Amezwaru

(Page d'accueil)

 

مقالات  

 

خدعة مفهوم "المشترك"

المخيال العروبي والأمازيغوفوبي

بين تامازيغت وتامغرابيت

ومتى التطبيع الكامل مع الأمازيغية؟

في تعلّة أن الأمازيغية غير نافعة

ماذا ستستفيد الأمازيغية من تطبيع المغرب مع إسرائيل؟

الوظيفة التعريبية لفلسطين بالمغرب

أحرضان، أحد آخر الرجال الأحرار

انتصار التطبيع على "التضبيع"

حزب بمرجعية أمازيغية أم دولة بذات المرجعية؟

دعوى غياب العلمي وطغيان الإيديولوجي في الخطاب الأمازيغي

عندما كنت رجعيا وفخورا برجعيتي

كيف يصنع الجهل المقدس التطرف الإسلامي

مناوأة الأمازيغية بين الفعل والامتناع عن الفعل

حول الأخوة المزعومة بين الأمازيغ والعرب

هل هي بداية نهاية الاختلاق والتزوير؟

رواية ضفائر في النافذة وبصمة همنجواي

السياسة الصغرى لإحباط تعريب الأمازيغية بعد التخلي عن مخزنتها

التراجع حتى عن الترسيم الرمزي للأمازيغية

هل يفيد الحجر الصحي في تخيف الحجر على الأمازيغية؟

من أكسيل إلى الزفزافي

عندما يتحول الأمازيغ إلى برابرة يعادون أمازيغيتهم

في تعلة إقصاء الأمازيغية من مشروع البطاقة الوطنية

الدكتور الكنبوري وعقدة الأمازيغية

خرافة الملكية البرلمانية بالمغرب

وهل هناك فرق بين تسمية المغرب بالعربي وشوارعه بالدهلوس؟

هل يتجه المغرب إلى شرعنة الرقابة الشاملة؟

"كورونا" يعيد طرح طبيعة العلاقة بين العلم والدين عند المسلمين

"حراك الريف" بين العنف الأمني والقضائي والحقوقي

البعد الهوياتي في التنمية

لماذا يخاف المغاربة من أمازيغيتهم؟

لماذا تحقَّقت تكهنات ماركس حول ديكتاتورية البروليتاريا؟

غياب الدولة عند الأمازيغ وأثره على اللغة والهوية

الخذلان الأبدي لليسار المغربي

الحاجة إلى أمثال رشيد أيلال

لا جدوى من وقف التعريب اللغوي بدون وقف التعريب الهوياتي

هل كان الأمازيغ من السباقين إلى إلغاء عقوبة الإعدام وممارسة العلمانية؟

التعريب كخدعة للحفاظ على الامتيازات الطبقية

قانون تنظيمي لإعدام ترسيم الأمازيغية

من أجل تصحيح العلاقة بين الأمازيغية والإسلام والدارجة

اللغة العربية في كتاب "من أجل ثورة ثقافية بالمغرب"

الأمازيغية في كتاب "من أجل ثورة ثقافية بالمغرب"

