|
|
الإعلام الإلكتروني الأمازيغي مدخل إلى دراسة نظرية وتحليلية (07 / 08) بقلم: سعيد بلغربي ـ الإعلام الأمازيغي الرقمي بين سؤالي الوظيفة والخطاب: إذا كان الإعلام بجميع أصنافه المختلفة يهدف بالأساس إلى تحقيق التواصل بين فردين أو أكثر، فإن غاية الإعلام الإلكتروني لا تخرج على هذا النطاق، حيث تقوم بعمل وظيفي من أجل إيصال وإرسال الخبر الأمازيغي إلى مجموعة من المهتمين بهذا الشأن، وتعتبر المواقع الرقمية وسيلة مهمة لتعميق الوعي الإعلامي لدى الإنسان الأمازيغي خصوصا لدى الشباب الذي يملك خبرة في التعامل مع الحاسوب وتقنياته. لهذا، فالخطاب الإلكتروني الأمازيغي محصور في انتشاره على شرائح وعينات من المجتمع الأمازيغي دون تحقيق تواصل كامل مع مختلف مكونات هذا المجتمع، نظرا لأسباب موضوعية تتمثل في الأمية والفقر وغياب ثقافة تكنولوجية وقلة المشتركين في خدمات الإنترنيت المنزلية... فالخطاب الذي تحمله هذه الوسائل الإعلامية الإلكترونية يتناسب مع أفكار وطموحات هؤلاء الشباب، وأحيانا يصبحون هم الفاعلين في إنتاج وتحريك هذا الخطاب الإعلامي. لهذا لا يمكن الحديث عن خطابات متعددة في الخريطة الإعلامية الإلكترونية الأمازيغية، فهي ـ حاليا ـ كلها ترمي نحو هدف إيصال الخبر ونشر الوعي بالقضية والإنسان الأمازيغي، كما هو الحال في الصحافة الأمازيغية الورقية المتمثلة في الجرائد والمنشورات الأمازيغية. ـ الرأي العام الإلكتروني الأمازيغي، المفهوم والتمظهرات: نتيجة المتابعة الميدانية لسيرورة الحركة الإلكترونية الأمازيغية والتي يمكن تحديدها في أكثر من عقد ونيف من الزمن، يستنتج من هذه الحركة الفتية تمكنها وقدرتها على إنتاج رأي عام إلكتروني أمازيغي، والذي أصبح يتعامل ويتفاعل مع جميع المستجدات الأمازيغية في الشبكة العنكبوتية، كما هو الحال في الواقع، ويعبر عن ذلك بأساليب مختلفة، تبينها التفاعلات التي تشهدها المواقع والمنتديات والمدونات الأمازيغية. كما أن هذا الرأي العام الإلكتروني الأمازيغي أخذ يتأثر بما هو منشور في الشبكة ويستفيد منها من أجل بناء مواقفه النضالية والسياسية والفكرية من مجموعة من القضايا الحساسة المتعلقة بحقوق الإنسان والمشاركة السياسية وتطور الحريات العامة في مناطق شمال إفريقيا، وساهم الانتشار الواسع للإنترنيت وسهولة إنشاء وتصفح المواقع والمنتديات إلى توسيع الرأي العام والتأثير فيه سواء داخل الجغرافية الأمازيغية أو خارجها، ولهذا يمكن اعتبار الإنترنيت عاملا أساسيا ساهم في تقوية الاهتمام بالقضية الأمازيغية. وبخصوص تمظهرات الرأي العام الإلكتروني الأمازيغي فهي تتجلى من خلال مجموعة من الأنشطة النضالية الرقمية التي قدمتها الشبكة على مستوى التوقيعات الإلكترونية لمجموعة من العرائض التضامنية لمساندة ضحايا التعسفات المختلفة، الممارسة من طرف أجهزة الدول الحاكمة، ونجد مثل هذه التوقيعات الافتراضية في موقعي تاوالت والعالم الأمازيغي(1). وكذا تبادل البيانات وترجمتها إلى لغات أجنبية، مما يجعل رقعة انتشار الخبر والإلمام بالقضايا الأمازيغية يتسع ويخرج الحدود عن طريق الإنترنيت، كما ساهمت الاتصالات المعلوماتية التي توفرها البوابات الإلكترونية للبريد الرقمي في التواصل بين الفاعلين في الحقل الأمازيغي في كل أنحاء العالم، بشكل ساهم في تبني الإنترنيت كمصدر أساسي للاتصال بين العديد من النشطاء الأمازيغ، عوض استخدام الاتصالات التقليدية التي كانت إلى وقت قريب مكلفة وبطيئة ومراقبة وغير قادرة على الوصول إلى كافة المهتمين بالشأن الأمازيغي. ويبقى الحديث عن الرأي العام الإلكتروني الأمازيغي مجرد ظاهرة إعلامية تفتقد إلى مصادر البحث الضروري من أجل الوصول إلى خلق دراسة أكاديمية شاملة تدرس هذه الظاهرة الإعلامية الحديثة، والتي من الممكن أن تعتمد على معلومات إحصائية متخصصة تستفيد من أساليب الاستفتاء والاستمارة واستقراء الرأي، وذلك نظرا لغياب مراكز رسمية أو مستقلة لدراسة اتجاهات وتأثيرات الرأي العام الأمازيغي الإلكتروني. إن هذا الموضوع، اعتمد على معاينات وملاحظات شخصية. لهذا فالأمر في هذا الجانب يحتاج إلى نقاشات متشعبة ومعمقة لرصد وتحليل هذه الظاهرة الإلكترونية والتي أصبحت تشكل قاعدة عريضة من الأمازيغيين. ـ مصداقية الإعلام الأمازيغي الإلكتروني: لا يمكن الحكم على مصداقية موقع إعلامي أمازيغي إلكتروني إلا بعد المتابعة الدائمة والمستمرة لمواده الإخبارية التي يقدمها للزائرين. وطرح إشكالية المصداقية جاء كوعي بأهمية هذا الشرط في مسيرة الإعلام الإلكتروني، لكي لا ينحرف عن الأهداف النبيلة للصحافة والإعلام ككل من أجل القيام بدوره الأساسي، وإيصال الحقيقة والبحث عنها بالطرق القانونية الممكنة إعلاميا، من أجل تبليغها للمستهلك الأمازيغي الذي أصبح يتعامل مع الشبكة العنكبوتية كمصدر بديل ومتميز لمتابعة الأخبار والمستجدات التي ترتبط بواقعه اليومي واهتماماته المعرفية، لهذا فلا جدوى من التنظير أو الحديث عن إعلام أمازيغي إلكتروني دون الخوض في سؤال المصداقية التي يجب أن تكون عنصرا محترما في كل المبادرات الإعلامية كيف ما كان نوعها وهدفها واختصاصها، ويمكن القول بأن الإعلام الأمازيغي الإلكتروني حاليا يتميز ويتمتع نسبيا بنوع من المصداقية، نظرا لارتباطه بطموحات حركة نضالية وهي الحركة الثقافية الأمازيغية، إلا أنه أحيانا، نجد أن بعض المواقع تخرج عن هذه القاعدة الغالبة وهذه الفلسفة النضالية، وتحاول التحايل على الزائر عبر الترويج لأفكار معينة، أو المبالغة في مدحها أو نقدها لشخصية أو فكرة ما لأسباب معينة، إلا أن هذه الحالات الشاذة لا يمكن أن تفقد للإعلام الإلكتروني بكرته التي هي الحرية ليصبح كالإعلام التقليدي، ساحة للرقابة والتحايل على المتلقي. إذا كانت الإنترنيت بمثابة هروب من الوسائل الإعلامية التقليدية بشكل كلي أو جزئي، فلا بد أن نجد عند البعض المتصفحين للإنترنيت قناعات تكمن في الدفاع والبحث عن المصداقية في المادة الإعلامية الإلكترونية. وتعتبر القوى السياسية والاقتصادية والدينية والنخب ذات النفوذ المعينة هي المصادر المؤثرة في إفقاد الإعلام لمصداقيته المعرفية والمهنية، فكل البلدان سواء كانت متخلفة أو متقدمة تتنوع فيها درجة تأثير هذه النخب عن الإعلام والإعلاميين، وتبقى المصداقية كغاية لا يمكن تحقيقها دون توفير الاستقلالية المالية والفكرية للمؤسسات والمواقع الإعلامية، والتي يمكن لها أن تتأثر بشكل أو بآخر بالمحيط العام وبالتيارات المؤثرة في المجتمع الذي تمارس فيه وضيفتها الإعلامية. ـ صحافة التطوع في مجال الإعلام الإلكتروني الأمازيغي: يعتبر التطوع أهم ميزة تميز العمل الإعلامي الإلكتروني الأمازيغي، فالعاملون في هذا المجال يقومون بممارسة الصحافة الإلكترونية بشكل تطوعي من أجل التعبير عن مهارتهم الشخصية في تطوير ميدان الصحافة والإعلام عبر المشاركة بأسمائهم الشخصية أو المستعارة، وخصوصا مع تزايد الوعي بدور التطوع في خدمة الإعلام الأمازيغي، حيث إن بداية هذا الإعلام جاءت كنتيجة لثقافة التضحية والمشاركة المجانية التي يقدمها المهتمون للصحافة الأمازيغية النشيطة في أرض الواقع. إلا أنه أصبح من مميزات هذا الفعل التطوعي أنه لا يفقد هذه التجربة الفتية مصداقيتها حيث ساهم في توالد مجموعة من المواقع، وبروز طاقات شابة مهتمة بالشأن التقني والإعلامي الإلكترونيين، لهذا يجب الاعتراف بأن التطوع جاء كنتيجة لطبيعة الوضع الحالي للغة والثقافة الأمازيغيتين، وكذا لانتشار ثقافة ثويزا والتعاون التي تميز الصحفيين الإلكترونيين في تبادل المواضيع والمعارف والأخبار والبيانات... عبر إيصالها إلى أكبر عدد من الجمهور دون مقابل مادي، مما يجعل العمل التطوعي في ميدان العمل الإلكتروني الأمازيغي السمة التي تهيمن على التجارب الإعلامية الموجودة حاليا في المشهد الإلكتروني الأمازيغي، والذي تتجلى مظاهره فيما يلي: ـ شراء النطاقات الرقمية بتكاليف ونفقات شخصية. ـ تزويد هذه المواقع بالوثائق والمعلومات والأخبار والبيانات... بشكل مجاني من أجل نشرها وتوسيع مجال تداولها بين الأمازيغ. ـ العمل على خلق ورشات إلكترونية من أجل تعليم وتعميم مجانيين من أجل الاستفادة بتسيير وتطبيق والتعامل مع البرامج المعلوماتية التي تساعد على تطوير وإنشاء المواقع. ـ خلق برامج مرئية ومسموعة تعمل على شرح وتبسيط البرامج الإلكترونية باللغة الأمازيغية للمبتدئين. (يتبع) سعيد بلغربي / إسبانيا بقلم: سعيد بلغربي Amazigh31@hotmail.com ـ إحالة :
|
|