Amezwaru

(Page d'accueil)

 

مقالات  

 

المعنى الجديد لشعار: إفريقيا للأفارقة

عندما يشكّل التعريب خطرا على مصالح المغرب

الهويات المقتولة

الفرنسية كناشر للعروبة ومناهضة للأمازيغية

مأزق الأمازيغية

لماذا لا يمكن للإسلام السياسي أن ينجح بالمغرب

هل تراجع إسلام المغاربة بإسقاطهم للحزب الإسلامي؟

الأمازيغية في خطاب 20 غشت 2021

من المخاطب بدسترة الأمازيغية؟

هل يكفي قانون 55.19 لتحسين أداء الإدارة؟

الوحدة في التنوع أم التنوع في الوحدة؟

خدعة مفهوم "المشترك"

المخيال العروبي والأمازيغوفوبي

بين تامازيغت وتامغرابيت

ومتى التطبيع الكامل مع الأمازيغية؟

في تعلّة أن الأمازيغية غير نافعة

ماذا ستستفيد الأمازيغية من تطبيع المغرب مع إسرائيل؟

الوظيفة التعريبية لفلسطين بالمغرب

أحرضان، أحد آخر الرجال الأحرار

انتصار التطبيع على "التضبيع"

حزب بمرجعية أمازيغية أم دولة بذات المرجعية؟

دعوى غياب العلمي وطغيان الإيديولوجي في الخطاب الأمازيغي

عندما كنت رجعيا وفخورا برجعيتي

كيف يصنع الجهل المقدس التطرف الإسلامي

مناوأة الأمازيغية بين الفعل والامتناع عن الفعل

حول الأخوة المزعومة بين الأمازيغ والعرب

هل هي بداية نهاية الاختلاق والتزوير؟

رواية ضفائر في النافذة وبصمة همنجواي

السياسة الصغرى لإحباط تعريب الأمازيغية بعد التخلي عن مخزنتها

التراجع حتى عن الترسيم الرمزي للأمازيغية

هل يفيد الحجر الصحي في تخيف الحجر على الأمازيغية؟

من أكسيل إلى الزفزافي

عندما يتحول الأمازيغ إلى برابرة يعادون أمازيغيتهم

في تعلة إقصاء الأمازيغية من مشروع البطاقة الوطنية

الدكتور الكنبوري وعقدة الأمازيغية

خرافة الملكية البرلمانية بالمغرب

وهل هناك فرق بين تسمية المغرب بالعربي وشوارعه بالدهلوس؟

هل يتجه المغرب إلى شرعنة الرقابة الشاملة؟

"كورونا" يعيد طرح طبيعة العلاقة بين العلم والدين عند المسلمين

"حراك الريف" بين العنف الأمني والقضائي والحقوقي

البعد الهوياتي في التنمية

لماذا يخاف المغاربة من أمازيغيتهم؟

لماذا تحقَّقت تكهنات ماركس حول ديكتاتورية البروليتاريا؟

غياب الدولة عند الأمازيغ وأثره على اللغة والهوية

الخذلان الأبدي لليسار المغربي

الحاجة إلى أمثال رشيد أيلال

لا جدوى من وقف التعريب اللغوي بدون وقف التعريب الهوياتي

هل كان الأمازيغ من السباقين إلى إلغاء عقوبة الإعدام وممارسة العلمانية؟

التعريب كخدعة للحفاظ على الامتيازات الطبقية

قانون تنظيمي لإعدام ترسيم الأمازيغية

من أجل تصحيح العلاقة بين الأمازيغية والإسلام والدارجة

اللغة العربية في كتاب "من أجل ثورة ثقافية بالمغرب"

الأمازيغية في كتاب "من أجل ثورة ثقافية بالمغرب"

