Amezwaru

(Page d'accueil)

 

مقالات  

 

هل يفيد الحجر الصحي في تخيف الحجر على الأمازيغية؟

من أكسيل إلى الزفزافي

عندما يتحول الأمازيغ إلى برابرة يعادون أمازيغيتهم

في تعلة إقصاء الأمازيغية من مشروع البطاقة الوطنية

الدكتور الكنبوري وعقدة الأمازيغية

خرافة الملكية البرلمانية بالمغرب

وهل هناك فرق بين تسمية المغرب بالعربي وشوارعه بالدهلوس؟

هل يتجه المغرب إلى شرعنة الرقابة الشاملة؟

"كورونا" يعيد طرح طبيعة العلاقة بين العلم والدين عند المسلمين

"حراك الريف" بين العنف الأمني والقضائي والحقوقي

البعد الهوياتي في التنمية

لماذا يخاف المغاربة من أمازيغيتهم؟

لماذا تحقَّقت تكهنات ماركس حول ديكتاتورية البروليتاريا؟

غياب الدولة عند الأمازيغ وأثره على اللغة والهوية

الخذلان الأبدي لليسار المغربي

الحاجة إلى أمثال رشيد أيلال

لا جدوى من وقف التعريب اللغوي بدون وقف التعريب الهوياتي

هل كان الأمازيغ من السباقين إلى إلغاء عقوبة الإعدام وممارسة العلمانية؟

التعريب كخدعة للحفاظ على الامتيازات الطبقية

قانون تنظيمي لإعدام ترسيم الأمازيغية

من أجل تصحيح العلاقة بين الأمازيغية والإسلام والدارجة

اللغة العربية في كتاب "من أجل ثورة ثقافية بالمغرب"

الأمازيغية في كتاب "من أجل ثورة ثقافية بالمغرب"

آفة الفرانكوفونيين في كتاب: من أجل ثورة ثقافية بالمغرب

لماذا سيفشل النموذج التنموي الجديد؟

الدارجة بين الجهل المقدس ودعاوى الأكاديميين

إذا كانت العربية لغة القرآن فلماذا تفرضون استعمالها خارج القرآن؟

لم التدريس بالعربية؟

مدافع شرش عن العربية يعترف أنها لغة جامدة

ما دلالة رفض البغرير المعروف وقبول السؤدد المجهول؟

الأمازيغ، أحرار أم مغلوبون وتابعون؟

الأمازيغية والعنصرية العادية

لماذا لم تنجح تجربة العدالة الانتقالية في المغرب؟

هل يستقيم استقلال القضاء مع غياب فصل حقيقيي بين السلط؟

أحكام ظالمة مبنية على تهم استعمارية

لماذا لا أكتب بالأمازيغية ويكتب السيد حميش بالعربية؟

الأمازيغية والاستعمار أم العروبة والاستعمار؟

بدل مخزنة الأمازيغية ينبغي تمزيغ المخزن

محمد مونيب ونهاية أسطورة الظهير البربري

إذا لم يكن المالطيون عربا، فلماذا سيكون المغاربة عربا؟

فيروس التعريب

عندما يكون استقلال القضاء خطرا على العدالة

حراك الريف وتصحيح مفهوم الوطنية

مفهوم الهوية الجماعية وتطبيقاته على حالة المغرب

المشعل والمصباح

لماذا سبقتنا الجزائر إلى إقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية؟

قاموس الدارجة أو تصعيب الدارجة من أجل تفصيحها

بين إنكار أحاديث البخاري وإنكار وجود المسيح

شعب الدولة أم دولة الشعب؟

خطأ الاستهانة بفاجعة طحن محسن فكري وتداعياته

الاستثناء المغربي الحقيقي

بين قمع الكاطالانيين وقمع الريفيين

حراك الريف وميلاد "الهومو ـ زفزاف" المغربي

عندما يُستعمل القضاء للقضاء على العدالة

خرافة "المحاكمة العادلة" لمعتقلي حراك الريف

خرافة وحقيقة "أن التحقيق سيذهب بعيدا"

