Amezwaru

(Page d'accueil)

 

مقالات  

 

الأمازيغية في خطاب 20 غشت 2021

من المخاطب بدسترة الأمازيغية؟

هل يكفي قانون 55.19 لتحسين أداء الإدارة؟

الوحدة في التنوع أم التنوع في الوحدة؟

خدعة مفهوم "المشترك"

المخيال العروبي والأمازيغوفوبي

بين تامازيغت وتامغرابيت

ومتى التطبيع الكامل مع الأمازيغية؟

في تعلّة أن الأمازيغية غير نافعة

ماذا ستستفيد الأمازيغية من تطبيع المغرب مع إسرائيل؟

الوظيفة التعريبية لفلسطين بالمغرب

أحرضان، أحد آخر الرجال الأحرار

انتصار التطبيع على "التضبيع"

حزب بمرجعية أمازيغية أم دولة بذات المرجعية؟

دعوى غياب العلمي وطغيان الإيديولوجي في الخطاب الأمازيغي

عندما كنت رجعيا وفخورا برجعيتي

كيف يصنع الجهل المقدس التطرف الإسلامي

مناوأة الأمازيغية بين الفعل والامتناع عن الفعل

حول الأخوة المزعومة بين الأمازيغ والعرب

هل هي بداية نهاية الاختلاق والتزوير؟

رواية ضفائر في النافذة وبصمة همنجواي

السياسة الصغرى لإحباط تعريب الأمازيغية بعد التخلي عن مخزنتها

التراجع حتى عن الترسيم الرمزي للأمازيغية

هل يفيد الحجر الصحي في تخيف الحجر على الأمازيغية؟

من أكسيل إلى الزفزافي

عندما يتحول الأمازيغ إلى برابرة يعادون أمازيغيتهم

في تعلة إقصاء الأمازيغية من مشروع البطاقة الوطنية

الدكتور الكنبوري وعقدة الأمازيغية

خرافة الملكية البرلمانية بالمغرب

وهل هناك فرق بين تسمية المغرب بالعربي وشوارعه بالدهلوس؟

هل يتجه المغرب إلى شرعنة الرقابة الشاملة؟

"كورونا" يعيد طرح طبيعة العلاقة بين العلم والدين عند المسلمين

"حراك الريف" بين العنف الأمني والقضائي والحقوقي

البعد الهوياتي في التنمية

لماذا يخاف المغاربة من أمازيغيتهم؟

لماذا تحقَّقت تكهنات ماركس حول ديكتاتورية البروليتاريا؟

غياب الدولة عند الأمازيغ وأثره على اللغة والهوية

الخذلان الأبدي لليسار المغربي

الحاجة إلى أمثال رشيد أيلال

لا جدوى من وقف التعريب اللغوي بدون وقف التعريب الهوياتي

هل كان الأمازيغ من السباقين إلى إلغاء عقوبة الإعدام وممارسة العلمانية؟

التعريب كخدعة للحفاظ على الامتيازات الطبقية

قانون تنظيمي لإعدام ترسيم الأمازيغية

من أجل تصحيح العلاقة بين الأمازيغية والإسلام والدارجة

اللغة العربية في كتاب "من أجل ثورة ثقافية بالمغرب"

الأمازيغية في كتاب "من أجل ثورة ثقافية بالمغرب"