آفة الفرانكوفونيين في كتاب: من أجل ثورة ثقافية بالمغرب

لماذا سيفشل النموذج التنموي الجديد؟

الدارجة بين الجهل المقدس ودعاوى الأكاديميين

إذا كانت العربية لغة القرآن فلماذا تفرضون استعمالها خارج القرآن؟

لم التدريس بالعربية؟

مدافع شرس عن العربية يعترف أنها لغة جامدة

ما دلالة رفض البغرير المعروف وقبول السؤدد المجهول؟

الأمازيغ، أحرار أم مغلوبون وتابعون؟

الأمازيغية والعنصرية العادية

لماذا لم تنجح تجربة العدالة الانتقالية في المغرب؟

هل يستقيم استقلال القضاء مع غياب فصل حقيقيي بين السلط؟

أحكام ظالمة مبنية على تهم استعمارية

لماذا لا أكتب بالأمازيغية ويكتب السيد حميش بالعربية؟

الأمازيغية والاستعمار أم العروبة والاستعمار؟

بدل مخزنة الأمازيغية ينبغي تمزيغ المخزن

محمد مونيب ونهاية أسطورة الظهير البربري

إذا لم يكن المالطيون عربا، فلماذا سيكون المغاربة عربا؟

فيروس التعريب

عندما يكون استقلال القضاء خطرا على العدالة

حراك الريف وتصحيح مفهوم الوطنية

مفهوم الهوية الجماعية وتطبيقاته على حالة المغرب

المشعل والمصباح

لماذا سبقتنا الجزائر إلى إقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية؟

قاموس الدارجة أو تصعيب الدارجة من أجل تفصيحها

بين إنكار أحاديث البخاري وإنكار وجود المسيح

شعب الدولة أم دولة الشعب؟

خطأ الاستهانة بفاجعة طحن محسن فكري وتداعياته

الاستثناء المغربي الحقيقي

بين قمع الكاطالانيين وقمع الريفيين

حراك الريف وميلاد "الهومو ـ زفزاف" المغربي

عندما يُستعمل القضاء للقضاء على العدالة

خرافة "المحاكمة العادلة" لمعتقلي حراك الريف

خرافة وحقيقة "أن التحقيق سيذهب بعيدا"