الأمازيغية والمثقفون المغاربة

هل نفّذ الزفزافي تهديده بالتسبّب في سعار المخزن؟

من يحكم المغرب؟

ناصر الزفزافي أو بروميثيوس المغرب

المخزن يعود عاريا بعد أن مزق حراك الريف أقنعته

لماذا أرفع الراية الأمازيغية وراية الريف ولا أرفع الراية المغربية؟

حكومة العثماني وفرصة الوحدة السياسية بين الأمازيغية والإسلام

كتاب إمازيغن وحتمية التحرر

تظاهرة الناظور وغباء السلطة الذي لا حدود له

نبوءة مولييراس بخصوص تعريب المغرب في القرن العشرين

اغتيال محسن فكري وفرصة التحرر من فوبيا السلطة

مشروع القانون التنظيمي لمنع ترسيم الأمازيغية

متى يكتشف المغاربة لغتهم الدارجة؟

قضية حميد أعطوش: من الاعتقال الجائر إلى الإفراج الماكر

أعطوش وأوساي: لغز الإدانة رغم أدلة البراءة

من أجل علمانية إسلامية

أربعينية إزم: الرسالة والدلالة

المايسترو أو النجم إذا سطع وارتفع

معاشات الوزراء والبرلمانيين

زلزال خطْب الجمعة بمسجد حمزة بسلا

اقتراحات بخصوص القانون التنظيمي للأمازيغية

مطالب الشعب المغربي لـ1934 وميلاد الوعي الوطني الزائف

أي تصور وأية مقاربة لتدريس أمازيغية موحدة ومشتركة؟

هل مساندة المغرب للقبايل اعتراف ضمني أنه بلد أمازيغي؟

الدليل الإحصائي أن الناطقين بالدارجة هم أمازيغيون

ميمون أمسبريذ، ذلك الكاتب الأمازيغي المجهول

التعريب نجح أولا بالفرنسية قبل العربية

متى ينتقل المغرب من السياسة البربرية إلى السياسة الأمازيغية؟

يوطوبيا التعريبيين في المغرب

لماذا لا يجوز تصنيف الأمازيغيين ضمن الشعوب الأصلية؟

نعم لاستفتاء شعبي حول العربية والأمازيغية

الأستاذ حميش والبوصلة التي لا تتحرك إلا في اتجاه المشرق

عبد الله حمودي والفهم العامي للهوية

ولماذا تتركون برنامج الله وتطبقون برنامج إبليس؟

مأزق المتحولين الجنسيين في المغرب

لماذا ليست العربية ضرورية لكفاءة المسؤولين الحكوميين؟

في دحض خرافة الوظيفة التوحيدية للعربية

الداعشية اللغوية

في دحض خرافة "اختيار" الأمازيغيين الطوعي للعربية

في دحض خرافة "الانصهار" بين العرب والأمازيغ

المتحولون الجنسيون في المغرب

المطالب الأمازيغية بين ردّ الفعل وغياب الفعل

من أجل إستراتيجية جديدة لاسترداد الهوية الأمازيغية للدولة المغربية

في الإقصاء السياسي للأمازيغية

L'Afrique absente du Maroc africain

جاهلية القرن الواحد والعشرين

توفيق بوعشرين يستعيذ باللطيف ضد الأمازيغية من جديد

الأمازيغية والعربية في إحصاء 2014

دولة النوم

النزعة الأمازيغوفوبية: نشأتها وتطورها

نعم "للمقاربة الإسلامية"، لكن بدون مضامين وأهداف تعريبية

الأمازيغية المنبوذة في كتاب "الأمير المنبوذ"

معاناة الإسلام من العروبة العرقية

خطْب الجمعة مرة أخرى

لماذا لا يريد التعريبيون الخير للمغرب؟

الأمازيغية والمرأة، ضحيتان لتمييز واحد

من هم الناطقون بالدارجة في المغرب؟

"التضبيع" في تجريم "التطبيع"