آفة الفرانكوفونيين في كتاب: من أجل ثورة ثقافية بالمغرب

لماذا سيفشل النموذج التنموي الجديد؟

الدارجة بين الجهل المقدس ودعاوى الأكاديميين

إذا كانت العربية لغة القرآن فلماذا تفرضون استعمالها خارج القرآن؟

لم التدريس بالعربية؟

مدافع شرس عن العربية يعترف أنها لغة جامدة

ما دلالة رفض البغرير المعروف وقبول السؤدد المجهول؟

الأمازيغ، أحرار أم مغلوبون وتابعون؟

الأمازيغية والعنصرية العادية

لماذا لم تنجح تجربة العدالة الانتقالية في المغرب؟

هل يستقيم استقلال القضاء مع غياب فصل حقيقيي بين السلط؟

أحكام ظالمة مبنية على تهم استعمارية

لماذا لا أكتب بالأمازيغية ويكتب السيد حميش بالعربية؟

الأمازيغية والاستعمار أم العروبة والاستعمار؟

بدل مخزنة الأمازيغية ينبغي تمزيغ المخزن

محمد مونيب ونهاية أسطورة الظهير البربري

إذا لم يكن المالطيون عربا، فلماذا سيكون المغاربة عربا؟

فيروس التعريب

عندما يكون استقلال القضاء خطرا على العدالة

حراك الريف وتصحيح مفهوم الوطنية

مفهوم الهوية الجماعية وتطبيقاته على حالة المغرب

المشعل والمصباح

لماذا سبقتنا الجزائر إلى إقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية؟

قاموس الدارجة أو تصعيب الدارجة من أجل تفصيحها

بين إنكار أحاديث البخاري وإنكار وجود المسيح

شعب الدولة أم دولة الشعب؟

خطأ الاستهانة بفاجعة طحن محسن فكري وتداعياته

الاستثناء المغربي الحقيقي

بين قمع الكاطالانيين وقمع الريفيين

حراك الريف وميلاد "الهومو ـ زفزاف" المغربي

عندما يُستعمل القضاء للقضاء على العدالة

خرافة "المحاكمة العادلة" لمعتقلي حراك الريف

خرافة وحقيقة "أن التحقيق سيذهب بعيدا"