الأمازيغية والمثقفون المغاربة

هل نفّذ الزفزافي تهديده بالتسبّب في سعار المخزن؟

من يحكم المغرب؟

ناصر الزفزافي أو بروميثيوس المغرب

المخزن يعود عاريا بعد أن مزق حراك الريف أقنعته

لماذا أرفع الراية الأمازيغية وراية الريف ولا أرفع الراية المغربية؟

حكومة العثماني وفرصة الوحدة السياسية بين الأمازيغية والإسلام

كتاب إمازيغن وحتمية التحرر

تظاهرة الناظور وغباء السلطة الذي لا حدود له

نبوءة مولييراس بخصوص تعريب المغرب في القرن العشرين

اغتيال محسن فكري وفرصة التحرر من فوبيا السلطة

مشروع القانون التنظيمي لمنع ترسيم الأمازيغية

متى يكتشف المغاربة لغتهم الدارجة؟

قضية حميد أعطوش: من الاعتقال الجائر إلى الإفراج الماكر

أعطوش وأوساي: لغز الإدانة رغم أدلة البراءة

من أجل علمانية إسلامية

أربعينية إزم: الرسالة والدلالة

المايسترو أو النجم إذا سطع وارتفع

معاشات الوزراء والبرلمانيين

زلزال خطْب الجمعة بمسجد حمزة بسلا

اقتراحات بخصوص القانون التنظيمي للأمازيغية

مطالب الشعب المغربي لـ1934 وميلاد الوعي الوطني الزائف

أي تصور وأية مقاربة لتدريس أمازيغية موحدة ومشتركة؟

هل مساندة المغرب للقبايل اعتراف ضمني أنه بلد أمازيغي؟

الدليل الإحصائي أن الناطقين بالدارجة هم أمازيغيون

ميمون أمسبريذ، ذلك الكاتب الأمازيغي المجهول

التعريب نجح أولا بالفرنسية قبل العربية

متى ينتقل المغرب من السياسة البربرية إلى السياسة الأمازيغية؟

يوطوبيا التعريبيين في المغرب

لماذا لا يجوز تصنيف الأمازيغيين ضمن الشعوب الأصلية؟

نعم لاستفتاء شعبي حول العربية والأمازيغية

الأستاذ حميش والبوصلة التي لا تتحرك إلا في اتجاه المشرق

عبد الله حمودي والفهم العامي للهوية

ولماذا تتركون برنامج الله وتطبقون برنامج إبليس؟

مأزق المتحولين الجنسيين في المغرب

لماذا ليست العربية ضرورية لكفاءة المسؤولين الحكوميين؟

في دحض خرافة الوظيفة التوحيدية للعربية

الداعشية اللغوية

في دحض خرافة "اختيار" الأمازيغيين الطوعي للعربية

في دحض خرافة "الانصهار" بين العرب والأمازيغ

المتحولون الجنسيون في المغرب

المطالب الأمازيغية بين ردّ الفعل وغياب الفعل

من أجل إستراتيجية جديدة لاسترداد الهوية الأمازيغية للدولة المغربية

في الإقصاء السياسي للأمازيغية

L'Afrique absente du Maroc africain

جاهلية القرن الواحد والعشرين

توفيق بوعشرين يستعيذ باللطيف ضد الأمازيغية من جديد

الأمازيغية والعربية في إحصاء 2014

دولة النوم

النزعة الأمازيغوفوبية: نشأتها وتطورها

نعم "للمقاربة الإسلامية"، لكن بدون مضامين وأهداف تعريبية

الأمازيغية المنبوذة في كتاب "الأمير المنبوذ"

معاناة الإسلام من العروبة العرقية

خطْب الجمعة مرة أخرى

لماذا لا يريد التعريبيون الخير للمغرب؟

الأمازيغية والمرأة، ضحيتان لتمييز واحد

من هم الناطقون بالدارجة في المغرب؟

"التضبيع" في تجريم "التطبيع"

هل هو موقف جديد لحزب الاستقلال من الأمازيغية؟

بين ديودوني الفرنسي والمقرئ أبوزيد المغربي

عبقرية اللغة الأمازيغية وسر صمودها

المقرئ الإدريسي أبوزيد أو الأمازيغوفوبيا بلا حدود

الرسام الأمازيغي موحند سعيدي يغادرنا إلى الأبد

فرنسا تواصل سياسة التعريب

الدارجة ولاتاريخانية الأستاذ العروي

لمَ الخوف من الدارجة المغربية؟

متى يعترف المغرب بالفرنسية كلغة رسمية؟

حزب العدالة والتنمية، هبة من السماء للنظام المخزني

رفقا باللغة العربية أيها التعريبيون

المجانية والتعريب أو آلة تدمير التعليم العمومي بالمغرب

خطْب الجمعة

وما هو الحل لإصلاح التعليم بالمغرب؟

لماذا وصف مصري مساند للإخوان المغاربة باللقطاء؟

لماذا سكت رجال الدين عن مسألة العفو عن مغتصب الأطفال؟

"النسب الشرف" أو عندما يصبح الميز العنصري من الثوابت

طارق بن زياد، الأسطورة المقدسة

قداسة الشيخ الكتاني

العقل في تدبير التعدد اللغوي والثقافي في المغرب

ما تفتقر إليه العربية هو استعمالها في الحياة

المغرب من أغنى بلدان العالم

الأسباب الحقيقية لضعف مستوى اللغة العربية عند التلاميذ

اللغة العربية أو المعشوقة التي لا يرغب عشاقها في الزواج منها

لأي شيء ينفع إقرار اللغة الأمازيغية بويندوز 8؟

التعريب والهوية بالمغرب

"الفانطاسمات" اللسنية حول الأمازيغية بالمغرب

عادة التهرب من المسؤولية بإلقاء اللوم على الجميع

الحركة الأمازيغية بالمغرب: عيون على المستقبل

الأساطير المؤسسة للعروبة العرقية بالمغرب

كلمة الختام

وزير العدل والحريات يجهل مفهوم المعتقل السياسي

الأمازيغية في عمق الصراع الإيقوني

منذ متى أصبح ربيع الشعوب يهدد الأوطان؟

مدينة إفران: من السياحة الطبيعية إلى السياحة الثقافية

الأمير والتاريخ المحاصر

جريدة تاويزا في حاجة إلى تاويزا

الممثل الناطق بالأمازيغية واّلإنتاج التلفزي

أيت وراين: أبطال سلكوا درب الحرية

 

 

 

 

 

المعنى الجديد لشعار: "إفريقيا للأفارقة"

 

بقلم: محمد بودهان

 

(08 ـ 01 ـ 2022)

مما يُنسب، وبإجماع الباحثين في التاريخ القديم لشمال إفريقيا، إلى الملك النوميدي الأمازيغي "ماسينيسا" (238 ق. م. – 148 ق. م) قولته الشهيرة: "إفريقيا للأفارقة". ومن المعلوم أن كلمة "إفريقيا" africa، قبل أن تكتسب معناها الحالي كاسم يُطلق على كل القارة الإفريقية، كانت في الأصل اسما يطلقه الرومان على منطقة شمال إفريقيا تحديدا، والتي كانت هي الجزء الوحيد المعروف من إفريقيا الحالية، مع استثناء مصر التي كانت لها تسميتها الخاصة المعروفة. وهي اسم مكوّن من كلمة "afri"، التي هي جمع لمفردة "afer"، ويعني في اللغة اللاتينية "الأفارقة"، أي المنتسبين إلى إفريقيا التي هي شمال إفريقيا الحالي. أما "ica" فهي لاحقة suffixe تدل في اللغة اللاتينية على الموطن والأصل الجغرافي. وهكذا تعني كلمة africa، في اللغة اللاتينية، موطن "afri" (www.grand-dictionnaire-latin.com).

