Amezwaru

(Page d'accueil)

 

مقالات  

 

عقدة اللسان عند المغاربة

حسن بنعقية والعلاقة اصوفية بالأمازيغية

المعنى الجديد لشعار: إفريقيا للأفارقة

عندما يشكّل التعريب خطرا على مصالح المغرب

الهويات المقتولة

الفرنسية كناشر للعروبة ومناهضة للأمازيغية

مأزق الأمازيغية

لماذا لا يمكن للإسلام السياسي أن ينجح بالمغرب

هل تراجع إسلام المغاربة بإسقاطهم للحزب الإسلامي؟

الأمازيغية في خطاب 20 غشت 2021

من المخاطب بدسترة الأمازيغية؟

هل يكفي قانون 55.19 لتحسين أداء الإدارة؟

الوحدة في التنوع أم التنوع في الوحدة؟

خدعة مفهوم "المشترك"

المخيال العروبي والأمازيغوفوبي

بين تامازيغت وتامغرابيت

ومتى التطبيع الكامل مع الأمازيغية؟

في تعلّة أن الأمازيغية غير نافعة

ماذا ستستفيد الأمازيغية من تطبيع المغرب مع إسرائيل؟

الوظيفة التعريبية لفلسطين بالمغرب

أحرضان، أحد آخر الرجال الأحرار

انتصار التطبيع على "التضبيع"

حزب بمرجعية أمازيغية أم دولة بذات المرجعية؟

دعوى غياب العلمي وطغيان الإيديولوجي في الخطاب الأمازيغي

عندما كنت رجعيا وفخورا برجعيتي

كيف يصنع الجهل المقدس التطرف الإسلامي

مناوأة الأمازيغية بين الفعل والامتناع عن الفعل

حول الأخوة المزعومة بين الأمازيغ والعرب

هل هي بداية نهاية الاختلاق والتزوير؟

رواية ضفائر في النافذة وبصمة همنجواي

السياسة الصغرى لإحباط تعريب الأمازيغية بعد التخلي عن مخزنتها

التراجع حتى عن الترسيم الرمزي للأمازيغية

هل يفيد الحجر الصحي في تخيف الحجر على الأمازيغية؟

من أكسيل إلى الزفزافي

عندما يتحول الأمازيغ إلى برابرة يعادون أمازيغيتهم

في تعلة إقصاء الأمازيغية من مشروع البطاقة الوطنية

الدكتور الكنبوري وعقدة الأمازيغية

خرافة الملكية البرلمانية بالمغرب

وهل هناك فرق بين تسمية المغرب بالعربي وشوارعه بالدهلوس؟

هل يتجه المغرب إلى شرعنة الرقابة الشاملة؟

"كورونا" يعيد طرح طبيعة العلاقة بين العلم والدين عند المسلمين

"حراك الريف" بين العنف الأمني والقضائي والحقوقي

البعد الهوياتي في التنمية

لماذا يخاف المغاربة من أمازيغيتهم؟

لماذا تحقَّقت تكهنات ماركس حول ديكتاتورية البروليتاريا؟

غياب الدولة عند الأمازيغ وأثره على اللغة والهوية

الخذلان الأبدي لليسار المغربي

الحاجة إلى أمثال رشيد أيلال

لا جدوى من وقف التعريب اللغوي بدون وقف التعريب الهوياتي

هل كان الأمازيغ من السباقين إلى إلغاء عقوبة الإعدام وممارسة العلمانية؟

التعريب كخدعة للحفاظ على الامتيازات الطبقية

قانون تنظيمي لإعدام ترسيم الأمازيغية

من أجل تصحيح العلاقة بين الأمازيغية والإسلام والدارجة

اللغة العربية في كتاب "من أجل ثورة ثقافية بالمغرب"

الأمازيغية في كتاب "من أجل ثورة ثقافية بالمغرب"

