Amezwaru

(Page d'accueil)

 

مقالات  

 

عائشة الشنّا، امرأة بملايين الرجال

اللغة والهوية بين الودغيري وكاتب ياسين

التضليل السياسي والإعلامي في حرب أوكرانيا

عبثية توظيف مساعدين اجتماعيين في الأمازيغية

عقدة اللسان عند المغاربة

حسن بنعقية والعلاقة اصوفية بالأمازيغية

المعنى الجديد لشعار: إفريقيا للأفارقة

عندما يشكّل التعريب خطرا على مصالح المغرب

الهويات المقتولة

الفرنسية كناشر للعروبة ومناهضة للأمازيغية

مأزق الأمازيغية

لماذا لا يمكن للإسلام السياسي أن ينجح بالمغرب

هل تراجع إسلام المغاربة بإسقاطهم للحزب الإسلامي؟

الأمازيغية في خطاب 20 غشت 2021

من المخاطب بدسترة الأمازيغية؟

هل يكفي قانون 55.19 لتحسين أداء الإدارة؟

الوحدة في التنوع أم التنوع في الوحدة؟

خدعة مفهوم "المشترك"

المخيال العروبي والأمازيغوفوبي

بين تامازيغت وتامغرابيت

ومتى التطبيع الكامل مع الأمازيغية؟

في تعلّة أن الأمازيغية غير نافعة

ماذا ستستفيد الأمازيغية من تطبيع المغرب مع إسرائيل؟

الوظيفة التعريبية لفلسطين بالمغرب

أحرضان، أحد آخر الرجال الأحرار

انتصار التطبيع على "التضبيع"

حزب بمرجعية أمازيغية أم دولة بذات المرجعية؟

دعوى غياب العلمي وطغيان الإيديولوجي في الخطاب الأمازيغي

عندما كنت رجعيا وفخورا برجعيتي

كيف يصنع الجهل المقدس التطرف الإسلامي

مناوأة الأمازيغية بين الفعل والامتناع عن الفعل

حول الأخوة المزعومة بين الأمازيغ والعرب

هل هي بداية نهاية الاختلاق والتزوير؟

رواية ضفائر في النافذة وبصمة همنجواي

السياسة الصغرى لإحباط تعريب الأمازيغية بعد التخلي عن مخزنتها

التراجع حتى عن الترسيم الرمزي للأمازيغية

هل يفيد الحجر الصحي في تخيف الحجر على الأمازيغية؟

من أكسيل إلى الزفزافي

عندما يتحول الأمازيغ إلى برابرة يعادون أمازيغيتهم

في تعلة إقصاء الأمازيغية من مشروع البطاقة الوطنية

الدكتور الكنبوري وعقدة الأمازيغية

خرافة الملكية البرلمانية بالمغرب

وهل هناك فرق بين تسمية المغرب بالعربي وشوارعه بالدهلوس؟

هل يتجه المغرب إلى شرعنة الرقابة الشاملة؟

"كورونا" يعيد طرح طبيعة العلاقة بين العلم والدين عند المسلمين

"حراك الريف" بين العنف الأمني والقضائي والحقوقي

البعد الهوياتي في التنمية

لماذا يخاف المغاربة من أمازيغيتهم؟

لماذا تحقَّقت تكهنات ماركس حول ديكتاتورية البروليتاريا؟

غياب الدولة عند الأمازيغ وأثره على اللغة والهوية

الخذلان الأبدي لليسار المغربي

الحاجة إلى أمثال رشيد أيلال

لا جدوى من وقف التعريب اللغوي بدون وقف التعريب الهوياتي

هل كان الأمازيغ من السباقين إلى إلغاء عقوبة الإعدام وممارسة العلمانية؟

التعريب كخدعة للحفاظ على الامتيازات الطبقية

قانون تنظيمي لإعدام ترسيم الأمازيغية

من أجل تصحيح العلاقة بين الأمازيغية والإسلام والدارجة

اللغة العربية في كتاب "من أجل ثورة ثقافية بالمغرب"

الأمازيغية في كتاب "من أجل ثورة ثقافية بالمغرب"