كل مستعمل للأمازيغية وخبير بها يسهل عليه ملاحظة أن "afer" و"afri"، مصدري اسم "africa"، هما لفظان لا يمكن، بالنظر إلى مورفولوجيتهما وشكل نطقهما، أن يكونا إلا أمازيغيتين. ولهذا يؤكد معظم الباحثين، الذين تطرّقوا للموضوع، أن الأصل اللغوي للفظين هو، بلا شك، محلي، أي أمازيغي. وبناء على ذلك يعتقد بعض الدارسين أن "afri" قد تكون اسم قبيلة أمازيغية، في حين يرى آخرون أنها قد تعني ما لا تزال تعنيه اليوم، أي "المغارة"  (T.Kotula, J. Peyras et W.Vycichl, "Afri" et "Africa", "Encyclopédie Berbère", tome II, Edisud, 1985, pages:  208 – 217.).

الغرض من هذا الاستطراد حول أصل تسمية "إفريقيا"، هو تبيان أنها كانت تعني جغرافيا بلاد الأمازيغ (تامازغا)، أي شمال إفريقيا، وتعني، هوياتيا، الأمازيغ سكان هذه المنطقة الجغرافية الذين هم "afri" حسب ما شرحناه. وبالتالي فإن ما كان يقصده "ماسينيسا" بقولته: "إفريقيا للأفارقة"، هو تحرير بلاد الأمازيغ من الأجانب المحتلين لهذه البلاد.

وإذا كان هذا القائد النوميدي قد تحالف مع روما، فذلك لأنه كان يعرف، استنادا إلى خبرته العسكرية، أن مواجهة قوتيين استعماريتين اثنتين في نفس الوقت، وهما قرطاج وروما، هو عمل انتحاري متهوّر. ولهذا استفاد من تحالفه مع روما لاستعمالها في طرد القرطاجيين كعدو مشترك، ليتفرّغ بعد ذلك، وفي الوقت المناسب، لمواجهة عدو واحد وهو روما. فشعار: "إفريقيا للأفارقة" كان إذن دعوة إلى تحرير البلاد الأمازيغية، أي شمال إفريقيا، من كل الأجانب المحتلين لها، وخصوصا القرطاجيين والرومان، لتعود إلى حكم أصحابها الأمازيغ، أي الأفارقة، بالمعنى الذي أوضحناه.

فهل لا يزال لهذا الشعار، اليوم، نفس المعنى والغاية حتى يمكن رفعه للاستنهاض للمقاومة والكفاح من أجل طرد المستعمر خارج بلاد الأمازيغ، أي خارج إفريقيا، أو شمال إفريقيا، كما نسميها اليوم؟ نعم إذا كان هناك مستعمر أجنبي لا زال يحتل بلاد الأمازيغ، أي شمال إفريقيا، أو إفريقيا كما كان يسميها الرومان. فهل يوجد، اليوم، مستعمر يحتل أرض المغرب وشمال إفريقيا حتى نرفع شعار: "إفريقيا للأفارقة" كدعوة للمقاومة وتحرير البلاد الأمازيغية من هذا الاحتلال الأجنبي؟

إذا كان هذا المحتل يتمثّل في حضور مادي، عسكري وبشري ظاهر لمن هم أجانب عن البلاد الأمازيغية، كما كان في عهد "ماسينيسا" بالنسبة للرومان والقرطاجيين، فإن الدعوة إلى مقاومته برفع شعار: "إفريقيا للأفارقة" هي عمل وطني، واجب ومطلوب. وهو ما كان عليه الأمر مع الرومان والقرطاجيين، والوندال والبزنطيين، والعرب في عهد الأمويين، ثم الفرنسيين والإسبان والإيطاليين في القرنين التاسع عشر والعشرين. أما اليوم، بعد خروج آخر مستعمر من بلاد الأمازيغ، وهو فرنسا، فلم تعد هناك حاجة إلى الاستمرار في رفع شعار: "إفريقيا للأفارقة"، كمطلب بعودة بلاد الأمازيغ إلى أصحابها الأمازيغ.