آفة الفرانكوفونيين في كتاب: من أجل ثورة ثقافية بالمغرب

لماذا سيفشل النموذج التنموي الجديد؟

الدارجة بين الجهل المقدس ودعاوى الأكاديميين

إذا كانت العربية لغة القرآن فلماذا تفرضون استعمالها خارج القرآن؟

لم التدريس بالعربية؟

مدافع شرس عن العربية يعترف أنها لغة جامدة

ما دلالة رفض البغرير المعروف وقبول السؤدد المجهول؟

الأمازيغ، أحرار أم مغلوبون وتابعون؟

الأمازيغية والعنصرية العادية

لماذا لم تنجح تجربة العدالة الانتقالية في المغرب؟

هل يستقيم استقلال القضاء مع غياب فصل حقيقيي بين السلط؟

أحكام ظالمة مبنية على تهم استعمارية

لماذا لا أكتب بالأمازيغية ويكتب السيد حميش بالعربية؟

الأمازيغية والاستعمار أم العروبة والاستعمار؟

بدل مخزنة الأمازيغية ينبغي تمزيغ المخزن

محمد مونيب ونهاية أسطورة الظهير البربري

إذا لم يكن المالطيون عربا، فلماذا سيكون المغاربة عربا؟

فيروس التعريب

عندما يكون استقلال القضاء خطرا على العدالة

حراك الريف وتصحيح مفهوم الوطنية

مفهوم الهوية الجماعية وتطبيقاته على حالة المغرب

المشعل والمصباح

لماذا سبقتنا الجزائر إلى إقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية؟

قاموس الدارجة أو تصعيب الدارجة من أجل تفصيحها

بين إنكار أحاديث البخاري وإنكار وجود المسيح

شعب الدولة أم دولة الشعب؟

خطأ الاستهانة بفاجعة طحن محسن فكري وتداعياته

الاستثناء المغربي الحقيقي

بين قمع الكاطالانيين وقمع الريفيين

حراك الريف وميلاد "الهومو ـ زفزاف" المغربي

عندما يُستعمل القضاء للقضاء على العدالة

خرافة "المحاكمة العادلة" لمعتقلي حراك الريف

خرافة وحقيقة "أن التحقيق سيذهب بعيدا"