آفة الفرانكوفونيين في كتاب: من أجل ثورة ثقافية بالمغرب

لماذا سيفشل النموذج التنموي الجديد؟

الدارجة بين الجهل المقدس ودعاوى الأكاديميين

إذا كانت العربية لغة القرآن فلماذا تفرضون استعمالها خارج القرآن؟

لم التدريس بالعربية؟

مدافع شرس عن العربية يعترف أنها لغة جامدة

ما دلالة رفض البغرير المعروف وقبول السؤدد المجهول؟

الأمازيغ، أحرار أم مغلوبون وتابعون؟

الأمازيغية والعنصرية العادية

لماذا لم تنجح تجربة العدالة الانتقالية في المغرب؟

هل يستقيم استقلال القضاء مع غياب فصل حقيقيي بين السلط؟

أحكام ظالمة مبنية على تهم استعمارية

لماذا لا أكتب بالأمازيغية ويكتب السيد حميش بالعربية؟

الأمازيغية والاستعمار أم العروبة والاستعمار؟

بدل مخزنة الأمازيغية ينبغي تمزيغ المخزن

محمد مونيب ونهاية أسطورة الظهير البربري

إذا لم يكن المالطيون عربا، فلماذا سيكون المغاربة عربا؟

فيروس التعريب

عندما يكون استقلال القضاء خطرا على العدالة

حراك الريف وتصحيح مفهوم الوطنية

مفهوم الهوية الجماعية وتطبيقاته على حالة المغرب

المشعل والمصباح

لماذا سبقتنا الجزائر إلى إقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية؟

قاموس الدارجة أو تصعيب الدارجة من أجل تفصيحها

بين إنكار أحاديث البخاري وإنكار وجود المسيح

شعب الدولة أم دولة الشعب؟

خطأ الاستهانة بفاجعة طحن محسن فكري وتداعياته

الاستثناء المغربي الحقيقي

بين قمع الكاطالانيين وقمع الريفيين

حراك الريف وميلاد "الهومو ـ زفزاف" المغربي

عندما يُستعمل القضاء للقضاء على العدالة

خرافة "المحاكمة العادلة" لمعتقلي حراك الريف

خرافة وحقيقة "أن التحقيق سيذهب بعيدا"

