|
|
الشواذ المغاربة الجدد بقلم: أنديـــش إيدير
شهد المغرب ما قبل "الاحتقلال "وبعده عدة شواذ مشهورين (أقصد الشذوذ بمفهومه الهوياتي) من ضمنهم من كان ضمن الحزب الواحد آنذاك. ومع توالي السنين ظهر شواذ آخرون، مفكوين، كتاب، فنانون... جعلوا من أنفسهم عبيدا يخدمون أسيادهم العرب روحا وقلبا، يرسلون لهم جواري المغرب إلى حانات الشرق الأوسط والخليج ليفرغوا فيهن مكبوتاتهم الجنسية. إلى الآن، الكثير منكم لا زال لديه لبس فيما يخص كلمة "الشذوذ" التي لا أعني بها الإنسان الذي يقوم بممارسة جنسية على الذكر، بل الشذوذ الذي أعنيه هو حين يغير الإنسان الأمازيغي هويته إلى هوية عربية، فنجده يتماهى في حبه للعرب، يقدم لهم مسيرات مليونية مخزية (ناسيا أن أبناء بلده في أنفكو وأيت عبدي مثلا يموتون سنويا بسبب البرد) ويهب لهم روحه وعقله، فكرامته ككرامة الشاذ في مجتمع محافظ. في إطار مرضها بالسيكزوفرينيا يكشف لنا أحد أبواق الشذوذ عن فوبيا وعداء خاص وفريد من نوعه للأمازيغية من طرف السيد رشيد نيني. فبعد أن تهكمت على المناضلين الأمازيغ وطالبت الدولة بمنع جريدة "ثــاويزا"، ها هي اليوم، وعبر رسالة مشكوك في صحتها منسوبة إلى شخص ابن عبد الكريم الخطابي، مررت جريدة المساء رسالة الكره والحقد على مناضلي ومؤسسي الحركة الأمازيغية الذين اختاروا طريق النضال لأجل مسعى ترسيم اللغة الأمازيغية ضمن دستور ديمقراطي شكلا ومضمونا. في البدء نشر نيني الرسالة مع تعليقه الأمازيغوفوبي عليها، ثم تلاه "المصطفى مرادا" فبلغ السيل الزبى، هذا الأخير الذي حلل على مزاجه ومزاج الرسالة ذات المضامين العربعثية دون أن يفوت الفرصة أن يصف المناضلين بما جاد عليه قاموسه العربي من المصطلحات تفوح منها رائحة "ميــروس". كمناضل أمازيغي محسوب على الحركة الأمازيغية، الذين يصفهم كل مرة السيد نبني بغلاة الأمازيغية، أود أن أوضح بعض الأمور. - أشبه صحافينا الجليل بوزير الثقافة المغربي حميش الذي يعتبر أن البربر (لاحظوا معي أنه يتجاهل كلمة أمازيغ) الأحرار هم الذين رضوا بالعروبة، أي أن الحر في نظر الأستاذ المبجل هو الذي يهمش كينونته وهويته ويتبنى أفكارا ظلامية ذات أبعاد فاشية عنصرية، ولذلك سنفهم أن العبد لديه هو الذي يعتز بهويته ويفتخر بتاريخه ويناضل لأجل لغته (اللـــه وأكبر؟؟) أما نيني فالأمازيغ الأحرار عنده من يكررون ببغائيا "أنا عربي" وينضمون إلى "الجامعة العربية " وإلى "المغرب العربي" ويتكلمون العربية ويخجلون من أصلهم الأمازيغي. أعتقد أنه لا يخفى على السادة الكرام أنهم يطلبون منا أمرا غير مقبول وغير معقول وليس بمفهوم ولا وجود له على سطح الكرة الأرضية. كيف ذلك؟ تصوروا معي ولو على سبيل المزحة أن نطلب من الفرنسي أن يتخلى عن هويته ولغته الفرنكفونية ويتبني بديلا لها الجرمانية أو الصينية أو الانكلوساكسونية من أجل أن يكون حرا. رد الفعل الطبيعي من طرفه سيكون الانتفاض واستغراب الشيء المطلوب منه، أيضا نحن الأمازيغ نجد حريتنا حين نتكلم لغتنا ونفتخر بهويتنا. - المشكل الذي يعاني منه رشيد نيني هو أنه لا يريد أن يفهم مطالب الحركة الأمازيغية. فهذه الأخيرة ليست انفصالية كما يدعي، بالعكس من ذلك