الأمازيغية والمثقفون المغاربة

هل نفّذ الزفزافي تهديده بالتسبّب في سعار المخزن؟

من يحكم المغرب؟

ناصر الزفزافي أو بروميثيوس المغرب

المخزن يعود عاريا بعد أن مزق حراك الريف أقنعته

لماذا أرفع الراية الأمازيغية وراية الريف ولا أرفع الراية المغربية؟

حكومة العثماني وفرصة الوحدة السياسية بين الأمازيغية والإسلام

كتاب إمازيغن وحتمية التحرر

تظاهرة الناظور وغباء السلطة الذي لا حدود له

نبوءة مولييراس بخصوص تعريب المغرب في القرن العشرين

اغتيال محسن فكري وفرصة التحرر من فوبيا السلطة

مشروع القانون التنظيمي لمنع ترسيم الأمازيغية

متى يكتشف المغاربة لغتهم الدارجة؟

قضية حميد أعطوش: من الاعتقال الجائر إلى الإفراج الماكر

أعطوش وأوساي: لغز الإدانة رغم أدلة البراءة

من أجل علمانية إسلامية

أربعينية إزم: الرسالة والدلالة

المايسترو أو النجم إذا سطع وارتفع

معاشات الوزراء والبرلمانيين

زلزال خطْب الجمعة بمسجد حمزة بسلا

اقتراحات بخصوص القانون التنظيمي للأمازيغية

مطالب الشعب المغربي لـ1934 وميلاد الوعي الوطني الزائف

أي تصور وأية مقاربة لتدريس أمازيغية موحدة ومشتركة؟

هل مساندة المغرب للقبايل اعتراف ضمني أنه بلد أمازيغي؟

الدليل الإحصائي أن الناطقين بالدارجة هم أمازيغيون

ميمون أمسبريذ، ذلك الكاتب الأمازيغي المجهول

التعريب نجح أولا بالفرنسية قبل العربية

متى ينتقل المغرب من السياسة البربرية إلى السياسة الأمازيغية؟

يوطوبيا التعريبيين في المغرب

لماذا لا يجوز تصنيف الأمازيغيين ضمن الشعوب الأصلية؟

نعم لاستفتاء شعبي حول العربية والأمازيغية

الأستاذ حميش والبوصلة التي لا تتحرك إلا في اتجاه المشرق

عبد الله حمودي والفهم العامي للهوية

ولماذا تتركون برنامج الله وتطبقون برنامج إبليس؟

مأزق المتحولين الجنسيين في المغرب

لماذا ليست العربية ضرورية لكفاءة المسؤولين الحكوميين؟

في دحض خرافة الوظيفة التوحيدية للعربية

الداعشية اللغوية

في دحض خرافة "اختيار" الأمازيغيين الطوعي للعربية

في دحض خرافة "الانصهار" بين العرب والأمازيغ

المتحولون الجنسيون في المغرب

المطالب الأمازيغية بين ردّ الفعل وغياب الفعل

من أجل إستراتيجية جديدة لاسترداد الهوية الأمازيغية للدولة المغربية

في الإقصاء السياسي للأمازيغية

L'Afrique absente du Maroc africain

جاهلية القرن الواحد والعشرين

توفيق بوعشرين يستعيذ باللطيف ضد الأمازيغية من جديد

الأمازيغية والعربية في إحصاء 2014

دولة النوم

النزعة الأمازيغوفوبية: نشأتها وتطورها

نعم "للمقاربة الإسلامية"، لكن بدون مضامين وأهداف تعريبية

الأمازيغية المنبوذة في كتاب "الأمير المنبوذ"

معاناة الإسلام من العروبة العرقية

خطْب الجمعة مرة أخرى

لماذا لا يريد التعريبيون الخير للمغرب؟

الأمازيغية والمرأة، ضحيتان لتمييز واحد

من هم الناطقون بالدارجة في المغرب؟

"التضبيع" في تجريم "التطبيع"

هل هو موقف جديد لحزب الاستقلال من الأمازيغية؟

بين ديودوني الفرنسي والمقرئ أبوزيد المغربي

عبقرية اللغة الأمازيغية وسر صمودها

المقرئ الإدريسي أبوزيد أو الأمازيغوفوبيا بلا حدود

الرسام الأمازيغي موحند سعيدي يغادرنا إلى الأبد

فرنسا تواصل سياسة التعريب

الدارجة ولاتاريخانية الأستاذ العروي

لمَ الخوف من الدارجة المغربية؟

متى يعترف المغرب بالفرنسية كلغة رسمية؟

حزب العدالة والتنمية، هبة من السماء للنظام المخزني

رفقا باللغة العربية أيها التعريبيون

المجانية والتعريب أو آلة تدمير التعليم العمومي بالمغرب

خطْب الجمعة

وما هو الحل لإصلاح التعليم بالمغرب؟

لماذا وصف مصري مساند للإخوان المغاربة باللقطاء؟

لماذا سكت رجال الدين عن مسألة العفو عن مغتصب الأطفال؟

"النسب الشرف" أو عندما يصبح الميز العنصري من الثوابت

طارق بن زياد، الأسطورة المقدسة

قداسة الشيخ الكتاني

العقل في تدبير التعدد اللغوي والثقافي في المغرب

ما تفتقر إليه العربية هو استعمالها في الحياة

المغرب من أغنى بلدان العالم

الأسباب الحقيقية لضعف مستوى اللغة العربية عند التلاميذ

اللغة العربية أو المعشوقة التي لا يرغب عشاقها في الزواج منها

لأي شيء ينفع إقرار اللغة الأمازيغية بويندوز 8؟

التعريب والهوية بالمغرب

"الفانطاسمات" اللسنية حول الأمازيغية بالمغرب

عادة التهرب من المسؤولية بإلقاء اللوم على الجميع

الحركة الأمازيغية بالمغرب: عيون على المستقبل

الأساطير المؤسسة للعروبة العرقية بالمغرب

كلمة الختام

وزير العدل والحريات يجهل مفهوم المعتقل السياسي

الأمازيغية في عمق الصراع الإيقوني

منذ متى أصبح ربيع الشعوب يهدد الأوطان؟

مدينة إفران: من السياحة الطبيعية إلى السياحة الثقافية

الأمير والتاريخ المحاصر

جريدة تاويزا في حاجة إلى تاويزا

الممثل الناطق بالأمازيغية واّلإنتاج التلفزي

أيت وراين: أبطال سلكوا درب الحرية

 