هل هو موقف جديد لحزب الاستقلال من الأمازيغية؟

بين ديودوني الفرنسي والمقرئ أبوزيد المغربي

عبقرية اللغة الأمازيغية وسر صمودها

المقرئ الإدريسي أبوزيد أو الأمازيغوفوبيا بلا حدود

الرسام الأمازيغي موحند سعيدي يغادرنا إلى الأبد

فرنسا تواصل سياسة التعريب

الدارجة ولاتاريخانية الأستاذ العروي

لمَ الخوف من الدارجة المغربية؟

متى يعترف المغرب بالفرنسية كلغة رسمية؟

حزب العدالة والتنمية، هبة من السماء للنظام المخزني

رفقا باللغة العربية أيها التعريبيون

المجانية والتعريب أو آلة تدمير التعليم العمومي بالمغرب

خطْب الجمعة

وما هو الحل لإصلاح التعليم بالمغرب؟

لماذا وصف مصري مساند للإخوان المغاربة باللقطاء؟

لماذا سكت رجال الدين عن مسألة العفو عن مغتصب الأطفال؟

"النسب الشرف" أو عندما يصبح الميز العنصري من الثوابت

طارق بن زياد، الأسطورة المقدسة

قداسة الشيخ الكتاني

العقل في تدبير التعدد اللغوي والثقافي في المغرب

ما تفتقر إليه العربية هو استعمالها في الحياة

المغرب من أغنى بلدان العالم

الأسباب الحقيقية لضعف مستوى اللغة العربية عند التلاميذ

اللغة العربية أو المعشوقة التي لا يرغب عشاقها في الزواج منها

لأي شيء ينفع إقرار اللغة الأمازيغية بويندوز 8؟

التعريب والهوية بالمغرب

"الفانطاسمات" اللسنية حول الأمازيغية بالمغرب

عادة التهرب من المسؤولية بإلقاء اللوم على الجميع

الحركة الأمازيغية بالمغرب: عيون على المستقبل

الأساطير المؤسسة للعروبة العرقية بالمغرب

كلمة الختام

وزير العدل والحريات يجهل مفهوم المعتقل السياسي

الأمازيغية في عمق الصراع الإيقوني

منذ متى أصبح ربيع الشعوب يهدد الأوطان؟

مدينة إفران: من السياحة الطبيعية إلى السياحة الثقافية

الأمير والتاريخ المحاصر

جريدة تاويزا في حاجة إلى تاويزا

الممثل الناطق بالأمازيغية واّلإنتاج التلفزي

أيت وراين: أبطال سلكوا درب الحرية

 

 

 

 

هل يفيد الحِجر الصحّي

 

 في تخفيف الحِجر على الأمازيغية؟

 

بقلم: محمد بودهان

 

(11 ـ 07 ـ 2020)

عندما قال لي الدكتور حسن بنعقية، في دردشة هاتفية، إن هناك من يُفيده الحِجرُ الصحي، وإنه يعتبر الأمازيغية ضمن المستفيدين من فرض حالة الطوارئ الصحية، أدركت للتوّ مضمون الفكرة التي يرمي إليها، والتي ربطتها مباشرة بمقال سبق أن كتبه بعنوان:"vive l'analphabétisme"  (عاشت الأمية). لقد بدت لي الفكرة فرْضية تستحق التحليل والمناقشة. وذلك هو موضوع هذه الورقة.  

حتى نفهم فرْضية العلاقة السببية التي يمكن أن تقوم بين الحجر الصحّي وبين ما يمكن أن تربحه الأمازيغية من هذا الحِجر، يجدر التذكير أن هذه الأخيرة، وقبل أن يعرف المغاربة الحجر الصحّي الذي اضطر فيروس "كوفيد 19" المغربَ إلى فرضه منذ مارس 2020، سبق لها أن عرفت وعاشت، وخصوصا بعد الاستقلال، حِجرا قيّد حريتَها وحركتَها، تمثّل في حرمانها من ولوج المدرسة والإدارة والمحكمة والمسجد، ومن التنقّل بحرية داخل مؤسسات الدولة وفي الفضاءات العامة، مع إجبارها على احترام مسافة من التباعد تفصل بينها وبين هذه الفضاءات والمؤسسات والمرافق العمومية، وإلزامها بوضع كمامة لمنعها من الكلام. وهو ما نتج عنه تراجع في تداولها واستعمالها في التواصل، لأن فضاء هذا الاستعمال أصبح محدودا وضيّقا نتيجة إخضاعها للحِجر، ولمسافة التباعد التي تحظر عليها الاقتراب من هذا الفضاء، وبسبب الكمامة التي فُرضت عليها منعا لها من الكلام.