آفة الفرانكوفونيين في كتاب: من أجل ثورة ثقافية بالمغرب

لماذا سيفشل النموذج التنموي الجديد؟

الدارجة بين الجهل المقدس ودعاوى الأكاديميين

إذا كانت العربية لغة القرآن فلماذا تفرضون استعمالها خارج القرآن؟

لم التدريس بالعربية؟

مدافع شرس عن العربية يعترف أنها لغة جامدة

ما دلالة رفض البغرير المعروف وقبول السؤدد المجهول؟

الأمازيغ، أحرار أم مغلوبون وتابعون؟

الأمازيغية والعنصرية العادية

لماذا لم تنجح تجربة العدالة الانتقالية في المغرب؟

هل يستقيم استقلال القضاء مع غياب فصل حقيقيي بين السلط؟

أحكام ظالمة مبنية على تهم استعمارية

لماذا لا أكتب بالأمازيغية ويكتب السيد حميش بالعربية؟

الأمازيغية والاستعمار أم العروبة والاستعمار؟

بدل مخزنة الأمازيغية ينبغي تمزيغ المخزن

محمد مونيب ونهاية أسطورة الظهير البربري

إذا لم يكن المالطيون عربا، فلماذا سيكون المغاربة عربا؟

فيروس التعريب

عندما يكون استقلال القضاء خطرا على العدالة

حراك الريف وتصحيح مفهوم الوطنية

مفهوم الهوية الجماعية وتطبيقاته على حالة المغرب

المشعل والمصباح

لماذا سبقتنا الجزائر إلى إقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية؟

قاموس الدارجة أو تصعيب الدارجة من أجل تفصيحها

بين إنكار أحاديث البخاري وإنكار وجود المسيح

شعب الدولة أم دولة الشعب؟

خطأ الاستهانة بفاجعة طحن محسن فكري وتداعياته

الاستثناء المغربي الحقيقي

بين قمع الكاطالانيين وقمع الريفيين

حراك الريف وميلاد "الهومو ـ زفزاف" المغربي

عندما يُستعمل القضاء للقضاء على العدالة

خرافة "المحاكمة العادلة" لمعتقلي حراك الريف

خرافة وحقيقة "أن التحقيق سيذهب بعيدا"