الأمازيغية والمثقفون المغاربة

هل نفّذ الزفزافي تهديده بالتسبّب في سعار المخزن؟

من يحكم المغرب؟

ناصر الزفزافي أو بروميثيوس المغرب

المخزن يعود عاريا بعد أن مزق حراك الريف أقنعته

لماذا أرفع الراية الأمازيغية وراية الريف ولا أرفع الراية المغربية؟

حكومة العثماني وفرصة الوحدة السياسية بين الأمازيغية والإسلام

كتاب إمازيغن وحتمية التحرر

تظاهرة الناظور وغباء السلطة الذي لا حدود له

نبوءة مولييراس بخصوص تعريب المغرب في القرن العشرين

اغتيال محسن فكري وفرصة التحرر من فوبيا السلطة

مشروع القانون التنظيمي لمنع ترسيم الأمازيغية

متى يكتشف المغاربة لغتهم الدارجة؟

قضية حميد أعطوش: من الاعتقال الجائر إلى الإفراج الماكر

أعطوش وأوساي: لغز الإدانة رغم أدلة البراءة

من أجل علمانية إسلامية

أربعينية إزم: الرسالة والدلالة

المايسترو أو النجم إذا سطع وارتفع

معاشات الوزراء والبرلمانيين

زلزال خطْب الجمعة بمسجد حمزة بسلا

اقتراحات بخصوص القانون التنظيمي للأمازيغية

مطالب الشعب المغربي لـ1934 وميلاد الوعي الوطني الزائف

أي تصور وأية مقاربة لتدريس أمازيغية موحدة ومشتركة؟

هل مساندة المغرب للقبايل اعتراف ضمني أنه بلد أمازيغي؟

الدليل الإحصائي أن الناطقين بالدارجة هم أمازيغيون

ميمون أمسبريذ، ذلك الكاتب الأمازيغي المجهول

التعريب نجح أولا بالفرنسية قبل العربية

متى ينتقل المغرب من السياسة البربرية إلى السياسة الأمازيغية؟

يوطوبيا التعريبيين في المغرب

لماذا لا يجوز تصنيف الأمازيغيين ضمن الشعوب الأصلية؟

نعم لاستفتاء شعبي حول العربية والأمازيغية

الأستاذ حميش والبوصلة التي لا تتحرك إلا في اتجاه المشرق

عبد الله حمودي والفهم العامي للهوية

ولماذا تتركون برنامج الله وتطبقون برنامج إبليس؟

مأزق المتحولين الجنسيين في المغرب

لماذا ليست العربية ضرورية لكفاءة المسؤولين الحكوميين؟

في دحض خرافة الوظيفة التوحيدية للعربية

الداعشية اللغوية

في دحض خرافة "اختيار" الأمازيغيين الطوعي للعربية

في دحض خرافة "الانصهار" بين العرب والأمازيغ

المتحولون الجنسيون في المغرب

المطالب الأمازيغية بين ردّ الفعل وغياب الفعل

من أجل إستراتيجية جديدة لاسترداد الهوية الأمازيغية للدولة المغربية

في الإقصاء السياسي للأمازيغية

L'Afrique absente du Maroc africain

جاهلية القرن الواحد والعشرين

توفيق بوعشرين يستعيذ باللطيف ضد الأمازيغية من جديد

الأمازيغية والعربية في إحصاء 2014

دولة النوم

النزعة الأمازيغوفوبية: نشأتها وتطورها

نعم "للمقاربة الإسلامية"، لكن بدون مضامين وأهداف تعريبية

الأمازيغية المنبوذة في كتاب "الأمير المنبوذ"

معاناة الإسلام من العروبة العرقية

خطْب الجمعة مرة أخرى

لماذا لا يريد التعريبيون الخير للمغرب؟

الأمازيغية والمرأة، ضحيتان لتمييز واحد

من هم الناطقون بالدارجة في المغرب؟

"التضبيع" في تجريم "التطبيع"

هل هو موقف جديد لحزب الاستقلال من الأمازيغية؟

بين ديودوني الفرنسي والمقرئ أبوزيد المغربي

عبقرية اللغة الأمازيغية وسر صمودها

المقرئ الإدريسي أبوزيد أو الأمازيغوفوبيا بلا حدود

الرسام الأمازيغي موحند سعيدي يغادرنا إلى الأبد

فرنسا تواصل سياسة التعريب

الدارجة ولاتاريخانية الأستاذ العروي

لمَ الخوف من الدارجة المغربية؟

متى يعترف المغرب بالفرنسية كلغة رسمية؟

حزب العدالة والتنمية، هبة من السماء للنظام المخزني

رفقا باللغة العربية أيها التعريبيون

المجانية والتعريب أو آلة تدمير التعليم العمومي بالمغرب

خطْب الجمعة

وما هو الحل لإصلاح التعليم بالمغرب؟

لماذا وصف مصري مساند للإخوان المغاربة باللقطاء؟

لماذا سكت رجال الدين عن مسألة العفو عن مغتصب الأطفال؟

"النسب الشرف" أو عندما يصبح الميز العنصري من الثوابت

طارق بن زياد، الأسطورة المقدسة

قداسة الشيخ الكتاني

العقل في تدبير التعدد اللغوي والثقافي في المغرب

ما تفتقر إليه العربية هو استعمالها في الحياة

المغرب من أغنى بلدان العالم

الأسباب الحقيقية لضعف مستوى اللغة العربية عند التلاميذ

اللغة العربية أو المعشوقة التي لا يرغب عشاقها في الزواج منها

لأي شيء ينفع إقرار اللغة الأمازيغية بويندوز 8؟

التعريب والهوية بالمغرب

"الفانطاسمات" اللسنية حول الأمازيغية بالمغرب

عادة التهرب من المسؤولية بإلقاء اللوم على الجميع

الحركة الأمازيغية بالمغرب: عيون على المستقبل

الأساطير المؤسسة للعروبة العرقية بالمغرب

كلمة الختام

وزير العدل والحريات يجهل مفهوم المعتقل السياسي

الأمازيغية في عمق الصراع الإيقوني

منذ متى أصبح ربيع الشعوب يهدد الأوطان؟

مدينة إفران: من السياحة الطبيعية إلى السياحة الثقافية

الأمير والتاريخ المحاصر

جريدة تاويزا في حاجة إلى تاويزا

الممثل الناطق بالأمازيغية واّلإنتاج التلفزي

أيت وراين: أبطال سلكوا درب الحرية

 