لكن إذا لم يعدْ يوجد، اليوم، بالبلاد الأمازيغية حضور مادي للأجانب، كقوة عسكرية وبشرية استعمارية، فإن هناك حضورا من نوع آخر، غير مادي، للعنصر الأجنبي، ودون أن يتوفر على قوة عسكرية وبشرية ظاهرة كشاهد على الاحتلال واستعمار أرض الغير. يتمثّل هذا العنصر الأجنبي في وجود وعي زائف لدى جزء هام من المغاربة بأنهم ليسوا أمازيغيين، وإنما هم "برابرة"، أي أجانب هوياتيا عن الأمازيغيين الواعين بأنهم أمازيغيون، تبعا لهوية أرضهم الأمازيغية. هؤلاء المغاربة، الحاملين لهذا الوعي الزائف، يعتقدون إذن جازمين أن هويتهم ليست أمازيغية، بل هي عربية، أي أجنبية عن الهوية الأمازيغية الإفريقية، المحلية والحقيقية.

هؤلاء هم المحتلّون الجدد للمغرب وشمال إفريقيا. لكنهم لا يحتلون الأرض كما كان يفعل الرومان، أو العرب خلال الحكم الأموي، أو الفرنسيون في القرن العشرين، وإنما يحتلون الأذهان والوجدان، وهو أخطر من احتلال المَواطن والبلدان. فهؤلاء "المحتلون" هم في الحقيقة أمازيغيون، جنسا وانتماء وحتى عرقا، لكنهم وقعوا ضحية تعريب حوّلهم جنسيا (قوميا وهوياتيا) من أمازيغ حقيقيين إلى عرب مزوّرين. وليت الأمر وقف عند هذا التزوير للهوية والانتماء والجنس. وإنما الأخطر أن هذا التزوير جعل هؤلاء الأمازيغيين المستلبين يعتقدون، كعرب مزوّرين، أنهم استولوا على هذه الأرض الأمازيغية بالغزو والاحتلال، كما فعل الأوربيون عندما استولوا على أمريكا بالغزو والاحتلال. وهذه إحدى المفارقات العجيبة لسياسة التعريب الهوياتي والتحويل الجنسي الجماعي للأمازيغ: أمازيغ أصليون يعتقدون أنهم من أصول غير أمازيغية. وحتى يعطوا تفسيرا معقولا لوجودهم بالأرض الأمازيغية رغم أصولهم الأجنبية كما يعترفون، يدّعون، حسب ما خضعوا له من غسل تعريبي إيديولوجي لأدمغتهم، أن أجدادهم العرب، الذين هم أمازيغيون أصلا، احتلوا هذه الأرض التي لا زال حفدتهم مستمرّين في احتلالها. هكذا يؤدّي التزوير إلى مزيد من التزوير والاختلاق وقلب الحقائق.

إذا كان شعار "ماسينيسا" دعوة إلى طرد الأجانب المحتلين لأرض تامازغا، فهل سنواصل، كأمازيغيين حقيقيين وليس كعرب مزوّرين، تطبيق هذا الشعار والدعوة إلى طرد هؤلاء العرب المزوّرين بمبرّر أنهم محتلون، كما يعترفون بذلك، باعتبار هذه الدعوة واجبا وطنيا، كما سبق أن قلت، وخصوصا أن مشروعية هذا الطرد لا تسقط بالتقادم؟ فالمسلمون احتلوا إسبانيا لأزيد من ثمانية قرون، لكن طول هذه المدة لم تمنع الإسبانيين من طردهم من أرضهم. وعلى ذكر هذا الطرد للمسلمين من إسبانيا، يجدر التذكير أن هؤلاء عادوا، بعد جلائهم، إلى أرض أجدادهم بشمال إفريقيا، وخصوصا المغرب، أي عادوا من حيث جاؤوا. وإذا أمكن طرد العرب المزوّرين، باعتبارهم محتلين كما يعتقدون، فأين سيعودون بعد جلائهم من المغرب؟ المفترَض أنهم سيعودون إلى أرض أجدادهم العرب ببلدان الخليج، كما فعل مسلمو الأندلس الذين عادوا من حيث جاء أجدادهم. لكن إذا كان أمازيغيو شمال إفريقيا، وخصوصا المغرب، قد استقبلوا المرحّلين من الأندلس ورحّبوا بهم، فذلك لأنهم يعرفون أن هذه الأرض الأمازيغية هي أرض أجدادهم التي منها هاجروا إلى الأندلس منذ قرون. فهؤلاء المطرودون من الأندلس لم يكونوا إذن أجانب عادوا إلى أرض أجنبية، بل كانوا حفدة للأمازيغيين فعادوا إلى أرض أجدادهم الأمازيغيين. أما حالة العرب المزوّرين، فأمرهم يختلف. فلا أحد من العرب الحقيقيين بالبلدان العربية الحقيقية يرغب في الترحيب بهم واستقبالهم لأنه لا يعترف بهم، باعتبارهم عربا مزوّرين ومنتحلين للصفة، كعرب حقيقيين هاجروا من بلادهم العربية منذ قرون ليعودوا اليوم إلى الأرض العربية لأجدادهم العرب، كما حدث مع المطرودين من الأندلس.