وإذا كانت العربية هي التي مُنحت لها، مقابل فرض الحِجر والكمامة ومسافة التباعد على الأمازيغية، الرخصةُ من قبل الدولة لولوج المدرسة والإدارة والمحكمة والمسجد، والتنقّل، بلا قيد ولا شرط، داخل مؤسسات الدولة، فلا يعني ذلك أنها، بسبب ما حظيت به من ترخيص وامتياز، هي التي كانت وراء تراجع استعمال الأمازيغية في التواصل على اعتبار أن جزءا من الفضاءات التي كانت تنشط فيها الأمازيغية تحوّلت إلى فضاء تُستعمل فيه العربية. هذا غير صحيح تماما. لماذا؟ لأن العربية منذ أن دخلت إلى المغرب وهي تشتغل ضمن مجالها الخاص بها، والذي هو مجال الاستعمال الكتابي وليس مجال التخاطب والتواصل الشفوي، وذلك راجع إلى فقدانها لوظيفة التخاطب في الحياة اليومية. ولهذا فهي لم توسّع مجال استعمالها على حساب مجال استعمال الأمازيغية، الذي تقلّص بفعل الحِجر المفروض عليها، مما كان سينتج عنه انتقال مجموعة من المغاربة من استعمال الأمازيغية إلى استعمال العربية. فهذا لم ولن يحصل أبدا لأنه لا يوجد مغربي واحد ـ ولا أي إنسان عربي حقيقي واحد ـ يستعمل العربية كلغة تواصل وتخاطب في الحياة اليومية. ولهذا فإن التعريب اللساني، المرتبط بالعربية المدرسية، لا علاقة له بتعريب اللسان الأمازيغي للمغاربة.

هذا التعريب اللساني للأمازيغيين هو ما ستقوم به، ليس العربية إذن كما قلت، وإنما الدارجة. وهذا شيء مفهوم وواضح إذا عرفنا أن هذه الدارجة أنتجها الأمازيغ ليتخلوا عن أمازيغيتهم، ويستعملوا بدلها الدارجة اعتقادا منهم أنها هي العربية التي تجعل منهم عربا، رغبة منهم في التحوّل الجنسي من جنسهم الأمازيغي الحقيقي والأصيل إلى جنس عربي زائف ومنتحَل. وهذا ما نتجت عنه علاقة طردية بين توسّع استعمال الدارجة وتراجع استعمال الأمازيغية. أما بعد الاستقلال، فإن فرض الحِجر على الأمازيغية، أي منعها من ولوج المدرسة والإدارة والمحكمة والمسجد، ومؤسسات الدولة والفضاءات العامة، جعل الدارجة تستأثر وحدها بهذه الأماكن والفضاءات، الشيء الذي أصبحت معه، عمليا، ودون أن ينص على ذلك دستور ولا قانون، هي اللغة الشفوية الرسمية للدولة، مع اقتصار رسمية العربية على ما هو كتابي فقط. وهذا ما مكّن الدارجة من الانتشار الواسع السريع، وأدّى، نتيجة لذلك، إلى تخلّي الناطقين بالأمازيغية، مُكرَهين، عن أمازيغيتهم واستعمال الدارجة بدلها، واضطرار حتى الذين لا يجيدون منهم الدارجة إلى تعلّمها لحاجتهم إليها باعتبارها اللغة الرسمية للتواصل الشفوي في إدارات الدولة ومؤسساتها وفي الفضاءات العامة، كما أشرت. وهو ما نجم عنه انحسار متزايد لرقعة استعمال الأمازيغية.

هكذا أضحت مؤسسات الدولة ومرافقها وإداراتها، والفضاءات العامة، عاملا فعّالا للحدّ من استعمال الأمازيغية، و"فرض" استعمال الدارجة بصفتها لغة شفوية رسمية للدولة، كما قلت. وهذا ما تكشف عنه المقارنة بين أرقام الإحصاء العام للسكان لـ2004 و2014، حيث تبيّن «أن عدد المتحدثين بالأمازيغية انخفض، ما بين 2004 و2014، بمقدار 440027 من المغاربة، الذين كان من المفترض أن يكونوا في عداد مستعملي الأمازيغية في 2014، لو بقيت نسبة المتحدثين بهذه اللغة قارة كما كانت في 2004. طبعا هذا العدد (440027) الذي خسرته الأمازيغية ربحته الدارجة، التي ازداد عدد الناطقين بها بـ440027 مستعملا جديدا لها» (انظر موضوع: "الدليل الإحصائي أن الناطقين بالدارجة هم أمازيغيون"، ضمن كتاب "في العربية والدارجة والتحوّل الجنسي الهوياتي").

