|
المفاهيم باللغة الأمازيغية: بين جرأة كسلاء الحركة الثقافية و"صمت" مجتهدي المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. بقلم: محمد واكري (عضو جمعية الجامعة الصيفية ـ أكادير) وأنا أقرأ كتاب "تاريخية الفكر العربي الإسلامي" للمفكر الكبير محمد أركون، لاحظت أن المترجم (هاشم صلاح) كثيرا ما يكون مضطرا إلى فتح هوامش يحاول من خلالها ضبط أو تبرير... ترجماته إلى العربية لمصطلحات اعتبرها المؤلف غير موفقة (بالعربية طبعا) للدلالة الفكرية الكاملة على مفهومات من مثل: Mythe, tradition, spiritualité, théologal, existentiel, problème de dieu, laïcité, critique, etc… يقول أركون في الصفحة الثامنة: "... بمجرد تأمل هذا الشكل الممثل للعلاقات الحية بين الفكر والتاريخ واللغة، يستطيع القارئ أن يدرك أسباب الفوضى الفكرية ما دام كل مؤلف عربي يبدع اصطلاحاته الخاصة دون أن يوفق إلى خلق مدرسة تتبنى هذا الاصطلاح وتذيعه...". وهذا طبعا ليس لسبب عجز في اللغة العربية، بل هو في مستعملي هذه اللغة وأصحابها، هؤلاء الذين يملكون كل الوسائل والإمكانات لجعلها في مصاف اللغات المتطورة الأخرى. فأصحاب هذه اللغة يملكون سلطات مختلفة، من شأنها خدمة ليس فقط العربية، بل وحتى أية لغة قد تصنع في المختبر. فمن سلطة دينية إلى سلطات سياسية (الدول) إلى البترول وريعه... ومثال إسرائيل واللغة العبرية أكبر مثال في هذا الصدد. حينها تذكرت الأمازيغية المسكينة، التي لا تملك حاليا سوى حركة ثقافية مناضلة وظهيرا ومعهدا ملكيين بالميزانية المعلومة. بالإضافة إلى مساهمات المتعاطفين وبعض المناضلين التي لا تسمن ولا تغني من "أغني" Aghwni (أغني بالأمازيغية تعني الجوع الشديد). وتذكرت محاولاتي ـ أنا الذي أملك ادعاءات في الكتابة بهذه اللغة ـ لما أكون في حاجة إلى كلمات أو أفعال من صنف: الحاجة ـ أحتاج ـ وضحّى والتضحية والوقار والفهم وأفهم.... لقد ولّى ذلك الزمن الذي كنا فيه مضطرين للإجابة ـ أية إجابة! ـ عن من كانوا يواجهوننا بإستراتيجية الرفض. إنهم الآن صامتون، لأننا بكل افتخار وعجرفة عرفنا كيف نكتم أفواههم. ببساطة إننا انتصرنا عليهم. إن مصطلحات معينة تجوب حاليا ساحة الكتابة الأمازيغية على ندرتها، من قبيل: Isghawsa و Isfaska أو Tin tenfurt، وهي تعني تباعا عند البعض: احتاج Avoir besoin، ضحّى Sacrifier أو الشفوية L'oralité. وهذه مصطلحات غير وافية وغير سليمة لأن من أنتجها لا يملك لا الكفاءة الأكاديمية ولا التكوينية لممارسة هذه المهمة الخطيرة. أعتبر شخصيا هذه الممارسات المتهورة تطاولا على الأمازيغية وتطفلا على مهنة مجهولة. إن كلمتي Isghawsa و Isfaksa المنحوتتين تم إسقاطهما Bêtement projetée على الأمازيغية من العربية. ونظيراهما تباعا هما: يحتاج من الحاجة، وضحّى والأضحية التي تعني بالأمازيغية Tafaska، والتي هي بدورها دخيلة على الأمازيغية حسب المختصين!!! إن من قام بهذا النوع من "النحت" لا يملك إلا لغة واحدة في الغالب، وبعضا قليلا من ثقافتها. وعليهم فورا أن يتوقفوا عن هذا التهور لأنهم ـ عن وعي أو عن غير وعي ـ يسيئون إلى تامازيغت. قد يكون عزاء الأمازيغية أنها ليست أقل حالا من صديقتها العربية، رغم كل شيء! لكنه يبدو لي أنه من المفيد أن يرفع كسلاء الحركة الأمازيغية أيديهم عن هذه اللغة المسكينة، وسيكون من الأفيد جدا بالنسبة لمجتهدي المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية أن يحموها من مثل هذه التصرفات التي لم تعد مقبولة، وذلك بإمدادنا بنتائج أعمالهم. فانتظارنا لهم في هذا المجال قد طال، وأن صمتهم القاتل لم يعد له أي معنى. ملحوظة: في الصفحة 180 من كتاب محمد أركون المذكور أعلاه، قام المترجم السيد هاشم صالح بترجمة مثيرة عبر من خلالها بدوره عن كسله: لقد ترجم Pays du Sibaa بـ"بلاد السباع"!!! عوض "بلاد السيبة" مقابل بلاد المخزن. إني لا أشك في كفاءة السيد هاشم صلاح، وأذكر بالمناسبة بترجماته الموفقة لنصوص فوكو الصعبة المنال. إنني فقط أريد أن أحذّر من مثل هذه الهفوات بالنسبة للغة الأمازيغية التي لا تستحمل أخطاء المجتهدين إذا ما أضيفت إلى تهور الكسلاء! |
|