 

 

 

 

الأمازيغية في خطاب 20 غشت 2021

 

بقلم: محمد بودهان

 

(29 ـ 08 ـ 2021)

أثار الخطاب السامي الذي وجّهه الملك، كما هو معلوم، إلى الشعب المغربي يوم 20 غشت 2021 بمناسبة الذكرى الثامنة والستين لثورة الملك والشعب، اهتماما خاصا لدى نشطاء الحركة الأمازيغية. ويرجع هذا الاهتمام الخاص إلى أن الخطاب:

ـ يذكّر بأن المغرب «دولة عريقة، تمتد لأكثر من إثني عشر قرنا، فضلا عن تاريخها الأمازيغي الطويل». وهو ما أشاد به العديد من نشطاء الحركة الأمازيغية، كما يظهر ذلك في كتاباتهم وتحليلاتهم التي تناولت هذا الموضوع، مبرزين أن تأكيد الخطاب على التاريخ الأمازيغي الطويل هو بمثابة اعتراف رسمي آخر بأمازيغية المغرب من طرف أعلى سلطة في البلاد.

ـ يتضمّن عبارة: "اتحاد المغرب العربي" التي قد تُؤوّل على أنها عودة إلى التسمية القديمة المُقصية للأمازيغية، والتي ألغاها دستور 2011 الذي استعمل بدلها عبارة "الاتحاد المغاربي" و"المغرب الكبير". وحتى لا يكون هناك تناقض بين الاعتراف "بالتاريخ الأمازيغي الطويل" وعبارة "المغرب العربي" التي لا تعترف للدول المغاربية إلا بانتمائها "العربي"، اجتهد بعض الكتاب الأمازيغيين، وبشكل لا يخلو من طرافة في التبرير والتعليل، للإقناع أن ليس في الأمر أي تناقض، موضّحين أن عبارة "اتحاد المغرب العربي" تخصّ السياق التاريخي الذي استُعملت فيه هذه العبارة عندما تأسس "اتحاد المغرب العربي" (17 فبراير 1989) بهذه التسمية التي أُطلقت عليه آنذاك كتسمية رسمية. وبالتالي فالتسمية لا تعني المغرب الحالي بعد أن أزالها من دستوره الجديد.

في الحقيقة، عبارة "المغرب العربي" التي وردت في الخطاب ليست بذات أهمية إطلاقا، حتى تستحق أن تُعرض للتحليل والنقاش. هي ليست ذات أهمية لأنها، ومهما كانت المقاصد التي يمكن أن تُنسب إليها، لا تمثّل مشكلا حقيقيا البَتّةَ. أما ما يمثّل هذا المشكل الحقيقي في الخطاب، بالنسبة إلى الأمازيغية، فهو عبارة "التاريخ الأمازيغي الطويل" للدولة المغربية التي وردت ضمن الخطاب، والتي استقبلها المدافعون عن الأمازيغية بكثير من التهليل والتنويه، كما سبقت الإشارة. لماذا يكون هذا التذكير، ضمن الخطاب الملكي، بالتاريخ الأمازيغي الطويل للدولة المغربية مشكلا بالنسبة إلى الأمازيغية؟