لنفرض الآن أن إدارات الدولة ومدارسها ومحاكمها ومساجدها وكل مؤسساتها، وكذلك الفضاءات العامة، أي كل ما يشكّل "بؤرا" نشيطة لانتشار الدارجة ونقل "عدواها" إلى الناطقين بالأمازيغية، أُغلقت ومُنع السفر وأُوقفت الهجرة القروية، بسبب فرض الحِجر الصحّي، كما حصل ذلك طيلة ثلاثة أشهر كاملة منذ مارس 2020. فماذا ستكون النتيجة؟ سوف لن تجد الدارجة نفس الفرص للاستعمال والتوسّع والانتشار على حساب الأمازيغية، لأن الحِجر الصحّي يفرض عليها، هي أيضا، أن لا تلج المدرسة والمحكمة والإدارة والمسجد، وكل مؤسسات الدولة والفضاءات العامة بسبب إغلاق هذه المصالح والفضاءات، ووقف أنشطتها الإدارية والاقتصادية. وهو ما كانت تستأثر به لوحدها كلغة شفوية رسمية، كما أشرت، مع إقصاء الأمازيغية من نفس المؤسسات والفضاءات. وإذا كان انخفاض كثافة التواصل بالدارجة، طيلة مدّة الحِجر الصحّي، لن يجعل التواصل بالأمازيغية ينمو وينتشر، إلا أنه سيجعل عدد المتواصلين بها في استعمالهم الأسري اليومي قارا لا يتناقص ولا يتراجع، عكس ما يحصل في الظروف العادية التي تُستعمل فيها الدارجة، خارج أي حِجر صحّي، بكثافة كلغة شفوية رسمية داخل مؤسسات الدولة والفضاءات العامة، حيث يضطر الناطقون بالأمازيغية إلى استعمال الدارجة، مما يجعل العديد منهم يكتسبون عادة استعمالها حتى داخل أسرهم ومع أبنائهم، كما يفعل العديد من الموظّفين والأساتذة، وهو ما سيتناقص معه مستقبلا عدد مستعمليها حتى داخل هذه الأسر التي كانت لا تستعمل إلا الأمازيغية. يضاف إلى ذلك أن الحجر الصحّي يجعل التواصل، داخل الأسر الناطقة بالأمازيغية، كثيفا حيث إن بقاء الجميع بالمنزل، آباء وأمهات وأبناء، يكثّف من التواصل بالأمازيغية بين أفراد الأسرة، الذين ربما لم يكونوا يلتقون جميعهم إلا في أوقات قليلة يتحدّثون فيها بالأمازغية فيما بينهم، وذلك بسبب الخروج إلى الدراسة والعمل، والذي يعني، على هذا المستوى اللساني، الخروج من الأمازيغية والدخول إلى الدارجة.

ومدة ثلاثة أشهر من الحِجر الصحّي، كالتي عرفها المغرب من أواخر مارس 2020 حتى أواخر يونيو، لا تسمح لنا بإدراك أثرها الإيجابي على الأمازيغية، ولا باختبار صحة فرْضية هذا الأثر. ذلك أنه، بخصوص هذا المستوى اللغوي الذي نناقشه، لا يمكن أن تظهر نتائج مثل هذا الحِجر الصحّي لا بعد ثلاثة أشهر ولا بعد ثلاث سنوات... وإنما يحتاج ذلك إلى مدة أطول قد تفوق عشر سنوات على الأقل. والمثال على ذلك أنه لو كان هناك حِجر صحّي لعشر سنوات متتابعة ما بين 2004 و2014، لما خسرت الأمازيغية، خلال هذه الفترة حسب ما كشف عنه الإحصاء العام للسكان الذي أشرنا إليه، 440027 مستعملا لها تحوّلوا من ناطقين بالأمازيغية إلى ناطقين بالدارجة. هكذا يكون الحِجر الصحّي، عندما يُقرّر لمدة عشر سنوات أو أكثر (هذا مجرد افتراض للتوضيح ولا يعني أبدا أنه يمكن أن يتحقّق ويُطبّق)، ذا مفعول إيجابي على اللغة الأمازيغية، يظهر في تخفيف ـ أو حتى إلغاء ـ الحِجر المفروض عليها، والمساهمة بالتالي في الحفاظ على عدد الناطقين بها، ووقف عملية تناقصهم المطّرد، والتي تهدّد بموت الأمازيغية واختفائها.