 

 

 

 

من "أكسيل" إلى الزفزافي

 

بقلم: محمد بودهان

 

(04 ـ 07 ـ 2020)

لم يسبق للأسماء الأمازيغية أن أثارت، خارج مسألة منع تسجيلها بدفاتر الحالة المدنية، ردود فعل عنيفة وعدائية لدى مجموعة من السلفيين المتطرّفين، مثل التي أثارها اسم "أكسيل"، وذلك منذ أن أعلن السيد أحمد الزفزافي، والد الصنديد ناصر الزفزافي فكّ الله أسره، على مواقع التواصل الاجتماعي في يونيو 2020، أن ابنه البِكر رُزق بمولود ذكر اختار له عمّه ناصر الزفزافي اسم "أكسيل". وقد سُجّل بمصلحة الحالة المدنية بالحسيمة بهذا الاسم الذي ارتضته أسرة المولود، نزولا عند رغبة ابنها ناصر، الأسير بسجن رأس الماء بفاس.

بعد ذلك توالت هجومات السلفيين، دعاة الجهل المقدّس، على شكل حملة مسعورة ضد "أكسيل"، مردّدين "لطيفا" جديدا يستنكرون فيه استعمال هذا الاسم بدعوى أنه اسم جاهلي، وأن صاحبه قاتلٌ لتابعي هو عقبة بن نافع الفهري. وقد قاد هذه الحملة أحد شيوخ هؤلاء المتطرّفين، وهو السيد الحسن الكتاني الذي سبق أن حوكم بجناية الإرهاب، لعلاقته بالتفجيرات الإرهابية بالدار البيضاء في 16 ماي 2003، بعشرين سنة سجنا نافذا قبل أن يُفرج عنه بعفو ملكي في 2012. فقد كتب في 21 يونيو على صفحته بالفايسبوك: «تسمية الزفزافي لابن أخيه باسم قاتل التابعي الجليل عقبة بن نافع رضي الله عنه فاتح المغرب ومنقذه من الجاهلية للإسلام سبة وعار»، مضيفا في تدوينة أخرى يوم 23 يونيو بأنه يستغرب ممن «يدافعون عمن أراد بقاءهم في نير الاحتلال الروماني البغيض وظلمات الجاهلية والشرك ويسبوا من جاءهم فاتحا ليجعلهم خير أمة أخرجت للناس […]  ولكنه السقوط في فخ الأعداء المحتلين الذين آلوا على أنفسهم أن يشتتوا المسلمين وينبشوا تاريخهم ليستخرجوا النعرات الجاهلية من جديد».

أما القيادي في "حزب العدالة والتنمية"، السيد عزيز الهناوي، فقد قال، في لقاء لشبيبة حزبه، إن عقبة بن نافع يتعرّض اليوم، مقابل تقديس الكاهنة وكسيلة، لهجوم كبير على مواقع التواصل الاجتماعي من طرف الأمازيغ المتخالفين مع الصهيونية، حسب زعمه (شاهد الفيديو هنا)

هل يرجع هذا الرفض العدائي الحاقد لاسم "أكسيل" إلى كونه كان اسم المجاهد الوطني الذي حارب عقبة وقضى عليه، ووضع حدّا لبطشه وطغيانه؟ هذا هو التفسير الجاهز الذي يتبادر إلى الذهن للوهلة الأولى. فالسيد الكتاني والسيد الهناوي يريان في عقبة "فاتحا" كريما "سامباتيك"، سمْحا ولطيفا أحسن إلى الأمازيغ بتقتيلهم واسترقاقهم وسبي نسائهم تحت غطاء الإسلام، الذي كان يبرّر به ممارساته السادية والدموية. ولهذا كان على "أكسيل" أن يستقبله بالتمر والحليب والورد كأي ديوث لا يغار على عِرضه ولا على أرضه.