لقد شرحنا أن الاحتلال المرتبط بالعرب المزوّرين هو احتلال غير مادي، وبلا قوة عسكرية وبشرية استعمارية، لأنه عبارة عن وعي زائف لدى الأمازيغ المعرّبين والمتحوّلين الذين يعتقدون أنهم عرب وليسوا أمازيغيين. وبالتالي فإن مقاومة هذا الاحتلال، إعمالا لشعار "إفريقيا للأفارقة"، ينبغي أن تكون مناسِبة لنوع الاحتلال، أي أن تكون مقاومة غير مادية ترمي إلى محاربة الوعي الهوياتي الزائف الذي يحمله العرب المزوّرون، دفاعا، أولا، عن كرامتهم التي فقدوها يوم فقدوا هويتهم الأمازيغية عندما رضوا بالخضوع لنظام الكفيل الهوياتي والتبعية للعروبة رغم رفضها انتماءهم إليها؛ و دفاعا، ثانيا، عنهم كضحايا إيديولوجية تعريبية، عنصرية ومقيتة؛ ودفاعا، ثالثا، عن أمازيغيتهم التي يتنكّرون لها؛ ودفاعا، رابعا، عن الحقيقة، بالكشف عن حجم التزوير الذي كان ضحيته هؤلاء الأمازيغ المغرّر بهم، والذين تحوّلوا، نتيجة لهذا التغرير، إلى عرب مزوّرين، لا يعترف العرب الحقيقيون بعروبتهم المزوّرة. فما يجب إذن جلاؤه كغازٍ محتل هو هذا الوعي التعريبي المزوِّر للهوية الأمازيغية لهؤلاء الأمازيغ المغرّر بهم. أما العودة بعد الجلاء إلى أرض الأجداد، فتعني العودة إلى الأمازيغية والوعي الهوياتي بالانتماء الأمازيغي لجميع المغاربة كانتماء جماعي يحدده انتماؤهم إلى نفس الأرض الأمازيغية، كيفما كانت أصولهم العرقية، الحقيقية أو المفترضة.

وإذا كان هذا الوعي قد بدا ينتشر تدريجيا لدى المغاربة المستعربين، المغرّر بهم، كما قلت، إلا أن تدخل الدولة، بنهج سياسية تعبّر عن عودتها هي نفسها إلى هذا الوعي الهوياتي السليم كدولة أمازيغية، دائما بالمفهوم الترابي الموْطني وليس بالمفهوم العرقي، سيسرّع من انتشار هذا الوعي لدى المغاربة وعودة المغرّر بهم إلى أمازيغيتهم، يفخرون بالانتماء إليها كهويتهم الجماعية التي لا بديل لهم عنها.

الخلاصة أن شعار: "إفريقيا للأفارقة"، إذا كان يعني في عهد "ماسينيسا"، صاحب هذا الشعار، طردَ المحتل الأجنبي خارج شمال إفريقيا الأمازيغية، فإنه يعني، اليوم، طردَ الوعي الهوياتي الزائف والكاذب، الذي يحتلّ الأذهان والوجدان، وطردَ صانعه الذي هو التعريب السياسي والعرقي والهوياتي والإيديولوجي.

Copyright 2002 Tawiza. All rights reserved.

Free Web Hosting