واضح أن مدة من الحِجر الصحّي تقدّر بعشر سنوات أو أكثر، هي شيء خيالي لا يمكن أن يتحقّق ولا أن يُطبّق، كما أشرت. لكنها تبيّن أن الأمازيغية ستستفيد من مثل هذا الحِجر الافتراضي، بسبب كونها تعيش أصلا حِجرا متواصلا منذ الاستقلال، في الوقت الذي تتمتّع فيه الدارجة بحرية التنقّل والتجوال بدون قيود ولا شروط، وبدون أية مسافة من التباعد بينها وبين مؤسسات الدولة والفضاءات العامة، وبدون كمامة تعيقها عن الكلام بكل حرية وطلاقة. ولهذا عندما يُفرض الحِجر الصحّي تفقد الدارجة حرية تنقلها وتواجدها واستعمالها في إدارات الدولة ومؤسساتها، وفي الأسواق والفضاءات العامة، لأن هذه الأماكن تكون محظورة حسب قانون الطوارئ الصحية، وهو ما يجعل الأمازيغية تحافظ على وضعها مستقرّا ولا تتراجع بفعل استحواذ الدارجة على فرص الاستعمال في التواصل، التي كان من المفترض أن تستفيد منها الأمازيغية كذلك لولا حالة الحِجر اللغوي الذي فُرض عليها منذ الاستقلال.

الغاية من هذه الحالة الافتراضية ـ حتى لا أقول الخيالية ـ للحِجر الصحّي الذي يفيد الأمازيغية، هي إبرازُ الوضع المأساوي الذي تعيشه اللغة الأمازيغية: فلكي لا يتناقص عدد الناطقين بها، الأفيد لها أن يُفرض حِجر صحّي عام إلى أجل غير محدود، حتى يتساوى وضع الدارجة، التي ستتضرّر هي أيضا من الحِجر، حسب ما أوضحنا، مع وضع الأمازيغية التي كانت وحدها ضحيته. وهذا حلّ غير ممكن، بل هو خيالي، كما أشرت. فضلا على أنه يقوم على ما هو سلب ونفي، تماما مثل الأمية التي تحافظ على بقاء الأمازيغية، لكنها حل سلبي يقوم على انتفاء التعلّم، كما شرح ذلك الأستاذ حسن بنعقية في مقاله vive l'analphabétisme.

ما يفيد إذن الأمازيغية هو الحلول الإيجابية وليس السلبية. والحل الإيجابي ليس هو تقييد حرية الدارجة بمناسبة الحِجر الصحّي، حتى لا تستفيد بما يُمنع على الأمازيغية بسبب وضعها الحِجري الذي توجد فيه دائما، وإنما هو رفع الحِجر على الأمازيغية لتتنقّل بحرية داخل إدارات الدولة ومدارسها ومؤسساتها ومساجدها وفي الفضاءات العامة، مع إلغاء أي تباعد لساني يفصل بينها وبين هذه الأماكن والفضاءات، وإنهاء عهد فرض الكمامة عليها لمنعها من الكلام بحرية وطلاقة. هذا التحرير للأمازيغية برفع الحِجر عليها، يخصّ شق استعمالها الشفوي. وحتى تتنقّل بحرية كاملة، لا بد من رفع الحِجر عليها، كذلك، بخصوص استعمالها الكتابي كلغة رسمية للدولة، مع ما يشترطه ذلك من تعميم تدريسها الإجباري والموحّد. فإذا كان الاستعمال الشفوي كافيا للحفاظ على الدارجة لأسباب سياسية، وهي كونها بمثابة لغة شفوية رسمية للدولة كما قلت، فإن الاستعمال الشفوي للأمازيغية لا يكفي لحمايتها والحفاظ عليها، لأسباب سياسية، كذلك، وهي الحِجر السياسي عليها ومنعها من ولوج إدارات الدولة ومؤسساتها، كما سبق أن شرحت. ومن هنا ضرورة التدريس الإجباري والموحّد للأمازيغية لاستعمالها الكتابي، الضروري لحماية استعمالها الشفوي.

لكن هذا التدريس، مع ما يستدعيه من رفع للحِجر عليها، يتوقف على توفّر الإرادة السياسة لذلك. هذه الإرادة لا تزال غائبة. وهذا يبيّن أن الأمازيغية لا تعاني إلا من مشكل واحد ووحيد، أصلي ومرجعي، وهو غياب الإرادة السياسية للنهوض بها. وعنه تنبثق كل المشاكل الفرعية الأخرى، التي تخص اللغة والثقافة والهوية والتاريخ، وإدماجها في التعليم والإعلام والقضاء والإدارة...

 

 

 

 

 

 

Copyright 2002 Tawiza. All rights reserved.

Free Web Hosting