الأمازيغية والمثقفون المغاربة

هل نفّذ الزفزافي تهديده بالتسبّب في سعار المخزن؟

من يحكم المغرب؟

ناصر الزفزافي أو بروميثيوس المغرب

المخزن يعود عاريا بعد أن مزق حراك الريف أقنعته

لماذا أرفع الراية الأمازيغية وراية الريف ولا أرفع الراية المغربية؟

حكومة العثماني وفرصة الوحدة السياسية بين الأمازيغية والإسلام

كتاب إمازيغن وحتمية التحرر

تظاهرة الناظور وغباء السلطة الذي لا حدود له

نبوءة مولييراس بخصوص تعريب المغرب في القرن العشرين

اغتيال محسن فكري وفرصة التحرر من فوبيا السلطة

مشروع القانون التنظيمي لمنع ترسيم الأمازيغية

متى يكتشف المغاربة لغتهم الدارجة؟

قضية حميد أعطوش: من الاعتقال الجائر إلى الإفراج الماكر

أعطوش وأوساي: لغز الإدانة رغم أدلة البراءة

من أجل علمانية إسلامية

أربعينية إزم: الرسالة والدلالة

المايسترو أو النجم إذا سطع وارتفع

معاشات الوزراء والبرلمانيين

زلزال خطْب الجمعة بمسجد حمزة بسلا

اقتراحات بخصوص القانون التنظيمي للأمازيغية

مطالب الشعب المغربي لـ1934 وميلاد الوعي الوطني الزائف

أي تصور وأية مقاربة لتدريس أمازيغية موحدة ومشتركة؟

هل مساندة المغرب للقبايل اعتراف ضمني أنه بلد أمازيغي؟

الدليل الإحصائي أن الناطقين بالدارجة هم أمازيغيون

ميمون أمسبريذ، ذلك الكاتب الأمازيغي المجهول

التعريب نجح أولا بالفرنسية قبل العربية

متى ينتقل المغرب من السياسة البربرية إلى السياسة الأمازيغية؟

يوطوبيا التعريبيين في المغرب

لماذا لا يجوز تصنيف الأمازيغيين ضمن الشعوب الأصلية؟

نعم لاستفتاء شعبي حول العربية والأمازيغية

الأستاذ حميش والبوصلة التي لا تتحرك إلا في اتجاه المشرق

عبد الله حمودي والفهم العامي للهوية

ولماذا تتركون برنامج الله وتطبقون برنامج إبليس؟

مأزق المتحولين الجنسيين في المغرب

لماذا ليست العربية ضرورية لكفاءة المسؤولين الحكوميين؟

في دحض خرافة الوظيفة التوحيدية للعربية

الداعشية اللغوية

في دحض خرافة "اختيار" الأمازيغيين الطوعي للعربية

في دحض خرافة "الانصهار" بين العرب والأمازيغ

المتحولون الجنسيون في المغرب

المطالب الأمازيغية بين ردّ الفعل وغياب الفعل

من أجل إستراتيجية جديدة لاسترداد الهوية الأمازيغية للدولة المغربية

في الإقصاء السياسي للأمازيغية

L'Afrique absente du Maroc africain

جاهلية القرن الواحد والعشرين

توفيق بوعشرين يستعيذ باللطيف ضد الأمازيغية من جديد

الأمازيغية والعربية في إحصاء 2014

دولة النوم

النزعة الأمازيغوفوبية: نشأتها وتطورها

نعم "للمقاربة الإسلامية"، لكن بدون مضامين وأهداف تعريبية

الأمازيغية المنبوذة في كتاب "الأمير المنبوذ"

معاناة الإسلام من العروبة العرقية

خطْب الجمعة مرة أخرى

لماذا لا يريد التعريبيون الخير للمغرب؟

الأمازيغية والمرأة، ضحيتان لتمييز واحد

من هم الناطقون بالدارجة في المغرب؟

"التضبيع" في تجريم "التطبيع"

هل هو موقف جديد لحزب الاستقلال من الأمازيغية؟

بين ديودوني الفرنسي والمقرئ أبوزيد المغربي

عبقرية اللغة الأمازيغية وسر صمودها

المقرئ الإدريسي أبوزيد أو الأمازيغوفوبيا بلا حدود

الرسام الأمازيغي موحند سعيدي يغادرنا إلى الأبد

فرنسا تواصل سياسة التعريب

الدارجة ولاتاريخانية الأستاذ العروي

لمَ الخوف من الدارجة المغربية؟

متى يعترف المغرب بالفرنسية كلغة رسمية؟

حزب العدالة والتنمية، هبة من السماء للنظام المخزني

رفقا باللغة العربية أيها التعريبيون

المجانية والتعريب أو آلة تدمير التعليم العمومي بالمغرب

خطْب الجمعة

وما هو الحل لإصلاح التعليم بالمغرب؟

لماذا وصف مصري مساند للإخوان المغاربة باللقطاء؟

لماذا سكت رجال الدين عن مسألة العفو عن مغتصب الأطفال؟

"النسب الشرف" أو عندما يصبح الميز العنصري من الثوابت

طارق بن زياد، الأسطورة المقدسة

قداسة الشيخ الكتاني

العقل في تدبير التعدد اللغوي والثقافي في المغرب

ما تفتقر إليه العربية هو استعمالها في الحياة

المغرب من أغنى بلدان العالم

الأسباب الحقيقية لضعف مستوى اللغة العربية عند التلاميذ

اللغة العربية أو المعشوقة التي لا يرغب عشاقها في الزواج منها

لأي شيء ينفع إقرار اللغة الأمازيغية بويندوز 8؟

التعريب والهوية بالمغرب

"الفانطاسمات" اللسنية حول الأمازيغية بالمغرب

عادة التهرب من المسؤولية بإلقاء اللوم على الجميع

الحركة الأمازيغية بالمغرب: عيون على المستقبل

الأساطير المؤسسة للعروبة العرقية بالمغرب

كلمة الختام

وزير العدل والحريات يجهل مفهوم المعتقل السياسي

الأمازيغية في عمق الصراع الإيقوني

منذ متى أصبح ربيع الشعوب يهدد الأوطان؟

مدينة إفران: من السياحة الطبيعية إلى السياحة الثقافية

الأمير والتاريخ المحاصر

جريدة تاويزا في حاجة إلى تاويزا

الممثل الناطق بالأمازيغية واّلإنتاج التلفزي

أيت وراين: أبطال سلكوا درب الحرية

 

 

 

 

 

 

عندما يشكّل التعريب

 

 خطرا على مصالح المغرب

 

 

بقلم: محمد بودهان

 

(13 ـ 12 ـ 2022)

تعريب شامل وكاسح:

تحت ضغط إيديولجي وسياسي قوي "للحركة الوطنية"، اتخذ شكل ابتزاز للدولة، انخرطت هذه الأخيرة منذ الاستقلال، وبحماس كبير، في عملية تعريب شامل وكاسح، يضمّ التعريبَ السياسي الذي بدأته فرنسا، والذي يرمي إلى نشر وترسيخ القناعة لدى المغاربة بأن دولتهم عربية تحكمها سلطة عربية؛ والتعريبَ العرقي الذي يرمي، هو كذلك، إلى نشر وترسيخ القناعة لدى المغاربة بأنهم شعب "عربي" ذو أصول عربية؛ والتعريبَ الهوياتي الذي يرمي، هو أيضا، إلى نشر وترسيخ القناعة لدى المغاربة بأن المغرب بلد عربي ذو انتماء عربي؛ والتعريبَ الإيديولوجي الذي يرمي إلى خلق وعي زائف لدى المغاربة، يرسّخ ويكرّس تبعيتهم للمشرق العربي على مستوى الانتماء والثقافة والفن والدين (المذاهب والاجتهادات والفتاوى) واللغة ووحدة القضايا والمصير...، حتى أصبح هذا المشرق العربي كالنجم الثابت الذي يدور حوله المغرب ككوكب صغير يستمدّ وجوده وحركته من النجم المشرقي الكبير. أما المظهر الخامس لهذا التعريب الشامل والكاسح، كما قلت، فهو التعريب اللغوي الذي سيتأخر تنفيذه، في صيغته الشاملة والكاسحة، إلى ثمانينيات القرن الماضي. لماذا؟ لأن نشر وتعليم واستعمال اللغة العربية لم يكن أبدا هو الغاية من التعريب، بل كانت العربية دائما مجرد وسيلة للتعريب السياسي والعرقي والهوياتي والإيديولوجي. هذا التعريب، الشامل والكاسح، أفقد المغرب سيادته الهوياتية التي يمثّلها انتماؤه الأمازيغي الإفريقي، وخلق وعيا عروبيا متطرّفا لدى مجموعة من المغاربة حوّلهم إلى "مضبَّعين" و"مضبِّعين"(لمعرفة المقصود بـ"التضبيع"، انظر موضوع: «"التضبيع" في تجريم "التطبيع"» بالنقر هنا و هنا) يرتبطون وجدانيا بقضايا ومشاكل المشرق العربي أكثر من ارتباطهم بقضايا ومشاكل بلدهم.

مخاطر التعريب على مصالح المغرب:

لكن خطورة هذا الوعي العروبي "التضبيعي" المتطرّف، الذي زرعه التعريب في عقول الكثير من المغاربة، ستنتقل من مستوى المسّ بالسيادة الهوياتية للمغرب إلى مستوى معاكسة مصالحه وأمنه، وذلك عندما يتطابق الخطاب العدائي والتحريضي لشرذمة من هؤلاء "المضبّعين" (بفتح الباء ثم كسرها) ضد بلدهم، بمناسبة زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي للمغرب بدءا من يوم 23 نوفمبر 2021، مع نفس الخطاب، العدائي والتحريضي، الذي تروّجه الجزائر المناهضة للوحدة الترابية لبدهم المغرب. فعندما نقارن بين الحكْم على تطبيع المغرب لعلاقاته مع إسرائيل بأنه "حماقة"، كما جاء في كلام السيد محمد الساسي (المصدر: انقر هنا) المحسوب على الحركة المتياسرة؛ واعتبارِ هذا التطبيعَ "استعمارا جديدا"، كما قال بنسالم حميش (المصدر: انقر هنا) المحسوب هو كذلك على مجموعة المتياسرين؛ والزعمِ أن "سياسة التطبيع ترهن مسألة سيادة البلاد لأن القرار لم يعد في يدنا وسيادتنا تسلب منا"، كما أدلت بذلك نبيلة منيب (المصدر: انقر هنا) كبيرة المتياسرين المغاربة؛ ووصفِ السيد الريسوني، الذي يُنعت بالفقيه المقاصدي، والذي هو رئيس ما يُسمّى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الاتفاقيات التي وقّعها المغرب مع إسرائيل بـ «سياسة الاستنجاد بدولة العدو، دولة الاحتلال والعدوان والإجرام»، وقولِه بأن بلده المغرب طلب «النجدة الصهيونية، وعلى حساب القدس وفلسطين»، وبأن ذلك يشكّل سلوك الذل تحت الوصاية الصهيونية؛ وإعلانِه أن علاقات المغرب الرسمي «هي الآن تنغمس تماما في العشق الحرام مع العدو الصهيوني»، الذي لن يجني منه «سوى الاختراق والتوريط والخبال وشراء الذمم وصناعة العملاء» (المصدر: انقر هنا)؛ وبيانِ "اتحاد العلماء المسلمين" الذي يرأسه نفس السيد الريسوني، والذي جاء فيه أن ما أقدم عليه المغرب والإمارات من تحالفات «مع الكيان الصهيوني المحتل عمل مدان ومحرم شرعا وخيانة للعهد العمري، والصلاحي، ولحقوق الشعب الفلسطيني» (المصدر: انقر هنا)...، (عندما نقارن بين أقوال هؤلاء "المضبّعين" المغاربة) وبين أقوال وتصريحات المسؤولين الجزائريين الذين يردّدون فيها بأن الجزائر تواجه الصهاينة على الحدود الغربية، وأن استنجاد المغرب بهم لن ينفعه أمام قوة الجزائر(!سنلاحظ تطابقا بين الخطابين، إلى درجة أن السيد الريسوني لم يتحرّج من تكراره لنفس مضامين الخطاب العدائي والتحريضي للجزائر، ولنفس افتراءاتها الباطلة، ولنفس مصطلحاتها المُشيْطِنة للمغرب بسبب تطبيع علاقاته مع إسرائيل، ليستعملها هو أيضا، ولنفس السبب، ضد بلده.