بالنظر إلى حجم وفظاعة جرائم عقبة، التي دوّنها المؤرخون العرب وليس المستشرقون ولا الأمازيغ، والتي ارتكبها في حق السكان أبناء الأرض الأمازيغيين، فإن ما فعله "أكسيل" هو رد فعل طبيعي لأي إنسان، بل لأي كائن حي، يجد نفسه أمام غرباء مسلحين يحتلون أرض عشيرته، وينتهكون أعراض بناتها، ويستغلمون (اتخاذهم غلمانا) أطفالها وينهبون خيراتها، فيضطر إلى الدفاع الشرعي من أجل البقاء حتى لو كان يعلم أنه سيخسر حتما الحرب لكنه سيربح بالتأكيد معركة الكرامة. ومن هنا فإن ما قام به "أكسيل" هو ما يقوم به كل غيور على بلده وأهله، فينهض لمقاومة الغزاة المعتدين، والذود عن حياض الأرض والعِرض. ومثل هؤلاء يُسمّون عند جميع الشعوب بالمقاومين والمجاهدين والأبطال الوطنيين، بمفهوم اليوم، تفتخر بهم الأجيال المتعاقبة، وتخلّد ذِكرهم وتحتفي بهم كقدوة في الوطنية والتضحية والدفاع عن الأرض والأهل.

لكن لا أعتقد أن ما استثار السلفيين المتطرفين، دعاة الجهل المقدّس، بخصوص اسم "أكسيل"، هو ارتباطه بمقتل عقبة. فقد سبق لأسر مغربية أن سمّت مواليدها بهذا الاسم دون أن يثير ذلك حفيظة هؤلاء المتطرّفين. ففي الناظور مثلا، سبق للناشط الأمازيغي ماسين ـ المختفي طوعا ـ أن سمّى ابنه "أكسيل"، والذي يتجاوز اليوم عمرُه عشرَ سنين، دون أن تكون هناك مثل هذه الجلَبة التي أقامها هؤلاء المتطرّفون بمناسبة "أكسيل" الحسيمة. ما السرّ في ذلك؟ السرّ هو أن الذي اختار اسم "أكسيل"، الذي عاش في القرن السابع الميلادي، هو "أكسيل" الريف الذي يعيش في القرن الوحد والعشرين. إنه البطل ناصر الزفزافي عمّ "أكسيل" الصغير. فهناك تقارب كبير بين "أكسيل" الماضي و"أكسيل" الحاضر: فكما انتفض "أكسيل" ضد ظلم عقبة وجبروته واستبداده، مطالبا برفع الأذى عن الأمازيغيين، واحترام كرامتهم، والكفّ عن نهب خيراتهم وإهانة رجالهم وسبي نسائهم، فكذاك انتفض ناصر الزفزافي، "أكسيل" القرن الواحد والعشرين، ضد ظلم الدولة واستبدادها، مطالبا بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وبوضع حدّ "للحكرة" الممارسة على الموطنين، وبمتابعة المفسدين وناهبي المال العام (انظر موضوع: «ناصر الزفزافي أو "برموثيوس" المغرب» ضمن كتاب "في حراك الريف"، المتوفر على موقع "تاويزا"). وكما رفع ناصر الزفزافي مبدأ "الموت ولا المذلة"، فقد سبق "لأكسيل" أن طبّق نفس المبدأ عندما واجه جيش عقبة وهو يعرف أنه سيخسر الحرب بعد ربحه للمعركة، لكنه فضّل الموت على المذلة حفظا لكرامته وإبائه. وكما أن "أكسيل" واجه عقبة باسم الانتماء إلى الأرض الأمازيغية ولغتها وثقافتها، فكذلك واجه ناصر الزفزافي الظلم باسم نفس الانتماء.