الأمازيغية والمثقفون المغاربة

هل نفّذ الزفزافي تهديده بالتسبّب في سعار المخزن؟

من يحكم المغرب؟

ناصر الزفزافي أو بروميثيوس المغرب

المخزن يعود عاريا بعد أن مزق حراك الريف أقنعته

لماذا أرفع الراية الأمازيغية وراية الريف ولا أرفع الراية المغربية؟

حكومة العثماني وفرصة الوحدة السياسية بين الأمازيغية والإسلام

كتاب إمازيغن وحتمية التحرر

تظاهرة الناظور وغباء السلطة الذي لا حدود له

نبوءة مولييراس بخصوص تعريب المغرب في القرن العشرين

اغتيال محسن فكري وفرصة التحرر من فوبيا السلطة

مشروع القانون التنظيمي لمنع ترسيم الأمازيغية

متى يكتشف المغاربة لغتهم الدارجة؟

قضية حميد أعطوش: من الاعتقال الجائر إلى الإفراج الماكر

أعطوش وأوساي: لغز الإدانة رغم أدلة البراءة

من أجل علمانية إسلامية

أربعينية إزم: الرسالة والدلالة

المايسترو أو النجم إذا سطع وارتفع

معاشات الوزراء والبرلمانيين

زلزال خطْب الجمعة بمسجد حمزة بسلا

اقتراحات بخصوص القانون التنظيمي للأمازيغية

مطالب الشعب المغربي لـ1934 وميلاد الوعي الوطني الزائف

أي تصور وأية مقاربة لتدريس أمازيغية موحدة ومشتركة؟

هل مساندة المغرب للقبايل اعتراف ضمني أنه بلد أمازيغي؟

الدليل الإحصائي أن الناطقين بالدارجة هم أمازيغيون

ميمون أمسبريذ، ذلك الكاتب الأمازيغي المجهول

التعريب نجح أولا بالفرنسية قبل العربية

متى ينتقل المغرب من السياسة البربرية إلى السياسة الأمازيغية؟

يوطوبيا التعريبيين في المغرب

لماذا لا يجوز تصنيف الأمازيغيين ضمن الشعوب الأصلية؟

نعم لاستفتاء شعبي حول العربية والأمازيغية

الأستاذ حميش والبوصلة التي لا تتحرك إلا في اتجاه المشرق

عبد الله حمودي والفهم العامي للهوية

ولماذا تتركون برنامج الله وتطبقون برنامج إبليس؟

مأزق المتحولين الجنسيين في المغرب

لماذا ليست العربية ضرورية لكفاءة المسؤولين الحكوميين؟

في دحض خرافة الوظيفة التوحيدية للعربية

الداعشية اللغوية

في دحض خرافة "اختيار" الأمازيغيين الطوعي للعربية

في دحض خرافة "الانصهار" بين العرب والأمازيغ

المتحولون الجنسيون في المغرب

المطالب الأمازيغية بين ردّ الفعل وغياب الفعل

من أجل إستراتيجية جديدة لاسترداد الهوية الأمازيغية للدولة المغربية

في الإقصاء السياسي للأمازيغية

L'Afrique absente du Maroc africain

جاهلية القرن الواحد والعشرين

توفيق بوعشرين يستعيذ باللطيف ضد الأمازيغية من جديد

الأمازيغية والعربية في إحصاء 2014

دولة النوم

النزعة الأمازيغوفوبية: نشأتها وتطورها

نعم "للمقاربة الإسلامية"، لكن بدون مضامين وأهداف تعريبية

الأمازيغية المنبوذة في كتاب "الأمير المنبوذ"

معاناة الإسلام من العروبة العرقية

خطْب الجمعة مرة أخرى

لماذا لا يريد التعريبيون الخير للمغرب؟

الأمازيغية والمرأة، ضحيتان لتمييز واحد

من هم الناطقون بالدارجة في المغرب؟

"التضبيع" في تجريم "التطبيع"

هل هو موقف جديد لحزب الاستقلال من الأمازيغية؟

بين ديودوني الفرنسي والمقرئ أبوزيد المغربي

عبقرية اللغة الأمازيغية وسر صمودها

المقرئ الإدريسي أبوزيد أو الأمازيغوفوبيا بلا حدود

الرسام الأمازيغي موحند سعيدي يغادرنا إلى الأبد

فرنسا تواصل سياسة التعريب

الدارجة ولاتاريخانية الأستاذ العروي

لمَ الخوف من الدارجة المغربية؟

متى يعترف المغرب بالفرنسية كلغة رسمية؟

حزب العدالة والتنمية، هبة من السماء للنظام المخزني

رفقا باللغة العربية أيها التعريبيون

المجانية والتعريب أو آلة تدمير التعليم العمومي بالمغرب

خطْب الجمعة

وما هو الحل لإصلاح التعليم بالمغرب؟

لماذا وصف مصري مساند للإخوان المغاربة باللقطاء؟

لماذا سكت رجال الدين عن مسألة العفو عن مغتصب الأطفال؟

"النسب الشرف" أو عندما يصبح الميز العنصري من الثوابت

طارق بن زياد، الأسطورة المقدسة

قداسة الشيخ الكتاني

العقل في تدبير التعدد اللغوي والثقافي في المغرب

ما تفتقر إليه العربية هو استعمالها في الحياة

المغرب من أغنى بلدان العالم

الأسباب الحقيقية لضعف مستوى اللغة العربية عند التلاميذ

اللغة العربية أو المعشوقة التي لا يرغب عشاقها في الزواج منها

لأي شيء ينفع إقرار اللغة الأمازيغية بويندوز 8؟

التعريب والهوية بالمغرب

"الفانطاسمات" اللسنية حول الأمازيغية بالمغرب

عادة التهرب من المسؤولية بإلقاء اللوم على الجميع

الحركة الأمازيغية بالمغرب: عيون على المستقبل

الأساطير المؤسسة للعروبة العرقية بالمغرب

كلمة الختام

وزير العدل والحريات يجهل مفهوم المعتقل السياسي

الأمازيغية في عمق الصراع الإيقوني

منذ متى أصبح ربيع الشعوب يهدد الأوطان؟

مدينة إفران: من السياحة الطبيعية إلى السياحة الثقافية

الأمير والتاريخ المحاصر

جريدة تاويزا في حاجة إلى تاويزا

الممثل الناطق بالأمازيغية واّلإنتاج التلفزي

أيت وراين: أبطال سلكوا درب الحرية

 

 

 

 

خدعة مفهوم "المشترَك"

 

بقلم: محمد بودهان

 

(13 ـ 03 ـ 2021)