لنسأل السيد الريسوني: من يمارس "العشق الحرام"amour contre nature ؟ ذلك الذي يعشق الهوية الجماعية الأصلية لبلده ويحافظ على انتمائه الطبيعي والأصلي، أم الذي ينتحل الانتماء إلى هوية جماعية أجنبية ويتنكّر لجنسه ويعشق جنسا آخر مختلفا، ممارسا بذلك شذوذا جنسيا ـ أي قوميا وهوياتيا ـ يمثّل قمة "العشق الحرام"؟ ثم من يمارس العمالة ويصنع العملاء؟ هل الوفي لبلده عبر وفائه لهوية هذا البلد الجماعية التي صنعها الانتماء الجماعي إلى نفس البلد، والتي يدافع عن سيادتها واستقلالها وتميّزها عن هويات الشعوب الأخرى، أم الذي يُقصي هوية بلده ويجاهد من أجل إلحاقه، كتابع ذليل، بهويات بلدان أجنبية تفصلنا عنها آلاف الكيلومترات، ويروّج لبضاعتها الإيديولوجية الفاسدة والكاسدة، من وهابية وإخوانية وعروبية، معبّرا بذلك عن ولائه لجهات خارجية، ممارسا، من حيث الآثار والنتائج، عمالة مجانية لهذه الجهات دون أن تطلب منه ذلك؟

واضح أن هذه المواقف، العدائية والتحريضية، لهؤلاء "المضبّعين" (دائما بفتح الباء ثم كسرها) ضد بلدهم بسبب التطبيع، والتي تتطابق مع مواقف الجهات الخارجية المعادية للمغرب، تُبرز أن إيديولوجية التعريب، التي يغرفون منها مواقفهم العدائية والتحريضية هذه، إيديولوجية لا وطنية، تُنتج مثقفين يناهضون مصالح وأمن بلدهم، مثلما تناهض مواقفُ الجزائر المعادية للوحدة الترابية للمغرب مصالحَه وأمنَه.

لماذا حرية التعبير للدفاع فقط عن القضايا العربية؟

ولا يعني رفضُ هذا الخطاب، العدائي التحريضي، الذي يروّجه هؤلاء المغاربة ضد مغربهم، رفضَ حقهم في انتقاد قرارات دولتهم، وحقهم في حرية التعبير والرأي والاختلاف مع سياسية الدولة. لكن لماذا لا بد أن ينصبّ هذا النقد دائما على القرارات ذات الصلة بفلسطين والقضايا العربية، مثل مسألة التطبيع مع إسرائيل؟ لماذا لم يكتب السيد الريسوني أن الحكم بعشرين سنة على من طالبوا بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية عمل مدان ومحرّم شرعا؟ لماذا لم يعلن أن تطبيع المغرب لعلاقاته مع إسبانيا، التي تحتلّ أجزاء من أراضيه، هو انغماس في "العشق الحرام" على حساب سبتة ومليلية؟ لماذا لم يقل إن التوظيف بالتعاقد عمل مرفوض شرعا؟ لماذا لم يستنكر التماطل في التفعيل الحقيقي والجدي لرسمية الأمازيغية، ويصرّح أنه عمل مدان ومرفوض شرعا؟ لماذا لم يصدر بيانا، باسم الاتحاد الذي يرأسه، يدين الفساد المتفشي بالمغرب ويُعرب فيه أنه محرّم شرعا؟...