هي من أكثر الحركات التي تساند الوحدة الترابية للملكة (في حين نجد أن اليسار المغربي مثلا وإلى عهد قريب كان يجهر بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره). أما بالنسبة للحكم الذاتي، فأعتقد أنه وسيلة لتقوية الدولة اقتصاديا وجعلها تتبوأ مكانا أفضل بالنظر إلى نماذج الولايات المتحدة، سويسرا، ألمانيا... فهي دول جد متقدمة لأنها تعتمد الفيدرالية في التسيير، عكس النظام المغربي العتيق اليعقوبي الذي يزكي اللامساواة بين جهة وأخرى, ورغم ذلك فصوت مهم داخل الحركة الأمازيغية لا زال يعارض فكرة الحكم الذاتي لاعتبارات أخرى، لكن الذي يهمنا هو: لماذا يثير مطلب ترسيم اللغة الأمازيغية كل هذه الزوابع في صفوف أعدائها؟ لا شك أن الأفكار المسبقة المستقاة من شارع اللافهم هي التي تحرك النزعة الفوبية لدى نيني. - يقول المصطفى مرادا: "فإذا ببعض الغلاة من المتكلمين باسمه اليوم يستعملون اسمه في ترسيخ قيم مناقضة لفكره كالعنصرية وكراهية الآخر والانفصال". كلام خطير من الرجل يزكي دائما طرح الجهل بخطاب الحركة الأمازيغية الذي من أهم مبادئها: التسامح، نبذ العنف، الحوار، النسبية... نحن لا نكره العرب ولا اليهود ولا الروس كشعوب، بل لدينا مواقف من الأيديولوجيا، نحن نكره النازية ونمقت الصهيونية والعروبة لأنها تصنف ضمن خانة العنصرية وكراهية الآخر. - أما فيما يخص موقفنا من اللغة العربية، فأكرر أننا في الحركة الأمازيغية لا نكره العربية وأي لغة مهما كانت، بل نستنكر استعمالها كوسائل لتعريب الشعب الأمازيغي (وهنا يكمن الفرق). وفي هذا الصدد أريد أن أذكر بالتصريح الصحافي الذي خص به عالم المستقبليات الأستاذ المهدي المجرة جريدة العالم الأمازيغي حيث قال: "أؤكد أن الثلاث الأولين المبرزين في اللغة العربية في هذه البلاد أمازيغيون، منهم لخضر غزال ومحمد شفيق أقول لولا الأمازيغيين لماتت العربية). هذه الشهادة وحدها تكفي لتكمم أفواه الشوفينين. - هذا الرجل من الصعب جدا تصنيفه إلى أيديولوجيا معينة لأنه مر بعد مراحل مهمة أثرت على حياته ومواقفه (هذا ما يسميه الفلاسفة بالتشخصن). فحين كان بثامليلت كان ثائرا (كانت لديه عشيقة إسبانية، يدخن الكيف، وكان متـأثرا بكمال أتاتورك العلماني ...) إلى أن انبثق وعيه السياسي إبان تأسيس الجمهورية الريفية. فـإلى غاية 1949 كانت تصريحاته تصب في الأمة الريفية والشعب الريفي... أما بعد استقراره بمصر فلا غرابة أن يتغير الرجل خصوصا أنه كان يعيش في بؤرة القومية العربية، فأن يتبنى خطابا غير خطاب السلطة المصرية الديكتاتورية يعني ذلك خطرا محدقا به وبأسرته. ـ إن الهجمة "المسائية" تأتي في سياق تنظيم أكــراو ن أرريف لندوة دولية تناقش فيها مستقبل الريف، حيث طرحت فيها كل الاقتراحات التي تناسب الريف بما فيها الجهوية والحكم الذاتي والانفضال... لا يجب أن نستغرب لأن هذا يحدث وفي أعرق الدول ديمقراطية في العالم، مثلا كتكساس وألاسكا بالولايات المتحدة والفلامنين ببلجيكا والكطلان بإسبانيا، لذا يجب على الدولة أن تتعامل مع هذه المناقشات برزانة وعقلانية لأن هذا سيضعها أمام محك حقيقي يقيس مدى ديمقراطيتها والتزامها بمواثيق حقوق الإنسان.
|
|