أناقش في هذه الورقة مفهوم "المشترَك"، كما في: "المشترَك الوطني"، "المشترَك الجمعي"، "العيش المشترك"...، والذي بات المثقفون والسياسيون والحقوقيون المغاربة يستعملونه بشكل واسع كموضة إنشائية جديدة، للتعبير بشكل علني عن التسامح والانفتاح والحداثة وقبول الاختلاف والتعددية...، وبشكل مُضمر عن إقصاء ما يُفترض أنه خارج "المشترَك". لقد سبق للكاتب الفرنسي بول فرانسوا باولي Paul-François Paoli أن أصدر في 2018 كتابا بعنوان: "خدعة العيش المشترك" "l'imposture du vivre-ensemble de A à Z"، والذي هو عبارة عن معجم بـ175 مدخلا يضم أسماء لأحداث تاريخية وأعلام جغرافية، ولكتاب ومفكرين وفلاسفة وإعلاميين وسياسيين، ولمجموعة من المفاهيم والمصطلحات...، ينتقد الكاتب، عبر كل ذلك، الاستعمالَ الواسع لمفهوم "العيش المشترك" الذي يحاول من خلال الكتاب، كما يوضّح ذلك في "التقديم"، تبيان أنه مجرد خدعة واحتيال imposture.

وإذا كانت موضوعات استعمال مصطلح "المشترَك"، كما في "العيش المشترَك"، لدى الطبقة المثقفة والسياسية الفرنسية ليست هي نفس الموضوعات التي ينصبّ عليها استعماله المغربي لدى الطبقة المثقفة والسياسية المغربية، إلا أن ما يجمع بين الاستعمالين هو وحدة وظيفته التي هي دائما التضليل والتدليس والتلبيس. ما هي مظاهر هذا التضليل والتدليس والتلبيس في استعمال مفهوم "المشترَك" من لدن المثقفين والسياسيين والحقوقيين المغاربة؟

من هذه المظاهر ارتباط استعمال هذا المفهوم بقضايا اللغة والهوية أكثر من استعماله بخصوص قضايا أخرى، فكرية وثقافية وسياسية...؟ لماذا؟ لأن خدعة التضليل والتدليس والتلبيس، في استعمال مفهوم "المشترَك"، تؤدّي وظيفتها أكثرَ وأفضل عندما يتعلق الأمر بمثل هذه القضايا اللغوية والهوياتية، التي لا تزال تشكّل، بالمغرب، الموضوع الأنسب لممارسة التضليل والتدليس والتلبيس. ولهذا يحضر مفهوم "المشترَك" بشكل متواتر ومكرور كلما تعلّق الأمر بنقاش حول الأمازيغية، مع الحضور، وبنفس الشكل المتواتر والمكرور، لنقيضه، وهو "التشظّي"، كما في "التشظّي الهوياتي"، والذي يدمن على استعماله الأستاذُ فؤاد بوعلي، رئيس "الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية بالمغرب". "المشترَك"، الذي يعني مجموع العناصر التي يشترك فيها أبناء جهة واحدة أو مجتمع واحد، يبدو مسألة بسيطة، بل بديهية. كما أن "الاختلاف"، المتمثّل في العناصر التي تميّز جهة عن أخرى، أو مجتمعا عن آخر، كما في فنون الطبخ أو أشكال اللباس أو حفلات الزواج...، يبدو، هو كذلك، مسألة بسيطة، بل بديهية. لكن هذا "المشترًك"، البسيط والبديهي، يصبح مشكلا عندما يتعلق الأمر ليس بجهة ولا مجتمع محلي، بل بوطن ودولة، وليس بطبخ أو لباس أو حفلات، بل باللغة والهوية.