نريد بهذه الأسئلة، التي تنصبّ على قضايا مغربية، تبيانَ أن هناك ألف قضية وقضية مغربية كان من الأولى على السيد الريسوني وغيره من "المضبّعين" (دائما بفتح الباء ثم كسرها)، لو كانت له غيرة على قضايا بلده، أن ينتقد سياسة الدولة بشأنها. أما أن هذا النقد لا يظهر، وفي شكل عدائي تحريضي، إلا عندما يتعلّق الأمر بقرارات مغربية تُؤوّل على أنها لا تخدم مباشرة قضية فلسطين والقضايا العربية الأخرى، فذلك ما يُثبت أن ما يدفع هؤلاء "المضبّعين" إلى إدانتهم لهذه القرارات هو نعرتهم العروبية العرقية التي غرسها التعريب، بالمعنى الذي سبق شرحه، في قلوبهم وأرواحهم حتى أصبح ولاؤهم لهذه القضايا العربية إيمانا متأصّلا وعقيدة راسخة، مع واجب تقديمهم البرهان في كل مناسبة على تجديد هذا الولاء من خلال التنكّر لهويتهم الأمازيغية والتجاهل التام لقضيا المغرب والمغاربة.

 مسؤولية الدولة:

لكن لا يجب أن نحمّل كل المسؤولية في هذه المناهضة لاتفاقية التعاون بين المغرب وإسرائيل، والتي (المناهضة) يستفيد منها أعداء الوحدة الترابية، لعملاء الإيديولوجيات الأجنبية، المتخلّفة والمتطرّفة، على شاكلة السيد الريسوني وغيره من "المضبّعين" (دائما بفتح الباء ثم كسرها). فالدولة تتحمّل النصيب الأكبر في انتشار ثقافة "التضبيع" التي شحنت بها الأجهزة الإيديولوجية للدولة، مثل المدرسة والمسجد والإعلام، والإدارة...، عقولَ المغاربة، وغرست فيهم التنكّر لهويتهم الأمازيغية ولقضاياهم الوطنية، والهيامَ الجنوني بقضايا العروبة، والتشكيك في قرارات دولتهم عندما لا تخدم هذه القراراتُ هذه القضايا العربية.

صحيح أن الدولة واجهت بعد الاستقلال ضغطا سياسيا قويا في اتجاه تعريب و"تضبيع" شاملين وكاسحين، يقابلهما إقصاء ممنهج للأمازيغية بدعوى أنها من مخلفات الاستعمار. إذا كانت الدولة قد استفادت مرحليا من سياسة التعريب و"التضبيع" باستعمالها هذه السياسة لضبط التوازنات ومواجهة خصومها السياسيين بنفس الإيديولوجية المشرقية التي كانوا يعارضون بها الدولة، كما يظهر ذلك في تبنّيها للقضايا القومية ثم للفكر الإسلامي الوهابي الذي فتحت له أبواب المغرب لمواجهة الإسلام السياسي، إلا أنها ستصبح بعد ذلك رهينة للإيديولوجيات الشرقانية التي سهّلت سياسة التعريب انتشارها بالمغرب، كما نلاحظ ذلك اليوم عندما أبرمت اتفاقيات أمنية وعسكرية مع إسرائيل، فأثار ذلك حفيظة سدنة المعبد المشرقي بالمغرب. مما يبيّن أن سياسة التعريب، بمعناه السياسي والعرقي والهوياتي والإيديولوجي، أصبحت تشكّل خطرا على مصالح المغرب وأمنه القومي، عندما يعارض هذه المصالحَ وهذا الأمنَ، باسم الإيديولوجية التعريبية، المتشبّعون بهذه الإيديولوجية التي أنفقت الدولة نفسها المال الكثير من أجل نشرها وزرعها بالمغرب.

وليس هناك من وسيلة للتخلّص من هذه الإيديولوجية التعريبية اللاوطنية إلا بنشر وزرع ثقافة حب الأرض والارتباط بها عبر الارتباط بالهوية الجماعية التي صنعتها هذه الأرض، وهي الهوية الأمازيغية. وهذا يتطلّب غير قليل من الوقت لأن تغيير ما هو فكري وإيديولوجي ليس سهلا كتغيير ما هو مادي وملموس.       

 

 

 

   

 

Copyright 2002 Tawiza. All rights reserved.

Free Web Hosting