وجهة نظر حو التجربة
الطلابية بالجامعة (الجزء الثاني)
بقلم: عبد النبي ادسالم اباعمران
فإذا أمعنا النظر في ما شهدته بلادنا خلال السنة الحالية 2005
من احتجاجات وانتفاضات مهمة كشفت بالواضح عن فشل السياسة الاجتماعية التي تنهجها
الدولة تجاه هذه المناطق، وابرزها انتفاضة العيون، انتفاضة آيت باعمران، انتفاضة
تامسينت بالريف، انتفاضة المهمشين بطاطا... والقاسم المشترك الأول بين هذه الجهات
هو وقوع هذه الانتفاضات في ما يسمى في أدبيات المخزن بمناطق "السيبة"، غير إنها لم
تكن حركات انفصالية، بل على العكس من ذلك هذه المناطق هي الأكثر نشبتا بوحدة المغرب
واستقلاله، وهي التي
قدمت أكبر التضحيات في سبيل ذلك. وهكذا فإن مشكل هذه المناطق لم يطرح أبدا كمشكل
انفصال، لكن فقط كمشكل توزيع للثروات وتكافؤ الفرص.
إن الأمر يتطلب جهودا مضاعفة من طرف أبناء المناطق المهمشة للدفع بعجلة التغيير إلى
ما يرغبون فيه دون انتظار إرادة سياسية غائبة للحاكمين والأحزاب السياسية التي لا
تعدو أن تكون أحزاب المصاهرة والعلاقات العائلية. فخرافة الانتقال الديمقراطي التي
نسمعها يوميا لن يتأتى لها التحقق ما لم تستمد شرعيتها من أول انتقال ديمقراطي في
تاريخ المغرب أجهضته فرنسا وعملاؤها بتوقيع معاهدة الحماية1912. وبها تفككت مؤسسات
المغاربة وتمت تصفية ممثليهم مثل "امغارن" ومجالسهم التمثيلية مثل "آيت أربعين"نمودجا.
فظهرت المقاومة المسلحة بالجبال كأسلوب للدفاع عن مقدسات المغاربة، الارض، الإنسان،
اللغة، القبيلة والأعراف، وتجدد أسلوب المقاومة في اتحادات قبلية قوية اعتاد عليها
المغاربة قبل دخول فرنسا وإسبانيا في علاقتها مع المخزن في مرحلة الديمقراطية
القبلية. إلا أن المقاومة في الأطلس ولريف والصحراء وسوس كانت تفتقر إلى رؤيا
سياسية واضحة خاصة بدخولها مرحلة التعقيد أثناء الصراع بين القصر وعملاء فرنسا، مما
أثر سلبا على القبيلة وأدي يهدا الأسلوب التنظيمي المفكك إلى تأخر الديمقراطية
بالمغرب وإجهاض أول انتقال ديمقراطي بالمغرب.
إذن تبقى المسالة الجوهرية التي لم يقع حولها الاتفاق حتى الآن هي مسالة التنظيم.
ولهذا الغرض حاولنا خلق فرصة لمناقشة هادفة وبناءة حول هذا الموضوع، خصوصا وأنني لا
أزعم أني أحيط بالموضوع من جميع الجوانب وكل الإشكالات العالقة. إلا أن المسلم به
أنه لا يمكن إرساء أي تنظيم لجماعة بشرية ما بعيدة عن معتقدات هذه الأخيرة وأفكارها
ومنسوجاتها الثقافية. ذلك أن الثقافة عنصر هام في تشكيل حضارة الإنسان إذ من شأنها
أن تصنع تاريخا مجيدا وحاضرا منيرا وغدا مشرقا أو العكس.
هنا نستطيع القول إن هناك قطيعة بين الطالب وتاريخه وما يجب عليه أن يكون، وبالتالي
فالعودة إلى بنيات المجتمع المغربي في الماضي وامتداداتها في الحاضر هو السبيل
للخروج من أزمة التنظيم هاته.
*هند عروب، "المخزن في الثقافة السياسية المغربية"، ص 8
|