ولهذا فإن استعمال مصطلح "المشترَك" غالبا ما يكون بمناسبة نقاش حول قضايا اللغة والهوية بالنسبة للأوطان والدول، كما ذكرت، ليؤدّي وظيفته التضليلية والتدليسية والتلبيسية، كما في المثال التالي المتعلق باللغة والهوية: فبما أن الدارجة، التي تُلحق خطأ وقسرا باللغة العربية، حاضرة شفويا في المدرسة والمحكمة والإدارة وفي كل مؤسسات الدولة بالمغرب؛ وبما أن العربية حاضرة كتابيا في المدرسة والإعلام والمحكمة والإدارة وفي كل مؤسسات الدولة كذلك، فإنه ينتج عن ذلك أن العربية تشكّل "المشترَك". أما الأمازيغية، فلأنها غائبة عن هذه الفضاءات التي تنشط فيها العربية، فإنه ينتج عن ذلك أنها لا تدخل ضمن "المشترَك". ولأن اللغة تشكّل الوجه الثاني للهوية، فإن "المشترَك" اللغوي للعربية يستتبع أن "المشترك" الهوياتي للمغاربة هو عربي. فالغاية من منطق "المشترَك" ترمي إلى الإقناع أن العروبة هي الهوية الجامعة و"المشترَكة" بين المغاربة، وإلى استبعاد الأمازيغية بمبرّر أنها تمثّل "التشظّي" لافتقارها إلى خاصية اللغة "الجامعة" و"المشترَكة"، مع ما يتضمّن ذلك مِن أن مَن يدافع عن الأمازيغية فهو يدافع عن "التشظّي" ويرفض "المشترَك" الجامع بين المغاربة، كما يلمّح إلى ذلك الأستاذ فؤاد بوعلي في كل كتاباته التي تتناول موضوع اللغة والهوية. فالمطلوب منك أن تهجر جنسك الأمازيغي وتتبنّى الجنس العربي وتمارس، بالتالي، الشذوذ الجنسي في شكله القومي والهوياتي، حتى تنال الاعتراف بالانتماء إلى "المشترَك"، وتُقبل كعضوٍ في نادي "العيش المشترَك"، الذي أنشأه التعريبيون الأمازيغوفوبيون، من المتياسرين والمتأسلمين. فبدون ذلك فأنت من دعاة "التشظّي" لأنك من دعاة الأمازيغية. هكذا يؤدّي منطق "المشترَك"، كما هو مستعمل لدى المثقفين والسياسيين والحقوقيين المغاربة، إلى جعل الشذوذ الجنسي، أي الشذوذ القومي والهوياتي، سلوكا قوميا وهوياتيا سويّا باعتباره عامّا و"مشترَكا"، وجعل السلوك القومي والهوياتي السويّ خروجا شاذا عن "المشترَك" باعتباره "تشظّيا" وتفرقة. وهذا يبيّن أن "المشترَك" الحقيقي الوحيد الذي يجمع هؤلاء الشواذ، قوميا وهوياتيا، هو مناوأتهم للأمازيغية، ودفاعهم عن انتحال الصفة وتزوير الهوية الجماعية للمغاربة.

ولا نحتاج إلى كثير من التحليل والتفكيك لخطاب "المشترَك" لندرك، عندما يخصّ اللغة والهوية، أنه يمثّل صيغة جديدة لأكذوبة "الظهير البربري". فبما أن هذه الأكذوبة أصبحت اليوم معروفة ومفضوحة، فإن استحضارها لا يكون بشكل مباشر وصريح، بل بشكل ضمني وخفي يقتصر على استحضار آثارها المعبَّر عنها بــ"التشظّي"، بدل استعمال لفظ "التفرقة" التي هي موضوع "اللطيف" الكاذب.