إذا وقفنا عند عبارة: "تاريخها الأمازيغي الطويل"، مفصولة عما قبلها، كما فعل بعض النشطاء الأمازيغيين، فلا يمكن إلا أن نشيد بذلك ونبتهج له، لأنه اعتراف واضح بالتاريخ الأمازيغي للدولة المغربية. لكن إذا وضعنا العبارة في سياق الفقرة التي وردت فيها، كما تقتضي ذلك قواعدُ تحليل الخطاب، فسيكون لتلك العبارة معنى آخر وغاية أخرى ربما لا تروق المرحبّين بها، الذين رأوا فيها اعترافا بالتاريخ الأمازيغي للدولة المغربية. لنقرأ الفقرة حتى يمكننا فهم كلماتها وعباراتها، في ارتباط بعضها بالبعض الآخر: «فالمغرب مستهدف، لأنه دولة عريقة، تمتد لأكثر من إثني عشر قرنا، فضلا عن تاريخها الأمازيغي الطويل...». ماذا نلاحظ، وماذا نفهم، وماذا نستنتج؟

ـ الاعتراف بالتاريخ الأمازيغي الطويل للدولة المغربية ليس شيئا جديدا، ولا حتى ببالغ الأهمية. لماذا؟ لأن حتى أعتى الأمازيغوفوبيين، الرافضين للأمازيغية والمحاربين لها، يعترفون أن المغرب كان في تاريخه القديم أمازيغيا. والدليل على ذلك أن واضعي المقررات الدراسية للتاريخ لما بعيد الاستقلال، وقد كانوا من جهابذة الأمازيغوفوبيا لأنهم كانوا من رجال "الحركة الوطنية" أو من تلاميذها، اعترفوا في دروس التاريخ التي قرّروها أن "البربر هم سكان المغرب الأولون"، كما يعرف الجميع. وبالتالي فإن تاريخهم لا يمكن أن يكون إلا تاريخا "للبربر". أَلْفِتُ النظر، هنا، إلى أن مناقشة عبارة "تاريخها الأمازيغي الطويل" ليست ردّا على الخطاب الملكي الذي تضمّنها، بل ردّا على بعض المحسوبين على الأمازيغية الذين رأوا في تلك العبارة "فتحا" مهما للأمازيغية.   

ـ إلا أن ما يحدّد معنى ومقصد هذه العبارة ـ تاريخها الأمازيغي الطويل ـ، ليس هي نفسها بل ما قبلها، أي: "تمتدّ لأكثر من اثني عشر قرنا". فالتاريخ الأمازيغي للدولة المغربية، إذا كان طويلا، فذلك لما قبل اثني عشر قرنا. ولهذا جاءت عبارة "تاريخها الأمازيغي الطويل" مفصولة عما سبقها، تمييزا لهذا التاريخ الأمازيغي عن التاريخ الذي يبدأ منذ اثني عشر قرنا، مع استعمال لفظ "فضلا"، الذي يفيد إضافة تاريخ الاثني عشر قرنا إلى تاريخ آخر مختلف، وهو التاريخ الأمازيغي. وهو ما يُفهم منه أن التاريخ الأمازيغي الطويل ليست له استمرارية في الحاضر، بل توقّف منذ أزيد من اثني عشر قرنا، ليبدأ تاريخ آخر غير أمازيغي. ولهذا لو جاء في النص، وبلا ذكر "لاثني عشر قرنا"، أن "المغرب دولة عريقة بتاريخها الطويل"، ودون حتى ذكر لفظ "أمازيغي"، لكان ذلك أفضل للأمازيغية من النص الحالي الذي يذكر التاريخ الأمازيغي، لكن كتاريخ مستقل وسابق عن تاريخ ما قبل اثني عشر قرنا.

