|
|
بــلا عقـد ممحاة لمحو الجهل بمحو الأمية بقلم: محمد بوزكَو
ثامن شتنبر يوم عالمي لمحو الأمية... اعتمدته اليونسكو يوما لِجبد أذنين الدول التي تمحو الحق في التعلم أو على الأقل تعرقله... ومحو الأمية يقتضي التعريف بالأمية أولا قبل السؤال عن الممحاة... فالأمية ليست سوى مصطلح يعني عدم القدرة على القراءة والكتابة... أما الممحاة فلن تكون غير القراءة والكتابة... ومحو الأميّة هي في الأخير سياسة تجعل من التعليم حقا للجميع، بل وعاملا ضروريا للقضاء على الفقر، وخفض معدل وفيّات الأطفال، والحدّ من النمو السكاني، وتحقيق المساواة بين الجنسين، وضمان التنمية المستدامة والسلام والديموقراطية... كلها كلمات ليست لي وإنما جمل أتت من فم اليونسكو علها تصل لفم السماء... ولكن دائما ما تبقى الأعمال بالنيات... والمغرب، كذلك، يضرب على نفس البندير ولكن بدقات مختلفة وترانيم نشاز لإيقاع الوطن والشعب، يعزف أنشودة الانسلاخ بكلمات تدعي المحو... نعم لدينا سياسة تطيب على نار هادئة من أجل محوٍ جاهلٍ لأمية مفترضة لشعب ظل حبيس كلماته وثقافته ولغته، وخارج الزنزانة تنتعش ثقافة ولغة أخرى، تَتَبَوْرَدُ علينا… تنمو بالدعاء، تتوطد بالصلاة، تكبر بالترهيب والترغيب، تتسلح بالأضرحة لتتجذر بالمحو… محو الأمية العربية طبعا... فلنقلها صراحة إن محو الأمية يعني إجبار الإنسان الأمازيغي على تعلم العربية ومحو هويته ولغته هو... ولنقلها صراحة أيضا، إن الشعب المغربي في غالبيته العظمى أمي... يجهل كتابة وقراءة لغة هذه الأرض، أرض الأمازيغ... فلماذا لا تسن الدولة سياسة أبدية، وليس مجرد يوم واحد، لإعادة الاعتبار لهذا الشعب الذي يعاني السكيزوفرينية.. يتكلم لغة ويكتب ويقرأ بلغة أخرى.. ليبقى السؤال حول ما الذي يجب محوه، وما الذي يجب تعليمه؟... فاليونسكو حينما تدعو لتحقيق المساواة بين الجنسين، وضمان التنمية المستدامة والسلام والديموقراطية، إنما تتحدث عن لغة الأرض.. لغة الأم... لغة الوطن الحقيقية... فأية تنمية لبلاد تتكل على لغة بالتبني ولغته الأصل تتآكل في صمت على الهامش...اليونسكو تريد أن تجعل من محو الأمية طريقا للتعليم... وعندنا يريدون أن يجعلوا منه محوا لمحو الأمية، أي تكريسا لهاته الأمية عبر جهل الذات وتعليم الوارد من اللغات... في حين أن المغرب في حاجة لمحو الجهل بالذات، واستعمال الممحاة للأسطر المكتوبة بقلم الرصاص على حين غفلة من التاريخ... فالشعب قد ينام، وقد يغفو من شدة السهر لما أصابه من ضرر... لكن التاريخ يهوى السمر ولا ينبطح لحر الجمر، ولا لتزوير الأصل... يتماهى مع ضوء القمر وحر الشمس للكشف عن حقيقة الأرض الوطن... المهم، محو الأمية موجهة أصلا لتوطيد التعريب وتقريبه للمواطن، فلم تقنعهم ما تم تحقيقه في هذا المجال عبر المدرسة العمومية والخاصة، وعبر التلفزة و الإدارة ووووو... أرادوا بهذا المحو/ الإلغاء الوصول إلى أبعد كائن ولو استدعى ذلك دخول الجحور بالسبورة والتباشير ورزمة حروف الأبجدية وعصا «للهاكم»... فالتعليم عندنا يقترن حتما بالعصا فما بالك بالمحو...بلا عقــــــد... نحتاج ليوم عالمي لمحو التزييف... ومحو الجهل بالذات... وبالذات، تعليم لغة الأرض.. وبعدئذ، ستنمحي الأمية حتما... وبدون ممحاة... (محمد بوزكَو، thawalin@hotmail.com) |
|