ويشكّل مفهوم "تامغرابيت"، الذي بات، هو أيضا، موضة إنشائية عند المثقفين والسياسيين، وحتى النشطاء الأمازيغيين (انظر موضوع: «بين "تامازيغت" و"تامغرابيت"» بالنقر هنا)، عنصرا رئيسيا في خطاب هذا "المشترَك" المزعوم. وخطورة هذه "التامغرابيت" على الأمازيغية ليست في كونها مظهرا لهذا "المشترَك" الذي يُستعمل ضدها، بل لأنها تجعل من الدارجة اللغة الوحيدة "المشترَكة" بين المغاربة، مما يعني إقصاء واضحا للأمازيغية. نعم، كان من الممكن، بل من المطلوب، اعتبار الدارجة "مشترَكا" لغويا وهوياتيا للمغاربة لو كان هناك وعي لدى هؤلاء، تنشره وترسّخه المدرسة والإعلام والمثقفون والسياسيون...، بأن دارجتهم هي منتوج أمازيغي يعبّر، بالتالي، عن الهوية الأمازيغية، الجماعية والمشترَكة للمغاربة. أما وأن هذه الجهات، من مدرسة وإعلام ومثقفين وسياسيين...، تنشر وترسّخ أن الدارجة لغة عربية جاء بها العرب الذين لا زال أحفادهم يستعملونها بالمغرب، فذلك ما يجعل من "تامغرابيت"، التي تتأسّس في شرعيتها ومشروعيتها على هذ الدارجة، سلاحا لقتل الأمازيغية وتدميرها.  

  فما يريد أصحابُ خطاب "المشترَك" الإقناعَ به وفرْضَه هو أن تعيش، ولو بالافتراء والتزوير، بالعربية وبالعروبة ومن أجلهما، لـ"تشترك"، زيفا وانتحالا، مع العرب الحقيقيين في "مشتركهم" الحقيقي. وهو ما يبيّن أن الهدف من استعمال مفهوم "المشترَك" لا يخصّ فقط ما "يشترك" فيه المغاربة في ما بينهم، بل ما "يشتركون" فيه مع العرب الحقيقيين، أي عرب الشرق الأوسط. فما يهمّ إذن أصحابَ "المشترَك" ليس هو ما يجمع بين المغاربة كعرب مزوّرين، بل ما يجمعهم بالعرب الحقيقيين.

هكذا يُستعمل مفهوم "المشترَك" للتضليل والتدليس والتلبيس بخصوص قضية اللغة والهوية، بهدف إقصاء الأمازيغية وربطها بـ التشظّي" المناقض "للمشترَك"، كما شرحت. ووجه التضليل والتدليس والتلبيس يظهر في إبراز "المشترَك"، المرتبط بالعربية والعروبة، كما لو كان معطى طبيعيا وأصيلا، مع أن ما جعل العربية لغة "مشترَكة"، إلى جانب ما تحمله من إيديولوجية هوياتية عروبية، هو فرْضها المدرسي على جميع المغاربة. ومن هذه الناحية، فهي ليست "مشترَكا" طبيعيا وأصيلا، بل "مشترَكا" مصنوعا خلقته المدرسة خلقا. وهو ما يمكن معه لأية لغة أجنبية تُدرّس لجميع المغاربة أن تكون لغة "مشترَكة"، تفرضها عليهم المدرسةُ كما فرضت عليهم العربية. أما الأمازيغية، ورغم أنها مقصاة من المدرسة والمحكمة والإدارة ومؤسسات الدولة حتى لا تكون لغة "مشترَكة"، فإنها، مع ذلك، تمثّل "المشترَك" الحقيقي والطبيعي والأصيل للمغاربة، لأنهم يشتركون جميعا في الانتماء إليها، سواء كانوا متعلمين أو أميين، عكس العربية التي هي "مشترَك" فقط بالنسبة لمن تعلّموها ودرسوها في المدرسة.