ـ فمصدر المشكل إذن في هذه الفقرة، التي تتضمن عبارة "التاريخ الأمازيغي"، هو عبارة "اثني عشر قرنا" التي سبقتها. لماذا؟ لأن القول بأن دولة المغرب تمتد لأكثر من اثني عشر قرنا، وليس عشرة أو عشرين أو ثلاثين...، يعني في الوعي الشعبي والثقافي، وحتى الأكاديمي، وكنتيجة للتعريب الماسخ للتاريخ والمزوّر لحقائق الماضي، شيئا واحدا، وهو أن الدولة المغربية الحالية هي امتداد لتلك الدولة التي أسّسها إدريس الأول، العربي ذو النسب الشريف، كما يكرّر ذلك التاريخ الرسمي الأسطوري. وإذا كانت هذه الدولة المغربية الحالية امتدادا للدولة التي تأسست منذ ما يزيد عن اثني عشر قرنا، أي التي أقامها إدريس الأول العربي "الشريف"، كما تقول الأسطورة الرسمية، فمعنى ذلك أنها دولة عربية وليست أمازيغية. وفي هذا إقصاء واضح للأمازيغية، سياسيا وهوياتيا وتاريخا (ما قبل اثني عشر قرنا).

ـ بعد أن فهمنا ما تعنيه عبارة "الاثني عشر قرنا"، على مستوى هوية الدولة وانتمائها وتاريخها، يسهل علينا أن نفهم لماذا استعمل الخطاب عبارة "اتحاد المغرب العربي"، ولو مرة واحدة. فأن يكون هذا المغرب "عربيا"، فذلك ما ينسجم إذن تماما مع تاريخ المنطقة وانتمائها الهوياتي منذ "الاثني عشر قرنا".

ـ نعم، صحيح أن دخول الإسلام إلى الربوع الأمازيغية دشّن لمرحلة جديدة من تاريخ المغرب. وهو ما كان يجب أن تعتبر معه الدولة الإدريسية ـ إذا كان لا بد من استعمال هذه التسمية ـ أول دولة أمازيغية إسلامية بالمغرب. وهنا يكون التذكير بامتداد الدولة المغربية إلى أزيد من اثني عشر قرنا، يعني تلك الدولةَ الأمازيغيةَ في هويتها والإسلامية في ديانتها، وليس الدولة العربية القائمة على خرافة "النسب الشريف"، والتي جعل منها التاريخ الأسطوري والخرافي والعنصري شبه حقيقة بديهية لا تُناقش.

ـ فما يُفهم ويُستنتَج إذن من هذا الاعتراف بالتاريخ الأمازيغي، بالصيغة التي تفصله عن تاريخ المغرب لفترة الاثني عشر قرنا الأخيرة كما شرحنا، هو أنه اعتراف بالوجود الأمازيغي في الماضي، دون أن يعني ذلك اعترافا بهذا الوجود في الحاضر. لكن مشكلة الأمازيغية هي مشكلة واقعها الراهن، وليس ماضيها، سواء كان هذا الماضي زاهرا أو متخلّفا. فالاعتراف الذي تحتاجه الأمازيغية هو استعمالها الكتابي كلغة للدولة ومؤسساتها، مع ما يشترطه ذلك من تدريسها الإجباري والموحّد، الجدي والحقيقي، إعمالا للتفعيل الجدّي والحقيقي أيضا، وليس الشكلي والرمزي، لطابعها الرسمي. هذا هو الحلّ الوحيد الذي يضمن إعادة إنتاجها المدرسي والكتابي، والتي (إعادة) هي وحدها الشرط الواقف لإنقاذها من الموت الذي يتهدّدها.

جميع النشطاء المدافعين عن الأمازيغية واعون بأنها قضية سياسية ويحتاج إنصافها إلى قرارا سياسي، كما يدلّ على ذلك أن كل المكاسب التي حصلت عليها، في إطار "السياسة البربرية الجديدة"، كانت بقرارات سياسية. ومن هنا يدعو العديد من هؤلاء النشطاء نظراءَهم إلى المشاركة السياسية للمساهمة في صنع قرارات لصالح الأمازيغية قصد التفعيل الحقيقي لطابعها الرسمي، والعمل على تنميتها ورد الاعتبار لها، لغة وثقافة وهوية وتاريخا. إذا كان هذا صحيحا، وهو كذلك، إلا أن تأثير مثل هذه القرارات التي قد تنتج عن هذه المشاركة، سيكون مقصورا على مجال "السياسة الصغرى" ولا يمسّ مجال "السياسة الكبرى" المحفوظ للقصر (انظر موضوع: "السياسة الصغرى لإحباط تعريب الأمازيغية بعد التخلّي عن مخزنتها" بالنقر هنا).