فرفض اسم "أكسيل"، عند هؤلاء المتطرفين، ليس إذن بسبب اقترانه باسم عقبة، بل لاقترانه باسم الزفزافي الذي هو امتداد حي "لأكسيل" التاريخي، كما رأينا في أوجه التماثل بينهما. فأن يحملَ مغربي اسم "أكسيل" كاسم شخصي مقرونا بأي اسم عائلي آخر، لا يثير كل هذا البركان من الحقد الذي يتقيأ حُمَمَه أمثال السيد الكتاني والسيد الهناوي. لكن أن يقترن كاسم شخصي بالزفزافي كاسم عائلي، ويكون من اختيار ناصر الزفزافي نفسه، فذلك يعني، بالنسبة إليهم، عودة لـ"أكسيل" التاريخي الذي دكّ صنَمَهم عقبة. فما يُرعبهم إذن ليس هو "أكسيل" التاريخ، وإنما هو "أكسيل" الحاضر، أي ناصر الزفزافي الذي، بارتباط اسمه بـ"أكسيل" التاريخ هذا، يجعله حاضرا، خالدا متجدّدا، معه تحضر وتخلد وتتجدّد قيم الصمود والمقاومة والثورة ضد الظلم و"الحكرة"، التي (القيم) أصبح ناصر الزفزافي رمزا لها في الحاضر، مثلما كان "أكسيل" التاريخي رمزا لها في الماضي.

ولقصور اطلاعه، أو لأنه لا يريد أن يطّلع ويعرف إلا ما يوافق رغبته وهواه، يجزم السيد الكتاني أن «أول من أظهر الذم لعقبة والمدح لكسيلة هم جاهليو البربر من المنظمات الأمازيغية». وقد يصاب بصدمة إذا عرف أن دولة بكاملها، وليس فقط جمعية ثقافية، وهي دولة مصر المسلمة، ألغت، منذ 2015، عبر وزارتها للتعليم، ستة دروس حول عقبة وفتوحاته بشمال إفريقيا بسبب ما تتضمنه من «الحث على العنف أو التطرف»، كما جاء في بيان الوزارة (اقرأ الخبر هنا، وعلى مواقع إخبارية أخرى). وقد انتقد الإعلامي إبراهيم عيسى، في برنامجه على قناة "أون تي في"، وجود قصة "عقبة ابن نافع" في المقررات التعليمية، معلقا أن القصة تروّج للجهاد في سبيل الله بغزو إفريقيا، قائلا «هل الوزارة عايزة تعلم أولادنا الجهاد بفتح إفريقيا»، مشيرا إلى أن فترة الطفولة تحتاج التربية على العلم وليس الجهاد ونشر الإسلام، موضّحا: «عيل عمره 12 سنة لما يقرا قصة عقبة بن نافع هيسأل ليه ما نغزوش أمريكا زي عقبة بن نافع؟» (اقرأ الخبر هنا).

فما رأي السيد الكتاني في ما قامت به مصر، التي توجد بها أكير جامعة دينية إسلامية هي جامعة الأزهر الشريف، من حذفها لتاريخ عقبة لعلاقته بالعنف والتطرف والكراهية؟ فهل مصر أو إبراهيم عيسى أعضاء في المنظمات الأمازيغية؟ ما فعلته مصر كان الأوْلى أن تفعله دول شمال إفريقيا، المعنية الأوُلى بتاريخ مجرم الحرب عقبة.

وللتأليب ضد الأمازيغيين الذين ينوّهون بـ"أكسيل" كبطل قومي ووطني، يوظّف دعاة الجهل المقدّس الإسلام كما كان يفعل عقبة نفسه، وذلك لشيطنة الجمعيات الأمازيغية والتحريض عليها، بالزعم أنها بانحيازها إلى "أكسيل" فهي تستهدف الإسلام كما قال السيد الهناوي، و«تحن لما قبل الإسلام وتكره الإسلام»، كما كتب السيد الكتاني.