هذه هي الحقيقة التي يريد المستعملون لخدعة "المشترَك" حجبَها وإخفاءَها. لكن عندما نبدّد هذا الخداع الذي يضلّلنا به خطاب "المشترَك"، وتنكشف لنا الحقيقة ساطعة وناصعة، لا تشوبها خدعة ولا تدليس ولا تلبيس، سيتأكّد لنا أن المحاربين "للمشترَك" الحقيقي الذي يجمع بين المغاربة هم المناوئون للأمازيغية، التي تمثّل هذا "المشترَك" الحقيقي الذي هو الهوية الأمازيغية، الجماعية والمشتركة للمغاربة، وسيتّضح لنا أن الداعين إلى "التشظّي" هم الداعون إلى "الاشتراك" مع الغير الأجنبي في "مشترَكه" الخاص به، وذلك بخلق "مشترَك" مصطنع وغير طبيعي ولا أصيل على حساب "المشترَك" المغربي الحقيقي، الطبيعي والأصيل. هؤلاء هم المدافعون عن "التشظّي" لأنهم يدافعون عن هويات أجنبية قاتلة للهوية الجامعة للمغاربة، وهي أمازيغيتهم التي تشكّل "مشترَكهم" الجماعي، الحقيقي والأصيل لأن الجميع يشتركون في الانتماء إليها، موطنا وتاريخيا وثقافة، وحتى نسبا. من هنا ندرك أن الأمازيغية هي جدار الحماية ضد "التشظّي"، وهي الضامن "للمشترَك" الجماعي الحقيقي للمغاربة.

أما ما يروّج له أصحاب خطاب "المشترَك" من احترام للتعددية والتنوع في إطار وحدة "مشترَكهم" العروبي الجامع، حسب ادعائهم، فهو، كعادتهم، قلب للحقيقة بجعل الفرع أصلا والتابع متبوعا. فالعنصر العربي الذي جعلوا منه "مشترَكا" لغوبا وهوياتيا مزعوما، هو مجرد رافد ضمن الروافد المتعدّدة التي تغني الوحدة التي تمثّلها الأمازيغية، دون أن تكون بديلا عنها وتحلّ محلّها. فالمغاربة يبقوْن أمازيغيين في هويتهم الجماعية دون أن ينفي ذلك ممارستَهم لتعدّد ثقافي ولغوي، كما هو شأن كل لشعوب التي حافظت على وحدة هويتها الأصلية مع إغنائها بتعدد ثقافي ولغوي. وهذا ما سبق أن أكد عليه الخطاب الملكي ليوم تاسع مارس 2011، الذي جاء فيه: «ومن هذا المنطلق المرجعي الثابت، قررنا إجراء تعديل دستوري شامل، يستند على سبعة مرتكزات أساسية: أولا، التكريس الدستوري للطابع التعددي للهوية المغربية الموحدة، الغنية بتنوع روافدها، وفي صلبها الأمازيغية، كرصيد لجميع المغاربة». فأول المرتكزات التي دعا الملك إلى مراعاتها في إعداد الدستور الجديد هي التعددية التي تقوم على نواة الأمازيغية كصُلْب لهذه التعدّدية باعتبار الأمازيغية رصيدا مشتركا لجميع المغاربة، أي "كمشترَك" جماعي لهم، عكس ما يذهب إليه مستعملو خدعة "المشترَك" الذين يريدون أن يكون هذا "المشترَك" عروبيا. فالأمازيغية تشكّل الأصل، والنواة والصُّلْب، كما جاء في الخطاب الملكي. أما ما عدا ذلك من عناصر أخرى، ثقافية ولغوية وهوياتية فرعية، فهي روافد تُثري هذا الأصل وتقوّيه وترسّخه. هذا ما كان ينبغي أن يتضمّنه الدستور وينصّ عليه، تطبيقا للتوجيهات الملكية كما جاءت في خطاب 9 مارس 2011. لكن للأسف ستتدخّل جهات معادية للأمازيغية (حزبان معروفان)، وتضغط على لجنة إعداد مشروع الدستور حتى لا تحتلّ الأمازيغية مكانتها في هذا الدستور كصُلب وركيزة للهوية المغربية بصفتها "مشترَكا" لجميع المعاربة، كما جاء في الخطاب الملكي. فاكتفى الدستور بترسيم الفكرة العامّية الخاطئة حول الهوية المتعددة، دون أن يدرك محرروه أنهم بذلك ينفون عن المغاربة أن تكون لهم هوية واحدة مشترَكة خاصة بهم، كما لو أنهم شعب بلا أصل ولا منبِت.

Copyright 2002 Tawiza. All rights reserved.

Free Web Hosting