ومعروف أن القرارات الاستراتيجية تصنعها بالمغرب "السياسة الكبرى"، أي تصنعها المؤسسة الملكية، مع ما تضمّه من مستشاري الملك ومساعديه الاقربين. وإذا عرفنا أن الأمازيغية لا وجود لها ضمن هؤلاء المستشارين والمساعدين الأقربين، ليس بمعنى المنتمين إلى الأمازيغية والناطقين بها، بل بمعنى المقتنعين بأن المغرب دولة أمازيغية في هويتها، سنفهم لماذا فصل الخطاب الملكي بين مرحلتين من تاريخ الدولة المغربية: تاريخ أمازيغي طويل لما قبل اثني عشر قرنا، وتاريخ يبدأ منذ هذه الاثني عشر قرنا، حسب ما سبق شرحه. فهذا الاعتراف المحدود بالتاريخ الأمازيغي ينسجم مع "السياسة البربرية الجديدة"، التي تعترف بالأمازيغية في الحدود التي لا تمسّ "الثوابت العروبية" للدولة المغربية. ومعلوم أن مما يندرج ضمن هذه الثوابت الاعتقاد الراسخ أن هذه الدولة نشأت على يد إدريس الأول، العربي ذي النسب الشريف، منذ أزيد من اثني عشر قرنا.

 ومما لا شك فيه أن هذا الاعتراف المحدود بالتاريخ الأمازيغي ليس قناعة شخصية للملك، وإنما هو قناعة للذين ساهموا في تحرير الخطاب من مساعديه الأقربين. ولهذا فإن غياب الأمازيغية، بالشكل الذي أوضحته، من المحيط الملكي حيث تُصنع القرارات الاستراتيجية، مثل تلك المتصلة بالثوابت الإيديولوجية للدولة، يجعلها تعيش إقصاء سياسيا حقيقيا كيتيمة ليس لها من يدافع عنها ويدعمها من أصحاب القرارات النافذة، وخصوصا بعد أن نقل دستور 2011 ملفَّها من الاختصاص الملكي كشأن سيادي إلى اختصاص الحكومة والبرلمان كشأن عاديٍّ، يخضع للمزايدات السياسية، وتتحكّم فيه حساباتُ الربح والخسارة الانتخابيةُ، وتتقاذفه الصراعات الحزبية والأهواء الإيديولوجية.

ورغم ذلك يبقى وصول المدافعين عن الأمازيغية إلى مناصب القرار المحلي والجهوي والتشريعي والحكومي، لمجال "السياسة الصغرى" عبر المشاركة السياسية، فرصة لإصدار قوانين داعمة للأمازيغية. وقد يؤدّي ذلك مستقبلا، إذا تغيّرت، نتيجة لنفس المشاركة السياسية للمناصرين للأمازيغية، موازين القوى السياسية لصالح الأمازيغية، (يؤدّي) إلى أن يكون لها حضور داخل مجال "السياسة الكبرى"، وخصوصا أن الأمازيغية، كما هو معلوم، لا تهدّد سلطة القصر ولا تعمل على إضعافها ولا تشكّل أدنى خطر عليها. ولهذا فإن القصر لن يمانع في أن يكون المغرب مملكة أمازيغية بتاريخ كله أمازيغي، ما دام أن ذلك لن يمسّ بأسس نظام الحكم بالمغرب ولا بسلطات الملك كرئيس للدولة وممثلها الأسمى ورمز وحدة الأمة وضامن دوام الدولة واستمرارها (الفصل 42 من الدستور).

Copyright 2002 Tawiza. All rights reserved.

Free Web Hosting