مهرجان
مراكش السينيمائي 2005: عاش المغرب عربيا فرنسيا!
بقلم: مبارك بلقاسم
لوحظ في المهرجان الدولي تكرر مجموعة من المشاهد والسلوكات
شكلت وتشكل نوعا من الأرضية والمنطلق لتصور (conception) السياسة اللغوية الرسمية.
وهكذا ألغي كالعادة كل ما يمت للأمازيغية بصلة من المهرجان.
وبعد التغطية الإعلامية للمهرجان من طرف القناتين في إطار تسويق مراكش والمغرب
عموما كملتقى للثقافات، تبين بوضوح أن المهرجان كان بالفعل ملتقى للثقافات إلا
الثقافة الأمازيغية، ومتعدد اللغات إلا اللغة الأمازيغية. هذا ما ظهر بوضوح من خلال
تغييب أي شيء يشير للأمازيغية للزائر الأجنبي، سواء أكانت حروفا أو أفلاما
أمازيغوفونية أو عروضا وثائقية. وقد برهنت الجهات الرسمية وغير الرسمية عن نظرتها
للفن الأمازيغي ك"غسيل قذر" محلي لا يصح عرضه للعالم حتى لا "تتشوه" الصورة
العربو-فرنكوفونية للمغرب التي جوهد في بنائها وتثبيتها في ذهن الأجانب المهتمين
بالمغرب سنوات طوالا. ويبقى الفن الأمازيغي (الأفلام خصوصا) موجها لـ"موحمذ آريفي"
أو "موحماد الشلح" فقط، مع عدم إمكانية صرف أية ميزانية لدعم الفيلم الأمازيغي
وتعريف العالم به.
في نفس الوقت كان المهرجان فرنسيا جدا لأجل إرضاء الفرنسيين والكنديين الكيبيكيين،
وطبعا الفرنكوفونيين المغاربة، خصوصا أن مدير المهرجان كان سيدة فرنسية. كما كان
المهرجان عربيا أيضا بحضور اللغة العربية الفصحى في التقديم والترجمة.
ولقد حرص المنظمون على إبراز التحالف اللغوي العربي-الفرنسي بوضوح ليخرج المشاركون
الأجانب والصحفيون الأجانب بانطباع قوي وهو أن العربية والفرنسية هما لغتا المغرب.
فمثلا عندما ألقى المخرج الأمريكي مارتين سكورسيزي كلمته باللغة الإنكليزية بمناسبة
تكريمه، اضطر الرجل إلى انتظار المترجمين لدبلجة (!!) أية جملة يلقيها بالإنكليزية
إلى العربية ثم إلى الفرنسية، وكأنه كان يلقى بيانا سياسيا خطيرا وليس كلمة قصيرة
حول السينما ونحو ذلك، فجاءت كلمته مفككة مجزأة وفاقدة لأي تأثير معنوي إيجابي
حقيقي. في حين كان من الأحسن، بل من الأجدر أن يسمح له بإلقاء كلمته بالإنگكليزية
بشكل طبيعي وسلس دون مقاطعة، خصوصا وأنه ضيف المهرجان المكرم، والأكثر أهمية وشهرة.
ولاشك أن هذه المهزلة "الترجموية" تعطي الانطباع للمشاركين الأجانب، وللسيد
سكورسيزي نفسه، أن المغاربة لا يستطيعون "التعامل" مع، ولا أقول: إتقان اللغة
الإنكليزية، ولا يرضون في مهرجان عالمي كهذا عن العربية والفرنسية بديلا!!
لا داعي للدخول أكثر في التفاصيل كالحديث مثلا عن الديكور الهزيل والموسيقى
اللاحترافية والارتباكات المتكررة. ولكن المؤكد هو أن هذا التدبير الأعوج "للتظاهرات
المغربية العالمية" لا يساهم إلا في تسويق المغرب العربو-فرنكوفوني للزائر الأجنبي
مقابل تجاهل الفن الأمازيغي السينيمائي والموسيقي وإعاقة تطوره وتطويره بجانب
الإصرار على خزنه في ثلاجة الفولكلور المضبوطة على أقصى درجة للتجميد!!
|