|
صيحة ضمير هذيان فخامة الكولونيل رشيد نجيب سيفاو منذ استيلائهم على الحكم بليبيا في سبتمبر 1969، قام أركان الحكم في هذا البلد الأمازيغي بالتضييق على الشعب الأمازيغي هناك أيما تضييق، مستعملين في ذلك جميع الوسائل الممكنة وغير الممكنة من تعريب وقمع ومنع وإبادة وحصار للحريات الفردية والجماعية. فكانت النتيجة تهجير الأمازيغ من هذا البلد والذين يعيش معظمهم مغتربا في أراضي الله الواسعة، واختطافات واغتيالات للنشطاء الأمازيغيين نهارا جهارا وفي طليعتهم البطل الرمز سعيد سيفاو المحروﮒ. في كلمة واحدة: إنها إبادة ممنهجة، موجهة ومبرمجة للشعب الأمازيغي في ليبيا. لقد تمادى أركان الحكم في ليبيا في قمعهم للشعب الأمازيغي، من دون أن تكون هناك صيحة أو صرخة من الضمير العالمي المراقب الذي بقي يتفرج على هذا الوضع المزري طيلة سنين عديدة. باستثناء ما تصدره وتنشره المنظمات الأمازيغية المهتمة- وفي مقدمتها يوجد الكونكريس العالمي الأمازيغي- بين الحين والآخر من تقارير وبيانات تنديدية ومدينة للنظام الليبي على هذه الممارسات الإجرامية المنافية لحقوق الإنسان في أبسط تجلياتها. إلى حدود نونبر 2005، عبر نظام الحكم الليبي عن رغبته في التوبة بالتراجع عن كل الجرائم التي ارتكبها في حق أمازيغ ليبيا. ولهذه الغاية فقد ربط الاتصال بمنظمة الكونكريس العالمي الأمازيغي، وعلى الفور سافر وفد من هذه الهيئة إلى ليبيا في زيارة اعتبرت بالتاريخية وامتدت من الرابع إلى غاية السابع من نونبر. وكانت هناك أيضا زيارة ثانية في دجنبر 2005. ثم زيارة ثالثة فرابعة. وكلها زيارات تمت في إطار الوضوح والعلنية التامين بعيدا عن إطار لغة الخشب وإطار السرية العزيزة على قلب النظام الليبي إن كان له قلب! وأثناءها استمعت القيادة الليبية على أعلى المستويات إلى مؤاخذات واقتراحات الكونكريس بشأن الوضع الحقوقي الأمازيغي بهذا البلد. وكان من جملة ما قاله الزعيم الليبي معمر القذافي لأعضاء الوفد الأمازيغي إنه الآن فقط "فهم أن الأمازيغ والكونكريس العالمي الأمازيغي لا يشكلون عنصر تفرقة بين دول شمال إفريقيا"، مبديا في هذا الإطار "تفهمه للحقوق الأمازيغية باعتباره دافع دائما عن حريات الأشخاص وحقوق الشعوب"، مبديا في هذا الصدد "إرادته في أن تكون الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية محترمة في ليبيا ومعترفا بها". لقد عبر عموم الأمازيغيين عبر العالم عن أمل وتفاؤل كبيرين لأنهم وجدوا في النهاية نظاما عبر عن إرادته في الاستجابة لجزء من مطالبهم. ومن هو هذا النظام؟ إنه النظام الليبي الذي كثيرا ما ناصب العداء للأمازيغ وحاربهم في عقر دارهم. إلا أن الخطاب الذي ألقاه الزعيم الليبي في الأول من مارس الماضي في مدينة سبها الليبية، والذي كرر فيه مضمون أسطوانته المعهودة والمهترئة من ربط النضال الأمازيغي بالاستعمار وأمريكا وإسرائيل! جعل كل هذا الأمل يتبدد بسرعة الضوء، علما أن هذا الخطاب بين لنا أن الرجل الأول بليبيا لا يفي بوعوده إلا لسادة البيت الأبيض من أبناء العم سام حينما يتعلق الأمر بنزع ترسانته النووية أو تصفية مخلفات جريمة لوكيربي. هنا لا ينبغي توجيه اللوم إلى منظمة الكونكريس العالمي الأمازيغي على محاورتها للنظام الليبي، ذلك أن الحوار عملية ضرورية ومطلوبة على الدوام. إلا أنه في المرات القادمة يجب مباشرة مثل هذه الحوارات تحت إشراف الهيئات الدولية من قبيل هيئة الأمم المتحدة مع التنويه بالزيارة الأخيرة التي قام بها السيد لونيس بلقاسم، رئيس الكونكريس العالمي الأمازيغي، لبرلمان إقليم الباسك وما تمخض عنها من نتائج إيجابية لفائدة المطالب الأمازيغية.
|
|