال
بالأعراس والمواليد الجدد وعودة الحجاج يأخذ طابعا مرحا، فإن الموت
تلازمه طقوس وممارسات تنم عن علاقة الإنسان بالمقدس وتصوره للعالم
الآخر انطلاقا من مرجعيته الدينية. كما أنه فرصة للبحث في الذهنيات،
ونمط التدين السائد: أورثودوكسي أو شعبي. ومن
الممارسات الملازمة للموت ترديد الأشعار ذات النفحة الدينية لترافق روح
الفقيد إلى العالم الآخر: عالم الحق.
ومن الممارسات الدينية
بوادي دادس بقبيلة آيت سدارت الجبل ترديد أشعار دينية، تقوم به النساء
أثناء غسل المرأة الميتة تحضيرا لكفنها، حيث يُحِطْنَ بشكل دائري
بالمرأة التي تقوم بغسل الميتتة. ومما يقلنه:
1 - Maneza lall Fadvma utt nnbi?
2 - Manza wi ddat izvrian?
3 - Ad tmun d lullit ddegh ar
tigemmi n rebbi.
4 - Annebi Muhemmed righ ad
tegim lewjab inu
5 - Ig da ttemtategh ula ig
da ttiridegh
6 - Ula ig da ttukfaregh,
ula asera g nesigh berra.
7 - Manza willi d will?
Manza widad nufu?
8 - Manza wat nnebi Muhammed
a widda pewanin?
9 - Asera g nnigh tazvallit
ghif un a nnebi Muhammed
10 - Ad tzedghem a yul inu
ar d zund aghghu.
11 - Mak righ ad yiqqimi n
bnadem?
12 - I qqimegh didun a yighf
inu.
13 - S tzvallit ghef nnebi
muhemmadin.
14 - Imekiddegh n ighbula ad
ganet tarezzviq
15 - Win ka utekar, win ka
iznaneg ukan.
16 - Layelapila wallapi rebbi
ami teddum
17 - Ima bnadem sulen ad ak
ifnu, tefnu ddunit.
18 Asera g mmutegh a rruh
inu ad teget atbir
19 - Ad ur gin aqeyewar, a
bab n igenna d wakal.
20- Da qeragh i ssvalihin, i
da qqaregh i ssvabirin
21 - Ad ikwenen ur ig rebbi a
yawenul ula zepani.
22 - Lixera tella mized ad
inigh: lla, ur llint?
23 - Tiyur ccerfa, tiyur
igwerramen
24 - Tiyur awd widda ihubban
rebbi.
مضمون القصيدة: يبتدئ
النظم بالاستفهام عن "فاطمة الزهراء"، وعن من شاهدها كي ترافق المرأة
الميتة إلى بيت الله (الأبيات 1ـ3 ). ثم طلب ان يكون النبي هو من يجيب
مكان الإنسان منذ احتضاره إلى مبيته خارج المنزل بالمقبرة (4 ـ 7).
بعدها يتم التساؤل عن مصير كل السابقين بمن فيهم الرسول تحذيرا للسامع
من تهاونه إلى أن يموت (7 ـ8). وطلب صفاء القلب مثل بياض اللبن عند
الصلاة على النبي (9 ـ10).
وإذا كان الموت يرعب،
خصوصا أن الإنسان يجهل خاتمته، فإن الناظمة تتساءل بطريقة استنكارية عن
الحاجة إلى مجالسة الناس، مفضلة الوحدة والصلاة على النبي (11ـ13). كما
تشير إلى تفاوت الأرزاق مثل تفاوت كمية مياه الأنابيع، إذ بعض الينابيع
غزيرة والأخرى شحيحة (14 ـ15).
بعدها
تنطق بالوحدانية مشيرة إلى دوام الحياة لله، فيما الفناء مآل مشترك
للإنسان والأرض (16 ـ 17).
وبما أن القصيدة نوع
من الرثاء وشكل من أشكال طلب الغفران، فالناظمة تطلب أن تكون الروح
حمامة عند الموت، وليس غرابا (18 ـ 19)، إذ يتم التشاؤم بالغراب آكل
الأمانات، مما كان سبب مسخه عند ساكنة وادي دادس.
بعدها تنادي الناظمة
على الصلحاء والصابرين، مستنجدة بهم كي لا ينساها الله (20 ـ 21). وفي
الأخير تقر بحتمية الموت طالما أن الشرفاء والصلحاء ومحبي الله قد
طالهم الفناء.
وعلى العموم فإن
القصيدة تسبح في جو تعبدي، إذ رغم أن المناسبة هي غسل امرأة ميتة، فإن
الاعتبار جعل القصيدة مناجاة تقوم بها امرأة حية طلبا للغفران ومراجعة
للسلوكات في الحياة الدنيوية التي تبعد المخلوق عن الخالق إلى أن تذكره
الموت/النهاية بوحود العالم الآخر، وفناء الحياة حتى لمرتقٍ في سلم
العبادة.
الحسين دمامي في
5/4/2001.