فهل يجهلون ـ أم يتجاهلون ـ إلى هذه الدرجة من هو ناصر الزفزافي الذي اختار اسم "أكسيل"؟ هل يظنونه يساريا شيوعيا، أو عَلمانيا يدعو إلى استبعاد الإسلام من شؤون الدولة، ولهذا فهو يحتفي بـ"أكسيل" لأنه قتل من جاء بهذا الإسلام إلى المغرب؟ ناصر الزفززافي يمثّل، في تديّنه الإسلامي، الإسلامَ الحقيقي والمسلمَ الحقيقي الذي لا يستعمل الإسلام كوسيلة لسبي النساء، كما كان يفعل عقبة، أو لسبي العقول والتغرير بها ونشر الجهل المقدّس كما بفعل السيد الكتاني والسيد الهناوي، وإنما يمارسه كغاية ربانية. وإذا استعمله كوسيلة فمن أجل هذه الغاية الربانية نفسها. ولهذا إذا كان السيد الكتاني والسيد الهناوي يوظّفان الإسلام من أجل إقامة الخلافة الداعشية، فالزفزافي يوظّفه من أجل إقامة العدل، ومحاربة الظلم، والدفاع عن الحرية الكرامة، وهو ما يدعو إليه الإسلام الحقّ ويتماشى مع مبادئه وغاياته.

يقول السيد الهناوي، ردا على الذين يعتبرون اليهود من أصول مغربية جاليةً مغربية في دولة إسرائيل، يجب اعتبار الداعشيين المغاربة هم أيضا جالية مغربية بداعش، كأن داعش دولة معترف بها وتمتلك مقعدا بهيئة الأمم المتحدة. كل هذا ليخلص إلى أن كلا من داعش وإسرائيل تمارسان الإرهاب. حتى إذا سلّمنا، مجاراة لمنطق السيد الهناوي، أن إسرائيل دولة إرهابية مثل داعش، فيبقى أن دافع الإرهاب عند داعش هو نفس الأفكار الجهادية التي يروّجها السيد الكتاني والسيد الهناوي، وهي التي دفعت بمئات المغاربة إلى الانخراط في شبكة الإرهاب الداعشية، تلبية لنداء الجهاد الذي لا يتعب أمثال السيد الهناوي والسيد الكتاني من ترديده. والدليل هو أن هذا الأخير حوكم بعشرين سنة سجنا من أجل، ليس المطالبة بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية كما عند ناصر الزفزفي، بل من أجل جناية ارتكاب أفعال إرهابية. أما إسرائيل، إذا كانت تمارس الإرهاب، دائما بمنطق السيد الهناوي، فإنها تفعل ذلك من أجل الدفاع عما تعتبره أرضها التاريخية، استنادا، كما يوضّح ذلك السيد الهناوي نفسه، إلى "العقيدة التلموذية" التي تؤكّد لها أن فلسطين هي أرض اليهود.

وعلى ذكر الداعشيين المغاربة، تجدر الإشارة إلى أنهم، على الأقل، هم منسجمون مع قناعاتهم الجهادية التي تعلّموها من أمثالكم أنتم، أيها السيد الكتاني والسيد الهناوي، وجماعتكم من السلفيين والجهاديين المتطرّفين. وتطبيقا لهذه القناعات التحقوا بداعش في سوريا لقتال "الكفار". أما أنتم، فكل ما تقومون به هو أنكم تدعون، صباح مساء، إلى مقاومة الاحتلال، والاستمرار في الصمود والجهاد والممانعة. لكن لا أحد منكم انضم إلى المقاتلين الفلسطينيين ليمارس المقاومة والجهاد، كما تدعون إلى ذلك ليل نهار. فكل ما تفعلونه هو لبس الكوفية الفلسطينية وإلقاء الخطب الخشبية والاكتفاء بالتفرّج، عبر قناة الجزيرة، على أطفال فلسطين يحترقون بالفوسفور الأبيض الذي تقذفهم به الطائرات الإسرائيلية. هذا يدلّ على أنكم تتخذون من فلسطين، كما ألفتم أن تفعلوا بالإسلام، أصلا تجاريا تستثمرونه وتغتنوا به، رمزيا وإيديولوجيا وسياسيا، وحتى اقتصاديا من خلال جمع تبرعات "الجهاد". والأكيد أنكم مستعدون لدفع الغالي والنفيس لكي لا يكون هناك حل للقضية الفلسطينية، حتى لا تبور تجارتكم وتفقدوا مناصب شغلكم وتصبحوا عاطلين عن العمل.   

يقول السيد الهناوي إن الدولة العبرية تمارس «التخريب الهوياتي»، حسب تعبيره، والذي يقصد به تخريب الهوية العربية الإسلامية لفلسطين. كيف يتباكى السيد الهناوي على تخريب الهوية العربية الإسلامية الذي تمارسه إسرائيل بفلسطين، وفي نفس الوقت يمارس هو وحزبه تخريب الهوية المغربية الأصلية؟ ماذا نسمي تحويل مدينة "تمارة" المغربية إلى مدينة حجازية، تحمل شوارعها أسماء خليجية مثل: خالد السلطان"، "بسام فرج"، "خالد الحمودي"، "حمد الدهلوس"، "خالد سعود الحليبي"... (انظر موضوع: "وهل هناك فرق بيت تسمية المغرب بالعربي وتسمية شوارعه بالدهلوس"، على الرابط). أليس هذا تخريبا للهوية المغربية واستبدالها بهوية مشرقية وخليجية أجنبية؟ أليس هذا ما تفعله إسرائيل عندما تطلق أسماء تلموذية على أماكن كانت تحمل أسماء عربية؟ ماذا عن دفاعكم عن التحويل الجنسي للمغاربة من جنسهم الأمازيغي الإفريقي الأصلي إلى جنس عربي أسيوي منتحَل، وهو ما تسمونه سياسة التعريب؟ أليس ذلك دفاعا عن تخريب الهوية المغربية، الحقيقية والأصلية؟ فما تفعلونه أنتم بالمغرب، بنشركم لفاحشة الشذوذ الجنسي ـ أي القومي والهوياتي بالمعنى الأصلي لكلمة "جنس" في العربية، والتي تعني القوم والجماعة التي ينتمي إليها الفرد ـ، وذلك بعملكم على استبدال الجنس الأمازيغي بجنس عربي، هو نفس ما تفعله غريمتكم إسرائيل بفلسطين. فالتعريب بالمغرب والتهويد بفلسطين هما وجهان لسياسة تخريب هوياتي واحدة (انظر موضوع: التهويد بفلسطين والتعريب بالمغرب: وجهان لسياسة عنصرية واحدة"، ضمن كتاب: "في الهوية الأمازيغية للمغرب"). فأين إسلامكم الذي تتغنوْن به وتتخذونه رأسمالا مربحا تستثمرونه؟ هل يدعو إلى تغيير هويات الشعوب وتخريبها واستبدالها بهوية عربية؟

ما ينقص المغرب، وبشكل رهيب، وكما أكرّر ذلك في كل مناسبة، هو وجود حركات إسلامية حقيقية تنظر إلى الإسلام كغاية، وليس كوسيلة لتخريب هويات الشعوب وتعريبها. فالإسلام الذي يتكلّم السيد الهناوي والسيد الكتاني باسمه هو إسلام ليس من أجل فرض شرع الله، كما يقولون، بل هو من أجل فرض شرع العروبة. فهم يستعملونه كوسيلة للتعريب والتحوّل الجنسي، القومي والهوياتي. ولهذا فالحركات الإسلامية بالمغرب هي الوجه الآخر للحركات القومية والعروبية، رغم ما يبدو في الظاهر من اختلاف، حدّ التنافر، بينهما، ذلك لأن غايتهما واحدة هي العروبة، بمفهومها القومي العنصري والعرقي، وليس حتى بمفهومها اللغوي والثقافي.

 ستكون لدينا حركات إسلامية حقيقية بالمغرب عندما تدافع عن الإسلام ضمن دفاعها عن الهوية الجماعية للمغرب، المستمدة من الأرض الأمازيغية الإفريقية، وليس من أرض "الدهلوس"، كما نجد عند الحركات الإسلامية الحقيقية بتركيا، وإيران، وأفغانستان، وباكستان وإندونيسيا...، وغيرها من الدول الإسلامية الأعجمية مثل المغرب. فهذه الحركات، الإسلامية الحقيقية، تعتمد عل تعاليم الإسلام لغرس الاعتزاز بهويتها الجماعية الأصلية، التركية والفارسية والأفغانية...، وليس مثل الحركات الإسلامية بالمغرب، التي تستعمل الإسلام لتزوير الهوية الجماعية لشعبها ومواطنيها، فتجني على الإسلام أولا، ثم على وطنها ومواطنيها ثانيا. 


 

Copyright 2002 Tawiza. All rights reserved.

Free Web Hosting